أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - 6 أبريل على بوابة الأمل














المزيد.....

6 أبريل على بوابة الأمل


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 11:19
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الدعوة لإضراب عام يوم 6 أبريل ترددت أصداؤها في مختلف أنحاء مصر، وهذا في حد ذاته أول مكسب حققه الإضراب قبل بدايته، لقد حقق مكسبا رمزيا يتمثل في الإعلان عن حالة الغضب الشعبي العام في أوساط الفقراء إزاء الأوضاع المتردية التي بلغتها البلاد، في وقت تهلل فيه الحكومة لنجاحاتها الاقتصادية التي أدت إلى اتساع الفجوة بين الطبقات مع تزايد ثروة الأغنياء وتدهور أحوال الفقراء.
المكاسب الأخرى قد يصعب تحقيقها، مثل ضمان المشاركة الواسعة في الإضراب، أو تحقيق أهداف أوسع من المطالب الخاصة بعمال المحلة بوجه خاص وبعض الفئات الأخرى على وجه العموم والتي يمكن أن تتحقق أو لا تتحقق. وذلك نظرا لعوامل كثيرة، أهمها على الإطلاق ضعف القدرات التنظيمية وتدهور أوضاع النقابات والأحزاب السياسية وعجزها، علاوة على غياب أكبر تنظيم معارض في مصر – الإخوان المسلمين – عن المشاركة في الإضراب ناهيك عن تنظيمه.
ولعل قيادات الإضراب كانوا مدركين لهذه الجوانب عندما التمسوا أوسع قدر من المشاركة عبر دعوة المواطنين إلى القعود في البيت على الأقل في محاولة لطمأنتهم بأن القعود في البيت لن يجر عليهم نتائج المقاومة التي قد لا يطيقون تحملها. وربما يكون ذلك ناتجا عن مراعاتهم لمشاعر اليأس والخوف من البطش وعدم ثقة الجماهير في قدرتها على إحداث أي تغيير. على الأقل تحقق المكسب الرمزي بالإعلان عن الغضب وأن هناك على الأقل مقاومة من نوع ما وأن هناك أساليب ما يمكن بها المقاومة.
ومع ذلك يبقى أن المشاركة بالانتقال إلى مواقع العمل والإعلان الصريح عن الإضراب في هذه المواقع أو من خلال التظاهر تضامنا مع الإضراب، هي الأقوى والأكثر فعالية، لأنها تمثل التجربة التي يمكن من خلالها للجماهير أن تكتشف قدراتها وأن يتطور وعيها وتنظيمها لأنفسها حتى تتمكن من الانتصار في معاركها المقبلة، وتتغلب على الوعي الزائف الذي يجعلها ضحية لمشاعر اليأس والخوف بالمعنى السلبي لذلك. فمن خلال التجربة، تزول الحدود الفاصلة بين اليأس والأمل، ويتحول الخوف وعدم الثقة إلى شجاعة وإقدام.
فالأمل واليأس والشجاعة والخوف … ثنائياتان نصنفهما في قاموسنا اللغوي على أساس أن قيمتي الأمل والشجاعة من القيم "الإيجابية" وأن قيمتي اليأس والخوف من القيم "السلبية"، لكن مضمون هذه القيم قد يختلف ويتحول إلى العكس تماما في سياقات معينة. هذا على الأقل ما نستطيع رصده حاليا في العلاقة بين السلطة وبين فقراء الشعب المصري. فقد تحول يأس الفقراء وفقدانهم الأمل في رغبة السلطة وقدرتها على ضمان الحد الأدنى من الحياة الكريمة لهم إلى قوة إيجابية دفعتهم أخيرا إلى المواجهة. هكذا حاول عمال المحلة وموظفو الضرائب العقارية وغيرهم استجداء حقوقهم عدة سنوات وكانت السلطة تصم آذانها عن صراخهم ورجائهم، بل وتستفزهم أكثر باتخاذ سياسات أدت إلى مضاعفة معاناتهم. كان صراخهم ورجاؤهم طوال هذه السنوات يقوم على أمل ضعيف في أن يلين قلب السلطة وأن تعطف الإدارة، لكن يأسهم من ذلك دفعهم إلى المواجهة من أجل الحصول على حقوقهم المهدرة، وكان هذا اليأس قوة إيجابية دفعتهم إلى السبيل الوحيد الذي يمكنهم من تحقيق مطالبهم، فيما كان الأمل الكاذب قوة سلبية أقعدتهم وغيبتهم زمنا طويلا حتى استفحلت المأساة.
