أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - الانتخابات الباكستانية الأخيرة كشفت هشاشة قوى الإسلام السياسي















المزيد.....

الانتخابات الباكستانية الأخيرة كشفت هشاشة قوى الإسلام السياسي


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 2237 - 2008 / 3 / 31 - 11:29
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


حفلت الانتخابات التشريعية الباكستانية التي جرت في الثامن عشر من فبراير المنصرم بأمور كثيرة تصلح لأن تكون شواهد و أدلة دامغة على خرافة بعض المقولات والنظريات الرائجة. غير أن المحللين و المراقبين العرب – ولأنهم يحكمون على الأمور بعواطفهم أو ميولهم السياسية أو من منطلقات كراهيتهم المرضية المزمنة لأمريكا وحلفائها، لم يتوقفوا إلا عند أمرين: اولهما هو الخسارة التي مني بها أنصار الرئيس الباكستاني الجنرال برويز مشرف من مرشحي حزب الرابطة الإسلامية – جناح القائد الأعظم الذي حل في المركز الثالث بحصوله على 41 مقعدا. وهي الخسارة التي وصفت أيضا بأنها هزيمة لنفوذ واشنطون في هذا البلد ولحربها على الإرهاب. وثانيهما هو شكل الحكومة المقبلة في ظل عدم حصول أي من الأحزاب السياسية على الأغلبية المطلقة، و رجحان احتمال تشكيل حكومة ائتلافية بقيادة الحزب صاحب العدد الأكبر من المقاعد النيابية، أي حزب الشعب.

وبعبارة أخرى، لم يسترع انتباه المراقبين و المحللين العرب مثلا أن مشرف هذا الذي يتهمونه بالعمالة والديكتاتورية هو أول حاكم عسكري في تاريخ باكستان - وربما العالم – ينظم انتخابات حرة ونزيهة و شفافة باعتراف المراقبين الدوليين وقوى المعارضة، بل ويقبل بنتائجها التي جاءت في غير صالح حلفائه السياسيين.

لم يسترع انتباههم أيضا فشل تنظيمي القاعدة وطالبان الإرهابيين في ترجمة تهديداتهما بإعاقة الاستحقاق الانتخابي وقتل كل من يقترب من صناديق الاقتراع، رغم كل ما قاما به من عمليات قتل للأبرياء و تفجير للمراكز الانتخابية وسرقة لصناديق الاقتراع. إلى ذلك – وهذا هو الأهم – لم يسترع انتباههم أن قوى الإسلام السياسي منيت بهزيمة نكراء غير مسبوقة، الأمر الذي يؤكد مجددا أن الباكستانيين قد استوعبوا مدى خطورة التصويت لمن يستغل عواطفهم الدينية كورقة انتخابية من اجل الوصول إلى السلطة وإقامة دولة فقهية متسلطة وقمعية. فهؤلاء لئن كانوا ضد تعسف و ديكتاتورية المؤسسة العسكرية، وهو ما ثبت في إسقاطهم لرموز كبيرة ممثلة في نظام الجنرال برويز مشرف من أمثال وزير الدفاع اسكندر إقبال، ووزير السكك الحديدية شيخ رشيد، وزعيم حزب الرابطة الإسلامية – جناح القائد الأعظم تشودري شجاعت حسين، ووزير الخارجية خورشيد محمود قوصوري، فإنهم أيضا و ربما بدرجة اكبر ضد نظام الدولة الفقهية التي جربوا بعض معالمها زمن الراحل ضياء الحق في سبعينات القرن الفائت وذاقوا الأمرين منها، خاصة فيما يتعلق بالحريات الاجتماعية و الحقوقية الشخصية.

