أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - رعد عبد القادر ... شاعر توسَّد الموت وفوق رأسه شمس















المزيد.....

رعد عبد القادر ... شاعر توسَّد الموت وفوق رأسه شمس


وديع شامخ

الحوار المتمدن-العدد: 2229 - 2008 / 3 / 23 - 04:08
المحور: الادب والفن
    


قراءة في مجموعة" صقر فوق رأسه شمس" للشاعر الراحل رعد عبد القادر
لقد سمعنا في الخارج لغطا غريبا
وبقينا نصغي مندهشين
فحتى في هذا المكان الآمن، لا ينقطع اللغط الغريب...


1
الشعر واللغط النقدي

لقد قطع الشاعر رعد عبد القادر الطريق أمام النقاد(تحديدا) لتجنيس نصوصه فانحاز إلي قصيدة النثر كفضاء للبث الشعري، في مجموعته الأخيرة (صقر فوق رأسه شمس) الصادرة في بغداد عام 2002، بعد تجارب ناضجة مع هذا الفضاء ولا سيما في مجموعته (دع البلبل يتعجب) الصادرة في بغداد عام 1996.
فالشعر الحقيقي هو فعالية لانتهاك النمط، سواء في داخل الشكل السائد أو الخروج عنه بابتداع صورا أخرى، فإن مهمة الفرد المبدع لا تنطوي علي خلق شكل جديد دائما، إذ أن الشكل الجديد للتعبير الشعري لا يصنعه الشاعر الفرد، فهو سياق جماعي من الخروقات النوعية التي تشكّل ثورة على الأطر الاقتصادية والاجتماعية والنفسية... الخ، إن الشعر هو تحطيم للبني التحتية والفوقية للمجتمع بوصفه نتاجا إنسانيا محصنا،وهو إعادة الاعتبار للإنسان باعتباره قيمة عليا
إن الوفرة النقدية علي مستوي المصطلح الخاص بتوصيف الشعر هي النتيجة المنطقية لشحة الشعر الحقيقي وغياب القارئ المنتج أو سكونه في ظل الفرضيات المسبقة عن عيار الشعر والشعراء.
لقد قدم الشاعر عبد القادر (طبقا) من الشعر الصافي تحت فضاء الشعر وحده، وهو يستلهم خروقات امرؤ القيس، وعبيد بن الأبرص وهو يتمثل قول (أبو العتاهية) أنني أكبر من العروض، وهو الإرث النوعي لبشار بن برد وأبي تمام وأبي نواس، والسياب والبريكان، وفي تقديري أن الرد الشعري على اللغط النقدي جاء بعد ظاهرة الإبداع العراقي في فترة ما بعد الحربين، هذه الظاهرة الإبداعية التي فتّت مصطلح الأجيال (الأقفاص) الشعرية واستطاعت أن تحفر الطرق النوعية الى الشعر دون انحيازات مسبّقة ، وكان الشاعر رعد عبد القادر أحد المبدعين المتميزين في إطار المحو للغط النقدي التقليدي إزاء الشعر الخالص.
2
الشعر خيارا إنسانيا وجماليا
لقد انتمي الشاعر للحياة (بين القوسين) منتظرا واعيا، فاستعار محنة (بينلوب) بدلا من انتظار (غودو) لتحويل الإرث المعرفي الإنساني إلى تركة شخصية، وبتقديري إن الشعر يذوب في الإنسانية ويتخلص من ذاته المريضة، سيغدو العالم (نصا نكتبه جميعنا) كما يقول بورخس للمشاركة الجمعية في انتظاره وصنعه لنتأمل نص بينلوب:
: (تسقط كرة الصوف من حضنها على الأرض، تتدحرج،
تخرج من الباب تعبر الممر، تنزل على السلم، تصبح في الشارع،
المرأة نامت منذ زمن طويل رأسها يميل إلي جهة النافذة، وذراعا كرسيها يمتدان باتجاه البحر).
لقد استعار الشاعر قناعا أسطوريا يمثل قيمة الانتظار الإيجابي أمام فاجعة الإنسان في الحياة المقوسة، فاستثمره بوعي خارج النواح والبكاء ، وقد نلاحظ وجودهما في بعض النماذج الشعرية العراقية كذيل مندرس لوصف الأطلال/ ألاوطان.
نص بينلوب بصياغة الشاعر رعد عبد القادر مثّل الخطوة الأولي للخلاص من الحياة بين القوسين وتجيئ إغفاءة المرأة بولادة حلم تحقق على الأرض حيث يجسده الشاعر في نص "انحراف في الزاوية":
(في تلك الأيام تغيرت العملة وانقطع المطر، في غرفة الهاتف رأى الأزهار تنمو علي الأسلاك في مكتب البريد، رأى التراب يغطي العملة المعدنية سيصحح الخطأ، قطعة النقد المعدنية في خزانة الرؤوس والطابع البريدي في خزانة الملابس سينتقل التراب إلى غرفة الهاتف، والأزهار إلي الصندوق سيسقط المطر سيسقط المطر).
وبما أن حلم بينلوب قد تحقق فعلا في الأسطورة بلقاء المنتظر أوديسوس، فأن نص انحراف في الزاوية يحلق بعيدا للتماهي مع أساطير أخرى ضاربة في القدم كأهل الكهف للدلالة على عمق مأساة الكائن في الحياة المقوسة واحتياجها إلى أكثر من بعد أخلاقي لمعطيات الأساطير ودورة استحالة البطل عندما انتصب الإنسان وصار ملكا للغابة الجديدة، مدججا بكل عوامل إقصاء الآخر بـ الذيل العقلي، اجتاحته السيول الأخرى: (سيرتفع الموج، سيغلق باب الصيدلية) و(النساء خرجن إلي السوق بغصون الزيتون يستطلعن الخبر، من المؤكد أنهن انتظرن طويلا القدور على النار منذ ألف سنة).
