أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - أوهام القبض على الدكتاتور6 أحفاد الدكتاتور















المزيد.....

أوهام القبض على الدكتاتور6 أحفاد الدكتاتور


حمزة الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 691 - 2003 / 12 / 23 - 04:49
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


مثل أي إخطبوط أو كائن عضوي متفسخ أو ظاهرة منحرفة، لا يولد الدكتاتور من فراغ ولا يذهب إلى فراغ. إن القول بذلك يمثل وهم الأوهام.

ومن يقرأ هذه الأيام بعض مقالات تحمل نسب الفكر السياسي أو الثقافي أو ما شابه أو شجرة الوهم الكتابي ويعود بالذاكرة قليلا إلى أيام ما قبل الظهور العلني للدكتاتور على مسرح العري السياسي، سوف يكتشف بدون عناء اننا نعيد خلق التجربة ذاتها بذات المواصفات وحتى بدون تحوير.

هذه المقالات لا تناقش ظاهرة لأنها أعجز من أن تفهم ما يدور من صراع سياسي ضخم، ولا ترصد قانونا ثقافيا أو سياسيا لأنها لا ترى  ـ إذا كانت ترى ! ـ شيئاً لأنها مقالات إنشائية تكرس حالة العمى العقلي،لكنها متخصصة في رصد خصوصيات الآخرين وطراز عيشهم وفرشاة أسنانهم وطعامهم الخ ..الخ.. فهذه أهم من مصير الوطن،  وكل  ذلك لغرض التحريض والتعبئة والتجييش لا أكثر ولا اقل. وعلى رأي الكاتب والمفكر عبد الإله بلقزيز فإن الإرهاب الفكري ولغة السلطة التي احترفتها شريحة محددة باتت معروفة من بعض أهل القلم هي(لغة القدح والذم، والتشنيع، والتشهير، والسجال المتجه نحو تسفيه الخصم والتحريض ضده، تصيد الثغرات قصد تجييش الجمهور،التأويل غير الموضوعي للنصوص على النحو الذي يحشر الخصم في زاوية الاتهام... أي كل ما يحول الخصم إلى" شيطان" رجيم يحمل اللسان على الاستعاذة به!) وهذا الإرهاب الفكري لا تمارسه شرطة دولة فحسب بل يمارسه " مثقفون" أو أشباه يعرّفون أنفسهم على أنهم " معارضون" لسلطة إكراه، لكن الواقع والممارسة العملية تقول عكس ذلك فهؤلاء يمارسون في بعض حالات ما تخجل أقذر سلطة فاشية عن القيام به علنا حفاظا على الهيبة الخارجية في الأقل، لأن الإرهاب يمارس ضد أشخاص من أجل( ابتزازهم، أو النيل من هيبتهم وسمعتهم، أو تحريض الجمهور عليهم...هذه الأفعال تلبس في الغالب لبوسا ثقافية لكنها في الحقيقة تنتمي إلى السياسة...الناقد يعترض بوسائل حضارية" ثقافية":المناظرة،والحوار،والتحليل، وتفكيك الفرضيات...
أما الإرهابي، فيشهر الاعتراض نصلا من الكلمات الباغيات يتجه إلى التعريض بالمخاطب في طويته،ودينه، ووطنيته،ونزاهته...الخ...فيحرض عليه بالإقصاء والعزل ان هو تساهل، أو يرفع التحريض إلى الإفناء الجسدي إن اخطأ مراقبة انفلات غرائز العدوان...الناقد يعترض بسلاح الرأي، والإرهابي معترض بسلاح الفتك.ينطق الأول باسم تنوع الثقافي، فيما يلهج الثاني بلسان وحدانية السياسي! ـ كتاب نهاية الداعية ).

"ثقافة" التحريض والوصم معادية لثقافة المعرفة: الأولى تنتج سجنا وتشوها وكراهية لا أكثر ولا أقل، والثانية تفتح أفقا معرفيا وتشيع جمالا وحبا وتنمية وحداثة. وكما تحتاج الأولى إلى دعارة أخلاقية وسياسية علنية ومفتوحة، تحتاج الثانية إلى العلم والثقافة والمعرفة والهواء النقي والحوار النظيف: يختنق الإرهابي بالهواء الفاسد الذي يحيطه ويحاول تعميمه بعد تغليفه بشعارات، فيما يتنفس المثقف المعرفي الهواء النقي حتى داخل جيفة!  

