أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كفاح محمود كريم - ( لا يا سوريا الأسد ! )















المزيد.....

( لا يا سوريا الأسد ! )


كفاح محمود كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2241 - 2008 / 4 / 4 - 02:53
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حينما كان العراق جحيما وسياط الطغاة تلاحق المناضلين من مدينة الى اخرى ومن حي الى اخر كانت سوريا حافظ الاسد تفتح ابوابها لحاملي مشاعل الحرية والانعتاق، ليس هذا فقط فحسب وانما لتقطع كل اشكال التعاون والعلاقات مع نظام البعث العراقي وقادته، وتغلق الحدود بكاملها وتمنع اي عبور او اختراق الا لاولئك الذين يقاومون النظام ممن يحكمون العراق الجديد هذا اليوم.

لم تكن قيادة حافظ الاسد تفرق بين عربي او كوردي، شيعي أو سني، فقد احتضنت الجميع وتضامنت معهم ومع عوائلهم وأمدتهم بالمال والسلاح والخبرة والامن والامان، بل منحتهم جواز سفرها وهوية دولتها للعبور الى حيث يرغبون، حينما جردهم نظام البعث العراقي ورئيسه صدام حسين من كل ما يثبت هويتهم وجنسيتهم وجواز مرورهم.

هكذا كانت سوريا الاسد مع العراقيين المعارضين والمقاومين لنظام البكر- صدام، دونما ان تقول لهم انكم شيعة او سنة، كورد ام عرب، وكذا كانت في مطلع الستينيات من القرن الماضي لولا ان أصاب بعض مفاصلها فايروسات الشوفينية التي انتقلت من خلال مفكر تلك العقلية ميشيل عفلق ومجموعته التي انشقت لتؤسس كيانا مسخا على شاكلة ما أراد تأسيسه ادولف هتلر في المانيا.
ففي عام 1963م كلف أمين الحافظ أحد ضباطه برتبة ملازم وهو (محمد طلب هلال) لكتابة دراسة أو بحث عن الوجود الكوردي في سوريا وكيفية التعاطي معه وبالذات في منطقة الجزيرة السورية، ولم يتأخر ذلك الملازم المغمور في اسقاط مكنوناته الشوفينية ومركبات نقصه في بحث أقل ما يقال عنه، إنه صفحة من أبشع صفحات العنصرية هنا في منطقتنا وفي سوريا التي ما عرفت في تاريخها نمطاً كهذا من التعامل والتعاطي مع الاخرين، بل انها ربما كانت في غفلة من كثير من القيادات السياسية الاخرى في سوريا.
لقد وضع ذلك الملازم مجموعة من مشاريع افراغ الجزيرة من الكورد بتشتيتهم واسقاط جنسياتهم وتهجيرهم تدريجيا الى خارج سوريا او تحويلهم الى نزلاء فندق دون حق المواطنة واذابة من يتبقى منهم في اغلبية عربية باستخدام استيطان الاخرين على اطلال قراهم ومزارعهم. فضلا عن اقتراح الاحزمة الامنية وهي مجاميع من القرى العربية اقيمت على طول الحدود الدولية مع العراق بعد ترحيل وتهجير سكانها الكورد واستقدام عشائر لا تمت بصلة للمنطقة واسكانها هناك مع اعطائها امتيازات ومكافآت في الجيش وقوى الامن الداخلي.
ولم تمض الا سنتان وبدأت تلك القوى الشوفينية بتنفيذ مخططها العنصري في شق الصف السوري وزرع الكراهية بين مكوناته وأعراقه وشن حملة شعواء ضد واحد من اهم مكونات الدولة السورية من أحفاد ذلك القائد الذي حرر ذات يوم الارض العربية في فلسطين! هذا المكون من الكورد الذين اسهموا في بناء سوريا بكل مجالات الحياة في الاقتصاد والصناعة والزراعة والسياسة والاداب والفنون، واستشهد الالاف من شبابهم ومن مناضليهم لأجل سوريا وسيادتها وحرمة أراضيها منذ استقلالها وحتى اخر حرب من حروبها مع اسرائيل. وهكذا قاد امين الحافظ ومجموعته من الجناح الشوفيني عمليات التهجير والفصل العنصري والاحزمة العازلة واسقاط حقوق المواطنة عن مواطنين سوريين لا ذنب لهم سوى انهم ليسوا عربا ومن القومية الكوردية ليس الا!.
ويقول في هذا الصدد رئيس التجمع القومي الموحد في سوريا السيد رفعت الاسد على لسان ناطقه الرسمي انه قاتلهم ونهجهم (ويقصد تيار امين الحافظ ومجموعته) في شوارع دمشق حتى أدى ذلك اخيرا الى هروب امين الحافظ وميشيل عفلق الى بغداد.
