أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سامي الاخرس - أطفالنا يحاورون القمة العربية















المزيد.....

أطفالنا يحاورون القمة العربية


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 2227 - 2008 / 3 / 21 - 02:09
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


اذهب يومياً لمدرستي تصطحبني أختي الأكبر مني بعامين وتمسك يدي لتعبر الطريق بي,فأعود لبيتي لأجد أبي مبتسماً يقبلني ويداعبني ويسألني ماذا فعلت اليوم بالمدرسة,وكجواب كل يوم امتدح نفسي لأخذ الثمن والهدية قبلة على خدي,وقطعة من الشوكولاته التي أحبها جدا, مهرولة إلى أمي بالمطبخ صارخة أريد الطعام جوعانة فتنهرني انتظري لحظة,أذهب أداعب لعبتي وعروستي الصغيرة في غرفتي حتى يحين وقت الغداء,وما أن اسمع صوت أمي حتى اقفز لان أشم رائحة الطعام,اجلس بينهم بجسدي الصغير,أمي وأبي وأختي,واخرج بعدها للشارع لألعب مع أقراني حتى يأتي وقت الدراسة والمذاكرة فأعود لغرفتي محتضنه حقيبتي,ومن ثم أنام مع ساعات المساء,لا اعرف أن هذا المساء سيكون مختلف عن أي مساء آخر عشته من قبل,ومختلف عن أي مساء سيأتي بعد,لم يسعفني صغر سني أن افهم ماذا حدث؟وجدت نفسي ممدة على سرير أبيض من حولي رجال يرتدون ملابس بيضاء بأيديهم قطع حديدية منها المقص,ومنها السماعة التي أشاهدها مع الأطباء,أنظر من حولهم لا أجد أمي أو أبي أو أختي,لم أجد أحدا, سوى وجوه لم اعرفها من قبل,فأمضيت انتظر لأعرف شيئاً ,كل من حولي أطفال يصرخون,تملئ أجسادهم الدماء,منهم محروق,ومنهم من مات حسب ما فهمت,,,والكل من حولي يداعبني ويبتسم في وجهي..
لكن,عندما أردت أن أرى والداي وأختي,وسألت دون أن يجيبني احد بدأت بالبكاء,أريد أبي أريد أمي أريد أختي,أريد أن اذهب لبيتي,استمريت بالصراخ والبكاء,حتى حضرت جارتنا اعرفها كانت تتردد على منزلنا وبدأت تلاعبني,وأخذتني معها إلى بيتنا,بحثت عن حارتي,لم أجد منها شيئاً سوى كومات من التراب, أين بيتنا إذا؟أين ذهب؟ أين أبي,أين أمي,أين أختي؟؟فقالت جارتنا:لقد استشهدوا,ماذا يعني استشهدوا ,لا افهمهما؟؟
أدركت أنهم قتلوا من هذا الصاروخ الذي اغتال نومنا,لم يعد لي أبا أو أما أو أختا,لم يعد لي بيتاً,حتى عروستي لم أجدها,لم يعد لي سوى هذه الطرقات,لم تعد أمي تصحبيني لتساعدني بارتداء ملابس المدرسة وتسرح لي شعري,ولم يعد لي أبا يقبلني كأطفال العالم,أو أختا تصطحبني للمدرسة,أو حتى بيتاً اكبر فيه..لم يعد لي سوى ملجأ الأيتام….حتى بغزة لا يوجد ملجأ أيتام….ماذا سأفعل؟؟
لست أنت,بل أنا طفل ولدت بأولى الصرخات مع أول صاروخ دك منطقة المنصور,هكذا حدثتني أمي,ولدت وكبرت العب تحت أشجار النخيل,أصبو إليها والتقط ما يسقط منها من ثمرات لأكلها,كانت أمي دائماً تحتضنني بقوة لصدرها,وأنا انظر حولي ما يحدث,أصوات مرعبة وانفجارات كثيرة وكبيرة,لا أعرف ما هي,كان والدي يحملنا هارباً بنا مرة إلى تكريت ومرة إلى الفلوجة وأخرى نعود إلى بيتنا,لا اعرف لماذا؟حتى تمر عدة أيام لا اخرج من بيتي,فيمنعني والداي,أبي كان دائماً خائفاً شارداً لا سمع منه سوى الأمريكان والعصابات,ولا اعرف ما هم؟!
حتى سمعت والدي يحدث أمي سنذهب إلى سوريا ونخرج من العراق,أنهم سيقتلونا,سنموت قتلاً أو جوعاً,جهزي نفسك,سنغادر بعد يوم أو يومان,حتى سمعت صراخ في باب منزلنا,وتدافع رجال ملثمين لا شئ واضح سوا بنادق بأيديهم,أخذوا والدي وركلوا أمي وهي تصرخ وذهبوا,أبكي واصرخ لبكاء أمي,أسألها أين اخذوا والدي,لا ترد علي,غاب أبي ثلاثة أيام,حتى أتى يوم أخذتني أمي فيه,فوجدت نفسي في مكان لا اعرفه ولم أره في حياتي من قبل,اصطحبنا رجل يدعى دكتور هكذا نادت عليه أمي,وكان مكاناً بارد جدا,ورجال كثر جميعهم كانوا ينامون على الأرض وعليهم قماش ابيض,حتى اقترب الدكتور من احدهم ورفع القماش عن وجهه فصرخت أمي,فنظرت إلى الرجل,فإذا هو أبي,كان وجهه محروق وجسده ممزق,وقفت أسال من فعل بأبي هذا.فقال لي الدكتور انه استشهد!!
