أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين















المزيد.....

عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 2225 - 2008 / 3 / 19 - 10:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يا أيها الذين أمنوا أن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون.) سورة التوبة.35-34

كان من المتوقع، تماماً، أن ينتهي الدجل والسحر والشعوذة والتجارة ودغدغة عواطف المساكين والبسطاء وبفضيحة مجلجلة من العيار الثقيل، أظهرت وبما لا يدع مجالاً للشك، بأن ما يقف وراءالخزعبلات والحركات المسرحية القرعاء، هو في النهاية ابتغاء وجه الدولار، وليس بالضرورة ابتغاءً لوجه الله. نعم فقد أظهرت مجلة فوربس للأغنياء، بأن الداعية لله المدعو عمر خالد، يحتل المركز الأول بين زملائه من موجة الدعاة الجدد، الذين غزوا العقول واستباحوا الساحات، ممن فرختهم حقب انحطاط العقل العربي المديدة، بدخل سنوي بلغ اثنين مليون ونصف المليون، فقط، ليس من الجنيه السوداني والمصري، أو الدينار العراقي المنهار، بل من الدولار الأمريكي، واللهم لا حسد، حبيب الدعاة وملهمهم للدعوة والإرشاد، متفوقاً بأشواط وبمئات الآلاف، ويا حرام، على أقرانه الآخرين من " الكسّيبة" والمسترزقين من تجارة الكلمة التي يبيعونها، مع قليل من التوابل والشطارة والفهلوة للمخدرين بسحر وأساطير الأولين.

السوق الديني، أو البزنس الدعوي أصبح حقيقة واقعة. فلا يستغرب، بعد اليوم، أن يتم إدراجه يوماً ما في "البورصة الإسلامية"، استكمالاً لعملية الغزو والسطو التي تتم على عقول هذه الشعوب المنكوبة باسم الله، وأن يقسم كل داعية مؤسسته الدعوية إلى أسهم تباع لـ" الغلابة" وبهاليل المسلمين وترتفع أسهم هذا وتنخفض أسهم ذاك طرداً مع قدراته الاحتيالية على التمثيل والنصب والخداع، وقدرته على أسر ألباب العذروات، واستذراف دموع المخدوعات بسحر الحجاب. هذا البزنس المزدهر صار له رجالاته، وطقوسه، وسكرتيراته، ومؤسساته، ونجومه، وأثرياؤه، و"بضاعته" التراثية الجاهزة التي لا تكسد على مر الأيام، ويعيد إنتاجها أولئك الدعويون الأشاوس بقليل من الحنكة، والخبرة، وأحياناً الخبث، والمهارة التمثيلية، لإلهاب ودغدغة خيال الطامحين للحور العين والغلمان المخلدين، لنزعهم من واقعهم الحالي وأخذهم بعيداً إلى عوالم غابرة، وعصور سحيقة تزهو بالسحر والطهر والورع وقصص الرومانس، وإيهام المفتونين " المخدوعين"، بأن ذاك الزمن السالف، وكل تجارب البشرية الخلاقة قد توقفت كلياً في محيط تلك البيئة الصحراوية قبل 1400 عام ولا سبيل لمحاكاتهم على الإطلاق.