وهذه النماذج تزدهر، كما في كل المخلوقات  القبيحة، في مناخ التعفن وغياب المعايير واضمحلال حس العدالة، وسيطرة وسائل نقل إعلامية سياسية تتسم بالجهل والأمية الثقافية والأخلاقية، والأهم  وجود مناخ حاضن وشبكة تسويات ومجاملات وصفقات وحلقات زار وتمادح ترفع شعار الوطني، فيما تبيع وتشتري كل شيء تحته، كمرقص تعرية جنسية" ستربتيز" كتب على واجهته الأمامية: كنيسة أو مسجد تحت الترميم!

فلا أحد يحتج على( اغتصاب) ثقافي وفكري وأخلاقي، ولا أحد يرفع عقيرته ضد إعادة تأسيس قيم ثقافية فاشية من جديد، ولا أحد يهمه مصادرة حرية آخر أو تخريب أخلاقيات الحوار السياسي، لا أحد يحتج، لا أحد يهتم، الكل وحيد في منفى أو سجن أو محبوس داخل جلده!

يبدو الوطن هذه الأيام بحرائقه وموته وتهشيمه ومخاطره القادمة في كثير من هذه الكتابات لا وجود له، بل الموجود هو هوس( السحق) الشخصي وهتاف الابادة وانطلاق غرائز القتل والسحل حتى أن رائحة الدم تفوح من بعض هذه( المقالات) التي تشبه دعوة علنية مفتوحة للجنون الجماعي والقتل. 

والوطن العراقي لم يكن حاضرا يوما في فكر ( نخبة) معروفة من أهل القلم إلا حضور ديكور: فالحاضر مثلا هو البار، أو الشعر، أو الريادة الشعرية، أو الخصم، حتى لو كانت عواصف الاقتلاع قد رفعت كل شيء بما في ذلك السقف: هؤلاء لا يسكنون وطنا، ولا وطن لهم، إنهم يعيشون أسرى، سجناء، محبوسين" داخل جلودهم" بصورة أبدية وكل السجناء يخرجون إلا هؤلاء لأنهم في إقامة أبدية.

إنهم البؤساء الذين كان المسيح ينصحهم قائلا: (إن الحق يحرركم) أي أن التحرر من القيود الخارجية سهل لكن القيود الداخلية هي الأصعب، ومثلها خاطبهم القرآن بأن تغيروا ما في أنفسكم. لكن كيف يغير نفسه من صارت قيوده الداخلية هي البديل العقلي والفكري عن ذات مصادرة ممحوة وصار الشغل الشاغل هو صناعة( واجهة أمامية) للاستعراض، والعمل ليل نهار، وبجهود تستنزف الجسد والنفس، من أجل صيانة وتجميل هذه الواجهة كي لا تثقب أو تتعرى أو تنكشف؟!

وهؤلاء ليسوا ظاهرة عراقية فحسب، بل هم ظاهرة بشرية موجودة في كل مكان وزمان وهي لا تفسر تفسيرا سياسيا فحسب بل يمكن كذلك الاستعانة بعلوم أخرى لدراستها ومنها علم النفس وعلم النفس الاجتماعي الذي يدرس الظاهرة( النفسية) بوصفها ظاهرة اجتماعية.

إنه نوع من المركزية النفسية بحيث يتمحور الفرد حول ذاته ويجعلها  مركز العالم ويفسر كل شيء  انطلاقا منها حتى لو احترق الوطن والدار والثياب.

وهذه المركزية تبحث عن مبرر وشرعية لوجودها غير شرعية العيش البشري الطبيعي، أي تبحث عن شرعية  تصدّر الواجهة أو المشهد الاجتماعي  حتى لو كان مشهد جنازة أو حملة تواقيع  أو سطو على تاريخ أو حضور حفل، أي حفل، فليس المشهد مهما بنفسه بل المهم هو الموقع ، المكان، الكرسي، الديكور، الواجهة.

وهذا ( الفراغ) السياسي والفكري والثقافي هو المكان المثالي لنمو وولادة ظاهرة الدكتاتور الذي يعاد إنتاجه في كل مرحلة على شكل آخر مختلف.

