أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)















المزيد.....

هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2246 - 2008 / 4 / 9 - 11:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


عندما نقرأ خبراً عابراً عن تحويل طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى إلى »طريق حر«، أى بدون أى تقاطعات أو اختراقات، يمكن أن نتصور أن مثل هذا الخبر لا يهم أحداً سوى المشتغلين بقطاع الطرق، والنقل عموما، فضلا عن المسافرين الذين سيستخدمون الطريق.
لكن هناك عيوناً أخرى تلتقط الخبر ذاته، وتحوله على الفور إلى »بيزنس« يدر أرباحاً تتضاءل إلى جانبها أرباح التجارة فى المخدرات أو بيع السلاح.
والبيزنس الذى نقصده هو بيزنس الاتجار بأراضى الدولة الواقعة على يمين ويسار الطريق الصحراوى إياه، أو أى طريق آخر يتم شقه أو تطويره.
صحيح أن هذا بيزنس قديم لكن من المتوقع أن يشهد طفرة كبيرة بعد تحويل هذا الشريان الحيوى إلى طريق حر.
فقبل هذا التطوير المزمع قام بعض الأفراد من ذوى الحظوة أو النفوذ أو »المواهب الخاصة« بالاستيلاء على مساحات شاسعة من أراضى الدولة بمحاذاة طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى، سواء كان هذا الاستيلاء بطرق »قانونية« أو غير قانونية.
واللعبة بسيطة لكنها مربحة جداً.
فبطريقة ما يتوصل الشخص المحظوظ إلى طريقة لــ »شراء« عدد يزيد أو يقل من الأفدنة ــ حسب نفوذه وشطارته ــ من أراضى الدولة عن طريق هيئة التنمية الزراعية مثلاً.. ويكون منصوصا فى العقد على أن الغرض هو الاستصلاح والاستزراع، لكن بمجرد أن يحصل المشترى المحظوظ على العقد ويضع يده على الأرض فإنه يقوم بتقسيمها وبيعها بالمتر لبناء فيلات وشاليهات ومنتجعات، ويكون المكسب من هذه العملية بالملايين بطبيعة الحال.
وعلى سبيل المثال فإن الأوراق التى تحت يدى تقول إن أحد هؤلاء »اشترى« أكثر من 2000 فدان بسعر خمسة آلاف جنيه للفدان، أى بإجمالى عشرة ملايين تقريبا، ثم باعها بعد فترة وجيزة بأكثر من 195 مليون جنيه أى أنه حقق أرباحا صافية ــ بدون مجهود يذكر ــ تناهز 185 مليون جنيه.
هذه الحالة متكررة وشائعة جداً ولها أمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى على امتداد طريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى، وفى كثير من الحالات لا يكتفى بعض »المستثمرين« بهذا الربح الفادح والسهل بل إنهم يقولون: »هل من مزيد«؟! فإذا كانوا قد تمكنوا من »شراء« ألف فدان مثلاً بطريقة »قانونية«، فإنهم يقومون بالاستيلاء على آلاف الأفدنة المجاورة لها بطريقة »وضع اليد«.
ونكرر إن الأراضى المحاذية لطريق القاهرة ــ الإسكندرية الصحراوى ليست سوى مثال يتكرر فى جميع محافظات مصر تقريباً، وبهذا الصدد يوجد لدينا تصريحات منسوبة للنائب محمد مصطفى شردى عضو مجلس الشعب، والكاتب الصحفى، يقول فيها لــ »المصرى اليوم«: »إن جميع أراضى الدولة تتعرض للاغتصاب، ليس فقط فى طريق الإسكندرية الصحراوى، وأعد حاليا ملفا عن اغتصاب 1200 فدان شرق بورسعيد كانت الحكومة تنوى بيعها«.
وليس ما يقوله محمد شردى سوى غيض من فيض، حيث سبقه اللواء محمود عبد البر رئيس هيئة التعمير والتنمية الزراعية فى توجيه الاتهام إلى من وصفهم بالحيتان ومافيا الأراضى بالاستيلاء على آلاف الأفدنة من خلال رئاستهم لبعض الجمعيات الوهمية.
ونسبت جريدة »الشرق الأوسط« إلى اللواء عبد البر قوله: »إن ظاهرة الاستيلاء على أراضى الدولة.. متفشية فى جميع محافظات مصر«.. وأضاف قائلاً: »لقد أوضحت لرئيس البرلمان المصرى أن الحل الوحيد تقنين وضع هؤلاء فقط وأنه من الصعب إزالتهم من تلك الأراضى خاصة أن بعض هؤلاء أقوى من قرارات الإزالة«.
وهنا مربط الفرس.. فمن الطبيعى فى أى بلد يحترم القانون أن تتم محاسبة المخالفين وليس مكافأتهم على انتهاك القانون.. وهؤلاء الذين اغتصبوا أراضى الدولة ارتكبوا مخالفات تستحق المحاسبة، أول هذه المخالفات انتهاك شروط التعاقد فهم قد أخذوا هذه الأرض لهدف محدد هو استصلاحها وزراعتها ومن أجل هذا الهدف »القومى« تم منحهم الأرض بأسعار زهيدة ورمزية.. لكنهم لم يلتزموا بهذا الهدف بل تاجروا فى الأرض وتربحوا منها فى مشروعات لا علاقة لها بالزراعة، الأمر الذى يمثل فسخا للعقد وإخلالا بشروطه، وهذا معناه أحد أمرين: إما استعادة الحكومة لأرض الدولة.. أو أن يدفع المخالفون الثمن الحقيقى للأرض بناء على القيمة الاستعمالية الحقيقية لها »ونحن هنا نتحدث عن مليارات الجنيهات« المنهوبة دون وجه حق والتى يجب استعادتها واستعادة هيبة الدولة معها فليس معقولاً أن تكون يد مافيا الأراضى هى العليا وتكون يد الدولة هى السفلى!
