أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجم الدليمي - الصراع السياسي ومجالس الصحوة . نظرة من الداخل ، القسم الاول















المزيد.....



الصراع السياسي ومجالس الصحوة . نظرة من الداخل ، القسم الاول


نجم الدليمي

الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 10:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القسم الاول

اولا : ـ ما هي الاهداف الرئيسية من غزو العراق ؟

ان الهدف الرئيسي من غزو واحتلال العراق هوالسيطرة الكاملة على موارده الطبيعية ، وخاصة النفط والغاز .... حيث يشكل العراق ثاني احتياطي نفطي في العالم ، ويعتبر العراق الهدف الرئيسي الاول لتنفيذ ما يسمى بمشروع الشرق الأوسط الكبير ، من اجل خلق " نموذجا ديموقراطيا " !! في العراق على امل ان تطل اشعاعاته " الديموقراطية " على كافة البلدان العربية ، ويصبح مثالا يحتذى به . كما ويهدف المشروع ايضا ، العمل على تقويض الأنظمة العربية سواء اكانت " حليفة " لأمريكا او معادية لها ، وذلك وفقا لأساليب " الديموقراطية " المعروفة لدى الامبريالية الأمريكية ، وتحت غطاءات متعددة ، ومنها ـ غياب الديموقراطية ، وحقوق الانسان ـ وغيرها من البدع والحجج الواهية التي صنعتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والمؤسسات المالية والأقتصادية الدولية . وباختصار ان هدف المشروع هو أمركة منطقة الشرق الأوسط أولا ثم أمركة العالم ثانيا ، هذا هو جوهر ما يسمى بالعولمة المتوحشة .
منذ سقوط الحكم البائد في العراق في ابريل عام 2003 ولغاية اليوم ، فأن قوات الاحتلال الأجنبي فشلت في سيطرتها السياسية والأمنية والعسكرية على العراق بشكل عام وعلى محافظة بغداد والمحافظات الغربية ومنها محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل وديالى ، بشكل خاص ، اضافة الى ان الوضع الأمني والعسكري في محافظات الجنوب والوسط يتميز أيضا بالضعف والهشاشة وعدم الاستقرار ، وهو قابل للانفجار في أي وقت ، اما المحافظات الشمالية فلن تختلف كثيرا عن محافظات الوسط والجنوب .
ان من اهم اسباب فشل قوات الاحتلال الأجنبي في العراق اليوم ، باعتقادنا يعود الى رفض الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي لقوات الاحتلال وحلفاءها ، وهذا يعبر عن موقف وطني مشرف لغالبية ابناء الشعب العراقي ، وذلك بسبب الغطرسة والاستهتار التي تمارسها قوات الاحتلال في تعاملها مع ابناء الشعب العراقي ، وعدم احترامها للمشاعر والتقاليد الوطنية والاجتماعية ، واتباع سياسة فرق تسد بين ابناء الشعب العراقي ، وبين الأحزاب السياسية العراقية ، والنهب السريع لثروات الشعب العراقي ، وخاصة النفط ، وعدم اعطاء صلاحيات حقيقية وفاعلة للحكومة العراقية والبرلمان ، وخاصة فيما يخص اعادة اعمار العراق وبشكل حقيقي ، وغياب الصلاحية الحقيقية للسلطة التنفيذية في اعادة بناء الجيش العراقي وقوات الداخلية والأمن ..... وتزويدها بكل ما هو ضروري ، ان هذه الاسباب وغيرها قد ادخلت قوات الاحتلال والمتحالفين معه في مأزق سياسي واقتصادي ـ اجتماعي وامني وعسكري خطير على عموم البلاد .
منذ منتصف عام 2004 ، دخلت قوات الاحتلال الأجنبي والقوى السياسية العراقية المؤيدة لها ، بداية المأزق الحقيقي في الميدان العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي ، وتصاعد هذا المأزق اكثر منذ عام 2005 حتى منتصف عام 2007 ، وخاصة في محافظة الأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل وما يتبع لهذه المحافظات من وحدات ادارية .
ادركت قيادة البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، ان الخروج من هذا المأزق الكبير والخطير ، وتجنب الخسائر البشرية والمادية من ناحية ، ولغرض بسط النفوذ السياسي والأمني والعسكري في العراق بشكل عام ، وفي المناطق الغربية بشكل خاص ، من ناحية اخرى لا يمكن تحقيقه الا من خلال الاعتماد على شيوخ العشائر العراقية في هذه المحافظات من خلال تشكيل مجالس الصحوة العشائرية المساندة لهم . فكما هو معروف ، عندما غزت القوات الأمريكية وحلفاءها العراق من خلال المحاور الثلاث ، المحور الجنوبي ، والغربي ،والشمالي ،لم تواجه قوات الاحتلال أي مقاومة جدية تذكر الا ما ندر ، في البصرة والمطار الدولي ، ولهذا الموقف اسبابه الموضوعية والذاتية يتحملها النظام السابق ، بدليل ان المحافظات الغربية ومنها محافظة الأنبار ، لم تبدي أي مقاومة مسلحة لقوات الاحتلال الغازية ، ولكن بعد فترة ظهرت فصائل عراقية مسلحة تابعة للنظام السابق ، وظهر تنظيم القاعدة في العراق ، وبدأت عملية التنسيق بين هذه الفصائل وتنظيم القاعدة الاجرامي ، ودخلت اطراف عربية واقليمية مساندة وداعمة لهذه التنظيمات المسلحة بحجة " تحرير العراق" ، ففي البداية لم تقاوم عشائر الدليم في محافظة الأنبار وغيرها ، هذه التنظيمات المسلحة بما فيها تنظيم القاعدة ؟ ، ولكن بعد تمادي واستهتار تنظيم القاعدة الاجرامي ، وضربه لكل القييم والأعراف والتقاليد الاجتماعية ، وقيامهم بالاعتداء والقتل والذبح والتسليب والاغتصاب وفرض الأتاوات المالية وغيرها من الأعمال الدنيئة والاجرامية واللا انسانية المخالفة لكل القييم والقوانين، كل ذلك وغيره ولّد وخلّف شعورا وطنيا لدى شيوخ عشائر الدليم في محافظة الأنبار بضرورة مقاومة تنظيم القاعدة . وكان على رأس هذه المقاومة ، الشيخ عبد الستار ابو ريشة ، الذي حضى بدعم ومساندة من قبل الأمريكان والقوات العراقية في آن واحد ، وفعلا نجح ابو ريشة في اضعاف وتفتيت تنظيم القاعدة في محافظة الأنبار والأقضية والنواحي التابعة لها ، وحقق الهدوء والاستقرار في المحافظة .
ان تشكيل مجلس الصحوة في الأنبار جاء بفعل عوامل داخلية واقليمية ودولية ، في آن واحد ، وتتميز محافظة الأنبار بمساحتها الكبيرة ولها حدود مع اكثر من دولة عربية ، وفي اواسط علم 2006 تم تأسيس مجلس الصحوة في محافظة الأنبار ، وخلال عام واحد تمكن من توجيه ضربات كبيرة لتنظيم القاعدة والفصائل المسلحة المتعاونة معه ، مما ادى الى اضعاف دور ومكانة هذه التنظيمات المسلحة ، وهروب اغلب قادة وكوادر وأعضاء هذه التنظيمات الى جنوب بغداد ،والى محافظة صلاح الدين وديالى والموصل ، وليس من باب الصدفة ان يقوم الرئيس بوش الابن بزيارة محافظة الأنبار ويلتقي برئيس واعضاء مجلس الصحوة، كما ليس من باب الصدفة وبعد زيارة بوش الابن وبفترة قصيرة ، يتم اغتيال الشيخ عبد الستار ابو ريشة على ايدي " تنظيمات القاعدة " ؟ وبنفس الوقت ليس من باب الغرابة ان توجه الحكومة الأمريكية دعوة رسمية الى احمد ابو ريشة ، وهو عسكري وشقيق عبد الستار ورئيس مجلس الصحوة في محافظة الأنبار بزيارة رسمية الى أمريكا ، وحضى الوفد باستقبال رسمي جيد والتقى الوفد بالرئيس الأمريكي وكبار المسؤلين الامريكان ، وتعهدوا للوفد بتقديم الدعم المادي والعسكري والأقتصادي للمحافظة ؟.

