أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين عيد - نظرة على كتاب الباب المغلق لأحمد الخميسي















المزيد.....

نظرة على كتاب الباب المغلق لأحمد الخميسي


حسين عيد

الحوار المتمدن-العدد: 2244 - 2008 / 4 / 7 - 10:26
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


هذا إصدار جديد، للكاتب والناقد والمبدع المعروف أحمد الخميسي، ضمن سلسلة "كراسات الشعب"، عن "مؤسسة الهلالي للحريات"، التي أقيمت تكريما للراحل نبيل الهلالي، اليساري النادر، الذي دافع عن كلّ أصحاب الرأي بمختلف ألوان انتماءاتهم السياسية، مجسّدا نموذجا رائعا للتسامح والمحبة والإصرار علي إحقاق الحق.
يقع الكتاب في 145 صفحة من القطع الصغير، ويتكون من سبعة عشر مقالا، كان طول أقصرها صفحتين، وأطولها تسع عشرة صفحة (خاصة بدراسة نقدية حول "الأزمة في الأدب")، وان تراوحت أطوال أغلبها ما بين أربع وخمس صفحات (11 مقالا).
يثير الكتاب قضية علي جانب خطير من الأهمية، حول (دور) المثقف في المجتمع المعاصر، حين لم ينعزل أحمد الخميسي بعيدا عمّا يجري في المجتمع من ظواهر، بعد أن أسس له مكانا متميزا كمبدع وناقد أدبي ومترجم في عالم الأدب، بل آثر الانغماس في أحداث الواقع الجارية، وأن يكون له (رأي) فيها، تجلي في هذه المقالات، التي تتناول ظاهرة الفتنة الطائفية بين الأقباط والمسلمين، وذلك من خلال ثلاثة محاور رئيسية، هي أحداث ووقائع (في ست مقالات)، الجانب الأدبي (في سبع مقالات)، وتاريخ ومقترحات (في خمس مقالات).

أحداث ووقائع
تكوّن هذا المحور من ستّ مقالات كاشفة لجوانب الأزمة، هي "المسألة القبطية وما جري في الإسكندرية"، "الطائفية ..إلي متى؟"، "وحش التمييز"، "الأقباط والتعليم والإعلام"، "أيام عزبة واصف وأيام طه حسين"، و"الدولة والنزعة السحرية"، كتبت كلها بشكل مواكب لبعض ما جري في المجتمع المصري من أحداث طائفية، سواء ما جري منها في الإسكندرية أكثر من مرّة خلال عام 2005، أو مسترجعا ما حدث في الماضي أيضا من أحداث في الخانكة عام 1972 والزاوية الحمراء عام 1981، وقرية صنبو عام 1994، وكفر دميان في الشرقية عام 1996، وأبو قرقاص بالصعيد عام1997، وبالكشح بالصعيد أيضا عام 2000، أو في حالة حكاية راهب دار المحرق بأسيوط وما أثير حولها من وقائع مؤسفة.