أما دليلنا على أن الغالبية العظمى من الباكستانيين هم في الأصل علمانيون في فكرهم وسلوكهم وحياتهم، فلا ينحصر فقط في حقيقة ما أفرزته صناديق الاقتراع من فوز كبير لحزب البلاد العلماني الأكبر (حزب الشعب بقيادة آل بوتو)، وحصوله على المركز الأول ب 87 مقعدا من مقاعد الجمعية الوطنية البالغ عددها 272 مقعدا، فضلا عن تحقيقه لانتصارات قوية و مهمة في انتخابات المجالس التشريعية الإقليمية، أو فوز حزب علماني آخر هو حزب رابطة عوامي ذو الميول الاشتراكية في معقل الإسلاميين المتشددين في ولاية الحدود الشمالية الغربية، بل يتعدى كل ذلك إلى تلقي تحالف الأحزاب الإسلامية المعروف باسم "جمعية العمل المتحدة" ضربة موجعة بحصولها فقط على نسبة 3 بالمائة من الأصوات مقابل 11 بالمائة في الانتخابات السابقة التي جرت في عام 2002 ، ناهيك عن خسارة كل زعاماتها المعروفة لمقاعدهم البرلمانية.

الأمر الآخر الذي يمكن استنتاجه من نتائج هذه الانتخابات، هو أن قوى الإسلام السياسي التي كثيرا ما تصور نفسها على أنها صاحبة سطوة و نفوذ في أوساط الجماهير، أو أنها بإشارة منها تستطيع إرباك الأمور وقلب النتائج لصالحها، فيما هي في الحقيقة لا تملك سوى الجعجعة الفارغة والتلاعب بعواطف العامة و المحبطين والأميين. فها هو تحالف "جمعية العمل المتحدة" الذي لم يكف منذ ظهوره على الساحة السياسية في عام 2002 كجماعة معارضة لنظام الرئيس برويز مشرف على خلفية انضمام الأخير إلى الحرب الدولية ضد الإرهاب، عن التهديد والوعيد باكتساح أية انتخابات نزيهة أو إخراج الملايين إلى الشوارع للاحتجاج، يفشل حتى في الاحتفاظ بسيطرته على المجلس التشريعي لمعقله القبلي في إقليم الحدود الشمالية الغربية الذي كثيرا ما تباهى بنفوذه فيه.

والمعروف أن هذه القوة السياسية التي لم تعد تملك اليوم سوى 36 مقعدا من مقاعد البرلمان، من بعد أن كان لها في البرلمان السابق 69 مقعدا (فازت بها في انتخابات عام 2002 بفضل استغلالها الجيد للعواطف الشعبية الملتهبة وقتذاك في أوساط أبناء وزيرستان وبلوشستان ضد التدخل الأمريكي في أفغانستان) هي عبارة عن تحالف خمس جماعات متشددة لا يجمعها سوى هدف إقامة الدولة الدينية المطبقة للشريعة والحدود و الحسبة في باكستان بدعوى أن الأخيرة قامت على أساس الإسلام وان دستورها يعتبر الشريعة المصدر الوحيد للقوانين، في إشارة إلى دستور 1979 الذي اقر زمن الرئيس الأسبق ضياء الحق. و إن كان من أمر آخر تشترك فيه هذه الجماعات الخمس فهو السياسات الغامضة و الملتوية إزاء الإرهاب و أعمال العنف والعمليات الانتحارية. و تشمل هذه الجماعات كل من:

1- جماعة علماء الإسلام – فصيل مولانا فضل الرحمن الذي يتبنى خطا متشددا من الأفكار الديوبندية من تلك التي تلقى رواجا لدى أبناء القبائل البشتونية والبلوشية في شمال البلاد.
2- جماعة علماء الإسلام – فصيل مولانا سميع الحق الذي له أنصار و مريدين في قرى السند و البنجاب الريفية، و الذي اختلف لاحقا مع جماعة فضل الرحمن وانسحب من التحالف في أواخر عام 2005 .
3- جماعت إسلامي وهو بمثابة الفرع الباكستاني لجماعة الإخوان المسلمين، ويقوده قاضي حسين احمد. ولهذه الجماعة امتداد في بنغلاديش يعود إلى زمن ما قبل انشطار باكستان في عام 1971 ، وهو ممثل في البرلمان البنغلاديشي بعدد من المقاعد رغم الشكوك التي تطارده حول ضلوعه في الإرهاب و حوادث العنف التي شهدتها دكا في السنوات الأخيرة.
4- تنظيم طريق إسلامي، وهو تنظيم شيعي كان يعرف سابقا بالطريقة الجعفرية الباكستانية.
5- تنظيم جماعت أهل الحديث، وهو تنظيم سياسي يتبنى التعاليم الوهابية.