ثانيا : ـ ما هو هدف الصحوة ؟ وما هي القوى المكونة لها ؟

يعتر مجلس صحوة الأنبار اول مجلس تم تأسيسه لمحاربة تنظيم القاعدة والفصائل المسلحة المرتبطة به . ان القوى التي تؤلف مجالس الصحوة ، هي من شيوخ العشائر وابناءها ، وحضوا بالدعم المادي والعسكري من قبل قوات الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية في آن واحد ، وبعد نجاح هذا النموذج في محاربة تنظيم القاعدة ، ارادت قيادة الاحتلال تعميم هذا النموذج على جميع المحافظات وخاصة في بغداد وصلاح الدين وديالى والموصل .
ان تشكيل مجالس الصحوة وحصولها على الدعم المالي والعسكري جعلها ان تكون ميليشيا عسكرية تدار وتوجه وتمول وبشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال الأمريكي ، وهي في واقع الحال تشكل اليوم قوة عسكرية ثالثة ، بعد قوات الدفاع والداخلية العراقية ، وبلغ تعدادها حتى تشرين الثاني عام 2007 اكثر من 70 الف مسلح ، والعدد في تزايد مستمر ، ورصدت الحكومة العراقية ـ كما اعلنت الصحف الرسمية في ميزانيتها لمجالس الصحوة ، 150مليار دينار عراقي ، وهناك خطة لدى وزارة الداخلية تخصيص 20% من ميزانيتها الى مجالس الصحوة في المحافظات .
ان احد اهم اهداف " القوة العسكرية الثالثة " يكمن في العمل على ضمان أمن وحماية قوات الاحتلال الأجنبي ، وتجنبها للخسائر البشرية والمادية ، وبنفس الوقت استطاعت قوات الاحتلال الأجنبي من السيطرة على اهم الفصائل المسلحة التي انضمت تحت خيمة مجلس الصحوة . فطبيعة مجالس الصحوة تتحدد بالدرجة الأولى بطبيعة المنطقة السكنية ، مثلا في المحافظات الغربية تتكون مجالس الصحوة من شيوخ وابناء العشائر السنية من حيث المبدأ ، اما في محافظة بغداد ، فتكونت حسب المناطق ، سنية كانت ام شيعية واحيانا مشتركة بحكم الواقع .
ان قوات الاحتلال ومن خلال تكوين مجالس الصحوة في المحافظات التي مثلت الشيعة والسنة في آن واحد ، قد سيطرت على الفصائل المسلحة السنية والشيعية ، ووضعتها تحت تصرفها واشرافها ومراقبتها ، وسيطرتها اليومية ، فمثلا الجيش الاسلامي والجناح " المعتدل " من تنظيم القاعدة وبعض الفصائل المسلحة الاخرى ، التي رفضت سلوك القاعدة قد انضمت الى الحكومة العراقية وبدأت تقاتل تنظيمات القاعدة ، وبلغ عدد الأعضاء المتعاونون مع الحكومة اكثر من 14 الف مسلح وهؤلاء لا يمثلون الطائفة السنية بالدرجة الاولى . اما جيش المهدي ( التيار الصدري ) فقسم منهم انضم الى مجالس الصحوة والقسم الآخر رفض التعاون مع قوات الاحتلال الأجنبي .
تتألف مجالس الصحوة في المحافظات العراقية وغيرها من المكونات الادارية من ثلاث اطراف رئيسية وهي :ـ
الأول : ـ قسم من المنضمين الى مجالس الصحوة ( محافظة ، قضاء ، ناحية ، قرية ) هم من الفقراء العراقيين الذين يعانون من البطالة والجوع الحقيقي ، بسبب الخراب والانهيار الاقتصادي الذي حل بالاقتصاد العراقي منذ عام 1980 ولغاية اليوم ، مما دفع هؤلاء الفقراء الى ان يدخلوا مجالس الصحوة لقاء مرتبات شهرية محددة ، أي ان العامل الاقتصادي هو الدافع الرئيسي لدخولهم لمجالس الصحوة ، وهم يمثلون فقراء الشيعة والسنة في آن واحد .
