أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الجدار العازل في فلسطين في عصر انهيار الجدران!!؟















المزيد.....

الجدار العازل في فلسطين في عصر انهيار الجدران!!؟


ناهد بدوي

الحوار المتمدن-العدد: 691 - 2003 / 12 / 23 - 04:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن انهيار جدار برلين في أوائل التسعينيات حدثاً بعيداً عن روح العصر التي بدأت منذ بداية الثمانينيات والتي تجلت بالأزمة الاقتصادية العالمية والتطورات النوعية للقوى المنتجة وثورة العلوم والتكنولوجيا والاتصالات التي مكنت البشر من التواصل السريع والكثيف وخلقت إمكانية اندماج أكبر بين أجزاء العالم المختلفة. هذه التطورات المتسارعة حصلت  بشكل لم يسبق له مثيل منذ نشوء الرأسمالية.                       
إن السمة الأساسية التي حكمت الرأسمال منذ نشوئه هي الميل باتجاه التوسع والفتوحات وإزالة الحواجز. لكن هذه السمة منذ بداية الثمانينيات وبالاستناد إلى التطور التكنولوجي الهائل أصبحت قوة جارفة لا تستطيع أقوى الحواجز مقاومتها فكيف إذا كان الحاجز منخوراً وهشاً كجدار برلين لأسباب تتعلق بطرفي الجدار لسنا بصددها الآن؟. لقد سارع الصينيون عندما أدركوا أن الجدار عندما ينهار تنهار الأمة التي خلفه، إلى فتح نوافذ وبوابات في سور الصين العظيم خففت من قوة الضغط الهائلة وساعدهم في ذلك إدراك العالم كله بأنه ليس من مصلحة أحد انهيار وتفكك أمة تعدادها أكثر من مليار إنسان وبالتالي اندياحها في العالم.                           
إن انهيار جدار برلين ونهاية الحرب الباردة هو انهيار للتوازن الذي كان يسود العالم  ويساعد على استقراره النسبي. وفي ظل التغيرات العالمية النوعية الجديدة أصبحت هناك حاجة موضوعية لوجود حد أدنى من التضامن والتفاهم والتفاعل عبر مؤسسات عالمية تدير العالم وتفرض قوانين عالمية عادلة وديمقراطية تساعد على استقراره. وبما أن المؤسسات العالمية القائمة هي نتاج الحرب الباردة فقد كان عليها أن تذهب معها.       
إن أهم أسباب انتشار الفوضى والعنف الآن في العالم، كان لأن الاستراتيجيات المخالفة لروح العصر والمتغيرات الجديدة هي التي سادت، فالمراكز الرأسمالية القوية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قامت بمحاولة فرض مشروعها الخاص على بقية العالم والذي أعلن عنه بوش الأب في بداية التسعينات باسم النظام العالمي الجديد والذي تجلى بشكل العولمة الليبرالية الجديدة وتم تهميش دور الأمم المتحدة وتأسست منظمة التجارة العالمية والتي يمكن أن نسميها "منظمة الأقوياء للتجارة" بامتياز. كما تأسست مجموعة الثمانيG8  وأعيد إحياء منتدى دافوس كي تفرض المؤسسات الاحتكارية الكبرى أجندتها على دولها القومية أولاً والتي بدورها تفرضها على العالم كله. وتحاول هذه المؤسسات بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بأن تتحكم بالتدفقات العالمية حسب مصالحها فقط وعادت إلى شعار الرأسمالية الأول" دعه يعمل دعه يمر" لتطبقه  على العالم وتطالبه وتعمل على إزالة الجدران والحواجز من طريق رأسمالها وسلعها ومصالحها  بينما هي ترفع أسوارها عالية في وجه العمل، وفي وجه السلع المنافسة.  ولكن سرعان ما تبين بأنها مقاومة غير مجدية لروح العصر. وسرعان ما ظهرت مقاومات وردود أفعال ذات أشكال مختلفة وذلك عندما اخترق العالم المهمش أسوار أوروبا ونشأت جزر واسعة تحمل كل سمات العالم الثالث. كما نشأت فيها وفي العالم كله حركة مقاومة لهذه الاستراتيجية المتوحشة تجلت بالحركة من أجل عولمة بديلة إنسانية تنسجم مع روح العصر. وسرعان ما اخترق جدار المحيط الأطلسي في 11 أيلول وأسقط برجي التجارة وأسقطت معها إمكانية بناء أو استمرار الديمقراطية ضمن أسوار معزولة والضرب عرض الحائط بالعدالة والديمقراطية على صعيد العالم ككل. وإذا كان تنظيم القاعدة يبدو أنه آت من عصور الظلام في خطابه إلا أنه يعبر عن ردة فعل ضد هذه العولمة المتوحشة بدوافع ووسائل وأشكال تنظيم واتصال عصرية جدا لكن باستراتيجية همجية هي الأخرى تريد أن تقسر العالم على تبني رؤيته الخاصة في طريقة الخلاص من أشرار الحاضر.                                                        
نعود إلى حقيقة أن الجدار العازل عندما ينهار تنهار الأمة من خلفه ولن نقول بسهولة أن الأمة الأمريكية الآن تنهار بعد الضربات ولكنها لم تعد هي نفسها. فالديمقراطية والحقوق والحريات الشخصية تتراجع تحت ضغط الهاجس الأمني واللجوء المفرط للقوة يتعاظم، والرفاه يتقهقر والخطاب السياسي يتخلف بحيث أضحينا لا نفرق كثيرا في أحيان كثيرة بين خطاب القاعدة وخطاب اليمين الديني المتطرف بزعامة بوش الابن.    
 وبعد كل تجارب الجدران هذه يشيد اليوم الجدار العازل في فلسطين في أكثر أشكاله تخلفاً رغم تقدمة التكنولوجي فهو جدار فعلي من حديد وحجر وأسلاك وسياج الكتروني. وهو جدار مستعمر يأكل أراضي الفلسطينيين 12% من أراضي الضفة ويلتف كالأفعى حول بقع صغيرة من الأرض والسكان وهو غريب حتى عن جدران العصور السابقة يستفز كل إنسان مهما كانت هويته وآراؤه هو يستفز حتى الذي يبنيه والمقتنع بضرورته "لأمن الإسرائيليين" ولا بد أنه يقول في سره إنها مهزلة لابد منها!!. رغم أن هذا الجدار لم يأت ناتئا عن سياسة الجدران التي اتبعتها هذه الدولة الاستيطانية منذ نشوئها. فقد كان الجدار الفاصل مسبقا يكمن في المعادلة الصعبة حتى الآن والقائمة على أن قيم الديمقراطية والحريات والتعددية وحقوق الإنسان محصورة داخل جدران دولة إسرائيل، أما خارجها فإن قيم القسر والقتل والإرهاب وخرق كل القيم التي توصلت لها البشرية. وهنا أيضا اشتغل قانون عدم إمكانية بناء الديمقراطية والحرية داخل الأسوار وممارسة الاستبداد خارجها. فمنذ زمن ليس بالقصير بدأت تحولات نوعية في طبيعة المجتمع الإسرائيلي. وبدأت الأصوات تعلو من داخل هذا المجتمع نفسه لتؤكد بأنه لم يعد الجزيرة الغربية في المنطقة العربية التي ستساهم في "نقل القيم الغربية إليها" كما كان يقال، بل على العكس انتقلت سمات العالم الثالث إليه. ولم يعد الكثير من الإسرائيليين حتى الذين ولدوا في إسرائيل يؤمنون بنجاح المشروع الصهيوني ولم يعودوا يؤمنون بأن عقلية الاغتيال والقتل والأيدي الملوثة بالدم تستطيع الاستمرار بإدارة مجتمع ديمقراطي وإنساني. لا بل يمكننا الاستنتاج من الإصرار على بناء الجدار فشل المشروع الصهيوني نفسه.         
إن العالم كله يخجل من إشادة هذا الجدار في هذا العصر بالذات. لذلك فإننا نرى بأن معارضة قيامه ليست نابعة من القوى الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني فحسب وإنما من حلقة أوسع من ذلك والجميع يعتبره عاراً في حق البشرية كلها. وليس غريباً أن نرى أن المعارضة لهذا الجدار قوية في كل أنحاء العالم ومنسجمة مع روح العصر، وقد جاءت مجموعات كثيرة من شتى أنحاء العالم للوقوف في وجه آليات البناء التي تعمل فيه، بينما نرى أن الشعب في البلدان العربية كلها مازال يعيش خارج روح العصر حيث مقاومة العولمة الليبرالية الجديدة المتوحشة في هذه المنطقة معدومة مع أنها تدفع ثمنها الأكبر. كما نرى أن سبل مقاومة الجدار العازل معدومة مع أنه موجه ضدها تحديدا. أما الأنظمة العربية فإن هذا الجدار يقع خارج إقطاعياتها الخاصة لذلك فهو لا يعنيها. 

