أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الخمسي - التهامي الوزاني يحضر المهرجان















المزيد.....

التهامي الوزاني يحضر المهرجان


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2246 - 2008 / 4 / 9 - 10:56
المحور: سيرة ذاتية
    


يذكر المثقفون بتطوان أن الراحل التهامي الوزاني كان شغوفا بالذهاب إلى السينما رفقة زوجته. والحال أن السينما مكتسب للبشرية لم تعشه الأمم السابقة قبل انطلاق المارد التكنولوجي أواخر القرن التاسع عشر. لكن تطوان، بفضل تلة من المنظمين، صمدت في وجه أعاصير عاتية لتحتفظ بتظاهرتها السينمائية طيلة ربع قرن، لتنتقل به من تظاهرة تجريبية صغيرة تطوعية إلى مهرجان متوسطي دولي يخصب التربة الاجتماعية بسماد بصري لتلقيح العواطف الجميلة.

المتأملون في المهرجانات السينمائية في المغرب، والفنية عموما، يخلصون إلى كون هذه المناسبات تصبح عبارة عن فترة تخصيب الحداثة العقلانية، في رحم الوجدان الفني. فكأن الأقدام تجري من صالة إلى أخرى لمشاهدة الفيلم الفلاني أو الفيلم الفلاني، عبارة عن وحدات منوية متسابقة نحو البويضات لتأخذ قسطها من متعة المثاقفة اللذيذة. المتعة الراقية التي تنتشي بالتباهي أمام المشاهدين عبر اللقطات والمشاهد المطرزة من طرف طواقم الإنتاج السينمائي لكل شريط.

لا تملك مجتمعاتنا تقاليد الفنون الاستعراضية، مثل موضة الألبسة وما يرافقها من احترام الجسد والتيمن بجمالياته؛ ولا موضة السهر أمام الفرق الموسيقية الأوبرالية والأندلسية ولا القراءات الشعرية المرفوقة بالتنقيط على الأرغن. وهو ما يترك علاقاتنا بالجسد عبارة عن صيد حيواني مترقب ومتوقد ومتوثب برعونة التوحش الغابوي.

مما ينزل بالمستويات جميعا من أشكال الإيمان والاعتقاد إلى لحظات النكوص و"الوقوع في الزلل". مما يرجع النفس من مشارف العقلانية الحديثة إلى أدغال الذنب والقرف والإحساس بازدواج الشخصية وما يتبعها من إحباط واكتئاب وكل أنواع التعب المزمن حتى حافة الانهيار.

ولأن الحياة عبارة عن إيقاع يومي بين الحيوية والملل مثل ما يتبادر إلى الذهن لحظة التأمل في سرمدية حركة الأمواج على السواحل. تارة توحي بانفتاح الآفاق وأخرى بتكرار ممل، حسب الحالة النفسية؛ فكل حدث استثنائي يطفو على مساحة المياه إلا ويجسد لحظة الخروج من الملل نحو صفاء الذهن وإشراق الأحلام في المخيلة.

إن التجمعات البشرية كلها، بغض النظر عن مشاربها الايديولوجية، تحتاج إلى لحظة العزة والمجد الجماعي الخاص بها ضمن النظام السياسي والاجتماعي، وعبر شرنقتها ضمن خصوصية ايديولوجيتها تستعيد القابلية على الاندماج في النظام القائم حتى ولو كان منظورها المرجعي قائما على نية هدمه. مما يؤكد قانون عام للجدل المنتج لإعادة الارتباط بين المتناقضات. والمهرجانات الفنية لحظة من لحظات الإشراق العاطفي الجماعي. الإشراق الراغب في تعميق الوجدان الحداثي وفي نفس الوقت يتأمل حق المتصوفة وحق الأصوليين وحق اليساريين في التمتع بنفس اللحظة. مما يدرب المجتمع برمته على التعايش الفعلي مع وضمن الاختلاف. وهو الدرجة الأولى من مسلسل "العيش الديمقراطي" في البيت وفي مكان العمل وفي الساحة العمومية. لحظة "العيش الديمقراطي" الحلو الجمالي. المسلك التوافقي الوحيد الذي يقع ضمن منطقة الإقبال التوافقي ضمن لحظات الفرح كإطار، مما يسهل قبول اقتسام جماعي لمضامين غير مرغوب فيها رسميا. مما يقفز بالمجتمع نحو قبول رسمي لمنطق النسبية في الحقائق والقوانين ومناطق النفوذ والحقب الزمنية والأنظمة النفسية والسوسيولوجية والسياسية.

