أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس جليل العباسي - مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..















المزيد.....

مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..


سندس جليل العباسي

الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..
رسالة الى رجل دين...
تقول دراسة أعدت حديثا من قبل متخصصين من كلية الصحة العامة و أمراض المناطق الحارة في جامعة لندن ونشرت في مجلة (لانسيت) الطبية المعروفة أن عدد الوفيات بين الأطفال في العراق قد زادت لتصل الى 10 % من حالات الولادة.. وأشارت الدراسة الى أن هذه المعدلات تعكس الوضع العام المتردي للنظام الصحي، حيث تزداد حالات الولادة غير المكتملة وصعوبة الحصول على المياه النظيفة والمعقمة.. وحسب تلك الدراسة فان ذلك يضع العراق في مصاف الدول الأكثر فقرا بين الدول النامية من حيث معدلات وفيات الأطفال ..
وكشف آخر مسح اجتماعي أعده الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي بان 55% من الاسر العراقية تعاني من وضع اقتصادي متدهور، وان 20% من الشعب العراقي يعيشون تحت خط الفقر، وبالتالي فثمة حوالي خمسة مليون عراقي في عداد الأموات... وبتاريخ 5 نيسان 2007 حذرت خمس منظمات دولية بأنه من المرجح أن يتحول العراق الى اكبر دولة للأيتام.. وتؤكد تلك التقارير أن عددهم بالملايين.. وفي هذا الصدد أشارت منظمة اليونسيف بان عدد الأيتام في العراق قد وصل الى 7 مليون طفل.. وفي عام 2007، اعترفت مصادر في وزارة الداخلية ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن الآلاف من هؤلاء الأطفال اصبحوا مشردين في خرائب المدن وساحاتها وشوارعها.. وفي نفس السياق كشفت النائبة صفية السهيل بان عدد الأرامل في العراق وصل الى 3 مليون أرملة!! . وفي تقرير آخر أجرته مؤسسة (ميداكت) الخيرية البريطانية، بخصوص تفقد آثار الحروب على صحة العراقيين، إذ كشف هذا التقرير عن مدى تدهور الحالة الصحية للأطفال وانتشار واسع للعديد من الأمراض التي كان من الممكن الوقاية منها باستخدام ابسط الأمصال.. وكشف كذلك عن انتشار واسع لمرض السرطان وخاصة في مناطق الجنوب ... ومن جهة أخرى يقول التقرير الأخير للهلال الأحمر العراقي أن عدد المهجرين داخل العراق ارتفع الى اكثر من مليوني عراقي.. وأكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في آذار 2007 أن أكثر من مليون شخص قد نزحوا من العراق خلال فترة محدودة... أما بالنسبة لامراض السرطان والأمراض الأخرى المستعصية، تقول منظمة اليونسيف الى أن اكثر من 300 ألف عراقي مصاب بالسرطان والأورام الخبيثة غالبيتهم من الأطفال الصغار وبمعدل وفيات يصل الى 10 آلاف طفل سنويا بسبب ضعف أجسادهم جراء سوء التغذية ونقص الأدوية والتأخر في تشخيص المرض لقلة الكوادر والكفاءات المتخصصة وشحة الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة .. و أكدت مصادر في وزارة الصحة بان مستشفى الإشعاع والطب الذري في بغداد يستقبل يوميا كمعدل متوسط 100 حالة سرطانية يوميا.. ويتوقع خبراء أن يصل المعدل السنوي للإصابات السرطانية الى أكثر من 25 ألف حالة وهذا الرقم لم يبلغه بلد في العالم سوى اليابان بعد إلقاء القنبلة الذرية على مدينتي ناغازاكي وهيروشيما .. ويؤشر سجل السرطان زيادة في معدل حالات سرطان الدم في المحافظات، فعلى سبيل المثال بلغت نسبة السرطان في محافظة البصرة 9% وفي محافظة ميسان 12% وشكلت حوالي 75% من حالات الوفيات، وان 56% من المصابين بهذه الأمراض من الأطفال تحت سن الخامسة حسب تقرير نشرته وكالة IRIN التابعة للأمم المتحدة..
وفي تقرير نشر عام 2007 يقول هذا التقرير بان أحد الأسباب الرئيسية لتلك الأمراض هو شحة الماء الصالح للشرب حيث اصبح مرض الإسهال الشديد الأكثر فتكا بالأطفال تحت سن الخامسة، وفي بعض المناطق ارتفعت نسبة الإصابة الى 70% .. أما نسبة العراقيين الذين لا يتمكنون من الحصول على الطعام الكافي فقد وصلت الى 15% وان نسبة الأطفال المصابين بسوء التغذية وصل الى اكثر من 28% حسب تقارير اوكسفام... وتقول لجنة الصليب الأحمر الدولية في تقريرها الأخير أن الوضع الإنساني في العراق هو الاسوء في العالم..

