أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام عبدالله - الجغرافيا بين السياسة والثقافة














المزيد.....

الجغرافيا بين السياسة والثقافة


عصام عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 10:28
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الخط الفاصل الذي كان يميز بين الصراعات الداخلية والصراعات الدولية قد اختفي‏ ، أو أنه يتجه نحو الاختفاء‏ ، وهو الخط الذي بقي واضحا طوال القرن التاسع عشر وحتي نهاية الحرب الباردة‏,‏ إلي حد كبير‏.‏
وحسب المؤرخ الإنجليزي اريك هوبسباوم في كتابه " القرن الجديد‏ " : فإن الجيوش الأجنبية لم تكن تعبر الحدود بدعوي حل صراع داخلي ينشب في نطاق دولة مستقلة وذات سيادة ، وكان هذا يمثل القاعدة الذهبية للنظام الدولي ، وهي قاعدة حققت للعالم استقرارا نسبيا‏ ، إلا أن موازين هذه القاعدة قد اضطربت‏ ، وتآكلت فاعليتها منذ عام‏1989 ، علي نحو ما حدث في يوجوسلافيا سابقا‏ ، والعراق الآن‏ .‏
ويخلص هوبسباوم إلي أن الحرب الباردة أدت‏ ،‏ بشكل أو آخر‏ ، إلي الاستقرار النسبي للعالم ،‏ وعندما وضعت أوزارها سادت العالم حالة من عدم اليقين ،‏ خاصة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي‏ ، الذي اقترن بتدمير نظام العلاقات الدولية الذي كان سائدا‏ ، والذي بموجبه كان الجميع يعرفون قواعد اللعبة التي تم الاتفاق عليها بدءا من معاهدة ويست فاليا عام‏1648.‏
الجديد في مسار العقد الأخير من القرن العشرين هو اتجاه الفرد نحو العولمة والعالمية‏ ، في الوقت نفسه وبالتزامن‏ ،‏ مع الاتجاه الشديد نحو تحديد الهوية والشخصية ،‏ ربما بطريقة متطرفة‏ ، وكأن العالم أصبح مقسما إلي مجموعات ثقافية وإثنية متعددة‏ .‏
وتخضع هذه المجموعات لضغوط العولمة‏ ،‏ كما تخضع لمؤثرات التشتت والانقسام ،‏ ونتيجة لذلك وقعت الدولة في فخ مزدوج‏ ، بين الهوية‏(‏ العرقية والإثنية‏)‏ التي تضغط بشدة علي كيان الدولة القومية ،‏ وبين متطلبات العولمة التي تنخر في جدرانها‏ .‏
ويمكن تلخيص أهم الاتجاهات العالمية التي عجلت بتآكل مفهوم الدولة بالمعني التقليدي في أربعة اتجاهات‏:1 ‏ ـ من السيادة إلي الاستقلال‏ . 2‏ ـ من الاعتماد علي الذات إلي التشابك والاندماج . 3‏ ـ من المحلية إلي العولمة‏ . 4‏ ـ من الجغرافيا السياسية إلي سياسة الهويات‏ .‏
فإذا كان نظام الدولة القومية الحديثة اعتمد أساسا علي مبدأ السيادة‏ ، وفقا لاتفاقية ويست فاليا عام‏1648‏ التي ربطت كلا من السيادة القومية والهوية الوطنية بالصفة الإقليمية ،‏ أو قل ربطت السلطة بالمكان‏ ،‏ وأصبحت الدولة لها حدود معترف بها من قبل الدول الأخري‏ ،‏ فإن هذا الأمر قد ظل علي هذا المنوال حتي ظهر الناشطون غير الحكوميين الذين انتشروا في الأنظمة الدولية بسرعة رهيبة‏ ،‏ مما أدي إلي التقليل من شأن سيادة الدولة الحديثة‏ ، ومن ثم من شأن مبدأ السيادة نفسه عن محيط التأثير في النظام الدولي‏.‏
لقد حل الاستقلال‏(‏ استقلال هؤلاء الناشطين‏)‏ محل السيادة‏ ،‏ وصار الأفراد والمؤسسات والحركات يناضلون من أجل نيل حريتهم واستقلالهم عن سيادة الدولة‏ ، بل التنافس مع الدولة في الهيمنة علي الموضوعات الساخنة‏ ،‏ والتسابق في إبرازها أمام العالم عبر وسائل الإعلام والاتصالات ‏.‏
ولأن أهداف تلك الأطراف المستقلة عن الحكومات لا ترتبط بمكان معين أو إقليم محدد‏ ،‏ فإن مسألة السيادة الإقليمية أصبحت غير ذي بال‏ ، إذ أن أهدافا مثل حماية البيئة أو حقوق الإنسان أو الحرية الدينية لا تتطلب سيادة علي منطقة معينة ،‏ بقدر ما تتطلب سيادة من نوع آخر ‏:‏ هو هيمنة هذه الأطراف علي تلك الأهداف وترويجها إعلاميا‏.‏
لقد سبق صامويل هانتيجتون إلي التأكيد علي أن حروب المستقبل ستدار بين الحضارات والهويات ،‏ وليس بين الدول القومية‏ ،‏ وهو ما يعني الانتقال من الجغرافيا السياسية إلي الجغرافيا الثقافية‏ ،‏ وأبرز مثال علي ذلك هو استمرار حلف الناتو‏ ، إذ أن عوامل الجغرافيا ـ الثقافية هي التي تبرر استمرار هذا الحلف أكثر مما تبرره عوامل الجغرافيا ـ السياسية‏ .



#عصام_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شهادة المرأة في حقوق الإنسان
- 2008 .. عام المنع والممانعة
- في الثورة والفورة
- أدب المنفي ، أو الحضور الغياب
- الدبلوماسية الوقائية
- أحفاد جاليليو والبابا بنيدكت
- البحث اللاهوتي السياسي
- البابا شنودة والكاردينال جيرسن
- مستقبل الأقليات في الشرق الأوسط
- في ذكري ابن رشد
- المفارقة التاريخية
- الحكمة الجماعية
- الشرطة الدينية
- أرض الأحلام
- باقة ورد إلي الحوار المتمدن
- أصل الدستور الأمريكي
- في اليوم العالمي للفلسفة ..
- أحذر الديموقراطية القادمة !
- هل الحداثة إرادة سياسية ؟
- ضبط الكلمات .. العولمة نموذجا


المزيد.....




- قبل أن يفقس من البيضة.. إليكم تقنية متطورة تسمح برؤية الطائر ...
- كاميرا مخفية بدار مسنين تكشف ما فعلته عاملة مع أم بعمر 93 عا ...
- متأثرا بجروحه.. وفاة أمريكي أضرم النار في جسده خارج قاعة محا ...
- طهران: لن نرد على هجوم أصفهان لكن سنرد فورا عند تضرر مصالحنا ...
- حزب الله يستهدف 3 مواقع إسرائيلية وغارات في عيتا الشعب وكفرك ...
- باشينيان: عناصر حرس الحدود الروسي سيتركون مواقعهم في مقاطعة ...
- أردوغان يبحث مع هنية في اسطنبول الأوضاع في غزة
- الآثار المصرية تكشف حقيقة اختفاء سرير فضي من قاعات قصر الأمي ...
- شاهد.. رشقات صاروخية لسرايا القدس وكتائب الشهيد أبو علي مصطف ...
- عقوبات أميركية على شركات أجنبية تدعم برنامج الصواريخ الباليس ...


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - عصام عبدالله - الجغرافيا بين السياسة والثقافة