فمن يلاحق المهرجانات في تطوان ومراكش والصويرة وخريبكة وطنجة وفاس ووليلي سيجد الحركية الليبرالية قد انتقلت من نظام فردي إلى نمط عيش جماعي منتظم متعدد الأوجه. ولأن مشاهدي الأفلام يعلمون أن جزءا من المجتمع منهمك في التصوف أو الاستماع للخطاب الديني أو للانعزال الفردي أوبالانشغال المهني، فالدورة تدور على كل هؤلاء، لتستكمل بنية "التعايش الديمقراطي الوجداني" ليتهيأ المجتمع للتعايش الديمقراطي في لحظات أخرى من تدبير السلطات العمومية.

خلال نفس الأسبوع الذي عرف الدورة الرابعة عشرة من مهرجان تطوان للسينما المتوسطية، صادفت اسماعيل، مواطن شاب من جزر القمر، الذي حكى عن شغف والده بالمغرب والذي عمل على إرساله إلى هذا "البلد السعيد"، والذي يؤكد أن المغرب نجح في ترويج صورة جيدة عن نفسه، أفضل من الوضع الفعلي في المغرب نفسه.

وفي نفس السياق التلاقحي بين السلبي والإيجابي في الوضع العام بالمغرب، كتب الزميل يوسف خليل السباعي عن المواطنة المعروفة ب"الوزانية" في تطوان والتي تصر يوميا على أن تتبث للعالم أنها قادرة على سلوك ما ينفرد به الرجال في مجال التسكع في الشارع العمومي، فالنخب التطوانية وكتاب المغرب يعرفون "الزاوية" التي أنتجت التهامي الوزاني ليرد لها الجميل عبر رواية "الزاوية". والمسافة بين الوزانية المتسكعة وبين الزاوية الوزانية في تطوان مسافة طبقية، بل يمكن أن تجسد ما استخلصه المحللون ضمن تقرير 50 سنة في أفق 2025.

غير أن جمعية أصدقاء السينما، وهي تسلم للفنان عبد الكريم الوزاني أمر الرمز الفني لكل دورة من دوراته، لا تعرف أن أنها سلمت أمر لجنة التحكيم للأفلام القصيرة، لكريمة "التهامي" الوزاني المولد، والتي أنتجت فيلمها السابق "سلام"، لتخلد سعاد البوحاتي رجوع والدها (التهامي) من المهجر (فرنسا) للموت (2000)بوزان حيث ولد (1930).

سعاد البوحاتي أكملت فيلمها الطويل (لافرانسيز)، بعد عشر سنوات من المكابدة، ومن المفارقات العجيبة أنها ما زالت ترفض طلب الجنسية الفرنسية رغم أنها لم تكمل سنتها الأولى من عمرها (بداية الستينات) في المغرب لتحمل قبل الفطام لتعيش في فرنسا وتفقد القدرة على التكلم والقراءة بالعربية. وضمن المفارقات العجيبة للمغرب الشهم أن لسعاد أختا (رحمة) تعمل ضمن منظمة "أطباء بلا حدود" لتحلم ذات ليلة وهي ضمن وفد طبي في تيمور الشرقية سنة 2000، أن أباها توفي، فهتفت لوالدتها في الصباح الموالي تفاصيل الحلم، لتنقل القلق النفسي لباقي أفراد العائلة، فإذا بهم يتأكدون من وفاته (التهامي) قبل يومين من الحلم وحيدا (في وزان). مما ينقل القارئ إلى عالم الاستفهامات الروحانية، نحيلها على علماء البيولوجيا لتفسير ما لم نتوصل إليه في عوالم الارتباطات اللامرئية الميكرسكوبية للكائنات الحية.