من هنا.. يأتى موقع القانون من الاعراب فى هذه القضية المعقدة.
وبهذا الصدد نجد أنفسنا أمام مفارقة مدهشة حيث رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف شخصيا يؤكد »أن أى تعد على أراضى الدولة سيزال فوراً وهناك تعليمات صادرة بهذا الصدد للمحافظات خاصة بعد صدور قانون تقنينها العام الماضى«، هذا ما اكده نظيف فى تصريحات للصحفيين عقب افتتاحه يوم 30 ابريل ،2007 أى منذ عام تقريبا للمركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة.
فماذا حدث خلال هذا العام الذى أعقب تصريحات رئيس الوزراء؟!
الذى حدث أن الاعتداء على أراضى الدولة لم يتوقف والتعديات القديمة لم يتم إزالتها.
بل إن الجهود الحكومية الرامية لتجميع ومراجعة القوانين والقرارات الخاصة باستخدامات أراضى الدولة والتصرف فيها وانشاء قانون موحد لها والتى حدد قرار رقم 2728 لسنة 2005 بتشكيل لجنة من أجلها قد تعثرت.
بل إن هذه اللجنة التى أصدر المستشار محمود أبو الليل راشد وزير العدل السابق قرار تشكيلها، ثم قراراً آخر بضم أعضاء جدد لها بموجب القرار رقم 6422 لسنة ،2005 لم تجتمع سوى مرتين فقط ولم تجتمع بعد ذلك أبداً حتى اليوم.. أى بعد مرور نحو ثلاث سنوات!!
علماً بأن المادة الثانية من قرار وزير العدل المشار إليه آنفا تنص على أن »تكون مهمة اللجنة تجميع ومراجعة جميع القوانين والقرارات الخاصة باستخدامات اراضى الدولة والتصرف فيها، واعداد مشروع قانون موحد لها، يمكن أن يتضمن النص على جهاز استخدامات أراضى الدولة وتنظيم عمله«.
وهذا الجهاز الأخير بالغ الأهمية وكان يمكن أن يلعب دوراً خطيراً فى الحفاظ على أراضى الدولة منذ صدر بانشائه القرار الجمهورى 153 لسنة 2001 وحدد القرار الجمهورى مهام المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة فى:
* حصر وتقويم أراضى الدولة خارج الزمام واعداد التخطيط العام لتنميتها ولاستخداماتها فى اطار السياسة العامة للدولة.
* اعداد خرائط استخدامات أراضى الدولة خارج الزمام فى جميع الأغراض بعد التنسيق مع وزارة الدفاع.
* تسليم كل وزارة خريطة الأراضى المخصصة لاستخدامات أنشطتها والتى سيكون لها وحدها السلطة الكاملة فى التخصص والاشراف على الاستخدام والتنمية والتصرف.
* حصر البرامج السنوىة لتنمية واستخدامات الأراضى لكل وزارة وموازنة الايرادات والمصروفات فى التنمية.
* التنسيق بين الوزارات فيما يتعلق بقواعد تسعير الأراضى ونظام بيعها وتحصيل قيمتها وتنظيم حمايتها.
* التأكد من حصول الخزانة العامة للدولة على الدخل الصافى من تنمية الأراضى التى خصصت لكل وزارة.
* التنسيق مع وزارة الدفاع بشأن الاستخدامات المختلفة للأراضى خارج الزمام بالا يتعارض مع شئون الدفاع عن الدولة.
بالاضافة إلى تسعة بنود أخرى لا تقل أهمية.
كذلك نص القرار الجمهورى رقم 154 لسنة 2001 فى مادته الثالثة على أنه »فيما عدا المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية والأراضى المنصوص عليها فى المادة الأولى من هذا القرار يكون تخصيص باقى أراضى الدولة الصحراوية بقرار يصدر من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء بناء على عرض المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، وذلك مع عدم الاعتداد بوضع اليد عليها دون الاخلال بالتصرفات والمراكز القانونية القائمة وقت العمل بهذا القرار«.
ومع ذلك.. فإن هذاالقرار وضع على الرف ومازال المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة ضيفاً ثقيلاً وغير مرغوب فيه من معظم الوزارات والهيئات التى لها علاقة بأراضى الدولة.
والأهم أنه لا توجد سلطة حقيقية فى يد مدير هذا المركز الوطنى المهندس عمر الشوادفى. ورغم حماس الرجل وغيرته على أراضى الدولة فإنه لا يملك أى صلاحيات فعلية، مثل الضبطية القضائية أو حتى سلطة تحويل المخالف إلى النيابة، وبعبارة أخرى فإن المهندس عمر الشوادفى يمكن أن يضبط اعتداء صارخاً على أراضى الدولة لكنه لا يمكن أن يحرك ساكناً، سوى أن يشكو مثله مثلنا.




