أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار منديل - المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا














المزيد.....

المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا


عبد الجبار منديل

الحوار المتمدن-العدد: 2239 - 2008 / 4 / 2 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هل يمكن اجراء تقييم لمحكمة المهداوي بعد حوالي نصف قرن من تأليفها وبدء نشاطها ؟ لقد مرت سنوات كثيرة وجرت مياه كما يقولون وحدثت بعدها الكثير من المحاكمات سواء في العراق او في العالم العربي او في العالم . فلماذا يعدها العرب من اسوأ المحاكم ؟ ولماذا كلما ذكرت المحاكمات في العراق ذكر اسم محكمة المهداوي كمثال سيئ علىالمحاكمات ؟
يجب ان نعترف اولاً ان للمحاكمات السياسية بشكل عام تاربخ غير مشرف، ققد كانت دائما مثارا للخلافات اما بسبب تأجيج الصراعات ولأنها تزيد من حدة الإستقطاب السياسي، او بسبب طرحها لأجندات سياسية، او بسبب استخدامها او استغلالها كمنبر للمهاترات ونشر الغسيل القذر ...الخ
محكمة المهداوي الشهيرة في تاريخ العراق الحديث – اذا استثنينا محاكمة صدام – اطلق عليها رسميا ( المحكمة العسكرية العليا الخاصة ) لمحاكمة رجال العهد الملكي في العراق ، كما يطلق عليها البعض محكمة الشعب وحسب نظرة كل جهة لهذه المحكمة . رمع ان هذه المحكمة اكتسبت كثيرا من السمعة السيئة في العالم العربي الا انه كان لها جمهورها الواسع في العراق وكانت لها ( شعبيتها ) . وهذا الكلام لم يستقيه كاتب هذه السطور من بطون الكتب الكثيرة التي كتبت عنها بل انه حضر شخصيا بعض جلساتها وشاهد بعض ( عروضها ) في المقاهي الصيفية والكازينوهات البغدادية حيث كان التلفزيون العراقي يغطي مساحة بغداد فقط . وكانت المحاكمات تسجل صباحا ثم تعرض مساء من خلال شاشة التلفزيون . وبما ان عدد المقاعد داخل قاعة المحكمة كان محدودا فإنه يتعين على من يرغب حضور الجلسات ان يحضر قبل يوم من موعد الجلسة للحصول على تذكرة الدخول .
وقد اكتسبت المحكمة تلك السمعة السيئة في العالم العربي أما بسبب الدعاية المصرية الناصرية القوية انذاك والتي كانت لها الهيمنة الكاملة على كل الساحة العربية بما يمتلكه عبد الناصر من سمعة ونفوذ والذي كان يساند القوميين والبعثيين المناهضين لحكم عبد الكريم قاسم ، وبما تمتلكه اجندة الدعاية المصرية من امكانيات هائلة بمقاييس ذلك الزمان ( فترة نهاية الخمسينات وبداية الستينات ) او لأن المحكمة لم تكن تمتلك وقار القضاء وتوازنه وحياديته وفقا لمعايير هذا الزمان الذي انتشر فيه الحديث عن حقوق الإنسان وحقوق المتهم، حيث كان الجمهور هو الذي كان يحاكم وبتشجيع المحكمة . ومع ذلك فقد كان ( فتحاً ) لسبب اسلوبها الجديد والغريب .
ان الجوانب التي اعتبرها الجمهور العربي الخاضع للدعاية الناصرية من ضمن سلبيات المحكمة كان العراقيون – بأغلبيتهم – يعتبرونها من ضمن ايجابيات المحكمة ، فرئيس المحكمة ( فاضل عباس المهداوي ) كان يصول ويجول ويلقي النكت والقصائد ويحكي القصص ويعلق على الأحداث في العراق والعالم . هذه الأمور التي كان بعض الكتاب والساسة العرب يعتبرونها اسلوبا تهريجيا وغوغائيا لا يليق بالمحكمة ولا بالقضاء، كان جمهور المقاهي و الكازينوهات من العراقيين يعدونها مسرحية كوميدية راقية وفرصة نادرة لرؤية كبار رؤوس العهد الملكي من رؤساء الوزارات والوزراء وهم يجلسون في قفص الإتهام ويتعرضون لإهانات المهداوي وسخرية الجمهور والهتافات المعادية والقصائد العصماء التي تلقى في قاعة المحكمة وتشهر بالمتهمين وتمتدح الحكم الجديد . كان رواد المقاهي الصيفية يسهرون حتى ساعة متأخرة من الليل حيث تتعالى الضحكات المرحة ويتصاعد التصفيق استحسانا لتعليقات المهداوي الساخرة او قصائد الشعراء .
ومهما قيل عن المهداوي فقد كان يمتلك شخصية مرحة وكان من عادته ان يستعرض قرااته الكثيرة واسماء الكتاب والشعراء والفلاسفة الذين يقرأ لهم . واحيانا كان يسترسل في استطراداته ليستغرق اغلب وقت المحاكمة . وبالطبع ما كان له ان يقوم بذلك ولكن الجمهور كان يطيب له ذلك ، وكانوا يشجعونه عليه عندما يمر بالأسواق . وكان رجال الدولة في تلك الأيام يقيسون شعبيتهم في شارع الرشيد . فمثلا بالنسبة للزعيم عبد الكريم ما ان تدخل سيارته شارع الرشيد – وكان عادة بدون حماية سوى المرافق الذي يجلس في المقدمة – حتى تبدأ عاصفة من التصفيق التي ترافق مسيرة السيارة يمكن سماعها على بعد مسافة بعيدة من السيارة، اما بالنسبة للمهداوي فعند مروره بشارع الرشيد كان الناس يمازحونه او يصرخون ( اجاهم ابو العباس ) وهو اللقب الذي كانوا يطلقونه عليه تحبباً .
ان محكمة المهداوي بكل سلبياتها لم تكن بالشكل الذي وصفها العرب . فقد كانت على الأقل علنية ومكشوفة اين منها تلك المحكمات التي اعقبتها سواء في سنة 1963 او بعد سنة 1968 . فقد كانت هناك محاكم ومحاكم جميعها سرية او ( ثورية ) او امنية او عسكرية او حزبية الخ ، وكان المتهم يمثل امامه معصوب العينين وقبل ذلك يكون قد مثل امام المحقيقين معصوب العينين ايضا تحت ضربات ( الصوندات ) او معلقاً من رجلية مثل الطير المذبوح ومربوطاً الى السقف بالمروحة الدوارة . ومن خلال ذلك يمكن ان نحكم بانصاف وحيادية على محكمة المهداوي .