البديل

 



#ناهد_بدوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منبر يساري حر في زمن ندرت فيه المنابر اليسارية الحرة والمنفت ...
- اعتذار من نزار قباني
- سياحة في العيون الحرة
- الخيارات الاقتصادية في سورية والحركة النقابية الحقيقية
- المنطقة العربية بين مطرقة املاءات دافوس وسندان التأخر والركو ...
- الديمقراطية حاجة موضوعية في بلادنا مخاطر للاحتلال الأمريكي ع ...
- الشباب ضمير البشرية في مناهضة العولمة والحرب
- هل يرى السوريون ضرورة مناهضة العولمة ؟


المزيد.....




- الرئيس الصيني يستقبل المستشار الألماني في بكين
- آبل تمتثل للضغوطات وتلغي مصطلح -برعاية الدولة- في إشعار أمني ...
- ترتيب فقدان الحواس عند الاحتضار
- باحث صيني عوقب لتجاربه الجينية على الأطفال يفتتح 3 مختبرات ج ...
- روسيا.. تدريب الذكاء الاصطناعي للكشف عن تضيق الشرايين الدماغ ...
- Meta تختبر الذكاء الاصطناعي في -إنستغرام-
- أخرجوا القوات الأمريكية من العراق وسوريا!
- لماذا سرّب بايدن مكالمة نتنياهو؟
- الولايات المتحدة غير مستعدة لمشاركة إسرائيل في هجوم واسع الن ...
- -لن تكون هناك حاجة لاقتحام أوديسا وخاركوف- تغيير جذري في الع ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ناهد بدوي - الجدار العازل في فلسطين في عصر انهيار الجدران!!؟