الثاني : ـ قسم آخر يمثل اعضاء وكوادر تنظيمات القاعدة " الجناح المعتدل " !! الذين رفضوا نهج القاعدة ، لهذا السبب او ذاك ، ولاعتبارات اخرى ، وكذلك اعضاء الجيش الاسلامي وبعض كوادر حزب البعث العراقي من المدنيين والعسكريين ، كل هذه المجموعات انضمت الى قوات الصحوة لأسباب متعددة ، وفي مقدمتها سياسية ـ اقتصادية ، ومن اجل تجنب الضربات والملاحقات والمطاردات والمداهمات من قبل قوات الاحتلال والحكومة العراقية ، وهؤلاء يشكلون الأكثرية في المناطق السنية بالدرجة الأولى .
الثالث : ـ القسم الأخير هم جيش المهدي أي ( التيار الصدري ) وهم يمثلون جزء من التيار الشيعي ، انضم قسم منهم الى هذا التنظيم المسلح وخاصة في المناطق الشيعية بالدرجة الأولى ، ويضم هذا التنظيم قسما من اعضاء وكوادر حزب البعث العراقي ، من المدنيين والعسكريين ، وهناك اسباب عديدة لانضمامهم الى هذا التنظيم ، اهمها حماية انفسهم وكذلك حصولهم على بعض المكاسب المادية وغيرها من الاسباب .
كما يلاحظ ان الوضع الأمني والعسكري في العراق في غاية التعقيد والتشابك بين جميع التيارات المسلحة السنية منها والشيعية ، بحيث ان قوات الاحتلال تعرف وبشكل جيد ، ان مجالس الصحوة التي تم تشكيلها ، وحسب المناطق قد ضمت " الجناح المعتدل " من تنظيم القاعدة ، والجيش الاسلامي ، وجيش المهدي ، وهي تنظيمات تمثل السنة والشيعة في نفس الوقت وتحمل تناقضات عدائية فيما بينها ، فهذه المجالس يمكن القول عنها انها وفتنة قابلة للانفجار في أي وقت ، كما يلاحظ ان قوات الاحتلال رفضت دخول الأجنحة المتطرفة في تنظيم القاعدة والحزب الاسلامي وجيش المهدي الى مجالس الصحوة ، بل على العكس استمرت في محاربتها وملاحقتها ، لاضعافها وانهاء دورها السياسي والعسكري في المجتمع العراقي ، وهناك ارتياح وقبول من قبل الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي لهذا لسلوك ، والسبب يعود الى ان هذه الأجنحة قد مارست وتمارس اللامعقول داخل المجتمع العراقي ، فالذبح والقتل والاغتصاب وسرقة المواطنين وفرض الأتاوات المالية وغيرها من الأعمال الاجرامية ، اصبحت صفات ملازمة لجميع الأجنحة المتطرفة سنية كانت ام شيعية ، وبنفس الوقت دخلت هذه الأجنحة المتطرفة في حروب داخلية فيما بينها ، منها الحرب ألاولى ـ وهي بين الجناح المتطرف والمعتدل داخل كل تنظيم مسلح شيعيا كان ام سنيا ، والحرب الثانية ـ هي بين الجناح المتطرف السني مع الجناح المتطرف الشيعي ، والثالثة ـ هي بين قوات الاحتلال والجناحين المتطرفين من الشيعة والسنة ، هذه اللعبة القذرة التي افرزها ألاحتلال الأجنبي للعراق اليوم تشكل خطرا كبيرا على شعب وارض العراق .

ثالثا : ـ تناقضات غير عدائية ، وانقسامات حتمية .

يلاحظ ان اللوحة السياسية في العراق المحتل اليوم ، تحمل طابعا معقدا ومتشابكا ، وبنفس الوقت تحمل تناقضات غير تناحرية بالنسبة لغالبية القوى السياسية الفاعلة والحاكمة في العراق . اذ ان غالبية القوى السياسية المشاركة في الحكم لديها موقف واحد وموحد الا وهو " ضرورة " بقاء قوات الاحتلال الأجنبي في العراق ، وغالبية هذه القوى ترفض حتى جدولة الانسحاب وبشكل رسمي ، وهم اصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة الامريكية ، فتناقضاتهم تدور حول السلطة والمال بالدرجة الاولى .
ان المتغيرات السياسية في العراق سريعة وكثيرة وخاصة بين القوى السياسية الرئيسية، فلا يوجد ثبات في المواقف , وان ازدواجية المعاييرهي احدى سمات الوضع السياسي ، سواء كان ذلك بالنسبة للقوات الغازية ، او لمعظم الاحزاب السياسية المساندة لقوات الاحتلال ، فيلاحظ من خلال ذلك ما يلي : ـ