#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حيرة الحكومة بين -التعطيش- و-التسقيع-
- نداء عاجل إلى من يهمه الأمر
- التدحرج من -القمة- إلى - القاع- (1)
- لمصلحة من : قتل المبادرات الأهلية ؟!
- أحب »كيث«.. لكني أحب الناخبين أكثر!
- أزمة الرغيف .. عار على جبين حضارة مصر
- الخبز الحاف!
- مجالس الأعمال تبحث رغيف الخبز!
- المصيلحى .. عدو الشعب رقم واحد!
- من الذى يحمى أراضى الدولة؟!
- سنة خامسة إصلاح: وماذا بعد؟! (1)
- حاجة تكسف: هكذا تحدث «مشرفة» منذ 83 عاما!
- جنون -الحجر-
- سنة خامسة إصلاح .. وماذا بعد ؟(2)
- قراءة هادئة في أوراق عصبية
- إنتبهوا: محمود عبدالفضيل يدق نواقيس الإنذار المبكر
- الإهانة -الأكاديمية- لبابا الفاتيكان .. والتطاول -الفنى- على ...
- رغيف »العيش«!
- بارقة أمل .. من -الصعيد الجوانى- (3)
- تعمير سيناء .. مشروع مصر القومى


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - سعد هجرس - هل نرفع الراية البيضاء أمام مافيا أراضى الدولة؟ (1)