ماذا يعني استشهد؟؟
لن أرى أبي بعد اليوم,هؤلاء الملثمون قتلوه,كما قتلوا بلدي وأشجار النخيل,ودجلة والفرات,فأين سأهرب؟؟ماذا سأفعل..أين سأهرب؟؟
سؤالان من طفلان أحداهما فلسطينية فقدت أسرتها ومنزلها في مذابح غزة,والأخر عراقي فقد والده ولم يعد له مكان بوطنه فأين يهرب؟؟
ماذا سأفعل ؟؟أين أهرب؟؟
تنعقد في المستقبل القريب القمة العربية في دمشق وسط حالة من الحالات العادية التي عهدناها منذ أن بدأت القمم العربية تعقد مؤتمراتها السنوية,فهي حالة ليست شاذة بل وليد طبيعي من الرحم العربي الرسمي,فالقادة والزعماء لا يؤرق ضمائرهم سوى التباينات التي تحدث فيما بينهم,وسرعان ما يتوافقوا على البيان الختامي الذي يعد قبل عقد القمة,ويذهبوا للتسامر الكلامي ويعودوا من حيثما أتوا…
هذه القمة الدمشقية لن أرجو منها خيراً,ولا أعول عليها كثيراً,حتى أحاول مسحها من تفكيري ولكنني سأمني نفسي بنوع من الأمل,عسى أن يغير الله,وان كان فالمطلوب من هذه القمة الإجابة عن سؤالي الطفلين .."ماذا سأفعل,,وأين سأهرب؟؟" ليس المطلوب بيانات شجب واستنكار وتنديد,وليس المطلوب مكرمة أميرية أو ملكية أو رئاسية باستضافة أطفال,المطلوب تحرك وإجابات على الأرض,نعيد لطفولتنا حقها ولكرامتنا عزتها…
أتمنى من سعادتهم أصحاب السمو والفخامة والعظمة,أولياء الأمر فينا أن ينزعوا عن ظهورهم حمل الخوف والرعب الذي يقيد سماحتهم,ويجعلهم في الصفوف الخلفية من قضايا شعوبهم,ويتمردوا مرة واحدة لنستطيع أن نستقبلهم ونبتسم لهم ,مرة واحدة أتمنى أن امدحهم بها!!
ورغم تشاؤمي الشديد,وعدم قناعاتي مطلقاً بان هنالك تغيير,إلا أن هؤلاء الأطفال لهم علينا الحق أن نذكر هؤلاء القادة الميامين بان هناك أطفال تقتل وتذبح بقطرين,وخاصة إننا ندرك أن ذاكرتهم لا تسعفهم على تذكر كل شئ,فهمومهم اكبر من تذكر الطفولة,ومستوياتهم جسام فهم يمضون ليلهم ونهارهم لتدعيم أجهزة الاستخبارات والتجسس بكل أدوات القمع الللاانساني لتحمي عروشهم ويقضون جل وقتهم في استشارة جيش المستشارين حولهم في معرفة أرقام الحسابات الخاصة لهم في بنوك أوروبا,ومعرفة أحوال استثماراتهم وتجارتهم الرابحة بأعناق هذه الشعوب,من هنا علينا واجب أن نذكرهم,بأن يكون لهذه الطفولة جزء من مكرمتهم الإنسانية العطوفة,وسماحة أخلاقهم,فكلنا فداء لهم,ونضحي من اجلهم ولا نطالبهم سوى بالتضحية بجزء بسيط من وقتهم لاستذكار الأطفال…
عاشت قمتنا العربية,وعاش زعماء امتنا العربية,ونموت نحن فداء لهم…
ماذا سأفعل؟؟ أين سأهرب؟؟
هل من مجيب؟!!!!!



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثامن من آذار في غزة وصمة عار
- الوحدة اليمنية انجاز ام حالة طارئة؟ الجزء الاخير
- لم ندحرهم ولم ننتصر عليهم ولم نفشلهم
- محرقة غزة للتسويق والترويج
- الوحدة اليمنية انجاز ام حالة طارئة؟ الجزء الثاني
- الوحدة اليمنية إنجاز أم حالة طارئة ؟ الحلقة الأولي
- من كوماسي الشرف إلي دوحة القرف
- عماد مغنية ومنظومة الأمن العربية
- زفرات القهر يا محمد اسعد بيوض التميمي
- الفصل الاقتصادي شعار للفصل السياسي مع مصر
- ما الجديد في غزة؟!
- الرد علي مذبحة غزة
- العرب ومعركة التاريخ والموروث
- ايها الفلسطيني الغبي
- نظام العباطة العربي الجديد
- غزة الفقراء
- علي شرف الذكري الاربعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
- أنابوليس الواقعية والمعارضة الورقية
- هل يصلب المسيح في غزة؟
- ذكري الختيار ايحاء واستذكار


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - سامي الاخرس - أطفالنا يحاورون القمة العربية