أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهوم جرايسي - القدس ويافا وأخواتهما














المزيد.....

القدس ويافا وأخواتهما


برهوم جرايسي

الحوار المتمدن-العدد: 2242 - 2008 / 4 / 5 - 12:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الوقت الذي تتركز فيه الأنظار على ممارسات الاحتلال الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة، ومنطقتها، فإن السلطات الإسرائيلية، وبتزامن واحد، تكثف تحركاتها ومخططاتها لضرب مدن فلسطينية تاريخية أخرى، هي المدن الساحلية في مناطق 1948، وأولها يافا عروس فلسطين ثم عكا واللد والرملة، وقد تكون حيفا أخف وطأة ولكنها لم تفلت هي أيضا من المؤامرة.
وعلى الرغم من ضخامة المشاريع الاستيطانية، وتشعب المؤامرة على المدينة المقدسة، من تقطيع أحيائها، وسلخ عشرات آلاف أبناء المدينة عن مركز مدينتهم، وبالذات جوهرتها، البلدة القديمة، وما تشمله من مقدسات إسلامية ومسيحية، إلا أن خيطا واحدا يمتد من عكا إلى يافا واللد والرملة إلى القدس.
ويهدف المشروع الإسرائيلي الصهيوني، في هذه المرحلة، بالأساس إلى تغيير ما تبقى من معالم فلسطين التاريخية، ولهذا ليس صدفة أنها توجه ضرباتها إلى الرموز الجغرافية التاريخية، ولطالما تغنى الشعب الفلسطيني بمدنه التاريخية، فعكا رمز الصمود بأسوارها، وحيفا عروس الكرمل، ويافا عروس فلسطين، وأيضا الشقيقتان التوأمان اللد والرملة.
ففي كل واحدة من هذا المدن، "بقي" في العام 1948 بضعة آلاف من الفلسطينيين، من أنياب النكبة والتهجير والترحيل، ليتحولوا مع السنين إلى عشرات آلاف، ولكن جرى اغراقهم وسط أغلبية يهودية، تتراوح ما بين 70% إلى 90% وأكثر.
ومن أجل تنفيذ هذا الهدف، فإن المؤسسة الإسرائيلية تسير في عدة مسارات، أهمها وضع اليد على الأرض والممتلكات، وهذا ما فعلته فورا بعد العام 1948، ولكنها لم تكتف بذلك، وسنت سلسلة من القوانين التي تسهل مهمتها وتوسعها، لتحكم قبضتها على كل واحدة من هذه المدن، وفرض أمر واقع جديد.
فمثلا غالبية البيوت التاريخية في هذه المدن باتت بملكية شركة حكومية، بزعم ان أصحابها من "الغائبين"، وهم على الأغلب لاجئون في دول عربية، ولكن هناك من تم حرمانهم من ممتلكاتهم، بزعم انه لدى تسجيل السكان في المدينة لم يكونوا حاضرين، "قانون الحاضر غائب".
والمسار الثاني هو إحاطة الأحياء التاريخية بأحياء يهودية استيطانية، ليتحول أهل المكان إلى أقلية ضعيفة في مدنهم التاريخية، ولكن المؤامرة الجديدة، تهدف إلى اغتصاب حتى هذه الأحياء التاريخية، وطرد العرب منها بشتى الوسائل من اجل بيعها لأثرياء يهود، كما هو الحال بشكل خاص في مدينتي عكا ويافا.
وكما نرى، فإن الشركة الحكومية أصبحت تطالب الساكنين في البيوت التاريخية بترميمها بمواصفات وضعتها المؤسسة لتصل كلفتها للبيت الواحد، إلى عشرات آلاف الدولار وحتى في بعض الأحيان تتجاوز الكلفة مئة ألف دولار، وهي تعلم ان الشرائح التي تسكن هذه البيوت في غالبيتها الساحقة فقيرة إلى درجة كبيرة جدا، وهي عاجزة عن تسديد الفاتورة الباهظة، ما يعني طرد هذه العائلات من بيوتها لتحويلها إلى من بإمكانه أن يدفع ويرمم، وبطبيعة الحال فهم أثرياء يهود.
كذلك فإن السلطات دأبت على ضرب المجتمع الفلسطيني في كل واحدة من هذه المدن التاريخية، فالحصار الخانق وعدم منح العرب فرص عمل مساوية لفرص اليهود، ضربت مصادر رزقهم، ليتحولوا بالتالي إلى عائلات فقيرة تحتاج لدعم اجتماعي بشكل دائم، وليكونوا عرضة أكثر من غيرهم لآفات اجتماعية خطرة.
