أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - كلب البراري- قصة














المزيد.....

كلب البراري- قصة


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 2243 - 2008 / 4 / 6 - 09:56
المحور: الادب والفن
    


قصة للأطفال :
كلب البراري
أقامت العائلة خيامها في براري السواحرة تحديداً في " جوايف شرف " تلك الأودية السحيقة التي يحيط بها جبل المنطار المرتفع من الغرب ،يتوسط المسافة ما بين القدس والبحر الميت،ومن قمته يمكن مشاهدة كليهما .
اختارت العائلة ذلك المكان ليكونوا في مأمن من عواصف فصل الشتاء ، فجبل المنطار يمتد بشكل هلالي ، ويتصدى للرياح الشديدة ، فيتساقط المطر على البيوت المنسوجة من شعر الماعز ، هذا الشعر المغزول الذي لا يلبث أن يتمدد عندما تنزل الأمطار عليه ، فيسدّ المسامات ما بين الخيوط ، فتنزلق المياه عنه لتسيل من جنباته على القناة الصغيرة التي حفرتها النساء في محيط البيوت ، لتنساب بهدوء الى الوادي القريب ، وتشكل سيلاً خرير مياهه يصدح في الآذان موسيقى تُبشر بموسم خصيب ، وتتجمع سيول الأودية ما بين التلال ، لتلتقي في وادي الدكاكين صانعة سيلاً عرمرما ، تحذر الأمهات أبناءهن من مغبة الذهاب اليه ، أو محاولة اجتيازه في الأيام الماطرة ليواصل سيره الى البقيعة ، ويجتازها الى الجبال المحيطة بالبحر الميت من جهة الشمال ، وليشكل شلالات تتساقط من قمم الجبل الى البحر الميت في منظر ساحر ومخيف لا يرحم من يقترب منه .
ويوسف ابن الثانية عشرة فتى رشيق سريع الحركة مغرم بجمال الطبيعة ، عندما تتوقف الأمطار يخرج من البيت ، يراقب السيول وانجراف التربة ، ويندهش لرقصات الحصى، وهي تتدحرج وسط مياه السيل، وعندما تعاود الأمطار نزولها ، يركض باتجاه الحاجب الصّوّانيّ الذي يحيط بقمة الجبل ، ويقف تحت تجويف صخري مراقباً حركة السيول .
أما في فصل الربيع فإنه يتجول مع أقرانه في البطاح والتلال والمنحدرات ، يتحسس الزهور البرّية مثل الحنّون والأقحوان والبابونج والذبُّيح ، فيجمع كل واحد منهم كمية من البابونج والزعتر ، ويعود بها الى البيت ، فيضعون شيئاً من احداها في الشاي ، ويتلذذون بشربه ، كما يجمع " الخُبـّيزة " التي تطبخها لهم الوالدة مع نبتة " الحُميض " التي تـُغني عن استعمال الليمون . أما الأشواك الضارة مثل " المُرّار " و " شوك الجمال " فكان يوسف يتلذذ بضربها بعصاة التي يزيد طولها على المتر ، والتي اعتاد أن يحملها معه كلما خرج ، فإذا لم يستعملها في ضرب الأشواك الضرة النامية على جانبي الطريق، وضعها على رقبته من الخلف ، وأمسكها من طرفيها بيديه ، وكأنه يُمرن عموده الفقري على الاستقامة ، ويـُقوي بها عضلات يديه ، كما كان يهش بها على أغنامة وهو يرعاها ، ويهش بها على كلاب الأعراب التي تحاول الاقتراب منه نابحة .
منذ نعومة أظفاره تعلم يوسف ركوب الخيل،وفاز في سباقاتها، ويوسف يشارك في الرياضة البدوية " المباطحة " ما بين الأطفال والفتية ، كل مع أبناء جيله ... وبتشجيع الكبار .
يوسف لا يخاف المنازلة مع أقرانة .. يهجم على خصمة ، يحيط بيديه على وسطه يشبكهما من خلفه .. يحاول رفعه الى الأعلى .. وفي نفس اللحظة يلوي احدى ساقيه على ساق زميلة، فيحركة يميناً ويساراً .. فلا يلبث الخصم أن يقع على الأرض المعشوشبة في الربيع ، وعلى التربة النظيفة من الحصى صيفاً دون أن يلحق به أذى ، يضحك الكبار .. ويصفق الصغار للرابح .
ومرات كثيرة بطح يوسف من هم أكبر منه بسنتين أو ثلاثة ، وسأله شيخ القبيلة عن سرّ ذلك ، فأجاب :
