أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الصيداوي - سقوط صدام حسين: الملفات السرية 11















المزيد.....

سقوط صدام حسين: الملفات السرية 11


رياض الصيداوي

الحوار المتمدن-العدد: 2240 - 2008 / 4 / 3 - 10:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


جيش الحروب الدائمة

قبل بداية الحرب مع إيران، تتحدث مصادر كثيرة عن عدد جنود وضباط الجيش المحترف الذي يبلغ حسبها 242 ألف. أما بالنسبة لجيش الاحتياط فقد بلغ عدده سنة 1978 ربع مليون مقاتل. ورغم أن فترة الانتداب تدوم نظريا سنتين فإن كثيرا من ضباط وجنود هذا الجيش عملوا لمدة 5 سنوات متتالية .
والمتتبع لتطور الجيش العراقي من الناحية العددية يلاحظ:
أولا: تطور عدد الجنود والضباط بشكل واضح تحت سلطة الأنظمة العسكرية المتعاقبة التي حكمت العراق بين سنوات 1936 و1941 ثم بخاصة بين سنوات 1958 و1968.
ثانيا: منذ استلام البعث للحكم تضاعف عدد القوات المسلحة ثلاث مرات وذلك خلال 12 عاما (من سنة 1968 إلى سنة 1970).
ثالثا: منذ سنة 1977 تضاعف عدد الجيش مرة أخرى، وكمقارنة بسيطة مع الجيش الجزائري نجده يفوقه مرتين ونصف .
رابعا: منذ سنة 1980، أصبح الجيش العراقي، في المرتبة الثانية أي أنه يأتي مباشرة بعد مصر.
خامسا: قبل حرب الخليج الثانية أصبح الجيش العراقي الأول من نوعه في الوطن العربي من حيث العدد والعدة. وتتحدث الأرقام عن أكثر من مليون مقاتل من مختلف الرتب ومن مختلف الأسلحة ومن مختلف الجيوش.

الحرب مع إيران

يقول فالح جبار : "كانت الحرب مع ايران بداية مرحلة من التحولات طاولت الامة والجيش وتأمنت الكلفة من عائدات الثروة النفطية وبفضل الدعم الدولي والاقليمي اضافة الى مزيج من الشعور الوطني الشعبي والتوجه القومي الرسمي. وقد تضخم الجيش ليصل عديده الى المليون من دون احتساب المنظمات شبه العسكرية من ميليشيا الحزب (الجيش الشعبي) الى الـ 150 الف رجل من مرتزقة القبائل الكردية والذين يطلق عليهم اسم "فصائل الدفاع الوطني”. ادى ذلك الى امتصاص موارد البلد الذي لجأ الى الاستدانة بصورة هائلة. عندما اصبح العراق عملاقا عسكريا تحول الى قزم اقتصادي. وقد وصل جيل الحرب الى حدود التمرد بسبب امتداد المعارك والصعوبات الاقتصادية والتفكك الاجتماعي الناتج من سياسة النظام. تقلصت شبكات الحزب والعشائر بعد مرحلة من النمو وكاد الجيش يتحول الى مركب بدون قبطان.

ظهور التفكك

ابتداء من 1988 ــ 1990، في نهاية النزاع، بدأ التفكك يظهر داخل الحلف القديم بين التوجه الوطني الشعبي والتوجه الرسمي، وكان امام النظام إما ان يستمر في اطعام مليون من العناصر العسكرية ام تمويل عودتهم الى الحياة المدنية بكرامة. وكان هؤلاء الذين يطلق عليهم اسم "ابطال صدام" يخيفون النخبة الحاكمة بسبب تصرفاتهم الفظة وعدم انصياعهم. كانت القيادة العسكرية العليا منقسمة: فالبعض كان يخشى ان يتحول الجنود المسرّحون، الجائعون والغاضبون، الى آفة على الحياة المدنية يعيثون الفوضى وينشرون الجريمة، بينما كان البعض الآخر يتخوف من انفجار الجيش من الداخل اذا ابقي لوقت طويل في حال انتظار. كان المطلوب بأي ثمن ايجاد موارد اضافية واطلاق اصلاحات سياسية من شأنها التخفيف من حدة الضغوط. فكان لاجتياح الكويت مفعول ارتدادي بدل جلب العلاج لكل هذه المشكلات. فتحول الفشل المذل وما رافقه من خسائر بشرية كبيرة الى عامل محفز للتفكك والتمرد. وتمثل اول تفكك جزئي للجيش في تمرد 1991 (الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب) الذي انطلق من عصيان بعض الوحدات العسكرية. فحرب الخليج ابرزت ثلاثة اتجاهات رئيسية لكن متناقضة داخل الجيش: التمرد والاستسلام والتماسك. وهي اتجاهات ليست بالجديدة حيث كانت مشكلة الفرار من الجندية مثلا منتشرة قبل العام 1990، لكن خلال الحرب البرية في شباط/فبراير 1991 قلة من الوحدات في مسرح العمليات الكويتي خاضت غمار المعارك وفضل 70 الف جندي الاستسلام منذ اليوم الاول للمعارك. بعد وقف اطلاق النار بلغت حالات التمرد والفرار على الجبهة الجنوبية حداً انفرط معه الجيش بشكل كامل. في الشمال رمت الوحدات العسكرية البالغ عديدها 150 الفا سلاحها وهي مصممة على عدم التمرد وعدم الدفاع عن النظام. اما في الوسط، حول بغداد، كان مستوى التجانس والولاء مرتفعا. ما هو سبب هذه الاختلافات؟ اولا كان الجنود يشعرون باللامبالاة تجاه "حرب الكويت" كما كانوا يسمونها بعدما انهكتهم الحرب ضد ايران. وقد جاء ذلك على حساب الوحدة بين الموقفين الشعبي والرسمي. وما زاد من مرارة الوحدات العسكرية في الجنوب مشهد الخسائر الكبيرة وتداعي اللوجستية والنقص في التموين وسوء قيادة العمليات والهزيمة وما لحقها من تقهقر فوضوي. اضافة الى ذلك كان مفوضو الحزب والشبكات العائلية الموالية متفرقين وقليلي العدد داخل الوحدات المتمركزة في الجنوب وتلك التي بقيت في الكويت. كانت رقابة الحزب والعشيرة ضعيفة هناك.

