أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هدى ابو مخ - مصر, الحرية و-المعادلة- المحلولة














المزيد.....

مصر, الحرية و-المعادلة- المحلولة


هدى ابو مخ

الحوار المتمدن-العدد: 693 - 2003 / 12 / 25 - 13:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


في مصر, المعادلة محلولة, فالمحجبة هي "الفاضلة" والسافرة هي "الساقطة".
لا انكر خيبتي الناتجة عن زيارتي لاول بلد عربي... عشت اياما منهكة الفكر, مشوشة في علاقتي مع جسدي, فهذه اول مرة اتجرع فيها كل هذا الكم من الفكر الذكوري, العنصري المعادي للمراة والمستبطن على يد الذكور المصريين – دون التطرق حاليا الى الاناث المصريات- بتلك الصورة الجلية. وارجو الا يفهم قصدي بصورة خاطئة, ففي مصر هنالك ايضا الاناس العظماء في طيبتهم ورقي فكرهم, لكن للاسف فان ما يترك الاثر في النفس هو الالم الناتج عن الشعور بالمهانة. وبقولي فكر عنصري معاد للمراة فانني اقصد كل تلك الدوافع التي قادت ذكورا مختلفين الى التصرف تجاهي وتجاه اخريات كن معي – من غير المحجبات- بكل تلك العدائية ذات الدلائل الجنسية.
منذ وطات اقدامنا ارض القاهرة حذرنا المرشد السياحي المصري من السير منفردين, حتى ان كان ذلك نهارا, فالشباب حين يرون فتاتا تلبس عالموضه – عالموضه تعني من لا تضع منديلا على راسها- فانه طبيعي لديهم ان يعبروا عن رايهم بالتصفير او التعليق اعجابا لها. ولكي يطمئننا اردف: الشباب هنا تعبر عن اعجابها من بعيد, لكنهم لا يتجرؤون على التعرض لاي فتاه, فمن ناحية فان اخلاقهم تمنعهم من ذلك, ومن ناحية اخرى فان القانون المصري يعاقب بشدة من يجرؤ على التعرض للسائحات. مما تبين لاحقا, فان ما ذكره لم يكن شديد الدقة, ف"اخلاق" الشباب لم تكن رادعة بالصورة التي وصفها. لدرجة ان احد الشباب الذين رافقونا علق: "الله يعين بنات مصر عهالشباب".
سيتهمني الكثيرون اني اجر الحديث عمدا الى الحجاب. لكني اظن ان اي انثى لا ترتدي الحجاب ستفهم كيف ان الحجاب هو رقم مهم في معادلة التواجد في مصر. لا يعني الامر انني اربط الحجاب بالانحلال الاخلاقي, لكني اعني بان الوضع الذي يصير فيه الحجاب –وهو رداء خارجي- رمزا للفضيلة وما عداه هو نقيض الفضيلة, وضعا كهذا هو الذي انتقده, حيث ان اي راي اخر يقابل فورا بالعدوانية وبالرفض حتى قبل اي نقاش. في وضع كهذا طبيعي ان تعمل جاهدا للحفاظ على فعل البقاء الانساني, ولكل فرد طريقته في ادارة هذا الصراع, فالبعض يواجهه بالاستسلام له, والبعض بمقاومته.
لفت نظري الاعداد الكثيرة للمحجبات, ولربما من فهم فردي, شعرتهن كمن يجتهدن للهرب من اعين الشباب, بعيدا جدا... الى انفسهن. فكرت بانه حتما فان لانصياع الفتيات للواقع واستبطانه عن طريق البحث عن "الفضيلة" ودرء الشباب عنهن, لهذا الانصياع الباع الكبير في تمادي الشباب وعنجهيتهم. كنت حين وصلت الى هذه المرحلة من التفكير قد انطويت على نفسي في حجرتي في الفندق لا اطيق مغادرته حتى الى المركز التجاري المقابل له. كنت قد قررت التنازل عن هوايتي المفضلة, اي التنزه وحيدة –نهارا. انتابني احباط عنيف هز كياني: احباط نسوي- قومي. فكيف لهذا الشباب ان يكون يوما شعبا حرا وراقيا ما دامت تستعبده الاكاذيب, وتسيره العنصرية وسطحية التفكير (الفضيلة مقابل البغاء, وكانما الصورة بهذه السطحية)؟ وكيف لهذا الجيل ان يرقى ويتحرر من الاستعمار والذل  ما دام هو نفسه يمارس الاستعمار والاذلال لغيره (نعم, لا تبتسموا بسخرية, فحتى ابتسامة كهذه هي ما يطلقه صهيوني متطرف حين يستمع الى فلسطيني يتذمر من الظلم والاجحاف الذي يعانيه).
فكرت طويلا, فحتى وان حدث وصرنا شعوبا مستقلة, فاي الشعوب سنكونها؟ وما العلاقات التي ستحكمنا؟ وما موقعي كامراة في هذه العلاقات؟ وهل ساقرر شيئا فيها ام اعيش رهابا ابديا لمجرد كوني بهذا الجسد؟
لم يطل امد حيرتي. فان كنا لا نزال شعبا لم يتخذ بعد هيئته النهائية – لاجيال عديدة قادمة على الاقل- فعلي ان اقرر الان بان اكون رقما في هذه العلاقات, وليس مجرد نتيجة. تنازلي الان عن هواية مفضلة, وانطوائي في حجرة فندق سيعني تنازلي عن ابسط حقوقي, وسيعني اكثر ما يعني عدم اختلافي عن اي من اولئك الفتيات اللواتي استبطن نظاما ومعاييرا اجتماعية فاسدة ومجحفة في ان واحد.
في ذات اللحظة بدلت ملابسي وخرجت لامارس هوايتي المفضلة: التنزه وحيدة.

رائعة انت يا مصر حين نكون فيك نسائم طليقة, تلفظها الحرية...

 



#هدى_ابو_مخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من سيرة ذاتية لأقلية: خطاب النصر خلف تجربة الهزيمة في -عرب ي ...


المزيد.....




- -الأغنية شقّت قميصي-.. تفاعل حول حادث في ملابس كاتي بيري أثن ...
- شاهد كيف بدت بحيرة سياحية في المكسيك بعد موجة جفاف شديدة
- آخر تطورات العمليات في غزة.. الجيش الإسرائيلي وصحفي CNN يكشف ...
- مصرع 5 مهاجرين أثناء محاولتهم عبور القناة من فرنسا إلى بريطا ...
- هذا نفاق.. الصين ترد على الانتقادات الأمريكية بشأن العلاقات ...
- باستخدام المسيرات.. إصابة 9 أوكرانيين بهجوم روسي على مدينة أ ...
- توقيف مساعد لنائب من -حزب البديل- بشبهة التجسس للصين
- ميدفيدتشوك: أوكرانيا تخضع لحكم فئة من المهووسين الجشعين وذوي ...
- زاخاروفا: لم يحصلوا حتى على الخرز..عصابة كييف لا تمثل أوكران ...
- توقيف مساعد نائب ألماني في البرلمان الأوروبي بشبهة -التجسس ل ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - هدى ابو مخ - مصر, الحرية و-المعادلة- المحلولة