أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - والجسد اذ يتخفف من عبء السؤال( قراءة في قصيدة -دعوة الى عشاء سري- للشاعرة جمانة حداد )















المزيد.....

والجسد اذ يتخفف من عبء السؤال( قراءة في قصيدة -دعوة الى عشاء سري- للشاعرة جمانة حداد )


سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)


الحوار المتمدن-العدد: 2249 - 2008 / 4 / 12 - 09:17
المحور: الادب والفن
    



اذ تستوقفنا الشاعرة جمانة حداد لتقول بنصاعة وثقة : انا انثى ولي جسد ولجسدي ارتهاناته وابجديته
التي يحسن التعبير بها عن انثيالاته وانهماراته وحقوقه واشتباكاته ، فانها تختار اقصر الطرق بهاء الى لعبة استفزازات منظومة قيمنا الدعائية والشعرية والعشقية ، وفي اتم صورها اكتمالا . عاشقة
جمانة حداد تغمس التياعاتها واشتراطات جسدها في بنية لاذعة من اختراقات وتضادات لونية
صادحة ، قبل ان تقتحم انكفائنا المتحرج ببهجة اللوحة .... او لنقل لذة المها وفعل اقتحامها المقوض .

( اني لا ابحث ، اني اجد ) يقول بيكاسو الفنان .

وهذا بالضبط ما تفعله جمانة حداد في لوحة عشقها ، بشفرتها وسكينها الحاد ، اذ تقشط بهما غمام
العتمة وصخب اللغو عن عالم الجسد وارتهاناته واستحقاقات تلك الارتهانات . وبحذق ساحر متمرس
،تفك التباسات اوهامنا عنه - الجسد ، وجسد الشاعرة العاشقة ، اذا توخينا الحصر مع جمانة -
لتعيدها الى مستودعات الاشياء البائرة او سلة المهملات ، كأشياء لا نفع منها ..

( العاشقة لا يفتك بها الانتظار ، لا تقدر ان تخاف ، وان كانت تجهل بقية الحكاية ! فالحكاية انت ،
والبقية حتما ستأتي . هي تحزن لانك لم تقفز من عينيها بعد ، لم تنزل من يديها ، لم تدهشك
شعوبها . هي تحزن من اجلك ، لانك لا تعلم كم سوف يكون لك من العاشقة : قمر على ثغرها ، ذهب
على خدها ، وامرأة جديدة في كل ركن من ارضها ، تخصب وحدتها بالحب والشهوات المجنحة
والفوضى الشهية .. ) .

عن المرأة في طور عشقها ، تحدثنا جمانة حداد ؛ ولكن بعد ان تخففها من ثقل اوهامها اولا ،
ومغالطات الثقافة الاجتماعية ومواريثها ثانيا ؛ وهي ايضا ( مواجهة ) تعلقها على مرآة كل انثى ،
بعد ان تعريها - الانثى لا المرآة - لتقترح عليها ( والنص اقتراح ، بحسب رولان بارت ) التوقف
امام حقيقة ( جسدها ) وبسلة استحقاقاته كاملة وبهاء اكتمالها - الاستحقاقات لا السلة .
لنحاول فرك بعض ملامح النص - وهو لجمانة حداد تخصيصا هنا - لنجلو بعض مغاليقه ( وهذا استحقاق لنا كمتلقين بعد ان حررته الشاعرة من قيد ارتكابه وأسر وحدتها وأطلقته لمواجهاتنا )،
وايضا لنزيل بعض قيوده المتوهمة ..

( العاشقة بفتك بها الانتظار ، (و لانها تحررت من عقدة الخوف ) لا تقدر ان تخاف ، وان كانت تجهل الحكاية ) ... بل وان تجاهلتها ايضا ! عاشقة جمانة حداد او العاشقة فيها ..