1 ـ ان الادارة الامريكية وقوات الاحتلال الأجنبي في العراق ليس لديها خط سياسي ثابت وواضح ، بل لديها مصالحها الخاصة ، والتي تكمن بالجانب الاقتصادي بالدرجة الاولى ، فهدفها الرئيسي هو الاستحواذ الكامل على ثروات الشعب العراقي وخاصة النفط ، فهي تفرض قوانين خاصة لتحقيق ذلك ، أي تهدف الى خصخصة العراق ارضا وشعبا وثروة لصالحها ولصالح حلفاءها في العراق ، وليس هدفها بناء مجتمع تسوده العدالة والرفاهية والتقدم الاقتصادي ـ الاجتماعي .
في الثمانينات من القرن الماضي وبالضد من الاتحاد السوفييتي الذي كان موجودا في افغانستان ، قامت الادارة الأمريكية والبنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية وبالتنسيق والتعاون مع جهاز المخابرات الباكستاني في ايجاد ما يسمى بتنظيم القاعدة ، بزعامة اسامة بن لادن لمحاربة الجيش السوفييتي ، وتم اعداد وتدريب وتمويل هذا التنظيم بالمال والسلاح والخبرة .... ، وكان الهدف الرئيسي هو رحيل القوات السوفييتية وتقويض نظام الحكم الوطني والشرعي في افغانستان ، وتم تحقيق الهدف ، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك الى الدور الخياني لغارباتشوف وشيفرنادزه وياكوفليف وغيرهم من " قادة " الحزب الحاكم ، وبعد انتهاء الدور المرسوم لتنظيم القاعدة وخاصة " العرب الافغان " تم احتضانهم من قبل اجهزة المخابرات الامريكية والاسرائيلية ، وتم تجميعهم في اكثر من دولة عربية وغيرها ، بانتظار الدور الجديد وحسب ما تقتضيه مصلحة امريكا والكيان الاسرائيلي ، فكان العراق المحطة الثانية " للعرب الافغان " ، وغيرهم من اجل تحقيق بعضا للاهداف المرسومة لهم .
هناك بعض البلدان العربية والاقليمية قد دعمت ولا تزال تدعم تنظيم القاعدة بالمال والسلاح والرجال ، ولهذه الدول اهدافها الخاصة وفي مقدمتها ادخال امريكا وحلفاءها في مأزق كبير في العراق ، وتحقيق اهداف اخرى ، ومن هنا نشأ الخلاف والتناقض غير العدائي وغير المؤدلج بين أمريكا وبعض البلدان العربية والاقليمية ، وانعكس هذا الخلاف ايضا على تنظيم القاعدة . ان التناقض بين الادارة الأمريكية وتنظيم القاعدة هو تناقض مصالح ونفوذ ، وليس تناقض عدائي يحمل طابعا ايديولوجيا ، فظهور التعارض في المصالح والاهداف بين الطرفين ، اعطى مبررا وسببا رئيسيا لأمريكا بشن حملة عسكرية وبالتنسيق والتعاون مع الجيش العراقي ضد هذا التنظيم " الحليف " سابقا و " العدو " حاليا ، وكان اول هجوم لها في محافظة الانبار ، الا انها فشلت في تحقيق هدفها ، فلجأت الى تشكيل مجالس الصحوة في المحافظات العراقية ، وخاصة الغربية منها واولها محافظة الانبار ، لمحاربة تنظيم القاعدة ـ الجناح المتطرف ـ في عموم العراق ، أي يمكن القول انقلب السحر على الساحر .
لقد اتبعت قوات الاحتلال الأجنبي سياسة الأرض المحروقة تحت غطاء محاربة تنظيم القاعدة وخاصة في جنوب بغداد : منطقة الجبور والسيافية ومنطقة 37 ، ومنطقة هور رجب واللطيفية واليوسفية وضواحي قضاء المحمودية وغيرها من المناطق ، حيث هجرت الالاف من العوائل الفقيرة ، وقتلت واعتقلت المئات من المواطنين الذين ليس لهم علاقة بتنظيم القاعدة ، في حين تعلم وتدرك قيادة قوات الاحتلال الأمريكي ، ان قادة وكوادر اعضاء القاعدة انتقلوا الى مناطق اخرى وخاصة الى محافظة صلاح الدين والموصل ، وكان يمكن استخدام اساليب اخرى لتوجيه الضربات العسكرية لهذا التنظيم ولكن ....؟

2 ـ كما ويلاحظ انحياز قوات الاحتلال الى تنظيم القاعدة " الجناح المعتدل " بالضد من جيش المهدي " الجناح المتطرف " ، وهذا ما حدث على سبيل المثال في شهري تموز وآب من عام 2007 ، في ناحية الرشيد والحي العسكري ومنطقة عوريج ومنطقة السويدي وغيرها من المناطق ، حيث قام الجناح المعتدل من القاعدة السني وبدعم واسناد من قوات الاحتلال بقتل وحرق ونهب بيوت المواطنين الشيعة في المناطق المذكورة ، مما خلقت هذه السياسة الخاطئة فتنة بين ابناء العشائر لا تحمد عقباها في المستقبل القريب ، وبنفس الوقت تقوم قوات الاحتلال بدعم واسناد الجناح المعتدل من جيش المهدي الشيعي بضرب الجناح المتطرف من تنظيم القاعدة السني ، عندما تدخل قوات الدفاع العراقية ـ الحرس الوطني الى منطقه ما ، فان اعضاء القاعدة السني سواء اكانوا معتدلين او متطرفين ، يهربون من النطقة ، وعندما تدخل القوات الأمريكية الى منطقة ما فأن اعضاء جيش المهدي سواء اكانوا معتدلين او متطرفين يهربون من المنطقة .