الجانب الأدبي
امتدت مقالات هذا المحور الستّ لتشمل معظم ملامح العالم الأدبي، بدءا من إبداع صريح في القصة القصيرة (قصة "الباب المغلق")، ثم تحوّل تدريجي إلي النقد والتحليل وذلك إمّا بتناول واقعة صغيرة من عالم الطفولة بالشرح والتحليل ("سعاد التي في خاطري")، وصولا إلي تلك اللحظة الفارقة من طفولته التي تعرّف فيها علي وجود ذلك الآخر المسيحي، أو باستعادة قصة لأديب ناشئ لإثارة قضية أهمية غوص الكتاب المسيحيين في عالمهم الخاص ("قصة الوشم: الأقباط والأدب")، أو بتناول رواية "أحزان بلدنا" لمكرم فهيم بالنقد والتحليل وبخاصة ما احتوت عليه من طرح جريء وصريح لمشكلات النسيج الواحد. وأخيرا انتقال واضح إلي المقال الأدبي تارة لإثارة قضية حرية التعبير الأدبي وذلك في مقالة "الدين والأدب"، أو بغوص نقدي في كتاب "الحوار المسيحي الإسلامي"، وصولا إلي الدراسة النقدية الطويلة للأعمال الإبداعية التي تعاملت مع تلك القضية ("الأزمة في الأدب المصري")، في أعمال ادوار الخراط ويوسف الشاروني وفاروق خورشيد وغوربال زكي غوربال وعلاء الأسواني وسعيد سالم وبهاء طاهر.
وكان أحمد الخميسي موفقا أشد التوفيق في اختيار قصة "الباب المغلق" لتكون مفتتحا للكتاب، فهي قصة بديعة، كلّ شيء فيها محسوب فنيا بدقة بالغة، إلي جانب أنها تعكس بصدق جوهر الأزمة بين طرفي الأمة، وذلك حين تقدم ببساطة آسرة علاقة بشرية لها طرفان: الطرف الأول "الأستاذ موريس المحاسب في أحد البنوك وزوجته مدام جانيت، التي تعمل في مدرسة تعليم لغات أجنبية قرب المنزل. الاثنان تجاوزا سن الإنجاب دون أن ينجبا، لكنهما قانعان بحياتهما التي تمضي في هدوء يتخللها نزهات وزيارات يوم الإجازة"، لينتقل بعد ذلك إلي الطرف الثاني الطفلة هدي "في العمارة محمود البواب، الذي جاء من أسوان منذ زمن، ويسكن أسفل السلالم، توفيت زوجته وتركت له ابنة وحيدة صغيرة هي هدي، كانت تشتري للسكان وخاصة لمدام جانيت"
هنا، وجهان متقابلان: موريس وزوجته شخصان بالغان بينما هدي طفلة يتيمة، الزوجان توفر لهما وظيفتيهما دخلا معقولا بينما تعيش الطفلة علي تلبية طلبات السكان وخاصة مدام جانيت. يسكن الزوجان شقة بالطابق الأول بينما تقطن هدي حجرة في بير السلم تأكيدا لوضعها الاجتماعي.
تظهر إرهاصات ما سيحدث في ملمحين: الزوجان لم ينجبا أيّ أنهما وحيدان وهدي وحيدة تفتقد أمها المتوفاة وتعيش في كنف أب مريض، إضافة إلي أنه يتضح من اسميهما أنهما قبطيان بينما هدي مسلمة.
هنا، أيضا إعداد جيد لمسرح الأحداث، فكلّ الظروف مواتية لنشوء علاقة بين الطفلة اليتيمة والزوجين الوحيدين. وهو ما تحقق تدريجيا فعلا، بعد أن اعتاد الزوجان وجودها، حتى إذا ما انصرفت فسرعان ما "ينسل شيء ما من الجو، ويحلّ شعور خفيف قاتم في الصالة وعلي كسوة المقاعد، ويسري مثل الدخان في الحجرات الأخرى، شعور بالوحدة والأسف"
ساعد علي تطوّر هذه العلاقة موت الأب، وعدم وجود أيّ أقارب له، حتى أصبحت إقامتها عند الأستاذ موريس أمرا مسلما به. واشترت لها جانيت فستانا وحذاء جديدين، بل فكرت في وضع سرير لها في الغرفة الصغيرة.
وإذا ببوادر الأزمة تغشي الجو، حين تفشّت شائعة بأنّ "الأستاذ موريس أخذ البنت الصغيرة وح يخليها نصرانية! ح يعلمها علي طريقتهم!"، وبدأت دوائر الحصار تضيق حول الأستاذ موريس بدءا من سؤال من أكثر من جار حول أخبار البنت هدي. وعندما تكرر السؤال أحسّ الرجل بالخطر، فحكي لزميل له عما جري فنصحه بأن يطرد البنت علي الفور، "لكي لا يتسبب بقاؤها عنده في مشكلة في الشارع والحي وربما أبعد من ذلك النطاق!" استنكر موريس أن يطردها، لأنه كان يعي أنها تحبهما وأنها مستريحة عندهما. لكن العيون "بدأت تلاحقه علي امتداد الشارع بنظرات تترقب قراره، وتحثّه عليه. ثم أصبحت النظرات تنطوي علي وعيد مكتوم، وبدأت الكلمات العابرة تصبح أكثر وضوحا وحدة".
حكي موريس لزوجته كلّ شيء، فجلست علي حافة السرير وبكت طويلا، ثم نهضت ومضت إلي المطبخ، ونادي الرجل هدي، لكنه ظلّ صامتا في حضرتها لفترة، ثم استجمع شجاعته، وطلب منها أن تغادر الشقة، فبكت ورفضت أن تغادر، وعندما رأت إصراره جرت مستنجدة بجانيت في المطبخ، فأشاحت جانيت بوجهها كأنها لم تسمعها. وفي الأيام التالية كرر موريس ما قاله، وأخيرا جذبها من ذراعها بقوة ووضعها خارج الشقة. وظلت البنت تخمش الباب المغلق كالقطة، وتبكي وترجوه وتستحلفه بالنبي كي يدخلها، فيرد عم موريس والدموع تفرّ من عينيه "ما اقدرش يا بنتي.. والعدرا ما اقدر والني والعدرا والنبي"
الباب، هنا، حاجز مانع للتلاقي، بعد أن أصبحت البنت مطرودة من جنة المأوي، علي الرغم من أن "خلف كل ناحية شخص وحيد بحاجة إلي الآخر"، لا يستطيع أيّ من الطرفين تجاوزه، إلاّ بتوافر شروط معينة. الشروط ليست مرهونة بإرادة الطرفين وحدهما، بل هي رهن بقوي أكبر تحكم المجتمع ككل. إنّها شروط أزمة أكبر تهيمن معطياتها علي الواقع. وسيظل الباب قائما طالما استمرت هذه الآلية تحكم، لن ينتهي أمرها إلا عندما ينتشر الوعي ونقتنع جميعا بأننا أخوة داخل مجتمع واحد، بعضّ النظر عن اللون والجنس والدين، وإلاّ فجحيم الفرقة والعزلة والأحزان بانتظارنا جميعا!

