أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - عقدة الانتصار في الدرس الفرنسي















المزيد.....

عقدة الانتصار في الدرس الفرنسي


لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)


الحوار المتمدن-العدد: 2230 - 2008 / 3 / 24 - 03:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يعد تاريخ الاستعمار الأوروبي لشعوب ما وراء البحار حلقة خاصة في سلسلة الأحداث التاريخية التي عرفتها البشرية منذ بدية التاريخ إلى يومنا هذا.فالتاريخ الاستعماري مميز في أكثر من مستوى,مميز بالحدث نفسه, أسبابه غاياته طبيعته, وبنوع المادة التاريخية المصدرية والمرجعية, وبالانخراط الواسع للمؤرخين في الميتروبول والمستعمرات لمعالجة هذه المرحلة . وكل يدون,بالطبع, على شاكلته. فقبل القرن التاسع عشر كان المنتصرون وحدهم يكتبون التاريخ لتدوين انتصاراتهم, فكانت بعض المؤلفات تحمل في عنوانها كلمة الحرب أو ما يراد فها, من ذلك مثلا كتاب حرب يوغورطة للمؤرخ اللاتيني سالوست,و حرب البيلوبونيز للمؤرخ تيوكوديدس,فتوح أفريقية والأندلس لعبد الرحمان بن الحكم, وهناك حوليات تدور بعض فقراتها حول بطل ما قاد حربا أو تمردا مثل الحولياتles anales لتاكيتوس التي تتضمن مقاومة القائد الأمازيغي تاكفاريناس وهناك مؤلفات حول محاسن شخصية ما, مثل المنتقى المقصور على محاسن الخليفة أبي العباس المنصور لابن القاضي, وهناك كتب تؤرخ لطائفة ما كالعلماء, مثل دوحة الناشر لمحاسن من كان بالمغرب من مشايخ القرن العاشر لابن عسكر, و إذا استثنينا كتب الرحلات وبعض الحوليات والكتب مجهولة المؤلف ندر من يكتب عن التاريخ الشعبي . وفي القرن التاسع عشر ظهرت حركة واسعة لا حتلال أراضي ما وراء البحاراطلق عليها تعمير الأراضي الفارغة واستعمار الأراضي الآهلة بالسكان في أفريقيا وآسيا وأمريكا وجزر المحيطات ,الأطلنطي والهندي والهادي, فانتشر التعليم في الكثير من المستعمرات إلا المستعمرات البلجيكية التي حرمت المستضعفين من ذلك الحق الإنساني , بفعل الموقف السلبي للدولة المستعمرة من تعليم الأهالي. صحيح أن أبناء المستعمرات لم يشرعوا في الكتابة عما شهدته أوطانهم من اعتقال وتعذيب ونفي وتشريد وإعدام وقبل ذلك لم يتمكنوا من الكتابة عن أحداث مقاومة المحتل هنا وهناك, حتى مضت فترة من الزمان يصعب فيها الاستدراك. و يسجل عن تلك الكتابات الاستعمارية أنها لا تزال مستمرة إلى اليوم بفعل غزارة المادة التاريخية, لأن المستعمرين قوادهم وحكماءهم وأطباءهم و معلميهم وعلماءهم لا يغادرون صغيرة ولا كبيرة إلا دونوها في مذكراتهم اليومية أو في التقارير الدورية. ولأن أبناء المستعمرات يحكون دوما قصص الاستعمار نقلا عن آبائهم وأجدادهم. لقد اهتم المنهزمون,أبناء المستعمرات, بالتاريخ بفعل انتشار الوعي السياسي في صفوفهم, و الذي ينمي في الغالب الوعي التاريخي, ويعمق حب الوطن في النفوس. إن انخراط مؤرخي الشعوب المستعمرة (بفتح الميم ) في التدوين التاريخي آثار انتباه السيد إيفون لوكال Yvon le Gall سكريتير تحرير نشرة( التاريخ والتراث Histoire et patrimoine ) التي تصدرها مؤسسة ميلان بريس Milan Presseالفرنسية فالتفت إلى ظاهرة تدوين تاريخ الاستعمار من لدن أبناء المستعمرات في مقدمة العدد الثالث من النشرة المذكورة والذي صادف ظهوره صيف 2005.ونسجل أن المحور الذي عالجته النشرة في العدد المذكور( فرنسا المستعمرة (بكسر الميم ) قرنان من الزمان ) حي يتناسب وموضوع الساعة, لذلك اعتمدناها مادة مرجعية في هذا المقال. وكلنا يعيش الحملة المسعورة التي شنتها الصحف الدنمركية ضد الإسلام والشعوب الإسلامية والتي تبنتها حكومة الدنمرك البلد الذي لم يعرف لحسن الحظ الماضي الاستعماري, لأن كلنا يعلم من دروس التاريخ طبيعة قبائل الفايكنج العنيفة.والغريب أن الدنمرك تعاني من عقدة الانتصار أو بالأحرى تبتغي التأريخ لانتصار وهمي.