ومن سخرية القدر، أعلنت الدكتورة زينب الغربان رئيسة لجنة المرأة والطفولة في مجلس محافظة بغداد لوكالة أصوات العراق عن وجود اكثر من 900 ألف تلميذ يتيم في مدارس العراق، و أضافت بان مجلس المحافظة قام بتخصيص مبلغ 20 مليون دينار عراقي لهؤلاء…، أي بمعدل ( 22 ) دينار وفلسين فقط لكل طفل!! وأضافت أن هدف المشروع هو إإدخال البسمة والسرور الى قلوب هؤلاء الأطفال كي يشعروا بأن هناك من يهتم بأمرهم !!!!!!!.
وبدورها وجهت الدكتورة ساجدة الطباطبائي الأمين العام لمؤسسة الجامعة الطبية في النجف نداء لكل الخيرين في العالم للسعي لمد يد المساعدة الى العراقيين لان هناك زهورا وبراعم تتلوى من الألم، واستهلت نداءها بعبارة (من أجلهم مد يدك إلينا )!!..إذن فلتقرأ الدكتورة المحترمة هذه المقالة..

أن جميع تلك التقارير والاعترافات هي غيض من فيض في هذا المجال والمستور أفظع بكثير!!.. وبالمناسبة قبل البدا بهذه المقالة، علي أن اعترف بان كل ما أريد قوله أو ما كتبته سابقا يأتي من باب النقد البناء وليس النقد الهدام كما قد يتصور البعض.. وبهذه المناسبة الحزينة، يجدر بي أن اكشف بعض المنجزات التي قام بها البعض في سبيل مد يد المساعدة لحل تلك المشاكل ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما تحدث به السيد الجليل صدر الدين القبانجي لقناة العراقية بعد الزيارة الأربعينية، حيث قال والبسمة تعلو محياه: ( أن مجموع الأموال التي صرفت خلال الزيارة الأربعينية ولمدة سبعة أيام فقط ، بما في ذلك الطعام والشراب الذي قدم للزوار الى جانب الخيام والسيارات والخدمات الطبية قد وصلت الى ما يقارب "500" خمسمائة مليار دينار عراقي، وأوضح مبتسما ابتسامة المنتصر بأن ذلك المبلغ يعادل ميزانية المحافظة لمدة سنتين!! واستدرك بان الناس والمؤسسات هم من قاموا بتلك التبرعات المجانية.. أضاف مولانا الجليل وبدون مناسبة وبتهجم غير مبرر بان الماضي أفضل من الحاضر بما لا يقارن.. أي انه يلمح بان الأموات أفضل من الأحياء بكثير، وان خدمة الأموات افضل من خدمة الأحياء.. وألمح الى انه إنما يقيس المواطن ليس بما يملكه من أخلاق أو تحصيل علمي أو بما يبذله لخدمة بلده وانما بمقدار إيمانه بتلك الطقوس.. واستعان بآية من آيات القران للدلالة على صدق قوله وهي " إن أكرمكم عند الله اتقاكم" أضاف إن الله سبحانه يكرم الإنسان قدر إيمانه بتلك الطقوس وليس بما يحمله من علوم واخلاق وبما يبذله لبلده والإنسانية جمعاء..)
انتهى حديث مولانا الجليل، أرجو أن أكون قد وفقت بما نقلته عنه..
وفي يوم 3 آذار نشرت جريدة الصباح العراقية خبرا أفاد بأنه تم شراء حوالي (108كغم) من الذهب الخالص في سبيل طلاء قبة الإمام العباس عليه السلام..

