أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عمر أبو رصاع - فضل الاعتزال-3-















المزيد.....

فضل الاعتزال-3-


عمر أبو رصاع

الحوار المتمدن-العدد: 2238 - 2008 / 4 / 1 - 10:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


العدل و نظرية الإرادة الانسانية بين الاختيار المعتزلي و الجبر بشكليه الجبر المطلق عند الجبرية و الجبر المقنع عند الأشاعرة.

نشأ القول بالجبر ابتداءً كتبرير ايديولوجي لهيمنة بني أمية على الحكم وجعله ملكاً عضوداًًً ، بحيث تنسب هذه التغيرات إلى الله عز وجل باعتبارها ارادة الخالق و مشيئته فهو الخالق لأفعال البشر ، من هنا ثارت قضية الحرية و الاختيار أساساً ، فهي في جوهرها إذاًَ قضية سياسية عربية صرفة ، و هذا ما يفسر لنا لماذا تبنت القول بالجبر المذاهب التي كانت في خدمة السلطة او المنخرطة في منحها الغطاء و التبرير الشرعي كالجبرية و الأشعرية ، بينما تبنت القول بحرية الانسان و مسؤوليته عن خلق افعاله المذاهب و الحركات المعارضة للدولة و على رأسها المعتزلة و الخوارج و الشيعة بوجه عام.

يقول غلاة الجبرية بالجبر المحض و يسمون بالبرية الخلص و هم فرقة الجهمية اتباع الجهم بن صفوان (128هج745م) ، بينما إلتزم الأشاعرة موقفاً تلفيقياً واشد تهافتاً من الجبر الميتافيزيقي الخالص لإنعدام وضوحه النظري و لإشتماله على قدر أكبر من عدم الاتساق و الحسم و الانسجام (1) إلا أنها و للأسف أصبحت عقيدة عامة ، ذلك أنها كانت في خدمة الدولة و قضت قضاء مبرماً على كل من عارضها أو اختلف معها ، و دليلاً على ذلك اننا نلاحظ مغالاة الأشاعرة في الجبر عندما يتعلق الأمر بطاعة الأمراء ، نجد عند الاشعري " أن الانسان يريد الفعل الذي يختاره ... و لكن التنفيذ من الله خالق كل شيء و حرية الاختيار هذه إنما يخلقها الله في الانسان ، و كذلك الفعل الذي تنفذ بمقتضاه هذه الحرية و هذا ما يعرف باسم الكسب أي ما يكسبه الانسان من الله " (2) .

الغريب و الملفت للنظر حقاً أن الاشعري صب جام غضبه في حواراته و ردوده تكفيراً ونهشاً على الاعتزال بمختلف طبقاته فيما أن نظريته في الكسب هذه لم تخرج اطلاقاً برأي عن القول بالجبرالمحض ، بل ان بعضها ينقض بعض .

نقض القاضي عبد الجبار المعتزلي زعم أبي الحسن من جذوره ذلك أن الكسب لغة هو كل فعل يستجلب به نفع أو يستدفع به ضرر ، كما نحتاج اسم قبل المصطلح من الناحية اللغوية فكسب لوحدها لا تكمل معنى ؛ إذن نظرية الكسب كذلك فاسدة من باب كونها اشتقاق لغوي خاطئ أيضاً (3) ، وما نظرية الكسب الاشعري إلا إلتفاف على المقاصد الواضحة ، فالكسب في اصله فعل إرادي و هكذا يردّنا الاشعري إلى حيث بدأنا في حلقة جهنمية مفرغة لا مقر لها ، و نظريته هذه بنزعها القدرة و خلق الفعل عن الانسان ما هي إلا جبرية مقنعة تفقد الانسان كل شكل للإرادة الحرة.

أثبت المعتزلة للإنسان إرادة و مشيئة مستقلة عن إرادة الخالق و هي حرية الفعل في تنفيذه أو العدول عنه بالكيفية ذاتها (4) .