تاريخ ومقترحات

تطلّ مقالات هذا المحور تارة علي تاريخنا القديم مستقرئة ما خطّه الأقدمون من صفحات ناصعة في هذا السياق، وتارة أخري تقترح بعض أوجه العلاج. تضمّن هذا المحور خمس مقالات، هي "وحش التمييز"، "الطريق للخروج من الأزمة"، "رحلة إلي مستقبلنا"، "من أجل القرآن"، و"جبهة إسلامية مسيحية".
ونورد فيما يلي بعضا مما ورد في هذا السياق:
• من الملاحظ أن حدّة الظاهرة الطائفية اختفت في تاريخ مصر في اللحظات التي شهدت فيها مشروعا قوميا للنهضة. حدث ذلك عند المواجهة الشعبية المشتركة للغزو الفرنسي عام 1789، حين رفض الأقباط الانضواء تحت لواء الجنرال يعقوب، وأداروا وجوههم لمساعي بونابرت لبذر بذور الخلاف بينهم وبين المسلمين، وواجهوا مع أخوانهم المسلمين الغزو في القاهرة والصعيد.
• في سبتمبر من عام 1923 عند عودة سعد زغلول من منفاه، قال في أول خطاب له "رصاص الانجليز لم يميز بين قبطي ومسلم من أبناء مصر!"
• كتب بديع خيري وغني سيد درويش:
اسمع اسمع مني كلمة
إن كنت صحيح بدّك تخدم..
مصر أم الدنيا وتتقدم
لا تقول نصراني ولا مسلم
اللي أوطانهم تجمعهم
عمر الأديان ما تفرقهم.
• مراجعة المناهج التعليمية، بحيث تشتمل علي قيم وطنية جامعة ترسخ الوعي بأن الدين لله والوطن للجميع. مناهج تعتمد فيها مادة التاريخ حقيقة أن مصر ضفيرة من الكفاح المشترك لكلّ أبنائها، وأن تاريخها إبداع للمسلمين والأقباط.
• إذا كان قد تم الإعلان في القدس الشرقية عن تكوين جبهة إسلامية مسيحية، لحماية الآثار الإسلامية والمسيحية المقدسة، ألسنا أولا بتشكيل جبهة إسلامية مسيحية مصرية لحماية قيمنا المعنوية؟
• تنظيم الناس في مؤسسات أو أحزاب أو جمعيات تدافع عن مصالحهم بما يمنع انحدارهم إلي الصراع الطائفي.
• أن تدوي أصوات خطباء المساجد بكل ما يحفل به تاريخ مصر من صور التآخي والتآزر بين المسلمين والأقباط.
• يظلّ علي المثقفين واجب الدعوة لمؤتمر أو أكثر ليضعوا بعد نقاش مطول توصياتهم صراحة بهذا الشأن، مشكّلين قوة ضغط قادرة علي أن تقود الرأي العام والدولة إلي تبني إستراتيجية حقيقية لنزع جذور الإرهاب.

***
حسين عيد - ناقد وكاتب
جريدة أخبار الأدب المصرية



#حسين_عيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - حسين عيد - نظرة على كتاب الباب المغلق لأحمد الخميسي