( تستحضر ظلال الآخرين غير البريئة ؛ لئلا يخبو عطش المحرقة ! لكن الآخرين قوت لانتظارها ...
ونشوتها العاجلة سرير بارد في اغنية الجسد . توقها اليك يستعبد فيها كل ما كان ثائرا ، ويطلق
ضفائر كل ما كان مأمورا ) . وظلال الآخرين : اكليروسية ، اجتماعية ، اخلاقية ، هي ( على طول الخط ) كلمة حق يراد بها باطل .. او دعوة اثخنها خوف المجهول او الوقت الذي يستغرقه مرور
جنازة ما الى المقبرة ! وبين هلالين كبيرين : خوف ما بعد الموت . ولكن ، وهذه (مواجهة) اخرى،
جمانة تطالب بنات جنسها بتعليقها على مرآة طاولة الزينة : ( اللهفة تسكن فردوسها المعلق ،
وهي لا تحفل بالسياج والنساء والبراءة ( الحشمة ) المفتعلة ، ( لانني الانثى التي اعترفت بواقع
جسدها اولا ، وبحقوقه ثانيا ، واسقطت عنه خطيئة جنسه ( الانثوية ) ، جهزت لك رغبات طائشة
سوف تتزاحم على الاحتفال بجسدك ... وانذاك لن تختصر ، ولن تكبت ، ( وستهدر بنبرات واضحة ومكتملة الحواف والاستدارات ) : العاشقة تنهض الهواجس والخيالات وترمق ) .
ولكي نلحق بفيض اشتباكات جمانة ، سنقرأ حكمة الفيلسوف سقراط النقدية ( الشعراء لا يختلفون
عن الانبياء والكهنة الذين ينطقون بالكلام الحسن ، دون ان يعرفوا ماذا يقولون ) كما يلي : ( الشعراء يمتازون على الانبياء والكهنة باحتطابهم من غابة الشعر اكثر مما يقولون ) . وبهذه
الطريقة نسفر - بهدي انتفاضة الشاعرة - عن توازياتنا مع استحقاقات اجسادنا وعشقنا ، وفض اشتباكاتنا المفتعلة ( او غير البريئة ) مع وهدة اقدامنا عليها .
جمانة حداد تصر على ابقاء القوس في اقصى حدود شده معنا ، لترشقنا بالمزيد من سهام الاستفزاز:
( لتأخذ - العاشقة - ما هو لها وما قد لا يكون لها ) ! وهي اذ تشكك في قائمة محاذير الموروث
الاخلاقية - في موضوع العشق طبعا - فانها تكون قد بلغت بنا احدى ذرى التوقد والتهيؤ للانقضاض
على مسلمات لم تأخذ نصيبها من التقليب والفحص والمعاينة ؛ خاصة وانها تمنع (العاشقة)
من ان ( تخترع لها حاضرا "كان بسبب المحاذير" مستحيلا وندما لذيذا ) . والندم اللذيذ هذا هو
مبتغى العاشقين تحت خيمة نظام قيم يلقي خلف ظهره اوثان المحاذير التي تتعامل مع الجسد
وحاجاته كتابو مقدس ، ووفق مقاييس ومعايير تتبخر على عتبة ابواب غرف نوم اشد دعاتها
تمسكا بها . الا ان جمانة لا تكتفي بهذه الخضة لقائمة (قناعاتنا) الموروثة او غير المختارة
بشأن العشق ؛ و لذا فانها تمعن في شد وتر قوسها لتصيب المزيد من تصوراتنا ( غير المحكمة )
في بناءها ، والملتبسة في اشتغالها ، والمسرفة في تمددها على مساحة اختياراتنا .. ومن اجل هذا
فانها اختارت عنوانا مغريا لنصها : ( دعوة الى عشاء سري ) .. واعتقد ان احاطة هذه الدعوة
بالسرية كفيل بايحاء اكثر التوقعات حميمية بشأن الجسد . وايضا فان دعوة العشاء ستوفر لها
المزيد من اجواء المثابرة والانفعال ، الى جانب بعض الادوات التي تساعد على القطع - مجازا -
والازاحة .
واذا ما بحثنا عن ( فتوى ) تبريرية لدعوة الانثى لمعشوقها الى عشاء سري ، فاننا لن نجدها الا في
اكثر قصص الحب حميمية ودواله المجردة من العقد ... والتباساتها المصطنعة ..
( الحب ان لا يكون لنا ان نقول اننا آسفون ) يقول اريك سيغال .. واذ تتهاوى صروح الكبرياء الزائفة، تبوح الانثى بولهها بسلاسة انسياب ماء النهر وامعانه في بلوغ مدى تدفقه لمسح غبار
القلق او ( البراءة المفتعلة ، بلغة الشاعرة ) عن بنية النصاعة في ( روع الانثى العاشقة ) ووهج
كمالها .
و ( دعوة الى عشاء سري ) ، العنوان ، دال مثابر ومحفز ، داخل اطار تقانة السرد التي اعتمدتها
الشاعرة ، كأداة توصيل او بث ، لدفق بوحها ، دافعه حب متواثب يستعصي على الاحتواء او
الكبح ..، وهما الاداتان اللتان اعلنت الشاعرة براءتها منهما لانهما يندرجان ضمن قائمة ( البراءة
المفتعلة ) .
والعاشقة ( الشاعرة في جمانة ، ام جمانة في الشاعرة ...؟ ) اذ تزاوج وتراوغ بلعبة تبادل الامكنة
المظهرية ، فانها تحافظ على تغيير موضع قبضتها على عصا التوازن ..
( تحبس عصافير ( المعشوق ) ك وافكارك واللذة في غابتها ) ، دون ان تغمط معشوقها حقه في
لعبة التوازي والندية واخذ كامل مدياته في لعبة التمظهر ..
( انت تصنع منها اللمسة والنبع والحياة ) ، قبل ان تعاود الامساك بالعصا من طرفها .... ولكن برشاقة عاشقة فاتنة : ( ومتى قصدتها حقا ، (س) تفقدك انتصاراتك وخيباتك السابقة ) .. وهكذا
تستمر في انتقالاتها ، وبحرفية حاذقة ، بين تضاد المقابلات الملتوية والتواء التقابلات المتضادة ..
( كي تهدي اليك ذنوبك الآتية ) !
ويالدقة الصورة وبراعة تصويرها هنا في شحذ همم تلقينا للذروة التي تسبك اطلالات وجوهها
بدقة وحذق الفنان الذي يجد ..، وهي ( علامة تدل ، في حد ذاتها على الجمال ) بحسب هنري جيمس .
جمانة حداد تبقي خيط تلهفنا مشدودا للمزيد من دهش الجمال ..

