أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الرسوم المسيئة للرسول















المزيد.....

الرسوم المسيئة للرسول


مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 2241 - 2008 / 4 / 4 - 02:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد مرور بضعة اشهر على قيام صحيفة جيلاندبوستن الدانماركية ومجلة ماغزيت النرويجية بنشر الرسوم المسيئة للنبي محمد قامت بعض الصحف الدانماركية بأعادة نشر تلك الرسوم المهينة لمشاعر المسلمين حول نبيهم الاعظم. وقد حظي ذلك الرسام المتهور المغمور باهتمام بالغ وأُحيطت رسومه برعاية اعلامية واسعة، من جانب آخر قوبلت تلك السماجة الفنية بضجة احتجاجية ضخمة من لدن المسلمين كافة فحواها وملخصها أدانة تلك الاساءة ولعن وشتم اصحابها ومروجيها والدعوة لمقاطعة بضائع ومنتجات الدول التي نشرت صحفها تلك الرسوم اضافة الى الدعوة للمقاطعات السياسية والدبلوماسية والحضارية، وفي مثل كل مرة يذهبُ هذا الصخب والعويل الاسلامي ادراج الرياح كأن الآخر "اطرش" لا يسمع فيعاود مزحاته التنكيلية والتحقيرية لرموز الاسلام ومقدساتهم.
وسط هذه المناسبة تبادر الى اذهاننا سؤال ذات ابعاد راهنية وملحة، ولكن ارتأينا ان نطرحه من خلال لوحة كاريكاتورية من باب التخيل فقط لاننا لا نجيد فن الرسم او التعامل بالفرشاة، لنتخيل مثلاً: دبابة ضخمة مدججة باسلحة تكنولوجيا متطورة يجلس داخل مقصورتها الامامية النبي عيسى ابن مريم يلوح بغصن الزيتون ويحمل فوق كتفه الصليب وتجر دبابته من خلفها عربة مكدسة ببراميل البترول... تسير الدبابة وخلفها عربة النقل وسط صحراء آبار النفط الشرق الاوسطية باتجاه بلاد الزمهرير والثلج!! (انتهت اللوحة ولكنها بحاجة الى لمسات بارعة من لدن خيال القارئ) ونقترح ان نضع اسماً للوحتنا المتخيلة مثل: "عربة النهب الاستعماري".
حتماً اسأنا لذاك النبي الوجيه ابن مريم العذراء، وادخلناه في معمعمة تصوراتنا، ذاك النبي الذي يقول:"بارِكُوا لاعنيكُم*أحسنوا الى مُبغضيكُم*وصلُّوا لأجلِ الذينَ يُسيئوُنَ إليكم ويطردونكُمْ"[انجيل متي:5 ]
ولكن سؤالنا الذي يبرز من خلال اللوحة المتخيلة: ماذا ستكون ردة افعال ذلك المجتمع الذي يتدين اغلبه بالدين المسيحي ازاء اسائتنا؟ وكيف سيكون خطاب رجالاته الدينية؟ اننا نعتقد انه ستحدث ردود افعال باردة وساخرة، سوف يبتسمم المؤمن المسيحي التقي ويصلي: "خبزنا كفافنا اعطنا اليوم* واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضاً للمذنبين لنا" وسوف لا يحرك رجل الدين ساكناً انما يتمتم: "أبآنا الذي في السماوات*لُيَتقَدَّسِ أسْمُكَ" وسوف يزيد المثقفون من مراجعة وفحص ايمان شعوبهم ويوجهوا نقدهم الصارم لذلك الايمان وتاريخه.
ولكن لماذا يحدث هذا الضجيج المفرط في بلاد الاسلام، سواء على صعيد المشايخ او عامة الناس، ولماذا يتراجع قول الحكمة وحوار العقل؟ اننا نعتقد بقدر ما يكون الايمان راسخاً ومتعقلاً تكون ردود الافعال مجدية وسوية وهادئة، وهذا ليس انحيازاً لدين ما انما نراه تشخيصاً واقعياً لهذه الظاهرة. بالطبع كل شعوب الارض تأسطر رموزها الدينية وتسعى جاهدة لتكوينهم خارج دناءات النفس البشرية وترسم لهم في اذهانها صوراً متسامية ومُنزهة وقدسية، والانبياء كافة قد نالوا قدراً كبيراً من العناية والاحترام عند اتباع الديانات المختلفة سواء في لحظات ميلادهم الخارقة او اثناء حياتهم الاصطفائية، فكما من حق المسلم ان يفتخر بنبيه ويدافع عن سيرته وارشاداته وتعاليمه، هو كذلك حق من حقوق المسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي:
"لكُلٍ جَعلنا مِنكم شِرعةً ومنهاجاً ولو شاء اللهُ لجعلكم امةً واحدةً" [المائدة:48 ]
"ولو شاءَ رَبُكَ لآمنَ مَن في الارض كُلهم جميعاً أفأنتَ تُكرهُ الناسَ حتى يكونوا مؤمنينَ" [يونس:99 ]
انها حقوق اصلية ينبغي الاعتراف بها للجميع ومن قبل الجميع. نعود للوحتنا المتخيلة، "لوحة النهب الاستعماري" ونسأل، مَن الذي جعلنا نتخيلها بذاك الشكل؟ بالتاكيد انها الممارسة التاريخية لتلك المجتمعات (المسيحية) وسلطاتها الامبريالية ضد الشعوب والامم الاخرى، وهنا نستذكر الكلمات الصادقة التي ذكرها سيسل رودوس احد اقطاب حرب البوير الشهيرة(1899 -1903 ) في افريقيا حينما قال آنذاك: "كنت في حي إيست إند بلندن امس، وحضرت اجتماعاً للعمال المتعطلين، واصغيت الى الخطب العنيفة، والتي لم تزد عن صرخة تطلب: الخبز، الخبز. وفي عودتي لداري اخذت افكر في ذلك المشهد. ان فكرتي التي اتعلق بها، فيها الحل للمشكلة الاجتماعية، وهي انه اذا اردنا ان ننقذ الاربعين مليوناً من اهل المملكة المتحدة من حرب اهلية دموية فيجب على ساستنا الاستعماريين ان يستحوذوا على ارضٍ جديدة يستوطنها السكان الفائضين عن الحاجة... ان الامبراطورية كما سبق وان قلت دائماً، مسألة حياة او موت" (عن كتاب المشكلة السكانية/ رمزي زكي). من هنا يتأكد لنا بان المسألة تتعلق بصراعات تمدنية وحضارية واقتصادية وليست بصراعات دينية، انما الصراعات الدينية تعبر عن ذلك المعنى بهذا الشكل او ذاك، وما اُوحي لنا برسم "عربة النهب الاستعماري" هو الواقع والممارسة التاريخية للدول الاستعمارية التي استنزفت خيرات الشعوب وثرواتها واهدرت كرامتها ومزقت اوطانها، والواقع والممارسة هما نفسهما اوحيا لصاحب الرسومات المسيئة للنبي الكريم ان يرسم خزعبلاته، اي ان الشعوب والدول هي التي تصنع صور رموزها على شاكلتها، لذا ينبغي على المسلمين ان يراجعوا ذهنياتهم وعقلياتهم ويقدموا صورة لنبيهم فيها المودة والحكمة و الرحمة بعيداً عن العدائية والقسوة والغُل، ان يقدموا صورة تاريخية وواقعية عن نبيهم ولا ينزعوا منها (بسبب الغلو في الحب والغيرة) بشريتها وإنسانيتها:
" قالت لهُم رسُلهمُ إن نحنُ إلا بشرٌ مثلكم" [ابراهيم:11 ]
"قُل لا أملكُ لنفسي ضراً ولا نفعاً إلا ما شاءَ اللهُ" [يونس:49 ]
ولا يستطيع المسلمون ان يفعلوا ذلك، اي ان يقدموا صورة بهية لنبيهم الكريم الا من خلال انخراطهم الفعلي بمسار التمدن والحضارة ومن خلال الفعل الانساني الخلاق لامن خلال فعل اللسان والجعجعة وان يمحوا من ذاكرة العالم تلك الصور الشوهاء عن مجتمعاتهم، الصور المتوحشة والبدائية التي تستدعي الشباب لان يفجروا انفسهم وسط الناس المدنيين والعُزل من السلاح، وسط الاسواق الشعبية والمتنزهات ورياض الاطفال والمدارس واسواق بيع الكتب والجوامع والكنائس...كأنهم في شهوة حمقاء لرؤية مسيل الدم والدمار،ان يستبدلوا ممارساتهم العدوانية بقتل النساء ورجمهن والإيغال بتحويلهن الى اشباح سوداء بلا وجوه وهن " شقائق الرجال" كما يقول النبي الكريم، بهكذا طريق يمكن للمسلمين ان يقدموا صورة بهية لنبي الرحمة، المبشر المنذر المبلغ: "إنا ارسلناكَ بَشيراً ونَذيراً ولا تُسئلُ عن اصحاب الجحيم" [البقرة:119 ] وبعدها ليفعل الرسامون ما يفعلوا، لان الايمان الحق كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرُعها في السماء!



#مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا تكلم الشيخ علي عبد الرازق
- السلطة السياسية واحترام المثقف
- مدخل لقراءة معرفية في القرآن
- مأزق العالم الاسلامي
- بؤس نقد الوعي: مجلة الاداب نموذجا
- مدخل لفهم التنوير
- بدوي اول الفلاسفة المعاصرين
- الحالمون والازمنة الفاسدة
- فلسفة الثقافة البديلة في العراق
- النفري افكار مشوشة وتاريخ غامض
- معنى الانسان في تصورات ابن عربي
- الذكرى المئوية الثامنة لميلاد العارف جلال الدين الرومي
- ايها المتشددون اصنعوا ثمة شئ للعالم
- السهروردي قتيل الاشراق
- سيبويه رائحة التفاح
- صالح بن عبد القدوس
- بَشَّارُ بن بُردٍ قتيل الهوى قتيل التمرد
- التوحيدي فيلسوف الادباء
- ملاحظات حول بسط التجربة النبوية/اطروحة المفكر الايراني عبد ا ...
- سلطة الله وسلطة البشر


المزيد.....




- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...
- الأحزاب الدينية تهدد بالانسحاب من ائتلاف نتنياهو بسبب قانون ...
- 45 ألف فلسطيني يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى ...
- استعدادا لذبحها أمام الأقصى.. ما هي قصة ظهور البقرة الحمراء ...
- -ارجعوا إلى المسيحية-! بعد تراكم الغرامات.. ترامب يدعو أنصار ...
- 45 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- الأتراك يشدون الرحال إلى المسجد الأقصى في رمضان


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مهدي النجار - الرسوم المسيئة للرسول