هكذا إذن، نلمس أن "الوزانية" التي وصف الزميل يوسف خليل السباعي وضعها في حالة من حالاتها، انتقمت لنفسها وأفرزت وزانيات أخريات..... واحدة آتية من أندونيسيا وأخرى من باريس، ليتذكر الزميل السباعي أن الراحل التهامي، في طبعتيه، التطواني المولد، والوزاني المولد، قدم كل منهما إلى مهرجان السينما لينتقم من التقهقر الذي حصل في الوعي. والكلام المتبقي، جزء منه خلده الراحل حسني الوزاني، والجزء الآخر تحكيه أميمة بإبداع سمعي جميل استحق الإعجاب، وغيره من الكلام، من يدري؟ قد نسمعه من محاسن وهند، رفقة شيماء وفاطمة وألفت وماجدة.

ولعل، التأمل في مهرجان تطوان السينمائي فرصة لطرح السؤال عن حصيلة الشمال برمته، في جميع المجالات، على شاكلة تقرير 100 سنة في أفق 2025، وهو ما يبدأ المعهد الملكي للبحث في طرحه يومه السبت والأحد بالرباط....



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة التي تمتلكها بعض الصحافة المستقلة في المغرب
- شبح مخيف آخر:السلفية -الرسمية- في المغرب
- طحينهن وجعجعتنا
- الحمالة والحطب والتاريخ
- عندما تمسح أوساخ العالم على وجه -الشمال- المغربي
- خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب
- تأمل في تمثال عبد الكريم الخطابي
- (II)أحلام من الخيال العلمي تأمل في تمثال الزعيم
- قراءتين في -كتاب الأمير-
- سطحية السياسة المغربية في الصحراء وفي السياحة سواء
- حديث الروح
- هل يدشن التقرير الإصلاح الشامل في الاتحاد الاشتراكي؟
- شروط الانتقال من الزوبعة في الفنجان إلى التغيير
- حتى لا نصب الغاز على نار زيارة خوان كارلوس للمدن المغربية ال ...
- موقع النقد الذاتي في بنية العقل السياسي المغربي
- الدرس من مكناس أو العقد الاجتماعي المرتقب
- مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي
- عندما سحقت الدولة المعنى النبيل للسياسة
- تشكيل الحكومة وزيت العزوف المسمومة
- وداعا أيتها السنونو


المزيد.....




- متى تتوقعون الهجوم على رفح؟ شاهد كيف أجاب سامح شكري لـCNN
- السعودية.. القبض على شخصين لترويجهما مواد مخدرة بفيديو عبر و ...
- مئات الغزيين على شاطئ دير البلح.. والمشهد يستفز الإسرائيليين ...
- بايدن يعلن فرض الولايات المتحدة وحلفائها عقوبات على إيران بس ...
- لماذا تعد انتخابات الهند مهمة بالنسبة للعالم؟
- تلخص المأساة الفلسطينية في غزة.. هذه هي الصورة التي فازت بجا ...
- شاهد: لقطات نشرها حزب الله توثق لحظة استهدافه بمُسيرة موقعًا ...
- ألمانيا تطالب بعزل إيران.. وطهران تهدد بمراجعة عقيدتها النوو ...
- مهمات جديدة أمام القوات الروسية
- مسؤول إيراني: منشآتنا النووية محمية بالكامل ومستعدون لمواجهة ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - أحمد الخمسي - التهامي الوزاني يحضر المهرجان