أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أشرف عبد القادر - النوم في العسل و التفكير بالوهم















المزيد.....

النوم في العسل و التفكير بالوهم


أشرف عبد القادر

الحوار المتمدن-العدد: 692 - 2003 / 12 / 24 - 08:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


 عندما كان ينهزم منتخب مصر في كرة القدم، كان السبب _دائماً _ إما حكم المباراة المنحاز للفريق الآخر، وإما سوء الأحوال الجوية أو رداءة أرض الملعب، ولكن أبداً ما كان السبب هو ضعف الفريق وسوء أداءه، فهناك دائماً عقدة اضطهاد تنتظرنا _ نحن العرب _ في كل مكان، وهناك مؤامرة بل مؤامرات خارجية تحاك لنا في الخفاء هي السبب فيما نحن فيه من تأخر، والسبب في ذلك أمريكا وأوربا ومن ورائهم إسرائيل في كل ما يحدث لنا.فنحن _ كعرب ومسلمين _ لا نريد أن نري الواقع كما هو بإحباطاته وآلامه، بل نود أن نراه وفق رغباتنا نحن في مخيلاتنا نحن، فلا زلنا منعزلين عن واقعنا ونعيش فيه بالتمني وبالوهم وهذا ما جعلنا لا نقيم حسباناً لموازين القوى الدولية والإقليمية، حتى مصالحنا القومية التي يجب أن تعتمد على مبدأ حساب الربح والخسارة، نقيمها دائماً بالعواطف وبالشعارات السهلة، فبعد جريمة 11 سبتمبر وبدلاً من أن نخضعها للفحص والتحليل لمعرفة أسبابها واتخاذ القرارات الصحيحة بعدها، وبرغم وجود 19 سعودي وكويتي على متن طائرات منفذيها،ألقي مرددوا الشعارات السهلة بتبعية هذه الجريمة على الموساد حتى يريحوا أنفسهم من مشقة البحث وعناء التحليل، وقالوا أن هناك ثلاثة آلاف يهودي لم يحضروا إلى مركز التجارة العالمي يوم الحادث لأن الموساد أخبرهم بالحادث ، أي لجأوا إلى حلول السهولة وهي "نظرية المؤامرة" و"عقدة الاضطهاد". نفس الشيء حدث بعد حادثة الأقصر الشهيرة والتي قامت بها الجماعة الإسلامية بقيادة الظواهري ،فلقد سارعت جريدة "الشعب" [الإسلامية] إلى القول بأن الموساد هو الذي فعلها لضرب السياحة في مصر. فنحن أمام مشاكلنا نهرب من واقعنا المرير بإحباطاته إلى أحلامنا الهاذية التي تنتهي دائماً بكوابيس تزيدنا تأخراً وتعمق فينا جرحنا النرجسي المنفتح بعرض نهر السين.
والأمثلة على هذا الفكر السحري الأسطوري الذي يطلب من الواقع إعطائه نتائج مخالفة لقوانينه أكثر من أن تحصي، ففي سودان الترابي الذي هو حسب مؤشرات التنمية يقع تحت خط الفقر، قرر الترابي أن يقود الثورة في العالم ويعيد تشكيل النظام العالمي الجديد بدلاً من الصين واليابان وروسيا، دون أي حساب لموازين القوة الدولية والإقليمية، هو يريد، فلابد للواقع أن يخضع لإرادته تماماً كما كان يعتقد الطفل في صغره بأنه مركز الكون وأن العالم كله يخضع لرغباته من منطلق مبدأ"كن فيكون" والغريب والعجيب أنه وجد من يتحمسون له ويؤلفون الأشعار لمشروعه الوهمي، وبنفس هذه العقلية المرضية  وبنفس الحلم الهروبي كان مشروع صدام الإمبراطوري للمنطقة بغزوه لإيران والكويت _ رغم ادعاءاته _ إلا محاولة للهروب من واقع الدولة النامية الغير قادرة على تحقيق تماسكها الداخلي إلا من خلال حلم غير قابل للتحقيق.
وبنفس هذا الفكر التبريري رفض كثير من المثقفين عبر الصحافة والإعلام طريقة استسلام صدام المهينة، لأنهم يريدونه بطلاً، وحيث أنه ظهر جباناً خلال القبض عليه إذن لابد أن هناك مؤامرة حيكت له وأن الغازات المخدرة أطلقت عليه ليستسلم لأنهم لا يريدونه أن يكون جباناً. وظهر فرسان الصحافة وحاملي الشعارات عبر الصحافة والفضائيات يحكون عن السيناريو الأمريكي الهليودي للإمساك بالبطل"القائد"، وقالوا إن حركات صدام لم تكن طبيعية لأنه واقع تحت تأثير مخدر، وقالوا إنه ظهر في خلفية الصورة نخلة بها بلح، والبلح لا يظهر إلا في الصيف، وقالوا إنه ليس صدام الحقيقي لأن صدام لا يمكن للأمريكان الإمساك به، وأن هناك أكثر من شبيه لصدام، وأن صدام "القائد الضرورة" قد زود رجاله الذين يشبهونه بدمه حتى تختلط الأمور على الأمريكان ليتوقعون أنهم أمسكوا به، أما أغرب ما سمعت من هوس مرضي هو أن المقاومة العراقية ستتمكن    _ لو كان هو صدام فعلاً _ من الإفراج عنه  برغم الحراسة الأمريكية .
أن نسمع مثل هذا الكلام _ العاطفي _من بنات صدام أو حتى من زوجاته عبر الفضائيات من أن أباهم قد تعرض لمخدر من قبل الأمريكان، وأنه لولا ذلك لقاتل الأعداء، فهو كلام مقبول من أسرته لأنه كلام عاطفي صادر من أبنه تجاه أبيها رمز الحماية ، لكن أن يردد مثل هذا الكلام"الهاذي" رجل بوزن عبد الباري عطوان رئيس تحرير "القدس العربي" فهو مرفوض جملة وتفصيلاً، لأنه كلام من نسج الخيال ولا دليل على صحته، لأن الأستاذ عبد الباري عطوان يكتب في جريدة محترمة ولها قرائها ويخاطب من خلالها النشء، فنرجو منه أن يحترم عقل قراءه وأن يلجأ إلى الموضوعية والعقلانية في كتاباته لأن هناك آلاف إن لم يكن ملايين يقرؤون له ويتتلمذون في مدرسته الصحفية، ولن تتقدم الأمة العربية والإسلامية وهذا حال مثقفيها في مواجهة الأزمات، فنحن نحل مشاكلنا على طريقة حكايات أبو زيد الهلالي، يقول المستشار العشماوي في مقاله بمجلة "روزليوسف"بتاريخ 8/8/2003 بعنوان [صناعة الوهم وثقافة التسول]" عندما ينفصل الكلام عن الفعل ويصبح فعلاً في حد ذاته، وحينما لا يتصل الحديث بالواقع ويكتفي بمجرد الحديث عنه فإنه ينتج عن ذلك عالم من سراب، قوامه الإشاعات وكيانه الأمنيات، وهو ما يسمي التفكير بالتمني، فيعيش الشخص والشعب في أوهام متزايدة وأحلام متباعدة حتى يفاجأه الصحو أو تصدمه الحقيقة.وهذا ما حدث في التاريخ العربي مرتين،ففي عام 1967 استمع الشعب إلى خطب وتهديدات أيقن منها أن إسرائيل قد أوشكت على الزوال، وأن شعبها سوف يلقي الموت غرقاً عند إلقائه في البحر. وفي 5 يونيو وبعد ساعتين فقط من بدء الحرب، كانت الهزيمة قد لحقت بالعرب جميعاً (..) ولأن نظم الحكم لم تتعلم مما حدث في 5 يونيو 1967 فقد تكرر الحال مرة أخرى في الحرب ضد نظام الحكم العراقي، وظل الشعب العربي يصدق ما يذاع بتبجح عن هزائم العلوج وانتحار مغول العصر على أسوار بغداد حتى فجع الحالمون والجاهلون بسقوط النظام العراقي يوم 9 إبريل 2003 وهو سقوط للوهم العربي"،  فلقد ‘صدم الأستاذ عبد الباري عطوان من منظر استسلام صدام حسين بهذه الطريقة المهينة، لكنه نسي أن صدام البطل هو الذي صنعه وأمثاله في صحافتنا العربية  بأقلامكم من خلال أحلامهم لكنه للأسف كان بطلاً من ورق.