وبما أن الإنسان الغابي" من الغابة" المعاصر لا يعترف بطوفان آخر اصبح المنجز البشري ليوتوبيات البشرية (ليست لهم صفات فردية..و طبعات أصابعهم واحدة) حتي انهم يقفون أمام أفران الخبز الحجرية (بكل رصانة وكبرياء.. (لن ينتظروا اللحظة الآسرة، أحدهم سقطت من يده الشمس كقطعة نقد معدنية حُفر عليها صورة سنبلة وتدحرجت على الأرض.. الشمس غربت والسنبلة سقطت في المياه الآسنة، وختمت الأفران بالشمع الأحمر لقد كان النظام صارما للغاية).
والشاعر يذهب إلى الكلمة لشحنها بالرؤى إزاء العالم المحصور بين قوسين،(المدارس ذهبت إلي الحرب وورود كثيرة نبتت علي مقاعد الدراسة، و أمطار على السبورات، وفي الليل كانت الأجراس تقرع بانتظام لقد ملكت الحروب الليل، فما هي آلية الإنسان العاقل) يقول الشاعر :(قصر عالٍ، هل يكفي أن تضاء نوافذه العديدة، بعشرات المصابيح لإيقاف تقدم الليل؟)، أو هل تقدم الأيادي التي تصفق للغياب (الذي أحال الليل إلي نهار والنهار إلي حشود لا مرئية من الآليين). ها عدنا إلي الغابة بلا ذيول، وانتهت الأساطير إلي خواتيمها السحرية، والحكايات إلي مرقدها السحري، يجيب الشاعر عن أزمة الشاعر في إعادة خلق العالم (الغرباء عادوا لقد مضي وقت طويل.. عندما دخلوا السوق فاجأتهم رائحة الفاكهة والذبح لم يكن الموسم قد بدأ بعد، أحدهم سقطت من يده قطعة معدنية، ولم يلتفت إليها أحد، تأكدوا أن نقودهم غريبة).
والمطر يهطل بغزارة، ماسحات السيارات تلوح كأذرع الغرقي، والمفاتيح تتدلي إلى الأرض كعناقيد).
هذه الأرض هي حصاد أجدادنا الذين انتصبوا خارج الذيل وكانت لهم ذيول العقل اللامتناهية، وقبل أن يختار الموت أي كائن عليه بالوصية الأخيرة (لن أسافر من اجل النقود سأحمل هذه العظام (عظام الأجداد) إلي الحفرة من اجل أن يكون كل شيء في مكانه اللائق)
لقد كانت السمة البارزة لمجموعة (صقر فوق رأسه شمس) دخولها الشعري في قضايا الإنسان المعذب المحبط الميت بإيقاف التنفيذ، بنوافذه ومعجزاته لمواصلة الحياة ورسم صورة للموت غير المجاني، ذلك الموت الذي يشكل صياغة أخري للحياة، كما ان الشاعر قد رد على اللغة بشقيها الشعري والإنساني عندما كتب قصيدة موته:
(أنه يلاحظ بداية الشيء ونهايتهُ ولا يكترث بازدهاره ينظر إلى إصبعه الممتدة باتجاه السماء، انه يصنع إصبعه علي الورقة البيضاء ويكتب: الغصن الأزرق للخاتم الأسود علي الورقة البيضاء، إصبع مشع، واضعا بذلك خاتمة لقصيدة موته الأخير).
فالشاعر الحقيقي في تقديري، هو الذي يرغمنا على ترك مرجعياتنا ومساطرنا في الحكم على الشعر، الشاعر يخرج بنا جميعا إلي حفلة البراءة والدهشة، بلا ذيول، لاختبار مفاهيمنا السابقة واللاحقة التي ترسخت في عقولنا عن عيار الشعر المحدد مسبقاً خارج اللغط الشعري والإنساني
..................................
ملاحظة: المقاطع الشعرية في المقال مأخوذة جميعا من مجموعة الشاعر (صقر فوق رأسه شمس) الصادرة في بغداد 2002 عن مكتبة المنصور العلمية



#وديع_شامخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألم بوق الله
- السياسي العراقي وضرورة التفاعل مع الواقع الآن ؟
- شحاذة وطنية !!
- الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية
- الإلتفات الى العقل
- حصان الوطنية وعربة المأرب
- درس في الاختلاف
- غاستون باشلار والحلم على لهب شمعة
- علم وطني أم راية للخلاف أم جودلية!!؟
- ثرثرة فوق جثة الموت _ سركون بولص يرحل الى مدينة أين
- الغواية تكتب سيرتها الجمعية
- ابواب الدخول الى غابة الشعر
- رأس السنة وثعالب التقاويم
- دموع الجنرال
- دموع اجنرال
- بغداد أمنا .. لا تهالك على بابكِ الغرماء
- بغداد أُمنا ..لا تهافت على بابك الغرماء
- عرقيون .. ولكن بعد هذا الفاصل
- نص في الأزمة
- الكونغرس الأمريكي .. هل وحّد ساسة العراق أم فَضَحهم


المزيد.....




- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وديع شامخ - رعد عبد القادر ... شاعر توسَّد الموت وفوق رأسه شمس