|
الله إلكترونياً: تسعيرات واضحة!
عاصم بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 2223 - 2008 / 3 / 17 - 08:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قد تكون الرسائل التي سأتحدث عنها الآن، مرت سابقاً أمام بصر العديد من القراء، فهي ظاهرة منتشرة بشكل كبير في عالمنا الإسلام، وللحقيقة لا إسم رسمي لها، لكن نستطيع أن نسميها رسائل دينية إسلامية. ولمن لا يعرف شيئاً عن هذه الرسائل، نستطيع أن نشرح له: هذه رسائل إلكترونية يتم إرساله عبر البريد الإلكتروني، وتتضمن عدداً من المعلومات عن الدين الإسلامي، على سبيل: ((هل تعلم أن أول من تمنى الموت ؟ يوسف عليه السلام هل تعلم أن أول ما يرفع من أعمال هذه الأمة ؟ الصلوات الخمسة هل تعلم أن أول صلاة صلاها رسول الله ؟ هي صلاة الظهر.))
ويضاف إليها بعض الجمل الدينية المنتشرة بين صفوف المسلمين. الأهم من كل هذا: المحصلة التي ينالها مرسل هذه الرسالة، وهذه المحصلة أو المكافأة (الحسنات) تتغير بحسب عدد المرسل إليهم. وهنا جدول يبين هذه الفكرة: ((عدد الأشخاص:1 الحسنه:1 عدد الأشخاص:2 الحسنه:2 عدد الأشخاص:3 الحسنه:4 عدد الأشخاص:4 الحسنه:8 عدد الأشخاص:5 الحسنه:16 عدد الأشخاص:6 الحسنه:32 عدد الأشخاص:7 الحسنه:64 عدد الأشخاص:8 الحسنه:128 عدد الأشخاص:9 الحسنه:256 عدد الأشخاص:10 الحسنه:512 عدد الأشخاص:11 الحسنه:1024 عدد الأشخاص:12 الحسنه:2048 عدد الأشخاص:13 الحسنه:4096 عدد الأشخاص:14 الحسنه:8192 عدد الأشخاص:15 الحسنه:16384 عدد الأشخاص:16 الحسنه:32768 عدد الأشخاص:17 الحسنه:63536 عدد الأشخاص:18 الحسنه:127027 عدد الأشخاص:19 الحسنه:254144 عدد الأشخاص:20 الحسنه:508288 عدد الأشخاص:21 الحسنه:1016576 عدد الأشخاص:22 الحسنه:2033152 عدد الأشخاص:23 الحسنه:4066304 عدد الأشخاص:24 الحسنه:8132608 عدد الأشخاص:25 الحسنه:16.265.216 عدد الأشخاص:26 الحسنه:32.530.432 عدد الأشخاص:27 الحسنه:65.060.864 عدد الأشخاص:28 الحسنه:130.121.728 عدد الأشخاص:29 الحسنه:260.243.456 عدد الأشخاص:30 الحسنه:520.486.912 مجموع الحسنات لو ربي تقبلها في ثلاثين رساله فيها أحد الأدعيه ======> 1.040.973.824 للي ما يعرف يقرأ الرقم: مليار وأربعين مليون وتسعمية وثلاث وسبعين ألف وثمانمية وأربعة وعشرين حسنه .... يا رب يبلغنا.))
شيء جميل فعلاً، التسعيرات واضحة جداً.. وهذا ما يطمئن مصلحة الضرائب في أي بلدٍ كان. فكل حسنة تسعى لنيلها يجب عليك أن تؤدي فرضاً ما. الغريب في الأمر كيف عرف هؤلاء، كتاب الرسالة الأساسين (المصدر الأول)، حجم الحسنات التي سينالها المسلم، لقاء إرسال هذه الرسالة المليئة بالأفكار الدينية. والأغرب والأشد وطأة، الإنتشار الكثيفة لهذه الرسالة، والرسائل الأخرى التي تشبهها، بين صفوف المسلمين بمختلف إنتماءاتهم المذهبية، هذه حالة مفرحة، أي وحدة المذاهب، لو كانت على أمور أكثر أهمية، كان فرحنا إزداد غبطتاً.
رسالة أخرى، ذات أهمية وإنتشار كثيف:"أرجوكم ياجماعة تنشروا الخبر لان في اخت في فلسطين شافت رؤيا ان اللي حينشر الخبر ربنا حيفرحوا بعد اربع ساعات رجل اسمه د/عبد الله مصطفى قال : شاهدت محمد صلى الله عليه وسلم في منامي واوصاني سلاما على الناس فيجب على كل من يقرا الرسالة ان يوزعها على الناس وينتظر اربعة ايام فسوف يفرح فرحا شديد , واذا لم يوزعها فسوف يحزن حزنا شديدا امانة في ذمتك الى يوم القيامة ارسلها الى 25 شخص".