وإذا كان هناك من شيء يمكن أن نضيفه حول هذه القوة السياسية الانتهازية فهو أنها كانت قد هددت في العام الماضي بالانسحاب من الجمعية الوطنية و المجالس التشريعية الإقليمية، لكن دون أن تنفذ تهديدها – وذلك احتجاجا على تمرير البرلمان لتعديل دستوري يتيح للمحاكم المدنية النظر في قضايا الاغتصاب بدلا من المحاكم الإسلامية العاملة وفق قوانين وضوابط الشريعة، من تلك التي لا تعترف بحدوث الاغتصاب إلا بوجود خمس شهود ذكور عدول، و إلا اعتبر ادعاء المغتصبة قذفا يستوجب معاقبتها. والجدير بالذكر أن الرئيس مشرف وقف شخصيا خلف التعديل في محاولة منه للحد من حوادث الاغتصاب في باكستان و معاقبة مرتكبيها، و أيضا من اجل تحسين صورة البلاد أمام جماعات حقوق الإنسان.

و أخيرا فانه من الأهمية بمكان التوقف عند ظاهرة أخرى غير مسبوقة في الانتخابات الباكستانية، ألا وهي طريقة التصويت و الاقتراع التي لم تعتمد على كاريزما المرشح أو فصاحته، أو نفوذه، أو علاقاته، أو ما ينفقه من مال سياسي، بقدر ما اعتمدت على معايير جديدة متعلقة بالخطط و البرامج الهادفة إلى تحسين مستويات المعيشة وانتشال البلاد من أتون العنف و الجريمة و الفوضى و الفساد وسطوة الميليشيات. ولعل هذه الظاهرة هي التي تفسر كيف أن الفائز هذه المرة لم يكن رجل الدين المختفي خلف لحية طويلة أو عمامة سوداء وشعارات وحلول طوباوية، وإنما رموز الطبقة الوسطى من العلمانيين المتعلمين، أصحاب المهن الرفيعة مثل الأطباء و المحامين والمهندسين والأكاديميين و الصحافيين.




#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حدثان غير مسبوقين في الخليج
- رحيل سوهارتو يعيد الجدل حول دوره و عهده
- مفاجأة الانتخابات التايوانية: الشعب يفوز الحزب الديكتاتوري و ...
- مفاجأة الانتخابات التايوانية: الشعب يفوز الحزب الديكتاتوري و ...
- عن بائع الآيسكريم و جامع القمامة الذي صار زعيما لكوريا الجنو ...
- من قتل بي نظير بوتو؟
- عسكر تايلاند يفون بوعودهم .. ويعيدون الحكم للمدنيين!
- باكستان بوصفها معضلة للأمريكيين
- -آسيان- تعبد الطريق نحو اتحاد أقطارها
- -صنع في الصين- أمام تحديات كبيرة
- تايوان .. كيان يبحث عن عنوان و دور
- مشرف إذ يستعد لخلع الزي العسكري
- من سيقود اليابان بعد استقالة -حلمها-؟
- الأصابع تشير مرة أخرى إلى -وزيرستان-
- إستراتيجية طالبان الجديدة : اخطف و طالب
- مدن لا تعرف الشيخوخة
- ظاهرة البنوك الإسلامية تجتاح آسيا
- صنع في اليابان Made in Japan
- الجيل الثالث من قادة الصين يرسخ أقدامه في السلطة
- انتخاب -براتيبها باتيل- حدث تاريخي لنساء الهند


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة
- فريدريك إنجلس . باحثا وثوريا / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عبدالله المدني - الانتخابات الباكستانية الأخيرة كشفت هشاشة قوى الإسلام السياسي