أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شه مال عادل سليم - حلبجة ...في ذكراها العشرين















المزيد.....


حلبجة ...في ذكراها العشرين


شه مال عادل سليم

الحوار المتمدن-العدد: 2222 - 2008 / 3 / 16 - 11:23
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


قبل عشرين عاما وبالتحديد في 16 اذار عام 1988 اصبحت مدينة حلبجة والقرى المحيطة بها مختبرا فعليا لغازات صدام ـ علي الكيمياوي ومسلخا لقواته و جحوشه ...... حيث كانت الصواريخ والراجمات المعبئة بالمبيدات القاتلة والتي حصل عليها النظام العراقي من بعض الشركات الاجنبية( 1 ). . . هدايا ومكرمة من مكارم النظام البائد لحلبجة ولابنائها وبناتها الابرياء بمناسبة عيد ( نوروز) .... عيد الانتصار على الظلم والجور ....
حلبجة ...تلك المدينة التي تحولت خلال دقائق الى مقبرة جماعية لاحصر لها ..ولو تمعنا اليوم في شوارعها وابنيتها وحاراتها وطرقها نرى اثارمخالب وانياب سلطان هاشم وعلي الكيمياوي وحسين رشيد التكريتي وصابرعزيز الدوري وجحوشهم الذين شدوا على ظهورهم احزمة الارتزاق والعمالة ليكونوا في المقدمة كادلاء قذرين ومنبوذين , آثاراً شاخصة على جسد تلك المدينة المنكوبة التي احرقت ودُمّرت عن بكرة ابيها بالمبيدات والسموم والصواريخ ...
فبعد عشرين عاما من وقوع هذه الكارثة ...لايزال اهالي هذه المدينة المنكوبة يشعرون بضيق التنفس والاحمرار والحكة في العين وحرق في الجلد و احتقان الرئة والتعرق والتقيؤ والربو والسرطان واعراض مرضية مزمنة كثيرة اخرى ...
احساسيس غريبة تسيطر عليك وانت امام وفي حضرة تلك الشاهدة الحية التي لاتزال واقفة تسرد لضيوفها تفاصيل الجريمة بكل صدق وامانة ....
ففي مدخل المدينة كتب وباللغات العربية والكوردية والاكليزية ( ممنوع دخول البعثيين ) ... ......يقال انها وصية لضحايا المبيدات والسموم القاتلة قبل ان يناموا نومتهم الاخيرة ........... وخاصة بعد ان اصبحت مدينتهم المنكوبة دماراً وبعد ان لُقبت بهيروشيما العراق بعد القصف مباشرة ..... ولهذا السبب يرفض اهلها دخول البعثيين اليها وبالحاح .......
في مركز المدينة نصب تمثالا ابيضا ضخما ..بضخامة جرح اطفال حلبجة ... يرمز لضحايا القصف الكيمياوي وامام النصب العملاق تمتد مقبرة جماعية تضم رفات 5 الاف ضحية اكثرهم من( النساء والاطفال) الذين سقطوا خلال القصف الكيمياوي للبلدة في دقائق الاولى من القصف الهمجي لحلبجة ...... اغلب الضحايا من الاطفال ومنهم شهداء رضع ...نعم اغلب الضحايا هم من اطفال المدينة ومن نساء تجاوزن الستين والسبعين من العمر بالاضافة الى باقات من الشباب والصبايا ....
فقبل عشرين عاما بالضبط وتحديدا في 16 اذار 1988 شاهد العالم صورا مؤلمة لجثث امهات واطفالهن الرضع، وهي ملقاة وسط الطرقات وقرب ينابيع المياه وامام عتبات البيوت ....... مخنوقين بالغازات القاتلة قبل عيد نوروز بايام .......... نعم السموم التي لم تمهلهم كثيرا ... حيث ناموا نومتهم الابدية في حضن مدينتهم الجميلة التي تشوهت ملامحها ايضا بالسموم القاتلة ... بعد ان قصفت من قبل اسراب من الطائرات الهمجية الصدامية بالاسلحة المحرمة دوليا ......