ويستطرد الناطق باسم السيد رفعت الاسد في تعليقه على الاحداث الاخيرة في قامشلو قائلا:
ومن المؤكد أن الأوضاع السابقة ، قد لحق بها الكثير من التحسن بعد ذلك ، لكن الحقيقة التي لا ينبغي إنكارها ولا القفز من فوقها، أن الأمور ظلت، وإلى حد كبير ، محكومة بفكر لم يتحمل اسم حي الكورد التاريخي في دمشق ، حيث تم إلغاؤه ، وإعطاؤه اسما عربيا بديلا ، هو (ركن الدين).
إن ما يجري منذ سقوط نظام حزب البعث العراقي الذي كان يضع نظام حكم الرئيس حافظ الاسد بمستوى اسرائيل في التعامل والتعاطي الى درجة اعدام أي شخص تثبت علاقته بالبعث السوري او مجرد مدحه للرئيس الاسد بل ان مجرد العبور عبر الاراضي السورية او زيارتها تعدو جريمة لا يغفرها النظام السابق، أن ما يجري الان من احتواء واستقبال واعادة الحياة لذلك النظام من بعض اوساط الحكم في دمشق لا يجد له اي تبرير او مسوغ معقول الا اللهم ان كانت هذه الاوساط تعمل لصالح ذلك النظام من خلال مؤسسات الحكم في سوريا قبل سقوطه وهي تداري تلك العلاقة الخطيرة الان بادعاء مساعدة الشعب العراقي ومقاومته واتهام مناضلي الامس بالعمالة للاحتلال!؟ خصوصا وقد فتحت كل ابواب سوريا لأولئك الذين كانوا يعتبرون نظام الرئيس حافظ الاسد أخطر من اسرائيل في أدبياتهم وسلوكياتهم. بل إن ما جرى في قامشلو منذ انتفاضتها وحتى الهجوم الاخير على مواطنين مدنيين سوريين كورد وهم يحتفلون بعيدهم القومي، وقتل اربعة من شبابهم وجرح العديد منهم تأتي ترجمة لعقلية ذلك النظام الذي كاد يدمر العراق وشعبه والذي ما زال يدفع فاتورة تلك السياسة العنصرية التي استخدمها البعث العراقي ضد الكورد والتركمان والشيعة.
ويتذكر ضحايا رئيس النظام السابق صدام حسين في سوريا والعراق بألم وأسى حينما رفع اولئك المندسون في مؤسسات الحكم السوري الامنية وتنظيمات الحزب في القامشلو بعد الانتفاضة، صور ذلك الدكتاتور الذي ما برح يعتبر سوريا ورئيسها الراحل وحزبها اخطر من الكيان الصهيوني على حد تعبيره في خطابه بعد اعدام مجموعة محمد عايش عام 1979 م. إن كل ماحدث منذ اكثر من ثلاثين عاما من تاريخ حكم ذلك النظام من حروب ومآس وتدمير لكوردستان وللجنوب العراقي ولايران والكويت وللبنى العراقية التحتية وهدر الثروة الهائلة للعراق انما جاء نتيجة لتلك السياسة الحمقاء في التعاطي مع الكورد والشيعة ومع الجيران عربا وايرانيين واتراكاً، وادى آخر المطاف الى احتلال العراق واسقاط ذلك النظام الذي فشل في أن يبلور فكرة المواطنة الصحيحة بسياسته الرعناء طوال مايقارب من اربعة عقود حتى سقطت بغداد دونما مقاومة تذكر وتحولت منظمات وتنظيمات ذلك النظام البائس الى مجاميع من السراق واللصوص وقطاع الطرق في تنفيذ عمليات السلب والنهب في ما سمي بالحواسم حيث سرقوا كل شيء يتبع المال العام من الموصل وحتى البصرة.
إن الاستهانة بأرواح الاخرين وتهميش مكونات اساسية من الدولة السورية لا يتفق والارث الراقي للحضارة الشامية والنسيج المحبوك للمجتمع السوري المعروف برقيه وسمو معانيه، ولا يتفق تماما مع ذلك النهج المتوازن للرئيس الراحل حافظ الاسد الذي أرسى نظاما علمانيا وطنيا يدعو للعدل وللمساواة بين مكونات الشعب السوري وأطيافه الزاهية. وبقي لعقود طويلة لايساوم على مواقفه من النظام الاستبدادي والشوفيني الذي أقامه ميشيل عفلق ومجموعته في ما سمي بالبعث العراقي برئاسة صدام حسين، ودافع بأصرار عن المعارضة العراقية ومواقفها وتبنى موقفا ايجابيا ومناصرا من القضية الكوردية في العراق وقياداتها طوال العقود الثلاثة قبل سقوط النظام السابق.
ان دولة تنتهج نمطاً كهذا من السلوك لا يمكن لبعض مفاصلها أن تتصرف بما يسيء لسمعة هذا النهج وتقوم بعمليات أقل ما يقال عنها بأنها عمليات اجرامية بحق الانسان وحقوقه المدنية وحريته في ممارسة شعائره واعياده القومية والدينية.