الخاتمة

لم ينجح الإعلام العربي مرة أخرى في تقديم صورة حقيقية عن تكهنات نتائج الحرب ولا عن مسارها ولا عن نتائجها. بدا سقوط بغداد بسرعة وسهولة وكأنه مفاجأة مذهلة لم يتوقعها أحد. أعتقد أن الإعلاميين العرب في أغلبهم لم يفاجأوا بانهيار النظام العراقي السريع، فقد كان ذلك منتظرا. لكن المفاجأة أذهلت المتابعين العرب، مشاهدين أو مستمعين أو قارئين، بل أحدثت فيهم صدمة نفسية مروعة تماثل تلك التي حدثت على إثر هزيمة حزيران 1967. وبكت نساء عربيات في أوطان كثيرة بسبب سقوط بغداد كما لحقت المرارة برجال كثيرين. السبب الأساسي في هذه الهزة النفسية المريرة التي لحقت بالعرب هو الصورة المخادعة التي قدمها الإعلام العربي لمتابعيه.
كان من السهل جدا معرفة أن الحرب لن تدوم طويلا وأن الضباط العراقيين لن يقاتلوا. وأن أسطورة الحرس الجمهوري هي أكبر خدعة استخدمتها قوات التحالف لتكثيف نيرانها وحرق كل من يتحرك في العراق.
نسي الإعلاميون العرب أن يذكروا متابعيهم أن الحرس الجمهوري هو في الأساس تنظيم عسكري مهمته الأولى هي قمع مواطنيه والمحافظة على النظام ضد شعبه. فالحروب الوحيدة التي انتصر فيها هذا الجيش هي تلك الحروب التي خاضها ضد الشيعة المدنيين العزل في الجنوب أو ضد مواطنيه الأكراد في الشمال. وكان منتظرا بالنسبة إلينا، على الأقل نحن معشر الإعلاميين، أن هذا الحرس لن يخوض حربا انتحارية لا مجال فيها إلا للهزيمة وهدفها الدفاع عن صدام حسين.
أما لماذا استسلم ضباطه وجنوده وهربوا تاركين دباباتهم ومدافعهم ومواقعهم وملقين ببزاتهم العسكرية؟ فالإجابة سهلة وهي ليست بتلك التي تتحدث عن مؤامرة تارة وخيانة تارة أخرى وتطلق لنفسها عنان الخيال. إن الضابط العسكري مدرب بشكل عقلاني، ويعتمد في سلوكه على معارف عسكرية تقليدية من بينها موازين القوى وإمكانيات الربح والخسارة في أية معركة يخوضها. فهو رغم نخبويته، كطليعة عسكرية، إلا أنه ليس بجيش عقائدي انتحاري، يقبل بأن يُفنى على آخره في معركة لا إمكانية فيها لانتصار وإنما أقصى ما يمكن أن يُحققه هو إلحاق خسائر كبيرة بالعدو. ضباط الحرس الجمهوري ونظرا لتكوينهم العسكري الرفيع، حسبوا الأمر بمنطق عقلاني وعلمي من الناحية العسكرية. فدباباتهم ما أن تبرز على ساحة المعركة إلا وتدمر فورا، ولم يكن أمامهم إلا التحول إلى مقاتلين بالأسلحة الفردية مثلهم مثل المتطوعين العرب، أو ميليشيات البعث. أي أنهم مجبرون على قتال من نوع آخر لا يستخدمون فيه أسلحتهم الثقيلة التي تتدربوا عليها...
لقد انسحبوا من المعركة وتركوا آلياتهم لسببين أساسيين: الأول عقلاني وهو انعدام أي أمل بالنصر، والثاني سياسي إيديولوجي. فهؤلاء الضباط لم يكونوا أبدا مقتنعين بفكرة القائد صدام حسين وبفكرة تأليه عبقريته السياسية والعسكرية. صحيح أن أغلبهم كان مثله من منطقة تكريت وتربطهم به روابط الدم والامتيازات، لكنهم رفضوا الانتحار لأجله. وأثبتوا أن كل البناء الأيديولوجي الذي كان يُروج له، كان بناءا هشا وأن صدام ربما وحده يكون قد صدق فكرة حب الجماهير له وتفانيها في إطاعة أوامره. بل لقد تفطن صدام مبكرا لإمكانية أن لا يقاتل حرسه من أجله قبل بداية الحرب. لقد كان غريبا فقط لغير المطلعين على الملف العراقي أن يركز صدام في كل لقاءاته التي بثها التلفزيون الرسمي على مفاهيم الخيانة، الجبن، ثم الشجاعة والشرف... كان الرجل يتنبأ بتخلى ضباطه عنه فكان كثير الترديد والتأكيد على أن الخائن هو جبان لا يساوي شيئا في التاريخ وأن العار سيلحقه... تركيزه على مفهوم الخيانة في لقاءاته المتعددة مع ضباطه ومقاتليه كانت مؤشرا على إحساس مبكر أن الجميع سيتخلى عنه ما أن تندلع المعارك. لقد أنقذ نفسه ونظامه سنة 1991 بتواطئ أمريكي واضح ولم يعد السيناريو قابلا للتكرار.
لم يهتم الإعلام العربي بهذه المسألة لا بجانبها العقلاني، أي استسلام ضباط لا يريدون الانتحار، ولا بجانبها السياسي أي عدم شعبية صدام وكرهه من قبل أغلب فئات الشعب العراقي غير المستعدة للتضحية من أجله.
في المقابل روج الإعلام العربي لأساطير كثيرة منها أسطورة الحرس الجمهوري نفسه، وأسطورة السبعة مليون مقاتل الذين استعرضهم صدام ذات يوم وسماهم بجيش تحرير القدس. هؤلاء المقاتلون أين ذهبوا؟ وأين ذهب "أشاوس حزب البعث"؟ لقد عادوا إلى منازلهم ونزعوا صور صدام من جدرانها. وكثير منهم بدأوا في التنافس على المسارعة بإدانة النظام السابق. لقد حسب البعثيون أيضا المسألة من زاوية "ربح / خسارة" واختاروا أن لا يخسروا مع صدام حسين. إن العلوم السياسية بينت دائما أنه في أوقات الأزمات الحرجة يقوم الفاعلون السياسيون والعسكريون باستخدام أسلوب الاختيار المبني على ماذا سأربح وماذا سأخسر.