وإذا سلمنا بضرورة وجود دعاة للإسلام في المجتمعات المشركة، والعياذ بالله، أو لدى الوثنيين والبوذيين، واللادينيين لتعريفهم بدين الله القويم والحق، فلا أدري، في الحقيقة، ما هي الحاجة لوجود داعية، أو دعاة للإسلام في مجتمع إسلامي يولد بنوه مسلمين بالفطرة وهم مؤسلم من بابه لمحرابه، ويعيش بحرفية غير معقولة على فتاوى يومية يصدرها له شيوخ الدين من ألف وأربعمائة عام عن كل شاردة وواردة في حياته ومع ذلك، لم تستطع، وبكل أسف، أن تنظم حياته حتى الآن أو تضبط سلوكه الجنسي وعلاقته مع النساء؟ كما وتتلقف وزارات التربية والتعليم في الدول الإسلامية، الأطفال قبل أن يفتحوا عيونهم البريئة لتحشو عقولهم بأساطير الأولين وقصص الجان والعفاريت والثعبان الأقرع وعذاب القبر وأنكر ونكير، وتعاقب من لا "يختموا" جزء عم وتعرضه للإهانة والتوبيخ أمام أقرانه الطلاب. وفي أغلب الدول العربية يحظى الزمن المخصص لدروس التربية الدينية بحصة الأسد يقوم بإعطائها مدرسون خريجو جامعات أو معاهد دينية، وتعتبر مادة التربية الدينية مادة مرسبة لا يجتاز الطالب صفه الدراسي دون النجاح بها حتى لو كان فيثاغورث أو إينشتاين عصره. ويبدو الدعاة الجدد، في هذا الجو المتخم دعوياً، كمن يبيع الماء في "حارة السقايين"، وقد سيطر المد الديني أو الصحوي على أوجه الحياة في عموم العالم الإسلامي.

هذا وقد غزا المدرسون الأزهريون، مثلاً، دول الخليج، ( ودرءاً لأي سوء فهم والتباس فهو ليس ابتغاء لوجه الدولار)، وبعض الدول العربية الأخرى، وحولوا عقول أبنائها وشبابها وأطفالها الصغار إلى عصف مأكول، وكل الحمد والشكر لله. والسؤال الأهم لماذا يحتاج الدين لكل هذا التفسير والشرح والتأويل ولكل هذه الجيوش الجرارة من الدعاة وأطنان من الكتب والمؤلفات لتقديمه إلى العامة التائهين والجهلة بشؤون دينهم ودنياهم؟ أفبعد كل ذاك الضخ نجد أنفسنا، وبكل أسف، بحاجة لخدمات عمرو خالد وأمثاله من نجوم البزنس الديني لإثرائنا دينياً وضبطنا سلوكياً؟ وبالمقابل، لماذا يعيش الغرب بذاك الشكل المتكامل من الانضباط والرقي والحضارة ويحرزون كل تلك الإنجازات الخارقة في ميادين الطب والعلوم الأخرى دون أن يكون لديهم دعاة من طراز المدعو عمرو خالد أو الجفري والقرضاوي والجندي والفيشاوي...إلخ؟ أم أن هذه العقول الضامرة المضمرة قد أصبحت عاجزة عن استيعاب أي شيء آخر، وهي بحاجة مراراً وتكراراً لأن تعاد عليها قصص الغزو والسبي والفتنة الكبرى، وطرق النكاح وأبواب الإيلاج وأوقات الجماع، وفقه الحيض والنفاس المعقد والعصي عن الفهم، وعدد الزيجات لهذا الصحابي أو ذاك؟

وإذا كان الإسلام هو دين الفطرة، تأكيداً لما قاله النبي محمد: (كل مولود يولد على الفطرة)، (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) الروم-30، فلماذا هذه الحاجة لهذا الجهد الهائل لإقناع الناس به، وهم الذين فطروا عليه؟ وإذا كانت الآية تقول، وعلى لسان رسول الإسلام، على ما أعتقد ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً )، المائدة (3)، فهل ثمة من داع لجهود هذا الداعية أو ذاك لتوطيد أركان الدين، بعد أن حمـّل الله لرسوله العظيم الأمانة ليبلغها إلى الناس، وقام بواجبه، مشكوراً، وبلغها على أحسن ما يرام، وانتهى الموضوع و"خلاص"؟ أو هل لم تصل "الأمانة"، ولا سمح وأستغفر الله، بعد وهي بحاجة لـ"ساعات عمل إضافية" يتولاها هؤلاء الدعاة التي يثابون عليها بالدولارات الأمريكية فقط ويودعونها في بنوك اليهود والنصارى وليس في المصارف الإسلامية، ولا ينفقونها في سبيل الله وعلى أبناء جلدتهم من فقراء مصر، مثلاً، الذين يخوضون معارك شرسة وضارية بالرفس والنطح و"البوكس" الحي، وعلى الهواء مباشرة اليوم من أجل رغيف خبز كما نقلت لنا قناة الجزيرة في تقرير موسع لحسين عبد الغني من القاهرة يوم الجمعة الماضي، لما يعانيه الناس في ديار الإيمان والإسلام. ولِمَ لم يستطع هؤلاء الدعاة أن يفعلوا شيئاً حيال الفقر برغم خطابهم الوردي والدعوي، أو من إيجاد حل سحري وسماوي للفاقة والمجاعات التي تجتاح العالم الإسلامي؟ وهل سينسى الناس الفطرة في حال غاب عنهم هؤلاء الدعاة لسبب ما، لا قدر الله، ولن يكون بإمكانهم، بعد ذلك، مثلاً، الذهاب إلى الحمام، أو إرشادهم لكيفية امتطاء الجاريات وما ملكت الأيمان، وستعم الفوضى وتنتشر الخراب؟

