أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - هل تَعْرِف مَنْ أنتَ؟!














المزيد.....

هل تَعْرِف مَنْ أنتَ؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2247 - 2008 / 4 / 10 - 10:53
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



"المعلوم" من الإنسان إنَّما هو قطرة في بحر "المجهول" منه، فسؤال "مَنْ أنتَ؟" ما زال بلا جواب. قد أسألكَ عن عُمْر، أو متوسط عُمْر، الإنسان (الفرد) فتجيب على البديهة قائلاً: "سبعون عاماً (مثلاً)". ولكن، هل تَعْلَم أنَّ بعضاً منكَ، أي من جسمكَ، عُمْره نحو 15000 مليون سنة؟!

أجَلْ، إنَّ في جسمكَ الآن من المواد ما يزيد عُمْره عن 15000 مليون سنة، فكل مادة جسمكَ تتألَّف ( في مكوِّناتها الأساسية) من ذرَّات، تتألَّف من جسيمات (بروتونات، ونيوترونات، وإلكترونات) تكوَّنت عندما كان الكون طفلاً، أو طفلاً رضيعاً، أي بُعَيْد "الانفجار العظيم" Big Bang الذي منه وُلِد الكون، فهذا "البروتون" الذي في خلية جلدكَ هذه، أي الذي في تلك الذرَّة من ذرَّات خلية جلدكَ هذه، يزيد عُمْره الآن عن 15000 مليون سنة، فهل عَرَفْتَ بعضاً من جواب سؤال "كم عُمْركَ؟"؟!

مِنْ أين أتيتَ؟ قد تَفْهَم هذا السؤال بما يَحْملكَ على أن تجيب قائلاً: "من بطن، أو رحم، أُمِّي"؛ وقد تَفْهَمَهُ بما يَحْملكَ على أن تجيب قائلاً: "جِئْتُ من تراب هذه الأرض، أي من الكوكب الأرضي". ولكن، مَهْلاً، فالإجابة ليست بهذه السهولة، فـ "أُمُّكَ الحقيقية" إنَّما هي "أُمُّكَ الكونية"، فأنتَ إنَّما جِئْتَ من "رماد النجوم".

إنَّ معظم "العناصر الكيميائية"، التي تتألَّف منها مادة جسمكَ ليست من إنتاج كوكب الأرض، ولا حتى من إنتاج الشمس، فعناصر كيميائية كالكربون والأوكسجين والفسفور.. وكالحديد على وجه الخصوص، إنَّما أُنْتِجت وتكوَّنت في رحم، أو باطن، نجم، ليس هو الشمس، وكتلته تفوق كتلة الشمس، وقد تفوقها أضعافاً مضاعفة. إنَّ نجماً ضخم الكتلة (ومثله آلاف الملايين من النجوم) قد انفجر، فنَثَر في أرجاء الفضاء ما أُنْتِج في باطنه من تلك العناصر الكيميائية، التي منها تتألَّف المادة الحيَّة، فوصل بعضها إلى كوكب الأرض، واستقرَّ فيه، حتى تهيَّأت له أسباب التحوُّل إلى "مادة حيَّة". ولقد اكْتُشِفَت "مُركَّبات عضوية" في سُحُب الغاز الضخمة المنتشرة بين النجوم في المجرَّات. وهذا إنَّما يعني أنَّ التحوُّل من "مادة غير عضوية" إلى "مادة عضوية" ليس بالظاهرة الأرضية الصرف. إنَّه ظاهرة كونية عامَّة. إنَّنا في الأصل "أبناء السماء".. "أبناء النجوم".. "أبناء بواطنها"، وقد تَبَنَّتْنا الأرض تَبَنِّياً!

والآن، أُنْظُر مليَّاً في تلك "المادة الحيَّة" التي تكوَّنت في رحم أُمِّكَ، والتي منها أتيْت. إنَّكَ لم تأتِ من "البويضة" وحدها، ولا من "الحيوان المنوي" وحده، فـ "البويضة" وحدها (كما "الحيوان المنوي") لا تتحوَّل إلى كائن حي، أي إلى إنسان. إنَّ اندماجهما، أو اندغامهما، هو الذي يؤدِّي إلى نشوء "الخلية البشرية الأولى"، التي تشرع تنقسم، وتتكاثر، وصولاً إلى جنينٍ اكتمل نموَّاً، فخرج من رحم أُمِّه.