3 ـ لقد نجحت قوات الاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية من اختراق تنظيم القاعدة والفصائل المسلحة العراقية ، واحدثت انشقاق كبير في هذه التنظيمات بدليل انخراط 14000 مسلح من هذه التنظيمات مع قوات الاحتلال والجيش العراقي لمحاربة تنظيم القاعدة " الجناح المتطرف " وهذا ما حدث فعلا في محافظة الانبار وديالى والموصل ...

ان تفاقم حدة الصراع السياسي الاقتصادي ـ الاجتماعي داخل المجتمع العراقي وفي ظل هيمنة قوات الاحتلال الأجنبي ، قد اضعف وحدة الشعب العراقي وقواه السياسية ، وعمق غياب الثقة بين قادة الاحزاب السياسية العراقية ، كما وافرزهذا الصراع انقسام كبير داخل المجتمع العراقي وظهور اتجاهين متعارضين وهما : ـ

الاتجاه الاول : ـ يضم الاحزاب السياسية الرئيسية الفاعلة والمشاركة في الحكم ، اذ تدخل هذه الاحزاب في صراع علني ومخفي فيما بينها من جهة ،ولكنها بغالبيتها العظمى ان لم نقل جميعها تساند وتؤيد بقاء القوات الأجنبية من جهة ثانية.

الاتجاه الثاني : ـ يضم الأحزاب والتيارات التي ترفض بقاء القوات الأجنبية وتطالب برحيلها حسب جدول زمني محدد ( قسم من هذه الأحز اب او التيارات يشارك بالعملية السياسية ) .

ان المزاج العام في الشارع العراقي ـ كما يقال ـ فقد ثقته بالاتجاه السياسي الاول وبقوات الاحتلال الأجنبي ، ويعود السبب الى ان القوى السياسية الممثلة للاتجاه الاول ، وهي حاكمة وتحظى بدعم من قوات الاحتلال الأجنبي ، الا انها فشلت في وضع المعالجات الجذرية للمشاكل الاقتصادية ـ الاجتماعية والامنية .... التي تواجه حياة المواطن العراقي يوميا ، فمثلا نمو معدل البطالة والارتفاع المستمر لاسعار السلع الغذائية والخدمات ، وقلة مفردات البطاقة التموينية ، ويجري الحديث عن الغائها وفق جدول زمني محدد ، كذلك تعمق التفاوت الاقتصادي ـ الاجتماعي لصالح الفئة الطفيلية المساندة للاحتلال ، والتي اثريت بشكل سريع ومرعب ، وتفشي الرشوة والمحسوبية بشكل مفرط ومتوحش ، والانقطاع المستمر للكهرباء والماء ، وارتفاع اسعار المحروقات ، وقلة النفط والغاز ، وظهور السوق السوداء لهذه المواد ..... ، كل هذه العوامل غيرها جعلت الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي تفقد الثقة بهذه القوى الحاكمة عراقية كانت ام أجنبية . كما افرز الوضع السياسي المعقد في ظل هيمنة قوات الاحتلال الأجنبي الى حدوث انقسامات داخل معظم الاحزاب السياسية سنية كانت ام شيعية ، فمثلا وبعد تشكيل مجلس الصحوة في محافظة الأنبار والنجاحات التي حققها المجلس من خلال محاربته لتنظيم القاعدة وبعض الفصائل المسلحة المتعاونة مع القاعدة ، اصبح مجلس الصحوة في محافظة الأنبار يشكل البديل الحقيقي عن جبهة التوافق ( تمثل التيار السني ) في السلطتين التنفيذية والتشريعية ، كما وحدث انقسام في الأحزاب والتيارات الشيعية ، فمثلا انقسم حزب الدعوة الى اربعة احزاب سياسية والانشطارات لا زالت مستمرة ، وحدث انقسام داخل التيار الصدري ( جيش المهدي ) اذ يمكن القول انه انقسم الى ثلاثة اجنحة ، الجناح الاول ـ والذي يمثل الاتجاه الوطني ، وهدفه الرئيسي هو النضال من اجل انهاء الاحتلال الأجنبي ، وجدولة انسحاب قواته ، ولديه تحفظات جدية ومعلنة فيما يخص الفيدرالية وقانون الاقاليم وقانون النفط والغاز ، اما الجناح الثاني ـ فهو الجناح الذي انظم الى مجالس الصحوة في بغداد والمحافظات الغربية والتي رفضت من قبل قيادة التيار الصدري ، اما الجناح الثالث ـ فهو جناح اجرامي هدفه الرئيسي هو جمع المال من خلال القتل والسلب والنهب وفرض الآتاوات على المواطنين وغيرها من الاعمال الاجرامية .
ان قيادة التيار الصدري قد رفضت وادانت الجناحين ـ الاجرامي والمساوم ـ واعتبرتهما اجنحة متمردة ومدانة ولا لها علاقة بهذه الاجنحة ، وليس من باب الصدفة ان تقوم قيادة التيار الصدري بتجميد نشاطات جيش المهدي ولأكثر من مرة ، وكما تفيد بعض المعلومات الى ان قيادة التيار الصدري قد شكلت فرقة سميت بـ > مهمتها الاولى هي تطهير جيش المهدي ـ التيار الصدري من العناصر الاجرامية والمرتدة عن نهج هذا التيار .
نعتقد ، ان جميع هذة التناقضات والانقسامات التي حدثت وتحدث اليوم داخل المجتمع العراقي واحزابه السياسية ، يرجع سببها الرئيسي الى حب الزعامة والاستحواذ على السلطة والمال ... والى الدور السلبي لقوات الاحتلال الأمريكي
وحلفاءها والى الدور القذر للدولار الأمريكي ؟؟؟.

رابعا : ـ الدولار الامريكي وجالس الصحوة .

