أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - فقدان حس الحاضر














المزيد.....

فقدان حس الحاضر


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:22
المحور: المجتمع المدني
    


سألني رجل كهل، دخل عقده السادس، وهو من معارفي، عن المستقبل، ومتى سنصل إليه؟ وحين لاحظ استغرابي من سؤاله، قال بشيء من التهكم والمرارة؛ منذ خمسين سنة وأنا أسمع أن الأوضاع ستتحسن في المستقبل، وأنا منذ ذلك الحين أنتظر، فهل تستطيع أن تخبرني فيما إذا لم يكن في الأمر حيلة ما؟!.
يعد الإنسان الكائن الوحيد الذي ينشغل بشأن المستقبل. هذا امتياز له لا شك، أعانه في الارتقاء بمراتب التمدن والعلم والحضارة. فمن غير تصور عن الآتي لن يستطيع الإنسان التقدم خطوة واحدة. كما أن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يراكم خبراته عبر الاهتمام بالتاريخ والماضي باستعادة تجاربه وتجارب النوع البشري ودراستها والتعلم منها. فالإنسان كائن مفكر وحالم، له رؤيته العميقة إلى الزمان. وهو لا يمكن أن يكتفي بعيش الحاضر فقط ونسيان ما جرى، وعدم التفكير بما سيكون، بحجة أن الماضي قد انقضى وان المستقبل في علم الغيب ولا فائدة من الانشغال بهما كما تقول الراحلة أم كلثوم في القصيدة المغناة ( رباعيات الخيام ).
غير أن ما يُلاحظ عند كثر منّا هو غياب حس الحاضر. أي أن هناك من يحاول العيش في الماضي وكأن العالم لم يتغير منذ مئات السنين، أو منذ عقود، أو كأن المستقبل في أبهى تصوراتنا عنه ليس سوى إعادة إنتاج صورة الماضي الزاهر، في مقابل من يستغرقون في استيهامات متخيلة عن مستقبل مرتجى، استيهامات فاقدة الصلة براهننا كما لو أن الواقع العياني المعيش في عرف هؤلاء ليس سوى لعنة ينبغي الهرب منه. وبذا فنحن الشرقيين ( إن ركنا إلى فرضية هذا التقسيم الاستشراقي ) لا نتقن فن العيش كما يُقال، أو كما يتهمنا الغربيون، فترانا معلّقين بين تصورات موهومة، غير علمية أو عقلانية، عن الماضي، وبين رؤى مائعة لمستقبل لا نفعل ما يجب أن نفعل ليكون مشرقاً حقاً. كأن لا وجود لحاضر هو ما نمتلك ممكناته ونعيشه ولا يسعنا المضي باتجاه المستقبل وصنعه مثلما نحلم من غير التشبث به، بهذا الحاضر. ويجب أن نعترف أن تربيتنا الفكرية والأخلاقية في جانب كبير منها تسفِّه الحاضر وتحتقره وتلعنه لصالح ماض ضاع منا أو ضيعناه. أو لأجل أحلام طوباوية، من المؤكد أنها لن تتحقق طالما أننا لا نبذل جهداً من أي نوع لتحقيقه، أو أنها محض أحلام لا علاقة لها بواقعنا وحاضرنا.
إن فقدان حس الحاضر هو فقدان لحس الواقع والتاريخ، هو جهل بفن العيش والاستمتاع به، هو العلّة في كره الحياة عند بعضنا، والميل إلى العنف والقتل عند بعضنا، والخوف من الحرية، ومن ثم من مسؤولياتها، عند كثر منّا.
لن نكون ما لم نتعلم كيفية أن نحيا وان نحب الحياة وأن نفهم حاضرنا ونواجه معضلاته بشجاعة كي نقدر على تغييره، وكي نربح غدنا.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موضوعة -السأم- في الأدب الروائي
- أفواه الزمن؛ هذا الكتاب الساحر
- شتائم ملوّنة
- مشكلاتنا ومشكلاتهم
- إيان مكيوان في -أمستردام-
- قصة قصيرة: ضاحية التيه
- هناك مع الوردة حلم زنزانة
- السرد وميثاق التخييل
- ماركس الناقد
- غوايات القراءة: -أن تحسب حصاد السنين بعدد الكتب التي قرأت-
- بحثاً عن ماركس
- رعد عبد القادر ومؤيد سامي: في ذكرى رحيلهما المبكر
- استعادة ماركس
- أسئلة عام جديد
- كاواباتا في ( العاصمة القديمة )
- أحلامنا المؤجلة
- قيم السرد بين كالفينو وإيكو
- حروب المياه
- ( العمى ) لساراماغو
- حفلة التيس؛ فضح البلاغة الرثة للديكتاتورية


المزيد.....




- الخارجية الروسية: حرية التعبير في أوكرانيا تدهورت إلى مستوى ...
- الألعاب الأولمبية 2024: منظمات غير حكومية تندد بـ -التطهير ا ...
- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - فقدان حس الحاضر