حقا ان سوريا حافظ الاسد لاتقتل الصقور، لكنهم ربما كانوا خفافيش يختبئون في زوايا العتمة التي أسسها نظام البعث العراقي وارتحل دون رجعة تاركا اولئك المندسين هنا وهناك بثقافتهم البائسة ينشرون الجريمة والرذيلة اينما حلوا أو ارتحلوا.



#كفاح_محمود_كريم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكورد وعراقية الموصل
- ( سنجار.. والخبز الحار )
- ( يا حلة الحب.. يا عشق المكتبات )
- ( العرب واسرائيل وشماعة العلاقة معها !؟ )
- ( مجالس الصحوة في بعض المدن )!؟
- ( العلم العراقي... ثانية !؟ )
- ( شنكال وتقطيع الأوصال !؟ )
- مجلة الصوت الآخر في حوار مع كفاح محمود كريم
- (الموصل وكركوك وما بينهما !؟)
- ( احزاب الزينة )
- ( وعادوا ثانية يا سنجار ؟ )
- ( شنكال.. من الفرمانات الى الأنفال )
- ( سنجار لا تبكي )
- ( سنجار ومساء الثلاثاء الأسود )
- ( دول الجوار بين الدق والرقص على أنغام الموت في العراق؟ )
- ( حلبجة والانفال... ياعار من مروا ومن حكموا !؟ )
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 4_4
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود ) 3_4
- عارات الانفال والتاريخ الاسود 2_4
- ( عارات الأنفال والتاريخ الأسود !؟ ) 1_4


المزيد.....




- رحلة -ملك العملات المشفرة-، من -الملياردير الأسطورة- إلى مئة ...
- قتلى في هجوم إسرائيلي على حلب
- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - كفاح محمود كريم - ( لا يا سوريا الأسد ! )