وبعد عشرين عاما على ارتكاب النظام البعثي هذه الجريمة الشنعاء ورغم السقوط المدويّ للصنم في الوحل وضربه بالنعال ... فما زال الكثيرون يغمضون عيونهم ويسدون اذانهم ( بابداع وبراعة ) تثير العجب والاشمئزاز حقا ......
فما زال البعض يريدون ان يدغدغوا المشاعر وان يتاجروا بقضية والام الشعب الكوردي ويسعون جاهدين لتضليل الرأي العام العراقي والعربي والاسلامي والدولي في محاولة يائسة لربط مشوه بين الجلاد والضحية ......! بركوب موجة المصالحة التي تسمى زورا بالوطنية ويطرحون شعارات ومشا ريع فاشلة لامستقبل لها بهدف محاولة كسب الرأي العام العراقي ودغدغدة المشاعر لا اكثر و وذالك على حساب الالاف من الضحايا الذين لاحول لهم ولاقوة .....
ففي هذا الزمن الرديء ...زمن سقوط القيم والاخلاق ...... زمن الملثمين والمقنعين ...زمن المصالحة والعفو عن المجرمين ..زمن الانزلاق والوقوع في الهاوية ...... يٌعلن وامام اهالي الضحايا الناجين من المبيدات القاتلة وتحت سماء المدينة التي عمت بالدخان والمبيدات والسموم و امتلئت ارضها بجثث الابرياء ....بان المجرم سلطان هاشم لم يرتكب جرما بل كان روبوتا نفذ فقط ما اٌمر به ........! اي تم اعادة الكلام الذي تفوه به الروبوت في المحكمة ........
نعم ايها السادة نحن نعرف بان هؤلاء كانوا وحوشاً مبرمجة على القتل وجز الرؤوس ولكن في نفس الوقت كانوا ساديين , مجرمين , كيمياويين و قتلة , شاركوا النظام في جرائمه , وفي وحشيته ..... ...... بل كانوا رموزه الدمويين وعاثوا في الارض فسادا ...انهم مجرمو الحرب ومرتكبو الجرائم ضد الانسانية جمعاء ..... فعلا انه زمن رديء ..زمن المفارقات العجيبة ......زمن الاكاذيب وازمة الاخلاق ..... زمن المساومة على دماء ودموع الضحايا .....
كيف لا نستغرب ونحن امام الذكرى العشرين لهذه الكارثة الكبيرة .... نسمع ونرى ونقرأ تصريحات بهلوانية الفرهود وهم يصرحون هنا وهناك ويلتقون باهالي الضحايا والمنكوبيين والمتضررين من هجمات تلك الروبوتات التي ارتكبت الابادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية ( عن غير قصد كما يدعون !!) ....
كيف لا نفاجا وان هؤلاء يدافعون عن سلطان هاشم قائد الفرهود والغنائم والفرمانات القراقوشية الذي وضع اللوم في احدى الجلسات المحكمة على (افواج الدفاع الوطني , الجحافل الخفيفة ) وقال ان جحوشه كانوا الثقل الرئيسي في معارك الانفال وخاصة في عمليات الانفال الاولى ونسى او تناسى هذا( البطل الصنديد ) ان هو من امرهم بتدمير كوردستان ارضا وشعبا وان هو من شجعهم للعنفصة واستخدمهم كقوة ضاربة وكادلاء خيانة وعبيدا له ولنظامه الفاشي في عموم كوردستان لاجل تقديم الولاءات والحصول على المكرمات ... نعم لقد تناسى سلطان هاشم ,هذا الروبوت القاتل بانه يمثل النظام البائد عن صدق وهو احد الذين نفذوا قرارات صدام حسين بارادته حيث وضع خطة الانفال ونفذها بكل اخلاص !! حسب اعترافاته امام المحكمة العراقية الجنائية العليا( راجع افادة المجرم سلطان هاشم وحسين رشيد التكريتي) .......