في حقبة الستينات كان الجيل الشعري، مثلا، منخرطا في عالم شعري سحري ضبابي منعش ومهدئ ومطمئن في حين كان العقداء يصنعون تاريخ العراق  في الثكنات ويقودون الكتاب والشعراء والمثقفين إلى السجون أو المنافي. وكان معظم هؤلاء الكتاب والمثقفين والشعراء إما في السجون أو خارج  وظائفهم أوفي المنفى الطوعي، وتُرك الوطن بيد حفنة من المغامرين العقداء الريفيين الأجلاف يعيثون فيه فسادا ونحن ندفع إلى اليوم ثمن تلك( الغفلة) التي اختلطت فيها نرجسية فردية مركزية مع نزعة مرضية في صناعة( واجهة) شخصية على حساب كل الهموم الوطنية.

بجانب تلك الغفلة، كانت تصعد بهدوء وصمت وسرية أقذر فاشية في التاريخ، لكن نخبة أو شريحة " وليس كل"  من أهل القلم والفكر والشعر كانت مشغولة في المقهى أو البار ـ كما هي اليوم ! ـ بخلق الأساطير الشخصية عن "ذات" متوهمة، ضخمة، لا تدور حول العالم، بل العالم يدور حولها، ومن يطلع هذه الأيام على شهادات بعض هؤلاء وهم يعودون إلى الوطن سيكتشف العجب العجاب: إن الوطن في شهاداتهم ليس أكثر من بار أو مقهى حتى أن رائحة الخمر تفوح في هذه النصوص وتتلاشى رائحة الدم، ولا يشكل مرور الدبابة الأجنبية في شارع الرشيد سوى مناسبة للنظر في عيون بعض ( ثم انفجرنا ضاحكين!) كما لو على نكتة عابرة كما جاء في شهادة أحدهم. فليس هذا المشهد الجوهري، مرور الدبابة مناسبة للمراجعة وإعادة النظر، بل هو قطع "غير شعري" لوضع مفرط في "رومانسيته" أما موت الناس والبطالة والجوع والتفجيرات وغيرها الكثير من الفواجع فلا وجود لها في نص الاعتراف لأن وجود( الجماهير) في نصوص الاعتراف يقلل من شعرية النص كما تقول كتب النقد لا كما تقول الحرائق! 

وهذا الوهم المرضي  ـ المتواصل ـ يتيح في كل زمان ومكان الفرصة لصعود الدول البوليسية وفي كل مرة بطبعة مختلفة وعلى هتاف نقض الآخر.

للدكتاتور أسلافه الذين يموتون لكنهم يتركون في الوعي العام الصورة والنموذج والمثال عن السلوك الوحشي البدائي الغرائزي عن السلطة وعن الثقافة وعن الاختلاف الوحشي، وله أيضا أحفاده الذين يسرحون في حقول الصمت والتواطؤ والنرجسية المختلة وتحويل ذات فردية كي تكون بديلا عن وطن يحترق أو يوشك !   



#حمزة_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوهام القبض على الدكتاتور 5 الإمبراطور الحافي
- أوهام القبض على الدكتاتور 4 نقد الأساطير الاجتماعية والمرايا ...
- أوهام القبض على الدكتاتور 3 ذهنية القبو الحزبي
- أوهام القبض على الدكتاتور2 ، القمل موجود في رؤوس الآلهة
- أوهام القبض على الدكتاتور 1 وهم المعنى الوحشي للشجاعة
- من خطاب تبرير الحرب إلى خطاب تبرير الخراب
- أحزان العمة درخشان
- نهرب ونسمّى منقذين،ونخون ونُعتبر أبطالا
- الحروب السعيدة
- المنشق والمؤسسة والراقصة
- سجناء بلا قضبان
- الصحافة الالكترونية وسلوك الزقاق
- آخر طفل عراقي يبكي غرناطة
- قتلى الورق أهم من قتلى الشوارع
- مكتشفو السراب
- ذهنية السنجاب المحاصر
- حين يختزل الوطن بمسميات
- رائحة الوحش
- محمد شكري وعشاء الثعالب الأخير
- الزعيم الغائب


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الحسن - أوهام القبض على الدكتاتور6 أحفاد الدكتاتور