أُنْظُر إليها، أي إلى تلك "الخلية البشرية الأولى"، ولكن من خلال عَيْن قانون فيزيائي شهير هو قانون "حِفْظ المادة". هذه الخلية إنَّما هي مادة، حجمها صغير جداً، وكتلتها ضئيلة جداً. كتلتها الضئيلة هذه تُصْبِح بعد نحو تسعة أشهر كتلة عظيمة (المقدار) نسبياً. لقد أصبحت في مقدار كتلة جنين مكتمل النمو، فَمِنْ أين جاءت هذه "الكتلة الإضافية"، أي نحو %99.999 من كتلة هذا الجنين، الذي ما أن يُوْلَد حتى يشرع ينمو، فيغدو أعظم كتلةً (تَعْدِل في الميزان 70 كيلو غرام مثلاً)؟ مادة، أو كتلة، "الخلية البشرية الأولى الحيَّة" لا تتكاثر ولا تنمو، فقانون "حِفْظ المادة" يَحْظُر حَظْراً مُطْلَقاً تكاثر، أو نمو، أيِّ مادة، أو كتلة. إنَّ "مادة غير حيَّة" كالماء وثاني أوكسيد الكربون، تأتي إلى تلك "الخلية البشرية الأولى الحيَّة" من الخارج، أي من "مَصْدَر غذائي"، هي التي تتسبَّب في نموِّ "الكتلة" هناك، أي في تلك "الخلية"، وفي "الجنين"، من ثمَّ. وهذه "الكتلة" المضافة إلى كتلة "الخلية البشرية الأولى الحيَّة" لا تَلْبَث أن "تتشكَّل" بما يُوافِق "نوع" تلك المادة، أي "الخلية البشرية الأولى".

وهذا إنَّما يعني أنَّ نحو %99.999 من كتلة الإنسان الحي قد جاء من هذه الطريق، فجسم الإنسان الحي يشبه مَعْملاً، تتحوَّل فيه "المادة غير الحيَّة" الآتية من الخارج إلى "مادة حيَّة" في داخل هذا الجسم، ثمَّ تتحوَّل هذه "المادة الحيَّة" إلى "مادة غير حيَّة"، تُلْقى في خارجه، أي في خارج هذا الجسم، فالإنسان في حياته يأكل أطناناً من المادة الغذائية، مُلْقِياً في خارجه أطناناً من المادة؛ ولولا ذلك لَمَا ظلَّ وزنه 70 كيلو غرام مثلاً.

أيُّها الإنسان، اعْرَف نفسك.. ولكن تَذَكَّر أنَّكَ كلَّما عرفتها أكثر جهلتها أكثر، فَمِن رحم كل "جواب" تُوْلَد عشرات الأسئلة والتساؤلات، وكأنَّ طريق المعرفة لها بداية، ولكن ليس من نهاية لها!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بن اليعازر يتكلَّم ب -لسان نووي-!
- الغلاء يُولِّد الإضراب!
- -قرارٌ-.. أسأنا فهمه كثيراً!
- الجوع يَحْكُم العالَم!
- أهو حلٌّ قيد الطبخ؟!
- -نجاح- لم يُبْقِ من معنى ل -الفشل-!
- أذِلُّوهم بتجاهلهم!
- قمة بدأت أعمالها بعد إعلان نتائجها!
- القمة العربية الفضلى هي التي لم تُعْقَد بعد!
- إسرائيل في دستورها المقترَح!
- نَقْصُ -الجدل- أفْسَدَ كثيراً من التصوُّرات الكوزمولوجية!
- ال -B.B.C- تقود الحملة من أجل -حرِّية العبادة-!
- -البنوك الإسلامية-.. مصلحة رأسمالية في -أسْلَمَة- الرِبا!
- -داركولا- النفط العراقي!
- الدولار يغزو رواتبنا!
- لن -تُسْحَب-!
- ألمانيا مهدَّدة بما يتهدَّد إسرائيل!
- تخلُّف -السؤال-!
- ظاهرة -تمدُّد الكون-.. في تفسير افتراضي آخر!
- عمرو موسى يستأنف التشاؤم!


المزيد.....




- مدير CIA يعلق على رفض -حماس- لمقترح اتفاق وقف إطلاق النار
- تراجع إيرادات قناة السويس بنسبة 60 %
- بايدن يتابع مسلسل زلات لسانه.. -لأن هذه هي أمريكا-!
- السفير الروسي ورئيس مجلس النواب الليبي يبحثان آخر المستجدات ...
- سي إن إن: تشاد تهدد واشنطن بفسخ الاتفاقية العسكرية معها
- سوريا تتحسب لرد إسرائيلي على أراضيها
- صحيفة: ضغط أمريكي على نتنياهو لقبول إقامة دولة فلسطينية مقاب ...
- استخباراتي أمريكي سابق: ستولتنبرغ ينافق بزعمه أن روسيا تشكل ...
- تصوير جوي يظهر اجتياح الفيضانات مقاطعة كورغان الروسية
- بعد الاتحاد الأوروبي.. عقوبات أمريكية بريطانية على إيران بسب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - هل تَعْرِف مَنْ أنتَ؟!