كيف لا نفاجأ بخطابات ونصائح هؤلاء وهم يلتقون باهالي الضحايا المنكوبين والمتضررين من همجية روبوتات صدام وطائراته المشؤومة التي كانت تقذف حممها ومبيداتها فوق رؤوس الابرياء ..... كيف لا نفاجأ وهم في مسرح الجريمة ..... يواجهون وجها لوجه تلك الضحايا التي تشوهت وجوهها الجميلة بالسموم و يدافعون عن هذه الذئاب البشرية ومنها سلطان هاشم وزير الدفاع العراقي الاسبق واحد كبار روبوتات النظام البائد المدان في قضية حملات الانفال( الابادة الجماعية) والمحكوم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت ويصفونه بانه لم يكن سوى وزير نفذ اوامر الجهات العليا .............!
وفي نفس الوقت يطمئنون اهالي الضحايا والمنكوبين بانهم سوف يبذلون قصارى جهدهم لاعادة اعمار حلبجة الشهيدة ... تلك المدينة التي دمرت ونسفت فيها البيوت بمن فيها ,من قبل سيء الذكر صدام حسين وسلطان هاشم وروبوتاته من رموز البعثيين الكبار ويلقون اللوم على حكومة الاقليم للتقصير بحق هذه المدينة المنكوبة .......
يا للعار ... يا للعار ... يا للعار ...
ان الامر القضائي بحق المجرمين بجرائم الابادة الجماعية (الانفال)الاكثر من سيئة الصيت قد صدر من المحكمة العراقية الجنائية العليا وتم التصديق عليه من قبل الجهات العليا للقضاء العراقي الا انه وبقرار قراقوشي ارتجالي غير مسؤول تم تعطيل الامر القضائي التي صدر بحق مدبري ومنفذي الانفال من قبل كبار مسؤولي الدولة العراقية الحالية ... وهنا اسأل كل الذين يدافعون عن الوحوش والحيوانات البشرية المخيفة (ابطال الانفال وحلبجة الذين لم تبق نياشين واوسمة القتل الا وعلقت على صدورهم لمواقفهم الهمجية الشرسة وافعالهم اللاانسانية ) ... ما هذه الازدواجية ؟
وعلى حساب من ؟
الضحايا ؟
واين ؟ في مسرح الجريمة ؟ و امام عتبة دار عمر خاور , الذي وقع صريعأ بسبب القصف الكيمياوي وهو يحتضن طفله الرضيع؟ ....... لا ايها السادة ... فهؤلاء الذين تدافعون عنهم اليوم شاركوا صدام بملء ارادتهم في جرائمه ومنها قصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي .....
ماهذه الازدواجية ؟...من جهة تتساهلون مع القتلة وتطلبون العفو عنهم ومن جهة اخرى تذرفون الدموع على الضحايا المنكوبين من اهالي حلبجة الجريحة الذين يقضون حياة ماساوية وبائسة ...... كيف لنا ان نقرأ هذه الازدواجية ؟ ....
بقى لنا ان نقول ....يا تجار الكلمات والمزايدات ...ايها المدمنون على الخداع ...يامن تلعبون على الحبال والنفاق وقلب الحقائق وتشويهها ... ان ( المصالحة الوطنية ) لا تعني نكران الحقائق والواقع الذي انطبع في ذاكرتنا وحفر في قلوبنا ...ان المصالحة الوطنية لا تعني اعادة صداميين الى الساحة السياسية باسماء واصباغ جديدة ......ان المصالحة لا تعني عفا الله عما سلف ....المصالحة لا تعني العفو لمنفذي الجرائم وجز الرؤوس ... لا اطلاقا بل تعني المصارحة والواقعية والابتعاد عن المزايدات وعدم خلط الاوراق على حساب الضحايا ....... فاي منطق هذا الذي تسعون اليه , عن قصد او غير قصد ... لماذا تحاولون مسح الماضي وتزوير الوثائق والوقائع في زمن الشيزوفرينيا السياسية والاخلاقية ؟ .......
