أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نصارعبدالله - من حكايات المجاعة














المزيد.....

من حكايات المجاعة


نصارعبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2233 - 2008 / 3 / 27 - 10:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


د/ نصار عبدالله
قليل جدا على الجوع أن يوصف بأنه كافر، لأنه فى الحقيقة أبشع من ذلك بكثير!! ، ويكفى فى هذا المجال أن ننظر إلى سلوك المصريين عبر واحدة من أسوأ المجاعات التى مرت بهم على مدى تاريخهم كله ونعنى بها: "الشدة المستنصرية" التى شهدتها مصر فى فى القرن الخامس الهجرى ( الحادى عشر الميلادى) فى عصر الخليفة المستنصر ، حين انخفضت مياه النيل عن منسوبها المعتاد ولم تعد كافية لرى كل الأراضى فانخفض الناتج من القمح، وارتفعت بالتالى أسعار الخبز والدقيق ، وانتهز التجار الفرصة فأخفوا ما لديهم لكى تزداد الأسعار ارتفاعا، حتى إن الرغيف الواحد أصبح يباع بخمسة عشر دينارا فيما ذكربعض المؤرخين !!... وفيما ذكروه أيضا أن امرأة باعت عقدا من اللؤلؤ الثمين يساوى ألف دينار واشترت بثمنه جوالا من الدقيق ، وبينما هى عائدة به إلى البيت هاجمها العامة واستولوا عليه عنوة ، وحاولت أن تقاوم ، لكنها لم تستطع سوى أن تستنقذ منه قبضة!! فخبزت منها رغيفا ، ثم مضت إلى قصر الخليفة ووقفت أمام القصر وهى تصرخ : " أدام الله عز مولانا الخليفة ... أكلنا فى زمنه الرغيف بألف دينار !!" ، وغضب المستنصر، وأمر الجند فداهموا مخازن التجار واستخرجوا ما بها وعرضوه بأكمله للبيع ، لكن هذا لم يحل المشكلة إذ سرعان ما نفد المخزون لدى التجار ، وبدأ الناس يلتمسون الدقيق فلا يجدونه ولو بأى سعر!! وإذا بامرأة أخرى تعرض مدادة من الجواهر الثمينة لقاء قدح من الدقيق فلا تجد من يقبلها ولو بحفنة !!! فتلقيها إلى الطريق قائلة إن لم تنفعينى الآن فلا نفع لى فيك أبدا !، ويمر الناس على الجواهر فيرونها مرمية فلا يلتفت إليها أحد !!! وإذا بالجوع فى نهاية المطاف لا يفتك بالبطون فقط ولكنه يفتك بالقلوب والمشاعر ويذهب بالألباب ، ففى العام الأول من أعوام الجفاف كان الناس يأكلون الجرذان والقطط والكلاب ، بل ويبيعونها أيضا ، حيث كان الكلب يباع بجملته بخمسة دنانير أويباع مذبوحا ومقطعا إلى أرطال ، ومع تعاقب أعوام القحط كادت أن تختفى من البلاد تماما كل القطط والكلاب وأصبح من النادر جدا أن يسمع الناس صوت قطة تموء أو كلبا ينبح!! ، بل لقد كادت أن تختفى من مصر كذلك كل أنواع الهوام والدواب ، وقد وصل الأمر إلى حد أن الوزير " أبا المكارم" ، كان ذاهبا إلى قصر الخليفة راكبا بغلتة التى كان يقتادها غلام هزيل ،وعندما ترجل عنها عند باب القصر هاجمه ثلاثة قاموا بسحب البغلة بعيدا ثم ذبحوها ، ولم يقدر الغلام على صدهم لفرط ضعفه فاستنجد بالحراس الذين خفوا مسرعين فأمسكوا بالـ ( جناة )، وأمر الخليفة بشنقهم وتعليق جثثهم على أسوار القصر حتى يصبحوا عبرة لمن يعتبر،... وفى الصباح كانت المفاجأة الكبرى إذ اختفت جثث المشانيق ، وعثر على بقايا عظامهم أسفل السور وقد تم إخلاؤها ـ بفعل فاعل ـ مما كان عليها من جلد ولحم !!! ، وهو ما يعنى ببساطة أن البعض قد انتقلوا بفعل الجوع إلى مرحلة أخرى من مراحل الضراوة الحيوانية ...أو إن شئنا فقد انتقلوا إلى مرحلة أخرى من مراحل التدنـّى ، إذ أنهم قد انتقلوا من مرحلة أكل القطط والكلاب والزواحف والجرذان ، إلى مرحلة أكل لحوم الموتى من إخوانهم من بنى البشر !!! ومع هذا فإن هذا المستوى من التدنى الحيوانى لم يكن هو نهاية المطاف، إذ سرعان ما انتقلوا بعدها إلى ما هو أفظع وهو أكل البشر المحتضرين الذين يوشكون على الموت ، أو أكل الأحياء بعد اصطيادهم!! ، وفيما رواه لنا المقريزى فى هذا المجال أن امرأة قامت بطهى حفيدها الرضيع المحتضر قائلة : " أنا أولى به .. إذا لم آكله أنا فسوف يأكله غيرى !!، كما روى لنا بعض المؤرخين أن سكان بعض أزقة القاهرة كانوا يكمنون على أسطح بيوتهم ويصطادون المارة بالكلاليب حيث يلقون على عاثر الحظ من السائرين فى الزقاق، يلقون عليه حبلا فى نهايته ( هلب ) ، فيمسك الهلب بالعابر، ثم ينتشلونه إلى السطح فيذبحونه ويأكلونه !!!.. هذا بعض ما فعلته المجاعة بالمصريين فى القرن الخامس الهجرى، فما الذىياترى سوف تفعله بهم مجاعة القرن الخامس عشر؟؟؟
[email protected]



#نصارعبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البوكر العربية
- غسيل الأعراض!!
- رحيل رجاء النقاش
- أميون فى معرض الكتاب (2)
- لماذا سكت النهر؟
- احتجاب الشقيقة الكبرى!
- مقاطع غير ساخرة
- الجهل الرسمى أفضل !!!
- الديسمبريون
- نكتة الموسم
- عن رحيل الرؤساء
- عن الحسبة والمحتسبين
- حبس رموز الضمير
- أيها الكائن المتوحش
- موقعة توشكى
- التيس والمرآة
- البهائيون المصريون
- الغاسل والمغسول
- لماذا؟
- أولاد حارتنا


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نصارعبدالله - من حكايات المجاعة