#عبد_الجبار_منديل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن المدينة الفاضلة
- البحث عن البطل المنقذ
- دور الشائعات في حياة المجتمع العراقي
- العولمة بين انصارها وخصومها
- الفساد في العراق... الوباء القديم الجديد
- الجامعه المفتوحه


المزيد.....




- الرئيس الإماراتي يصدر أوامر بعد الفيضانات
- السيسي يصدر قرارا جمهوريا بفصل موظف في النيابة العامة
- قادة الاتحاد الأوروبي يدعون إلى اعتماد مقترحات استخدام أرباح ...
- خلافا لتصريحات مسؤولين أمريكيين.. البنتاغون يؤكد أن الصين لا ...
- محكمة تونسية تقضي بسجن الصحافي بوغلاب المعروف بانتقاده لرئيس ...
- بايدن ضد ترامب.. الانتخابات الحقيقية بدأت
- يشمل المسيرات والصواريخ.. الاتحاد الأوروبي يعتزم توسيع عقوبا ...
- بعد هجوم الأحد.. كيف تستعد إيران للرد الإسرائيلي المحتمل؟
- استمرار المساعي لاحتواء التصعيد بين إسرائيل وإيران
- كيف يتم التخلص من الحطام والنفايات الفضائية؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الجبار منديل - المحاكمات السياسية في العراق - محكمة المهداوي نموذجا