لكنها بطبيعة الحال مشيئة قيدت و اشتقت من مشيئة الخالق ، " و لو شاء الله أن يهدي الجميع جبراً لفعله و لكنه لم يشأه ( هنا انتفاء تعارض المشيئتين) إلا بالخير لأنه لو أجبرهم على ذلك و ادخلهم فيه غصباً جبراً- قهراً كان المستوجب للثواب دونهم "(5) ، و تتأكد مشيئة الانسان عند المعتزلة عبر فعله بشروط
" وهذه الشروط هي :
1) الوعي الإرادي.
2) غائية الفعل .
3) استقلالية الفعل.
4) ارتفاع الموانع " (6)

بمعنى أنه إذا سقطت إرادة الفعل سقط حسابه ، و ليس من فعل له حساب إن لم يكن له غاية من فعله فالغاية من شروط صحة الفعل ، و إن لم يكن الفعل مستقلاً من ذاته لما جرى و لا ينبغي أن يجري عليه حساب ذلك انه اذا ما انتفت عنه صفة استقلالية الفعل صار له مصادر ارادة اخرى و إن كان الأمر كذلك وقع الحساب على فعل لم تكن ارادته خالصة لصاحبه و بالتالي مس هذا بجوهر فكرة العدل الإلهي المطلق ، أما ارتفاع الموانع فهي التي بين إرادة الفعل و انفاذه و موانع الفعل مادة الطبيعة و الانسان التي هي اشراط الخالق المحددة لقدرة الفعل ، فالفعل إذا ما قام له المانع المادي امتنع عن الحدوث و ليس عليه حساب مالم ينتفي المانع فيقع الفعل مادياً ، و هنا يكرس المعتزلة مفهومهم المادي للفعل فأفعال الثواب و العقاب إنما تكون بالعمل الإرادي الذي يتحقق في المتعين الانساني المادي ، على عكس الفهم الغائي الذي احتسب للفعل الذي لم يقع مادياً إنما لغايات الفعل و هو ما يقوم على النية دون ان تتحقق هذه النية فعل ، عند المعتزلة لا تكتمل فيه عناصر الإرادة اللازمة لخلق الفعل و لا فعل إلا بها ، فيما تجد أكثر الفرق قالت بالعقاب و الثواب بالنيات وهو ما انكرته المعتزلة انكاراً تاماً فانعقاد النية ليس كافياً و ليس بفعل في ذاته و إنما لا بد من ارتفاع الموانع عنها فتتحقق فعلاً مادياً فإذا ما وقع الفعل و جب الحساب.

مرة أخرى عند المعتزلة يستوجب علو فكرة العدل الإلهي أن يكون الفعل الانساني الذي يقع عليه حساب الخالق شروطاً ؛ أولها الوعي الإرادي فبدون وعي ارادي سقطت المسؤولية ، و ثانيها ان يكون للفعل غاية يعني ارتباط النتيجة بسبب فالإرادة الخالقة للفعل تحركها الغاية من الفعل فلا يريد الانسان فعلاً من اجل لا شيء او لنقل لا يريد الانسان فعلاً لا يريده ، إذن لا بد من وعي إرادي و غاية من خلق الفعل ، ثم لا بد من استقلالية هذا الفعل و إلا صار مخلوقاً لارادة أخرى فسقط عن الانسان حسابه فيه حتى و ان كان موضوعاً لهذا الفعل او فاعله ، و اخيراً انتفاء الموانع و إلا امتنع الفعل عن الوقوع و النية لا يأخذ بها و لا تقوم دليلاً على الفعل ما لم يقع فالأجر أجر العمل لا أجر النية.

و يشتمل أصل العدل فيما يشتمل على عدة أصول نظرية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

• إثبات النبوة : وردّ فيه المعتزلة على منكري النبوة من شتى المذاهب و الفرق المتزندقة و قال بعضهم أنها واجب لإقامة الحجة من الله على الناس و قال البعض الآخر بل النبوة ضرورة تقوم بذاتها و لا يستقيم الخلق إلا بها ، ليس من قبيل إثبات الألوهة الواجب بالعقل و لكن من قبيل اثبات التكليف.