لقد ادركت الادارة الأمريكية وقيادة البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية ، ان القوات العسكرية قد فشلت في محاربة وتقويض تنظيم القاعدة ، وبعض الفصائل العراقية المسلحة والمتعاونة مع القاعدة ، وخاصة في محافظات بغداد والانبار وصلاح الدين وديالى والموصل .... وعلى ما يبدو فأن الادارة الأمريكية ومؤسساتها العسكرية والأمنية قد درست تجربة الاحتلال البريطاني للعراق وكيف " نجحت " الأمبريالية البريطانية في وقتها من بسط نفوذها العسكري والاقتصادي والاجتماعي على العراق ، حيث تم ذلك من خلال الاعتماد على بعض شيوخ العشائر العراقية من خلال تقديم الدعم المادي .... واعطاءهم الأراضي الزراعية وبلا حدود ، ومن خلال ذلك وغيره استطاعت سلطة الأحتلال البريطانية من بسط نفوذها على العراق ، ولكن في النهاية فشلت السياسة البريطانية ورحلت قوات الاحتلال البريطانية ، بسبب قيام ثورة تموز عام 1958 .ومن اجل معالجة الفشل الذريع الذي لحق بالادارة الأمريكية وقوات الاحتلال الأجنبي في بسط النفوذ السياسي والعسكري والأقتصادي ، لجأت الى تشكيل مجالس الصحوة في المحافظات العراقية وخاصة الأنبار وبغداد ، وان تشكيل مجالس الصحوة في العراق ما هو الا قرار امريكي ، وليس قرار الحكومة العراقية، وهناك خلاف جدي ظهر اليوم بين قوات الاحتلال الأجنبي والحكومة العراقية حول هذه المجالس وخاصة فيما يتعلق في المحافظات العراقية في الوسط والجنوب واقليم كردستان .
ان النجاح الملموس الذي تحقق في محافظة الأنبار وبغداد وديالى .. يعود الى تفاني وتضحية ابناء هذه المحافظات في محاربة تنظيم القاعدة الاجرامي ، والدعم المادي والعسكري من قبل الحكومة العراقية وقوات الاحتلال الأجنبي ، وبهذا الدعم والتضحية المقدمة من قبل ابناء العشائر تم اضعاف دور ومكانة تنظيم القاعدة وحلفاءها في المحافظات الغربية بالدرجة الاولى . ان قوات الاحتلال الأمريكي هي التي ساعدت وبشكل مباشر على تشكيل مجالس الصحوة في المحافظات والأقضية والنواحي والقرى ، وقامت بدعمها بالمال والسلاح . كما قامت قيادة القوات العسكرية الأمريكية وعلى مختلف المستويات بالنسبة لمجالس الصحوة بتعيين " تنصيب " احد شيوخ العشائر كرئيس لمجلس الصحوة ، وهو ـ طبعا ـ من " حلفاءها الجيدين " !!.
نبين ادناه بعض الخطوات المتبعة في تشكيل مجالس الصحوة وآثارها السلبية :ـ

1ـ يتم فتح باب التطوع " الديموقراطي " لمن يرغب بالانضمام الى مجلس الصحوة لقاء اجرة محددة مع تقديم كافة المستندات الرسمية المتمثلة بأجراء الفحص الطبي وأخذ بصمات ألأصابع وتقديم صورتين شخصية والعنوان كاملا ... ويتم قبول المتطوع من قبل مسؤول عسكري أمريكي بالتنسيق والمشورة مع شيخ العشيرة . ويتم تعيين شيخ العشيرة كمسؤول على مجلس الصحوة ويتم ربطه مباشرة مع القيادة العسكرية الأمريكية في المنطقة ، والشيخ مسؤول مسؤولية كاملة امام الأمريكان عن كل شيء يحدث في المنطقة .

2ـ يتم تحديد مرتب شهري لكل شيخ عشيرة < عدا الاكراميات والهدايا ... الدولارية الخاصة له > ، وكذلك لأعضاء مجالس الصحوة وحسب نوع المناطق ، فالمناطق الساخنة جدا اجورها الشهرية 600 دولار ، المناطق المتوسطة السخونة 400 دولار والمناطق " الهادئة " اجورها 300 دولار ، ويقوم الشيخ شهريا بتوزيع الاجور على اعضاء مجالس الصحوة ، وان طبيعة العمل ودقتها تتحدد بطبيعة المنطقة ، ساخنة جدا ـ متوسطة السخونة ـ او هادئة ، ويقوم الأمريكان بالتنسيق والتعاون مع شيوخ العشائر ورؤوساء الافخاذ ، ويشترط عدد من اعضاء الصحوة لكل شيخ ، وعدد محدد لكل رئيس فخذ ، ما لا يقل عن 40 عضوا وان مرتب رئيس الفخذ يتحدد بطبيعة المنطقة الساكن فيها ، وهناك نثرية مالية خاصة وشهرية يقدمها الأمريكان لكل شيخ عشيرة ولكل رئيس فخذ ،، وهذه النثرية تتجاوزالـ 1000 دولارشهريا . ان هذه النثرية هي في الغالب رشوة خاصة لهؤلاء " الأصدقاء " و "الحلفاء " تنزل في جيوبهم الخاصة شهريا .

3 ـ تقوم قوات الاحتلال الأجنبي في المنطقة المعنية بتحديد مواقع نقاط الحراسة ، وعددها لكل حي في المدينة او الريف ، ففي قرية ما يتم تحديد 12 نقطة حراسة وهي في واقع الحال لا تحتاج الا الى 4 نقاط فقط من حيث المبدأ، وكل نقطة يجب ان تضم ما بين 30 الى 40 عضوا ، وتقوم قيادة القوات العسكرية الأمريكية في المنطقة بتعيين مسؤول عسكري عام على المنطقة ، وهو اعلى رتبة عسكرية ، وهو مسؤول من الناحية العسكرية امام الأمريكان ، بالاضافة الى مسؤولية الشيخ " الصديق " ! كما يتم تعيين ضابط عسكري عراقي وبرتبة اقل على كل نقطة حراسة ، ويكون هذا الضابط مسؤولا امام الضابط العراقي الأكبر رتبة حول الوضع الأمني للمنطقة .
ان هؤلاء العسكريون هم من اعضاء وكوادر حزب البعث العراقي المسرحين من الجيش ، قسم منهم من المنتمين الى جيش المهدي في المناطق الشيعية ، ومنهم من المنتمين الى الجيش الاسلامي والقاعدة والفصائل المسلحة في المناطق السنية.