#رياض_الصيداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 10
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 9
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 8
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 7
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 6
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 5
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 4
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 3
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 2
- سقوط صدام حسين: الملفات السرية 1
- موقع الحوار المتمدن تجربة رائدة ولكنها يجب أن تكون أفضل !
- بين حقوق القبايل المشروعة ومخاطر التفكك... هل يكون القبايل ض ...
- مرة أخرى، نحو استثناء جزائري: سوسيولوجيا النفور من مفهوم الز ...
- انقسام جزائري داخل الانقسام: القبايل والاختيار الصعب: حسين آ ...
- التجربة الجزائرية مثالا - هل يمكن للجيش تطبيق الاشتراكية وال ...
- لماذا لم تشهد الجبهة الاسلامية للانقاذ في الجزائر زعيما كاري ...
- مشروع ولد ميتاً ولا تتبناه الجماهير ولا تتحمس له - مشروع اتح ...
- هل بدأت عملية الانحدار الجماهيري للحركات الاسلامية؟
- أي دور بقي للمؤسسة العسكرية في الوطن العربي؟
- في صعود الحركات الإسلامية وهبوطها في الوطن العربي - بعد نكسة ...


المزيد.....




- السعودية.. ظهور معتمر -عملاق- في الحرم المكي يشعل تفاعلا
- على الخريطة.. دول ستصوم 30 يوما في رمضان وأخرى 29 قبل عيد ال ...
- -آخر نكتة-.. علاء مبارك يعلق على تبني وقف إطلاق النار بغزة ف ...
- مقتل وإصابة مدنيين وعسكريين بقصف إسرائيلي على ريف حلب شمال غ ...
- ما هي الآثار الجانبية للموز؟
- عارض مفاجئ قد يكون علامة مبكرة على الإصابة بالخرف
- ما الذي يمكن أن تفعله درجة واحدة من الاحترار؟
- باحث سياسي يوضح موقف موسكو من الحوار مع الولايات المتحدة بشأ ...
- محتجون يقاطعون بايدن: -يداك ملطختان بالدماء- (فيديو)
- الجيش البريطاني يطلق لحى عسكرييه بعد قرن من حظرها


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رياض الصيداوي - سقوط صدام حسين: الملفات السرية 11