#أشرف_عبد_القادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 13/12/2003 يوم سيذكره التاريخ
- حديث مع مربي الأجيال المفكر جمال البنا- شقيق حسن البنا- العل ...
- فريدة النقاش في حديث صريح - نحن في حاجة إلى تأويل النص الدين ...
- الموقع الضرورة
- رسالة مفتوحة إلى الرئيس مبارك من أجل وقف مسلسل العنف الكريه ...
- مؤرخ مصر المعاصرة: الدكتور رفعت السعيد في حديث مثير وعميق
- رسالة إلى روح دلال..!
- بل هناك -اجتهاد- مع النص!


المزيد.....




- فن الغرافيتي -يكتسح- مجمّعا مهجورا وسط لوس أنجلوس بأمريكا..ك ...
- إماراتي يوثق -وردة الموت- في سماء أبوظبي بمشهد مثير للإعجاب ...
- بعد التشويش بأنظمة تحديد المواقع.. رئيس -هيئة الاتصالات- الأ ...
- قبل ساعات من هجوم إسرائيل.. ماذا قال وزير خارجية إيران لـCNN ...
- قائد الجيش الإيراني يوضح حقيقة سبب الانفجارات في سماء أصفهان ...
- فيديو: في خان يونس... فلسطينيون ينبشون القبور المؤقتة أملًا ...
- ضريبة الإعجاب! السجن لمعجبة أمطرت هاري ستايلز بـ8 آلاف رسالة ...
- لافروف في مقابلة مع وسائل إعلام روسية يتحدث عن أولويات السيا ...
- بدعوى وجود حشرة في الطعام.. وافدان بالإمارات يطلبان 100 ألف ...
- إصابة جنديين إسرائيليين بجروح باشتباك مع فلسطينيين في مخيم ن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أشرف عبد القادر - النوم في العسل و التفكير بالوهم