4ـ ان قيادة قوات الاحتلال الأمريكي في المناطق الأدارية المختلفة قبلت في مجالس الصحوة مجموعات كبيرة من العراقيين ( بأستثناء المتطرفين من القاعدة وجيش المهدي ) ، وبغض النظر عن العمر او الطائفة والدين ، فمن عمر 17 سنة حتى اكثر من 50 سنة ـ من السنة او الشيعةـ وحسب المناطق وهم من الفلاحين والمتقاعدين والعاطلين عن العمل والطلبة والموظفين ... ! وبنفس الوقت فأن العسكريين الأمريكان يعرفون وبشكل جيد ان قسما من هؤلاء المنتمين لمجالس الصحوة هم من تنظيم القاعدة والجيش الاسلامي " من السنة " ومن جيش المهدي " من الشيعة " وبعض الفصائل المسلحة وهم يغضون النظر على اساس ان هؤلاء من الأجنحة المعتدلة ؟ .

5ـ لقد اعطت قوات الاحتلال الأمريكي صلاحيات وسلطات كبيرة لشيوخ العشائر ، وحسب المناطق فيما يخص عمل مجالس الصحوة ، واصبحت كلمة الشيخ مسموعة لدى الأمريكان ، فهو ينقل ويطرد ويمنح الأمتيازات المادية ، ويعين الحمايات الخاصة به ، ولديه صلاحيات اسستقطاع مبالغ محددة من اعضاء مجالس الصحوة من اجل القيام بالولائم الخاصة للقوات الأمريكية في منطقته وبشكل منتظم ، فأصبح ذبح الخرفان سمة مميزة لشيوخ العشائر من المتعاونين مع قوات الاحتلال الأجنبي، وبالتالي يمكن القول ان الأمريكان وباسلوبهم الواعي والمخطط قد أرجعوا او عززوا سلطة الاقطاع من جديد سواء في الريف او في مناطق أخرى وتحت مسميات عديدة , هذه هي دولة القانون والديموقراطية التي تدعيها الادارة الأمريكية في ظل ما يسمى بالعولمة ؟

6ـ تقوم قوات الاحتلال الأمريكي وحسب المناطق الادارية باعمال ونشاطات سياسية واقتصادية مشروطة ـ طبعا ـ بشروط خاصة ، فمثلا يقيمون علاقات " جيدة " بل "ممتازة " احيانا مع بعض شيوخ عشائر اغلبهم كانوا اعضاء في حزب البعث ، وحسب مكانة كل شيخ من الطرفين ( السنة والشيعة ) ، ويتم تقديم الدعم المادي وغير المادي للشيوخ / مثل تقديم الأسمدة الكيمياوية والبذور وتطهير الأنهر .... ويقوم هؤلاء الشيوخ بالمتاجرة وكسب الاصدقاء وبدون رقيب حكومي ، كما يتم تقديم منحة مقدارها 1900 دولار لكل رئيس فخذ " بشرط " ان يقوم بعمل " انتاجي او خدمي " ومن هنا يبدأ السباق نحو الأمريكان للحصول على المنح وغيرها !! كما يقوم المسؤول العسكري الأمريكي في المنطقة بزيارات مكثفة ومنتظمة والتنسيق مع شيوخ العشائر من " اصقاؤهم " وبأختلاف اتجاهاتهم الطائفية ، ومن خلال هذه العلاقة " الحميمة " يقوم كل شيخ بدلو دلوه الخاص للمسؤول الأمريكي بما لديه من معلومات خاصة او عامة عن المنطقة او عن شيوخ اخرين غيره ، وغير ذلك ، ومن خلال ذلك فأن القيادة العسكرية الأمريكية وبهذا الاسلوب استطاعت ان تجمع لديها معلومات موثقة ومفيدة سواء عن المنطقة او شيوخ المنطقة ، اضافة الى المعلومات التي يحصلون عليها من قنواتهم الخاصة من " اصدقا ءهم " و " حلفاءهم " لقاء ضخ الدولارات .

7ـ كما هو معروف ، هناك خراب سياسي واقتصادي ـ اجتماعي قد حل في العراق منذعام 1980 ولغاية اليوم خراب لا مثيل له في منطقة الشرق الاوسط ، فالنظام السابق والامبريالية الأمريكية يتحملان المسؤولية عما حدث ويحدث اليوم في العراق ، وان الادارة الأمريكية استغلت الوضع الاقتصادي ـ الاجتماعي المنهاروالمخرب وقامت بتشكيل مجالس الصحوة ، وتم دفع اجور شهرية خيالية لأعضاء مجالس الصحوة بالمقارنة مع متوسط المرتب والأجر في الجهاز الاداري الحكومي ، وهدفها الرئيسي هو كسب بعض العراقيين وتجنبها الخسائر البشرية ، فعلى سبيل المثال ان كل عائلة سواء في الريف او المدينة وبالمتوسط لديها ما بين 5 الى 7 ابناء ، فالدخل الشهري للعائلة الواحدة يتراوح ما بين 1500 الى 2000 دولار ، وان هؤلاء لا يقومون بأي عمل انتاجي ملموس سوى حراسة الأمريكان بالدرجة الاولى ، بهذا العمل الواعي والمخطط له ، كرست قوات الاحتلال الأجنبي وتكرس التخريب والدمار للقطاع الزراعي والصناعي ، اذ تم تحويل وتجميد غالبية ابناءالعاملين في مجالس الصحوة الى اجراء ومستهلكين فقط ، وتم ابعاد هؤلاءعن ممارسة أي نشاط اقتصادي لا في الزراعة ولا في الصناعة ..... فهل هذا العمل يخدم الاقتصاد العراقي اليوم ؟.