لا يرقى عمر خالد لدرجة العالم الديني أو العالم بأي شيء، بمعايير الفقه والعلم الإسلامي، فكل ما يقوله ويجود به من قصص وسير محفوظ ومعروف لطلاب الابتدائي في العالم الإسلامي ، وجل مواهبه وإمكانياته وقدراته الخارقة هي تمثيلية ومسرحية ليس إلا يوظف فيها ذاك التراث البسيط لجني الملايين على حساب بعض البهاليل المخدوعين به.

أية تجارة رابحة تدر اليوم على صاحبها هذه الأرقام الخرافية التي صار الدعاة ينافسون بها كبار التجار ورجال الأعمال وحرامية القطاع العام، وهي، بالمناسبة، لا تخضع إلى أي نوع من الرقابة، أو الضرائب والمتابعة والمساءلة القانونية، وهي حلال بحلال، نقول أي نوع سوى هذا النوع من التجارة الرائجة والمسموح بها رسمياً والتي تأخذ من تيه وشقاء وشلل وانعدام حيلة الناس مادة لها، لتتحفنا بمليونيرية جدد من طينة عمرو خالد يضحكون بها على عقول وذقون الفقراء، لكنها مطعمة بنكهة سماوية مقدسة، ومنزهة عن أي شك وسؤال، ويكون صاحبها قد ضمن جاه الدنيا وفاز بالآخرة، ولعمري، فإن تلك معادلة صعبة لا يحققها إلا صناديد الرجال، وترتقي، حقاً، إلى درجة المعجزات؟





#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية السعودية للمعارضة السورية
- هل أطاحت وفاء سلطان بأسطورة الجزيرة؟
- كل عام وأنتم بالشادور والنقاب
- يو إس إس كول: البحث عن هزيمة
- أنا لست مسلماً
- آل تعوس وقصر الدرعية والتاريخ الملعون
- مهلكة آل جحود
- ثقافة الحذاء
- نعم هناك خطر سوري
- فالانتاين سوري
- لجان وجمعيات الهجوم علي المجتمع السوري
- الحرب علي الوهابية
- اصلاح المعارضة السورية
- أأفاضل الإعلان
- لا بارك الله بهذه الثقافة
- هل فينو غراد عميل سوري؟
- فتوى سياسية ضد جماعة الإعلان
- إعلان بيع بالمزاد العلني
- إيّاكم أن تكونوا شرفاء ووطنيين
- نعوة فقيد: إعلان دمشق في ذمة الله


المزيد.....




- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...
- ما جدية واشنطن في معاقبة كتيبة -نيتسح يهودا- الإسرائيلية؟
- بالفيديو.. مستوطنون يقتحمون الأقصى بثاني أيام الفصح اليهودي ...
- مصر.. شائعة تتسبب في معركة دامية وحرق منازل للأقباط والأمن ي ...
- مسئول فلسطيني: القوات الإسرائيلية تغلق الحرم الإبراهيمي بحجة ...
- بينهم طلاب يهود.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين تهز جامعات أمري ...
- أسعدي ودلعي طفلك بأغاني البيبي..تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال نعيسة - عمرو خالد: رزق الهبل على المجانين