أهجم عليه بغتة دون خوف .. يرتبك الآخر من المباغتة ، ويدخل الخوف قلبه من قوة الهجوم . ويفتل أبو يوسف شاربيه وهو يضحك مع شيخ القبيلة والرجال الآخرين ..
يقول شيخ القبيلة : هذا الولد سيكون فارس القبيلة بدون منازع .
ويقول خال يوسف : هو أهل لذلك .. فقد ورث الفروسية كابراً عن كابر .
ويتساءل شيخ القبيلة مازحاً : من يشهد للعروس ؟؟
وذات مساء ربيعي ، ويوسف يمر من وسط صخور صوانية في منطقة " الزرانيق " خرج له من الجحور ضبع يتضور جوعاً ، رأى يوسف الضبع فلم يكترث له .. نعب الضبع نعيباً مخيفاً ، وهو يتقدم باتجاه يوسف ، لوّح يوسف بعصاه ليخيف الضبع ، لكن الضبع ركض مسرعاً باتجاه يوسف ، وبال على طرف حذائه ، فأتبعه يوسف حجراً صوانياً أصابه في مؤخرة رأسه ، توقف الضبع غاضباً ومستعدا للهجوم ، ثم ركض هارباً في نفس الاتجاه الذي يسير فيه يوسف .
واصل يوسف سيره حذراً ، فقد سمع قصصاً كثيرة عن الضباع ، وتحسس جسمه وحادث نفسه خوفاً من أن يكون مضبوعاً ، بعد ان بال عليه الضبع ، وتساءل اذا ما كان الضبع يريد أن يقتاده الى جحره، ليفترسه هناك ، فهذه عادة الضباع في اصطياد فرائسها كما روى ذلك كثيرون .
وعند منحنى الطريق وسط الجبل ظهر الضبع فاتحاً فمه ، وهجم على يوسف ، فتلقاه يوسف بعصاه التي أمسك بطرفها بيديه الاثنتين ، وغرسها بقوة كبيرة في جوف الضبع ، ثم قفز بسرعة على ظهر الضبع ، وأخذ يشد العصا الى الخلف ، والضبع يتلوى ألماً ، ويوسف يواصل شدّ العصا الى أن سقط الضبع صريعاً ، وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة ، سحب يوسف العصا من جوفه ، واستل " شبريته " وقطع رأس الضبع . واستراح يوسف هنيهة ، وشرع يسلخ الضبع ، فهو يريد جلده ليضعوه على سرج فرس والده .
ثم شق الضبع الى نصفين ، حمل النصف الأيمن لتأكله العائلة ، وترك النصف الأيسر طعاماً للكلاب . فالأعراب يعتقدون أن الجانب الأيمن من الضبع حلال أكله وأن الجانب الأيسر حرام ، لأن الضبع ينام على جانبه الأيسر ، ودماؤه النجسة تستقر في هذا الجانب .
وصل يوسف الى البيت ، وعندما قصّ على والديه قصته مع الضبع ، أطلقت والدته زغرودة احتفالاً بشجاعة ابنها ، فكانت الزغرودة دعوة للجارات اللواتي جئن مستفسرات عن الفرح الطارىء ، فقام الوالد وهو يفتل شاربيه باعطاء كل واحدة منهن نصيبها من لحم الضبع .
وعند المساء اجتمع الرجال في بيت أبي يوسف يروون قصص الضباع،فسأل أحدهم يوسف: ألم تخف من الضبع يا ولد؟
فأجاب يوسف: وهل كلاب البرية تـُخيف الرجال؟؟



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلب البراري
- علة هامش القمة العربية العتيدة
- النهر......بقمصان الشتاء في ندوة اليوم السابع
- نبضات سمير الجندي في ندوة اليوم السابع
- جدار التوسع الاسرائيلي ودلالة المصطلح
- الزهرة العجيبة والاضرار الصحية
- السياسة التمييزية لبلدية القدس
- الصبي الذي اراد امتلاك الثلج في ندوة بالقدس
- الصبي الذي أراد امتلاك الثلج في ندوة اليوم السابع
- اذا عرف السبب
- قتل القدس كمركز جذب
- كوسوفو تثير المخاوف
- التعاون - قصة للأطفال
- حمار الشيخ-3-أبو العظرط يحل ويربط
- حمار الشيخ-1-سبق ثوري
- حمار الشيخ-2-كلنا روس ما فينا كنانير
- ذكر وأنثى - قصة للأطفال
- وقضى ربك.....قصة للأطفال
- الغول :قصة للاطفال
- الشطّار


المزيد.....




- منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في ...
- مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري ...
- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - كلب البراري- قصة