( سوف تنبثق دون انقطاع ... كي تستدرجك الى نوافذها : حلما يحميها من اليقظة الفقيرة ...) ..

وبهجة الحلم التي تشيعها جمانة ( بطرف عصا حكيها هنا ) لاتشبهها الا سطوة المرآة العجيبة
التي تحدثنا عنها شهرزاد في الليلة الـ ( 272 ) من ليالي ( مواجهة ) شهريار ( بحقائق الاشياء):
( و وجد بها مرآة كبيرة مستديرة عجيبة مصنوعة من اخلاط صنعت لنبي الله سليمان بن داود ،
اذا نظر الناظر فيها رأى الاقاليم السبعة عيانا ...) ..

( العاشقة لك ، فيك ، اليك .) هل يعني هذا ان الانثى - في حالة عشقها على اقل تقدير - اكتمال
مستقل بحد ذاته ، يا جمانة الانثى قبل الشاعرة ؟! لان العاشقة التي اجترحتها لنا جمانة : لك ، فيك ،
اليك ، وليس منك ؛ وهذا في اول ما يعني تشبثها باستقلالها وحريتها ، رغم فيض كل صور الوله
والعشق التي سكبتها في ذائقاتنا ،لان العشق ... و (المغالاة ) في سبك وسكب صوره ، انما هو
دليل حرية الانثى لا تبعيتها او تماهيها بشخص المعشوق الذكر . العاشقة ..
( لاتغفو ولا تستيقظ الا على رغبة فيك لن تندمل . تجعلك الها متى نظرت نفسك في عينيها ، وتعيدك
رجلا متى نظرت هي في عينيك ونادت ) .. انها مرآة ليلة ( عشق ) شهرزاد التي ترينا (الاقاليم
السبعة عيانا ) بنظرة واحدة !
و يا لسطوة العشق وبهاء اكتماله وجلال كماله ، اذ يفيض على لسان الشاعرة العاشقة ..
( لا تغفل الدعوة الى عشائها السري ، فالعاشقة متأهبة ولا تريد ان تنتظر ) .
و أي مجنون يمكنه ان يغفل مثل هذه الدعوة المكتنزة بكل اسرار الجمال ، ايتها العاشقة ، ولا
يتأهب لموعد عشائها السري قبل الف ليلة وليلة ... لا ان يدعك تنتظرين !



#سامي_البدري (هاشتاغ)       Sami_Al-badri#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليجهر الحبر برفيف جنوني
- طور جديد من ا لحرب الاهلية العراقية
- اغمس نافذتك في ومضة الجسد
- بولهها المتشاكل ، تتسلل الانثى غازية( قراءة في قصيدة كيف ندخ ...
- احتراب البصريين لمصلحة من ؟
- وحواء اذ تهذي بجراح صلبها ( قراءة في قصيدة بوح الانثى الاولى ...
- الانفلات في خاصرة الغابة
- من المسؤول عن امن العراق ؟
- ماكين ومشروع الاحتلال المستمر
- اوصال ملبدة
- من رحم الخديعة الى رحم الهلوسة : دعوة
- احتمالات الظنون والعلامات
- خمسة اعوام من احتلال العراق ياقمة العرب
- مصالحة على طريقة المنطقة الخضراء
- القفز فوق عشب السراب(قراءة في قصيدة انت يا هذا للشاعرة ضحى ب ...
- الخروج من بداهة الداخل الى فضاءات الانا
- طفولة التفاحة الاولى
- لعبة اسمها حكومة عراقية جديدة
- تعاويذ ذهبية لما هو ابهى
- عطور الدواعي


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي البدري - والجسد اذ يتخفف من عبء السؤال( قراءة في قصيدة -دعوة الى عشاء سري- للشاعرة جمانة حداد )