أما من جهتي، فأنا بالتأكيد لست ضد أية شعائر أو طقوس دينية أو غير دينية تقام في أي بلد من بلدان المعمورة، لكني اقف مندهشة أمام طقوس تصرف فيها مليارات الدنانير في بلد من أكثر بلدان العالم حاجة للفلس الواحد وليس للمليارات!!.. أسمع وأقرأ وأشاهد بان مهرجانات تقام في بعض البلدان تصرف فيها الكثير من الأموال غرضها الترفيه وأحياء لتقليد قديم ومن تلك المهرجانات مهرجان الطماطم والقمح الملون وغيرها التي تقام في بعض الدول الأوربية، لكني لم أسمع ولم أقرأ ولم أشاهد إن تلك الدول أقامت تلك المهرجانات خلال أزماتها الخانقة.. فالعقل والمنطق يفرض على تلك الدول معالجة أزماتها والاهتمام بالفرد وحاجاته أولا وقبل كل شيء بصفته أسمى الكائنات وهو الذي كرمه الله " وكرمنا بني آدم"..
أما في عراقنا، فما تم صرفه خلال تلك المناسبة فقط لا يتناسب وحجم الأزمات التي يعاني منها البلد.. وسواء قام الأفراد أو المؤسسات أو الأحزاب بصرف تلك الأموال فهي بالتأكيد إنما ذهبت لغير مكانها وزمانها فلم تعدو إلا كونها أموال مهدورة في عرف المحتاجين.. وتدخل في باب الإسراف غير المبرر.. فالعراق ليس بلد يتمتع بالرخاء وخالي من الأزمات كي تصبح تلك التبرعات مجرد أموال للدعاية تصب في مصلحة الأحزاب الدينية .. فالكثير من العراقيين يعانون بشدة من المرض واليتم والتهجير والحرمان وهي ذات الأهداف التي خرج لمقاومتها الإمام الحسين عليه السلام، وهي أحد أسباب ثورته، أليس من أهداف الإمام الحسين القضاء على الفقر والمرض والجهل وإشاعة روح المحبة والإخاء والعدل ونشر السعادة بين أبناء جلدته والعالم بأجمعه؟.. أين العدل الذي ينشده هذا الإمام العظيم والذي استشهد بسببه؟ أليس ما صرف هو الإسراف بحد ذاته، وان لم يكن كذلك، فبالله عليكم ما هو الإسراف إذن؟
ولو خير إمامنا الحسين بين صرف الأموال لاحياء مناسبة أربعينيته وبين أن تصرف لإيواء المهجرين وبناء المستشفيات وستر الأرامل ومعالجة المرضى وسد حاجة المحتاجين وحمايتهم من التشرد والضياع، فماذا سيختار؟ وأن كنا نقول بالتأكيد سيختار الشطر الثاني، فلماذا لا نقتدي به، ولماذا هذا الإصرار على هدر تلك الأموال؟ أعلم إن رجال الدين في عراقنا اليوم قد انعم الله عليهم بالبيوت الفارهة وسخر لهم قطعان مطيعة تخدمهم أينما حلوا.. ولا اعتقد إن أحدا منهم يعاني من فاقة أو فقر.. وجلهم أطال الله أعمارهم يتمتعون ببشرة ناعمة ووجوه مشرقة من النعيم الذي يتمتعون به..
كم كنا نأمل أن يسارع رجال الدين في عراقنا الجريح الى دعوة الناس للتبرع لإيواء العائلات المهجرة أو الى الأطفال المرضى وخاصة المصابين منهم بالسرطان والأمراض المستعصية الأخرى، أو على الأقل لحماية الأرامل والنساء من الانحراف.. وهذا من صلب الدين القويم ومن دعائم الأيمان..
بدأت الشكوك تساورني ومعي الكثير من الواعين بان الهدف من إحياء تلك الطقوس إنما في سبيل أن لا يضيع الأفراد ويتشتتون ويذهبون بعيدا عن موالاة بعض الأحزاب الدينية تحديدا، فقد تم تقييد الأفراد بسلسلة طويلة لا تنتهي من المناسبات الدينية (اغلبها شيعية أن لم يكن جميعها) وبعضها يجر بعض مستغلين حبهم لاهل البيت.. أن رجال الدين يتناسون عمدا بان كثرة المناسبات يجعلها تفقد الكثير من أهدافها وبريقها على مر الأيام.. وبعضهم يستغلها في سبيل سحق ومسخ الإنسان البسيط وتخديره وابعاده عن التفكير بوضعه وبحريته الفردية وتمتعه باتخاذ القرارات الصائبة بنفسه دون تدخل من الآخرين بوصفه كائن بشري.. فرجال الدين لا ينظرون الى هؤلاء باعتبارهم أفراد بل مجرد قطيع وأرقام انتخابية تحت الطلب، وعليه لا بد من سجنها وتكبيلها بالمناسبات الدينية كي لا تلتفت الى وضعها وكينونتها وتضيع من بين أيديهم الى الأبد.. ولم يتوان رجال الدين (الشيعة تحديدا) على الأعم الأغلب من حمل كتيب بجميع المناسبات الدينية منها ولادة أو وفاة الأولياء أو مناسبات أخرى.. ولو اطلعت على عدد تلك المناسبات لوليت منها هربا لكثرتها..