وبالمقابل ترى فرنسا, الآن, أكثر من أي وقت مضى, تنتقد ذلك الماضي السيء الذي لم تعد تعتبره انتصارا. و يمكن القول إن هناك كتابات فرنسية تنتقد أشد الانتقاد السلوك الاستعماري في المستعمرات و تنتج نصوصا توشك أن توهم القاريء ,الذي لا ينتبه إلى اسم المَوقِّع أسفلها, أنها من إنتاج أبناء المستعمرات. صحيح أن فرنسا ركبت الوهم والخيال في الثلاثينات من القرن الماضي, و كانت تفكر في كل أسلوب يسهل عملية اندماج شمال أفريقيا وفرنسا, فتارة تعتمد على البرامج التعليمية المقررة في مدارس لما يسمى الأهالي وتارة تبحث عن أدلة أركيولوجية وأنثربولوجية لإثبات التقارب بين سكان أوروبا وسكان شمال أفريقيا, والأكثر من ذلك أنها استحضرت انتصارات الرومان بأرض الجزائر كما استحضرها الإيطاليون بأرض ليبيا, وبعد ذلك ظلت ترفض كل دراسة تنتقد أداءها في المستعمرات لأجل ذلك منعت الرسالة الجامعية للسيد ألبير عياش حول الطبقة العاملة المغربية ولم تسمح له بمواصلة مشواره العلمي حتى عدل الموضوع والعنوان وكان كتابه بحق ( المغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الاستعمارية)(Le Maroc Bilan d’une colonisation) أهم دراسة موضوعية تلامس تفكيك البنية التقليدية المغربية تحت وقع المؤسسات الرأسمالية. ورغم ذلك كانت فرنسا تحاول منذ وقت مبكر تلميع وجهها وإخفاء كل كبرياء يراودها, لا سيما وأنها سيدة الموقف بأفريقيا الغربية وأفريقيا الاستوائية وأفريقيا الشمالية الغربية. و مما يزكي ذلك أنها كانت تلقب الماريشال اليوطي بالمغربي و تلقن أبناءها في المدارس دروسا ذات حمولة إيديولوجية مقبولة, كلما تعلق الموضوع بتاريخ فرنسا أو حضارتها. ولا غرو, فقد كان رواد الجمهورية الثالثة الأوائل الذين أسسوا التعليم النظامي بفرنسا - نخص منهم جول فيريJules Ferry- يحملون تصورا وديا غزلياIdyllique و إن لم يكن ذا علاقة بالواقع فهو يحافظ على الوجه الفرنسي المعتدل ملخصه أن الاستعمار أولا وقبل كل شيء عملية نقل المنية إلى الشعوب المستعمرة, سكك حديدية, مدارس مستشفيات, بريد, لكن لا بد من تحقيق مصلحة الميتروبول. وبعد مضي بعض الوقت تبين أن تصور جل فيري لا يمكن أخذه كله وتحقيقه بأمانة,فقام واضعو الكتاب المدرسي بتجاوز هذه المعضلة باللعب بالكلمات ففي نص مدرسي يعود إلى سنة 1923 ما يفيد أن فرنسا حملت المدنية حقا إلى المستعمرات لكنها فرضت الأمن أي وظفت العصا والاعتقال والتعذيب .ولقد وظفت كلمة الأمن للتعبير عن الوجه السلبي للاستعمار الفرنسي بشكل لا يؤثر على التلميذ.وفي إحدى الصور ظهر اليوطي جالسا مع السلطان المغربي مولاي يوسف ومعهما حاشية من المغاربة, والصورة لا تحمل أية إهانة أو احتلال, وهي مذيلة بأسئلة الفهم نأخذ منها ما يلي (في أي بلد وقع الحدث؟ من هم الأشخاص الجالسين مع ليوطي؟لماذا يسمى اليوطي أحيانا بالمغربي؟)و يفيد أن فرنسا تحاول دوما أن تخفي كبرياءها. ونضيف أن ثلة من الكتاب الفرنسيين باتوا يعترفون الآن بأن القتل والتعذيب والأعمال الشاقة أريد لها أن ترادف الحريات الفردية والحقوق التي صدرتها فرنسا, للأسف,إلى المستعمرات , وكانت أول من اكتشفها و تنادى بها. ويرى بعضهم أن الاستعمار كلمة ترادف العنف لأنه أولا وقبل كل شيء احتلال. وهناك نصوص أخرى تكشف عن الجرائم الفرنسية كتبت بأقلام أبناء فرنسا منها مثلا نص يتحدث عن جرائم القائد الفرنسي سانت أرنو بالجزائر سنة 1830 يحوي ما مضمونه أن فرنسا قتلت أطفالا ونساء وشيوخا ولم تتردد في إحراق المنازل وقطع 180000 شجرة مثمرة بمنطقة القبائل. وإذا كانت الكتابات المشار إليها لا تعبر عن الرأي الرسمي الفرنسي فإن الاتجاه السائد الآن خال من عقدة الانتصار ومشحون بدافع الرغبة الدائمة في المصالحة مع أبناء المستعمرات.إنه اتجاه يبطن أحيانا شعورا عاطفيا.ولا شك أن ذلك الشعور عامل آخر لإخفاء عقدة الانتصار الفرنسية والاعتراف بالتاريخ. نأمل أن تستفيد الدنمرك من الموقف الفرنسي وتنزع نحو المصالحة والاعتراف بحرية الاعتقاد وحرية الشعوب في ممارسة معتقداتها وطقوسها.