وما يثير القلق هو تنامي انتشار المخدرات والجريمة في عكا ويافا واللد والرملة وحتى القدس، ولا يمكن أن يكون هذا مجرد صدفة، حين نرى أن حجم انتشار هذه الآفات، بات ينعكس على النسيج الاجتماعي في كل واحدة من هذه المدن، ومن المؤلم القول، إن جاهزية المواجهة والنضال، وإن كانت موجودة، ولكنها ليست بنفس المستوى الذي نجده في مناطق أخرى من فلسطين التاريخية، وعلى ما يبدو في أساس هذا الاستنتاج مبدأ: "شعب جائع يكون عادة ضعيفا في المواجهة"، وهذا ما سعت له المؤسسة الإسرائيلية.
فإذا تمت محاصرة الأحياء القديمة في كل واحدة من المدن الساحلية، فإن القدس واجهت حالة من تقطيع المدينة، من خلال جدار الفصل العنصري في داخل المدينة، ليكون عائقا كبيرا أمام حركة الاقتصاد الفلسطيني الداخلي، ويقطع النسيج الاجتماعي، والذي يزور مركز مدينة، بمعنى البلدة القديمة ومحيطها، بعد قليل من مغيب الشمس، يعتقد انه في مدينة أشباح، شوارع خالية ومظلمة، وهذا بالضباط ما نراه في المدن الأخرى التي نذكرها هنا.
يضاف إلى كل هذا محاولة اقتلاع كل ما يمكن اعتباره رمزا للهوية الفلسطينية في كل واحدة من هذه المدن، فعكا القديمة باتت محاصرة في البلدة القديمة، التي يتهدد الهدم عشرات مبانيها، رغم اننا نتحدث عن متحف تاريخي مفتوح لعصور مختلفة، وفي أي مكان في العالم يتحول إلى مزار ضخم، لا يقل في مستواه عن مناطق أخرى شبيهة في العالم، ولكن الإهمال المتعمد يهدف إلى إبادة هذا التاريخ مع الزمن، لأنه تاريخ لا علاقة له بإسرائيل ويهوديتها.
أما يافا فإنه من أصل 12 حياً كان في المدينة حتى العام 48، لم يبق الآن سوى ثلاثة أحياء تاريخية، وبعد أن تم تدمير جميع الأحياء الأخرى شرعت السلطات الاحتلال الإسرائيلية بضرب حتى هذه الأحياء.
ولم تسلم المقابر الإسلامية والمسيحية في غالبية هذه المدن من المؤامرة، وبالذات في يافا، فقد تم جرف عدد من المقابر الإسلامية، وأقيمت عليها فنادق كما هو حال مقبرة عبد النبي التي تحوّلت إلى فندق هيلتون، ومقبرة سلمة التي أصبحت حياً جديداً للمهاجرين الجدد، ومقبرة يازور أمست طريقاً سريعاً، وغيرها.
بعد ستين عاما من النكبة نرى أن المؤامرة مستمرة وما تزال تتصاعد وتتكثف، مبدأ الترحيل من كل فلسطين لم ينزل أبدا عن أجندة الحركة الصهيونية ووليدتها إسرائيل، وكل ما في الأمر أنه اتخذ ألوانا وأشكالا أخرى.
فمن ينقذ القدس، من ينقذ يافا وأخواتها، لأن المعركة تدور على تاريخ وهوية؟.



#برهوم_جرايسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب وإسرائيل
- معضلة باراك و-العمل- المزدوجة
- أولمرت واستيطان القدس
- أولمرت وباراك والحرب على غزة
- قاموس إسرائيلي عنصري
- تراجع اعداد اليهود في العالم وازديادهم في اسرائيل
- هلع إسرائيلي دون مبالغة
- إسرائيل والاعتراف الضمني باغتيال مغنية
- -أنين إسرائيل- وأنين فلسطين
- فلسطينيو 48 والأمم المتحدة
- عقبات جديدة أمام أولمرت
- 5 ملاحظات بعد فينوغراد
- -علام الضجة فهم مجرد 13 قتيلا؟-
- الحلبة السياسية الإسرائيلية تبحث عن الزاوية في الغرفة الدائر ...
- مجازر غزة: الدافع والذريعة
- الإعلام الإسرائيلي بين تقريري فينوغراد
- فلسطينيو 48 في مواجهة التهجين
- تقرير مركز -أدفا- 2007-: الفقراء- وأولهم العرب- محرومون من ا ...
- إسرائيل ليست عنصرية
- شعور اليهود بالانتماء لإسرائيل يتراجع


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - برهوم جرايسي - القدس ويافا وأخواتهما