أعترف وأسلم بان رجال الدين قد نجحوا في مهمتهم الى حد ما من خلال ترويض أولئك البسطاء على السير خلف ركبهم.. ولطالما درجوا على الادعاء بأنهم حماة تلك الطقوس..
هؤلاء (وأنا أتكلم عن الأحزاب الشيعية السياسية) بالتأكيد لا تهمهم المناسبات الدينية كثيرا بقدر ما تهمهم مصالحهم الشخصية وتربعهم على عرش القيادة في دولة خاوية وشعب جله من القطعان المخدرة..
بيد أن ما أبرزته تلك المناسبة تحديدا هو البون الشاسع بين أعضاء مجلس النواب وممثليهم، إذ أن الذين زحفوا لزيارة الإمام في اربعينيته كانوا يرفعون العلم العراقي البعثي ذو النجوم الثلاث ضاربين بعرض الحائط مجلس النواب وقراراته والذي يفترض انه يمثلهم ويمثل تطلعاتهم لاسيما وان بعض أعضاء مجلس النواب يدعون إن عدد الزوار قارب (10 مليون زائر)!! إلا يشير ذلك الى عدم الطاعة لهؤلاء النواب.. هذا إذا استثنينا ذوو الأقدام البنفسجية "وهم من هربوا بأقدامهم الى خارج العراق بعد الانتخابات وهم على غرار الأصابع البنفسجية لكن باستخدام الأقدام هذه المرة" زحفوا فرارا من العراق باتجاه سوريا والأردن وباقي دول العالم بعد أن يأسوا من وعود أعضاء مجلس النواب الذين بخلوا عليهم حتى بإعطاء أرقام هواتفهم أو بريدهم الإلكتروني لهؤلاء الناخبين للاتصال بهم عند الحاجة.. ناهيك عن أن الكثير من أعضاء مجلس النواب استعانوا بأقدامهم البنفسجية ولاذوا بالفرار والإقامة خارج العراق..
الكثير من العراقيين ممن غرقوا حتى آذانهم في السير مخدرين وراء حماة مذاهبهم، أعميت بصائرهم عن رؤية كوارث الحاضر الذي يدفع ثمنه أطفالهم وإخوانهم وابناء جلدتهم والتحفوا بالماضي والبكاء والعويل واللطم, في الوقت الذي يتطلب فيه العمل على توظيف الماضي والتراث لبناء مستقبل مشرق للجيل الحاضر والأجيال اللاحقة، والانتقال بالبلد من بلد مستهلك لا يجيد سوى التهام الطعام الى بلد منتج مكتفي ذاتيا.. وهذا ما يخشاه حراس العقائد المطلقة الذين يسعون بلا هوادة الى محاصرة العقول النيرة والمنفتحة ومقاومتها متسلحين بإشاعة الجهل والخرافة والامية والفقر في سبيل منعها من مغادرة نفق التخلف، ساعين الى سجن البسطاء داخل بوتقة الماضي وتمجيده ليكون الحاضر مجرد عتبة يطلون منها نحو العالم القديم ليس إلا.. بعيدا عن المستقبل وما يتصل به... بل يحرصون اشد الحرص على أن لا نمارس ولو بعض وسائل الحضارة العصرية، ساعين بجد حثيث الى قولبتنا في قوالب التأليه والتقديس، ناعتين كل مفكر وناقد إيجابي لموروث الأمة الحضاري والديني والثقافي بأنه ملحد وزنديق ومرتد ... فعلى سبيل المثال لا الحصر، قبل وقت قريب قتلوا الكاتب والمفكر فرج فوده وحاصروا كتابات السيد القمني الجريئة وكفروا السيدة وفاء سلطان ومن قبلها المفكر والكاتب صادق جلال العظم....الخ، والقائمة تطول وستطول بالتأكيد.