8ـ تدرك قوات الاحتلال الأجنبي وبشكل جيد ان اعضاء مجالس الصحوة في المناطق التي تم تشكيلها ، هم اغلبهم من تنظيم القاعدة والجيش الأسلامي وجيش المهدي ومن اعضاء وكوادر حزب البعث العراقي من المدنيين والعسكريين ، ولكنها تعتبرهم من الاجنحة المعتدلة ، كما تدرك قوات الاحتلال ان المتطرفون من جميع هذه التنظيمات والذين لم يدخلوا مجالس الصحوة ، يتقاضون اجور شهرية اجبارية من الأعضاء المنتمين الى مجالس الصحوة ، وفي الغالب يقوم الشيخ بذلك من خلال الاستقطاع المالي من البعض ، ويقول لهم " أخذوا المبالغ المستقطعة من اخوانكم الأخرين " ، والهدف الرئيسي من ذلك هو تجنب المشاكل مع هؤلاء المتطرفين !! ومن هنا تم خلق فتنة بين اعضاء مجلس صحوة العشائر في المنطقة . كما يمكن القول ان قوات الاحتلال استطاعت شق واضعاف تنظيم القاعدة والجيش الاسلامي وجيش المهدي والتنظيمات المسلحة الأخرى ، من خلال انضمام اغلبية اعضاء هذه التنظيمات الى مجالس الصحوة ، وحسب المناطق سنية كانت ام شيعية . ان هذا العمل كان عملا واعيا يهدف الى تقليص عدد خسائر القوات الغازية ، والى اشعال الفتنة بين الفصائل المسلحة من جهة اخرى .
ان سياسة الادارة الأمريكية وحلفاءها تهدف الى عسكرة المجتمع والاقتصاد من جديد ، بدليل لو اخذنا عدد القوات المسلحة العراقية وقوات الداخلية وقوى الأمن والحمايات وحماية وزارة النفط وقوات الصحوة التي تتزايد يوميا ، وغيرها من التنظيمات العسكرية الأخرى لبلغ عدد الأفراد المسلحين ما يقرب من المليون عسكري ، فلمصلحة من يتم ذلك ؟ ، ان جميع هذه التناقضات والصراعات والأحتراب الطائفي والقومي والديني .... سواء داخل المجتمع العراقي بشكل عام او داخل الأحزاب السياسية وبكل اتجاهاتها الفكرية بشكل خاص يرجع السبب الرئيسي لذلك الى دور الولايات المتحدة وقوات الاحتلال الأجنبي والدولار الأمريكي وضعف الشعور بالمسؤولية الوطنية لدى بعض " القادة " بالمخاطر المحدقة على العراق



#نجم_الدليمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات اولية عن لآثار الاقتصادية الاجتكاعية للنهج الاقتصاد ...
- الارهاب في العراق ، بعض الادلة والبراهين
- العلاقة - الحميمة - بين الخيانة والدولار - الجزء الاول
- ملاحظات اولية عن الاثار الاقتصادية – الاجتماعية
- كوبا : الصمود, التحدي , المنجزات
- الامبريالية الامريكية وخطر ارهاب سلاحها النووي اليوم على الع ...
- احذروا فيروس الخيانة الكبرى
- من اين ينبع خطر الحرب الكونية اليوم على العالم ؟
- محنة الشعب العراقي و كارثة 11 ايلول في اميركا
- حول الصراع الروسي المريكي
- ديموقراطية في الخارج أدلة وبراهين-2
- ديموقراطية اميركا من الداخل أدلة وبراهين إإإ
- من يقف وراء الارهاب الدولي
- مأثرة الشعب السوفييتي في 1418 يوما (بمناسبة الذكرى الستين لل ...
- لينين والحزب
- بغداد ـ الخيانة والسقوط
- ملاحظات اولية حول تنفيذ برنامج الخصخصة - نموذج روسيا الاتحاد ...
- 11 أيلول، ذريعة مخطط لها
- ماهو حجم الخسائر البشرية والمادية للشعب العراقي
- وجهة نظرحول مهامنا الوطنية اليوم


المزيد.....




- من أجل صورة -سيلفي-.. فيديو يظهر تصرفا خطيرا لأشخاص قرب مجمو ...
- من بينها الإمارات ومصر والأردن.. بيانات من 4 دول عربية وتركي ...
- لافروف: روسيا والصين تعملان على إنشاء طائرات حديثة
- بيسكوف حول هجوم إسرائيل على إيران: ندعو الجميع إلى ضبط النفس ...
- بوتين يمنح يلينا غاغارينا وسام الاستحقاق من الدرجة الثالثة
- ماذا نعرف عن هجوم أصفهان المنسوب لإسرائيل؟
- إزالة الحواجز.. الاتحاد الأوروبي يقترح اتفاقية لتنقل الشباب ...
- الرد والرد المضاد ـ كيف تلعب إيران وإسرائيل بأعصاب العالم؟
- -بيلد-: إسرائيل نسقت هجومها على إيران مع الولايات المتحدة
- لحظة تحطم طائرة -تو-22- الحربية في إقليم ستافروبول الروسي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نجم الدليمي - الصراع السياسي ومجالس الصحوة . نظرة من الداخل ، القسم الاول