وطبعاً خوفاً من الحزن الشديد، يرسلها المسلم. خوفاً من الغموض، خوفاً من التفكير يرسلها المسلم إلى 25 شخصاً يعرفهم. فهو يريد أن يفرح. يريد حسنات يحملها معه إلى يوم القيامة حين يواجه ربه. هذه الأفكار تشبه تماماً مرحلة ما قبل الثورة الفرنسية، حين كان المسيحيون يحجزون لأنفسهم أراضٍ في الجنة وهم على الأرض (أحياء) عن طريق رجال الدين. وحتى المسيحيين، إتجهوا من جديد بإتجاه هذه الفكرة، البسيطة والسهلة للكسب!!! فهذه رسالة تشير إلى ذلك"قال يسوع (انا معكم لحين انقضاء الدهر امين) ارسلها الى 9 اشخاص ستحصل على انباء ساره غدا اذا اهملتها يسيئ حظك 9 سنوات حقيقه مثبته بالانجيل"
إذاً هذه محاولة سهلة للكسب. مرةً كسب الحسنات لدخول الجنة، ومرةً أخرى من أجل كسب السعادة.. وخوفاً من الحزن، من المجهول. بمعنى أخر هما السببان الرئيسان اللذان يمنعان الإنسان من التحرر. والذي ذكرهما إيمانويل كانت في معرض رده عن سؤال: "ما هي الأنوار؟"... فقال:"إن الكسل والجبن هما السببان اللذان يفسران بقاء مثل هذا العدد الكبير من الناس مرتاحين إلى قصورهم مدى الحياة، بعد أن حررتهم الطبيعة منذ زمن بعيد من التوجيه الخارجي. كما يفسران كم من السهل على البعض أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على هؤلاء. إنه من السهل جداً أن يكون المرء قاصراً، فلو كان لي كتاب يقوم مني مقام العقل، ومرشد يقوم مني مقام الضمير، وطبيب يقرر لي نظام غذائي، الخ...، فلن أكون بحاجة إلى تجشّم أي عناء بنفسي. لست بحاجة إلى أن أفكر طالما أن بوسعي أن أدفع، إذ أن آخرين سيتكفلون بهذا العمل المضني. فان تعتبر غالبية الناس (بمن فيهم الجنس الضعيف برمته) تلك الخطوة نحو رشدها بمنتهى الخطورة، إضافة إلى كونها أمراً مضنياً، ذاك هو ما يعمل الأوصياء على تكرسه بكل جهدهم، إذ أنهم أخذوا على عاتقهم، إمعاناً في لطفهم، ممارسة إشراف تام على البشرية."
وقد يكون الإسلاميين أو الدينين بشكل عام، فهموا فكرة الإصلاح الديني بطريقة خاطئة، فإعتقدوا أنها تقوم على مواكبة التطور، أي عدم الإكتفاء بإستخدام المنابر في الجوامع، بل يجب الإنتقال إلى المنابر الإلكتروني، كالمواقع والمنتديات والرسائل البريدية.. فنقلوا أفكارهم البلهاء (بأغلبها) إلى الأنترنت.. رغم أن هذا الأخير هو إكتشاف غربي (صليبي، إذا أردنا أن نتماشى مع نظريات الإسلام المتطرف)، أي من صنع الأعداء.. لكن هذا لا يهم، المهم أن تنتشر أفكارنا المثيرة-المبكية-المضحكة!
أذكر تماماً، أني قرأت موضوعاً نشر في "شفاف الشرق الأوسط" منقول من إحدى المجلات الأجنبية، حول دراسة أعدت عن أسخف الفتاوى الإسلامية لعام 2007، وتصدرتها فتوىً عن شيخ أزهري، يمنع فيها ممارسة الجنس بين الزوج وزوجته، وهما عراة!! فضولي دفعني للبحث عن مواقع الفتاوى هذه، فبحثت عن طريق الشبكة البحث العالمية "غوغل" فوجدت موقعاً، وكنا في مرحلة أعياد الميلاد المسيحية ورأس السنة، فلفتتني فتوى تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم وحتى التعاطي معهم.. فخفت من العقاب، فسبق لي أن هنأت بعض الأصدقاء منهم... يا لها من مهزلة فعلية!
دعوة من جديد للتنبه لهذه المهازل الكثيرة الخطيرة. على الدين، كمفهوم خير، أن يوطد علاقات الناس بــ بعضهم لا أن يفرقهم، وأن يعمل العقل مكان هذه الخرافات الخيالية. دعوة للتحرر.. من قيود الجهل، والمجهول، والخرافة.
#عاصم_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تضامناً مع وفاء سلطان:ماذا عن الرأي الآخر؟
-
هي لحظة
-
ماذا عن ميشال سورا؟
-
لا أريد أن أموت
-
الزواج المدني: الخطوة الأولى
-
بيروت،أدب وفن
-
حالة حب (قصة قصيرة)
-
بيروت:-مملكة الغرباء-
-
غزة فوق الحصار
-
ثقافة -حرق الإطارات-
-
أسئلة وقبلة
-
القتل العادي!
-
ترسبات طائفية!
-
حول مقولة: الدين لله والوطن للجميع
-
خواطر على هامش العام الجديد
-
أنشكر العاهل السعودي على الحق؟! (نعتذر من فتاة القطيف)
-
بيروت تبعث من جديد!
-
الذاكرة لا تصنع وطناً!
-
إلى جبران تويني ...
-
الشباب العربي
المزيد.....
-
قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع
...
-
وفاة السوري مُطعم زوار المسجد النبوي بالمجان لـ40 عاما
-
نزلها على جهازك.. استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
سلي أولادك وعلمهم دينهم.. تردد قناة طيور الجنة على نايل سات
...
-
قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال
...
-
نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024
...
-
قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال
...
-
كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا
...
-
بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي
...
-
أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|