ليس المخجل أن نستلهم من الماضي بل المخجل أن لا نجعل استلهامنا دافعا نحو التقدم والبناء... دول العالم تعمل وتنتج في سبيل إسعاد شعوبها، لأنها تدرك أن الأحياء أولى من الأموات إلا في بلادنا .. فأنها تفضل العيش داخل أسوار الماضي وتفضل الاعتناء بالأموات على الأحياء.. مع جل تقديرنا لعظمتهم ومكانتهم في قلوبنا.. لكن الواقع يفرض علينا الاهتمام بأمور دنيانا نحن، أمامنا أطفال يموتون بالجملة وامراض تفتك بنا.. ونحن لا نصنع شيئا سوى الدعاء .. لقد صنع أجدادنا الكثير وتفوقوا على الآخرين بكل اقتدار .. لكن ماذا نحن فاعلون ؟؟؟
ينبغي على رجال الدين ومشايخ العراق تحديدا أن يستثمروا شيئا نافعا من تضحية الإمام الحسين لتقوية وتعزيز الحاضر والتطلع نحو المستقبل وليس الاكتفاء بالنحيب والعويل والبكاء المتكرر وهدر الأموال ... ينبغي أن يتحلى رجل الدين بالشجاعة ويتوجه الى العامة من بسطاء الناس بالنصح والإرشاد والتقويم وهما اضعف الإيمان.. الناس على دين ملوكها، وملوكها اليوم متجسد برجال الدين على الأعم الأغلب لما لهم من تأثير كبير على البسطاء من عامة الشعب..
يبدو إن العراق اصبح اليوم من اكثر بلدان العالم أيمانا بالخرافة لكثرة الأزمات التي ألمت به.. وهو اقل البلدان إنتاجية واقلها اهتماما بحاضره ومستقبله.. واكثرها معاناة من الأزمات .. واقلها استغلالا لثرواته الطبيعية.. واكبر مزبلة لمصانع السيارات العالمية وباقي الأجهزة.. واقل البلدان حبا للجمال والموسيقى.. واقلها شغفا بالزهور.. فنحن كما تقول الإحصائيات نتفاخر بان اغلب مكونات شعبنا من الشباب، لكن جلهم لا يقرأ ولا يكتب، إذ انتشرت الأمية الثقافية بين أوساطه بحيث بات من الصعب التمييز بين بعض طلبة الكليات أو بالأحرى بعض حملة الشهادات العليا وبين هؤلاء الأميون من حيث الثقافة والوعي العصري.. تلاقي ثقافة السمع واجترار الخبر من الماضي السحيق رواجا كبيرا .. لم تسعفنا ثقافاتنا لأنها غدت مشلولة وعاجزة عن مواجهة العصر بكل تعقيداته.. ارتضينا أن تتشح جامعاتنا ووزاراتنا ومستشفياتنا بالسواد الكامل تأسيا بأحداث الماضي.. تجرأنا على انتخاب برلمان لا يجتمع تحت قبته على الأعم الأغلب إلا أولئك الذين التحفوا الماضي بكل مساؤه ومتناقضاته وصراعاته.. نحن اليوم نشهد صراعات التاريخ الإسلامي في عصره الأول، أبطالها رجال دين وبرلمانيون تربعوا بلا جدارة ولا كفاءة في أعلى هرم الدولة حاملين رايات الماضي وملوحين بسيوفهم "هل من منازل".. لا يجيدون سوى الصراخ والضغينة.. ردود أفعالنا ليست سوى صدى للماضي السحيق..
ورغم أن الحقيقة مرة لكن ينبغي أن تقال، إننا اليوم لم نعد سوى مصانع للبراز متنقلة في نظر العالم الآخر.. مجردين من كل نزعة إنسانية عالمية.. أما حان الوقت كي نتوقف عن الضجيج .. إنها دعوة مخلصة قبل فوات الأوان..
سأكتفي بهذا المقطع من قصيدة " أين حقي " لشاعر الشعب محمد صالح بحر العلوم عسى أن تفي بالغرض..

ما لبعض الناس لا يحسب للتفكير فضلا
ومتى ما ناقشته الرأي تعداك وولى
زاعما إبقاء ما كان على ما كان أولى
من جديد يصرخ الواقع منه :أين حقي؟!!



#سندس_جليل_العباسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الابداع ومعاول الفقهاء المعاصرين
- في بيتنا هبل واللاتي والعزة...!!
- رعاة وقطيع من نساء
- مسيرة مارثونية مليونية لانفاذ اطفال العراق
- الكرامة والشهامة في ميزان الحضارة
- من له إذنان صاغيتان فليسمع، أين حقي؟
- كي تتعلم وتفهم
- ابو الهول أكثر صخبا من برلمانياتنا


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سندس جليل العباسي - مولاي الجليل.. لا تقتلوا الامام الحسين مرتين..