#لحسن_ايت_الفقيه (هاشتاغ)       Ait_-elfakih_Lahcen#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السد الاصطناعي و سياسة الميز الجغرافي بالجنوب الشرقي المغربي
- مقترح التقطيع الجماعي بالجنوب الشرقي المغربي بين مقترح السلط ...
- من أجل جغرافيا سياسية مغربية مناسبة
- طهارة الوطن في ثقافة التحصين المغربي
- من أجل الرفع من تمثيلية النساء في المجالس المنتخبة المغربية
- على هامش الوقفة الاحتجاجية لرؤساء المؤسسات التعليمية بالرشيد ...
- التبعية والاستلاب في تاريخ المغرب
- الاستعمار والنظام القبلي المغربي بين التفكيك والتكييف
- احتجاجات تقودها النساء ضد العنصرية والتهميش والاستغلال الفاح ...
- جمعية التواصل لمديري التعليم الابتدائي تسطر برنامجها النضالي ...
- « مدونة الأسرة» المغربية في قفص الثقافة العالمة:من يحمي رأي ...
- إقليم الرشيدية:مسيرة نسوية احتاجا على العزلة والتهميش
- الخبر و الذاكرة الشعبية بالجنوب الشرقي المغربي
- الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين- مكناس:أية مقاربة لتأهي ...
- الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين – مكناس- المغرب:كيف نرس ...
- جمعية التواصل لمديري التعليم الابتدائي بإقليم الرشيدية:أية م ...
- نيابة التعليم- الرشيدية:أسلوب قديم يضرب الأمل و يعرقل العمل


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن ايت الفقيه - عقدة الانتصار في الدرس الفرنسي