ثبوتها هو ثبوت للتكليف و ليس ثبوتاً للألوهة فثبوت الألوهة واجب بالعقل أما ثبوت التكليف فواجب بالنبوة ، فالمعتزلة ميّزت بين انكار وجود الخالق و انكار النبوة ، الأول انكار للألوهة و هذا ينافي عندهم ما يقتضيه العقل فثبوت الألوهة واجب بالعقل عندهم ، أما ثبوت النبوة فهو ثبوت للتكليف اي ما كلف الله به الانسان عبر نبيه ، و اعتبروه من العدل الإلهي فلا تكليف بدون نبوة ، على ان نظرية الاستحسان انما تقيس الفعل الانساني على قاعدة الحسن و القبيح و الحساب من مقتضيات العدل الإلهي ، فإذا ثبتت الألوهة بالعقل ثبت الحساب لثبوت العدل المطلق لله و إذا ثبت الحساب ثبت التكليف بالحسن و العقاب على القبيح من الفعل ، يبقى التكليف التعبدي او التكليف بالطقوس الدينية و هو مما يثبت بثبوت النبوة عندهم.

• الصلاح و الإصلاح الإلهي : لأن الله عادل بالضرورة فلا يكون منه إلا الصالح و إن نسْب ما ليس بصالح إلى الله حط من عدل الله الكامل و تشويه للألوهة عن كمالها وعدلها ، و ان إرادة الله في خلقه إصلاحهم لا بجبرهم و إنما بإختيارهم و بهذا تقوم عليهم الحجة و الدليل { إنا هديناه السبيل إما شاكراً و إما كفورا } .

• اللطف الإلهي : فالله لطيف بخلقه لطفاً ليس كمثله لطف منه أنه جعل اشراط الحياة و نظامها مما يسر للانسان تسيره ، و أنه رغم عظم التكليف لطف بهم هادياً و حسيباً و تواباً.

• التوليد . (اشرنا إليه)

• الإرادة الإنسانية الحرة. (أشرنا إليه)

في الحلقة الرابعة نتناول مراجعة تاريخية لمسألة الإرجاء و الجبر و الاختيار في التراث العربي الاسلامي. قبل ان ننتقل إلى ثاني الأصول عند المعتزلة و هو التوحيد.

– يتبع -

1) محمد عمارة : المعتزلة ومشكلة الحرية ،ص 75 ،ط بيروت 1972.
2) الاشعري : اللمع ، ص 38-39 ، ط بيروت 1952 وأنظر أيضا الشهرستاني : نهاية الإقدام ص567 وما يليها ، ط اكسفورد 1934 ، وأنظر أوجريان : تاريخ الفكر الفلسفي في الاسلام ص 206 ، ط مصر 1974.
3) القاضي : شرح الأصول الخمسة ص 495 ، ط مصر 1965.
4) القاضي : فضل الاعتزال ، ص 172-173.
5) راجع الإمام يحيى بن الحسين الزيدي ، رسائل العدل والتوحيد 2/40 ، ط مصر 1971.
6) القاضي : شرح الأصول الخمسة ، ص 456.
ملاحظة لمتابعة حلقات كتابي فضل الاعتزال يرجى زيارة موقعي في الحوار المتمدن على الرابط:http://www.ahewar.org/m.asp?i=479
الحلقة الثالثة



#عمر_أبو_رصاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فضل الاعتزال - 2 -
- فضل الاعتزال -1-
- الحرب القادمة
- لبنان إلى أين؟ -2-
- لبنان إلى أين؟ -1-
- سجنوه في رمضان
- هموم رمضان و خوف المواطن من النمو
- ابعاد انخفاض الدولار
- كهنوت الدجل العلمي
- ألم نقل هؤلاء لا يفهمون إلا لغة القمع
- الطبقة الطفيلية و اشكالية النهضة
- فلسطين بين الدولة والثورة -2
- فلسطين بين الدولة و الثورة - 2
- فلسطين بين الثورة والدولة - 1
- المادية التاريخية : خامس عشر : خامس عشر : ظهور البلدات الإقط ...
- الأمانة بين البحث و الكهانة
- المادية التاريخية : رابع عشر : النمط الإقطاعي
- المادية التاريخية : ثالث عشر :النط الإقطاعي
- مقاربة جديدة لاشكالية التعليم
- المثقف موقف وليس عارض ازياء


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عمر أبو رصاع - فضل الاعتزال-3-