كان اليأس من أسلوب الاستجداء أيضا قوة إيجابية في فتح الأبواب لأمل من نوع جديد، فالمواجهة لم تكن كارثة كما كانوا يعتقدون، ولم يكن تجنبها يستحق الصبر على كل هذا البلاء – من انخفاض الأجور وتدني مستوى المعيشة بسبب ارتفاع الأسعار وإهدار حقوقهم وكرامتهم أمام أبواب المسئولين الموصدة. ولابد أن نعترف أنهم لم يكونوا واثقين من نتائج تلك المواجهة، بل ربما كانوا يتوقعون أن ترسل إليهم السلطة جحافل الأمن المركزي وضباطا تدربوا على احتقار الرحمة وعلى التعالي على الفقراء لتعويض ما يعانونه من ذل أمام السلطة وضعف أمام الأثرياء النافذين.
لكن خوف هؤلاء الفقراء من تدهور أوضاعهم أكثر وضياع مستقبلهم ومستقبل أبنائهم كان أقوى من خوفهم من السلطة وجيوشها، ومن بطش الإدارة وعنادها، فكان هذا الخوف قوة إيجابية دفعتهم إلى المواجهة واكتشاف مساحات أخرى تستطيع فيها الإرادة والقوة أن تؤتي ثمارا لا يحلمون بتحقيقها من خلال الاستسلام والضعف.
هنا أيضا نستطيع أن نكتشف الجانب السلبي من قيمة الشجاعة – بالمعنى المجرد للكلمة – مقابل الجانب الإيجابي من قيمة الخوف – عندما تدفع الإنسان إلى المواجهة. فالشجاعة عادة تعتمد على فهم واضح للخطوة التالية، تعتمد على توقع النتائج التي يمكن أن تترتب على هذا الإجراء أو ذاك. ولأن الفقراء، الذين خضعوا تحت نير القهر والاستبداد سنوات طويلة، غالبا يتوقعون شرا مستطيرا عند مواجهة أصحاب السلطة والنفوذ، فإن شروط الشجاعة تصبح قيدا ثقيلا في أقدامهم، وهم غالبا ما ينظرون إلى بطل المأساة الذي يواجه السلطة ويلقى على يديها الويلات كبطل يتسم بقدرات أسطورية وتحرسه قوى جبارة، وعادة ينتصرون له في أحلامهم دون أن يفكروا يوما في الاقتداء به – فالشجاعة التي تدفع إلى التهلكة قيمة خرقاء، والخوف صبر مستحب على البلاء.
غير أن هذه الأفكار جميعها تنقلب رأسا على عقب عندما يؤدي الخوف من استفحال البلاء وفقدان الأمل من أسلوب الاستعطاف والاستجداء إلى الإقدام على المواجهة دون أن يدرك هؤلاء الفقراء ماهي الخطوة التالية ودون أن يفكروا في النتائج المنتظرة لهذه المواجهة. وعندها يكتشفون في أنفسهم قوة حقيقية أشد حسما وأعظم أثرا من القوى الأسطورية التي ينسبونها إلى أبطال الملاحم الشعبية ويكتشفون قدرتهم على الانتصار لأنفسهم انتصارا حقيقيا على أرض الواقع.
ليس معنى ذلك أن الشجاعة والأمل قيمتان سلبيتان، ولا أن اليأس والخوف قيمتان إيجابيتان على الإطلاق، بل معناه أن الشجاعة تولد أحيانا من رحم الخوف، وأن الأمل يتفجر من آبار اليأس المظلمة عندما يتعلم الإنسان بالتجربة – مهما كانت قسوتها – أنه يستحق حياة أفضل وأنه قادر على الفوز بها.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقوب في قبضة -الأخ الأكبر-
- عذرا يا شيخنا – نرفض الشهادة!
- رأسمالية وطنية وأخرى تابعة!
- معادلة الحرية
- لن نتسول حقوقنا يا رئيس الوزراء!
- قيادة نقابية أم موظف في جمعية دفن الموتى؟
- أبطال المعارك الوهمية
- الشرعية والقانون
- كاليجولا يحاصر الهواء
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور
- هلفطة
- النظام والفوضى في مجتمع مقهور
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...
- الصادرات المصرية حصان خاسر في سباق التنمية
- الانتخابات البرلمانية 2005: فزع السلطة وفزاعة الإخوان المسلم ...
- الاشتراكيون الثوريون تحالفوا مع الإخوان … يا لهوي!


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - 6 أبريل على بوابة الأمل