قولوا ما يحلو لكم بدون ادنى وازع من ضمير او احساس بالمسؤولية ... فانتم غير ملزمين بما تصرحون به , وذالك لان الزمن وبكلمة زمن الانزلاق والقحط والأزدواجية الأخلاقية والفكرية التي انتجتها السياسة الطائفية والمحاصصة المقيتة التي انتجت بدورها ايضا بهلوانات الكذب والقفز على الحقيقة والتاريخ لطمس الكوارث وطمس وقائع مؤلمة حدثت بالامس القريب على حساب ماساة الشعوب ...... والا لماذا التجني على الحقيقة والتاريخ ؟ و لخدمة من يطمس وقائع الأمس الحزين ؟ لمصلحة من يجري هذا النفاق ؟ فعلا انها مفارقة مخجلة ومؤلمة ومقرفة ...
ايها السادة المحترمون ...
ان قبور الضحايا في حلبجة الشهيدة وارضها المليئة بالزنابق والبنفسج والرياحين والنرجس والازهار البرية المحروقة والمتناثرة التي يداعبها نسيم الصباح ويقبلها رذاذ المطر وتراقصها احلام الاطفال الذين خنقوا وناموا نومتهم الابدية في ساحات اللعب وامام عتبات دورهم وفي ملاعبهم الترابية الصغيرة وفي الشوارع وامام الدكاكين وفي ساحات المدارس ليسوا بحاجة الى ازهار ولا اكاليل غار ..........
وانما ينتظر اهاليهم بفارغ الصبر تحقيق العدل وفي المقدمة تنفيذ ما اقرّت به المحكمة الجنائية العراقية العليا وليس اغتياله وخنقه .......كما يطالبون الحكومة العراقية الجديدة بالعدل والمساواة والانصاف السياسي والاجتماعي والاخلاقي تجاه تلك المدينة التي دخلت التاريخ من اوسع ابوابه كهيروشيما وناكازاكي في اليابان ...
في هذه المناسبة الحزينة لم يبقى لي الا ان اترنم بحزن واقول بخشوع لحلبجة في ذكراها العشرين ....
حلبجة !! ...
اقف أمام جرحك المكشوف واستذكر اطفالك الذين حرقوا , ماتوا , خنقوا
والذين اطفأت السموم بريق اعيينهم بصمت عجيب ...
نعم اطفالك الابرياء !
الذين كتب لهم هادي العلوي برائته من هويته !!
في عصر الذئاب البشرية ... عصر السيانيد والخردل !
لا اعرف لو كان صديقنا العلوي معنا اليوم ماذا كان يقول عن دموع تماسيح هؤلاء و عن اكاليل الغار والازهار واقنعتهم المصطنعة .........؟ ماذا كان يكتب في الذكرى العشرين لحلبجة المنكوبة ....هل كان يلعنهم كما لعن الطيار الذي (استبسل) علي اطفال حلبجة ؟ ام ماذا ؟
حلبجة !!
مازال عبدالله ﮔﻭران( 2 ) واقفا منتصبا على قمة جبل سورين المطلة على المدينة بشموخ متأملأ في عينيك الجميلتين ... ها هو يرتجل ويقول اه... يامدينتي الجريحة حتى الطيور قد نزحت خوفا من الضربة الكيمياوية القادمة ...... ليلوذ بالصمت ويترك لعازف الناي المجال ليعزف بصوت نايه الحزين الذي يحوم عذبا مع ارواح الاطفال في سماءك ليمطروا على جسدك المحروق رذاذ من المطرالجميل ليزيل عنك آلام وحرقة السموم ......
حلبجة لا زالت تترنح من السموم ولازالت تحتضن سمائها الملبدة بالغيوم السوداء والصفراء والبيضاء المتوهجة التي امطرت سمومأ خانقة ...
حلبجة تتلفع بالسواد وتبحث عن فلذات اكبادها هنا وهناك ....
حلبجة تخفي خلف هدوئها صرخات مكبوتة منذ عشرين عاما ..
حلبجة ايها الجرح النازف ......
حلبجة واقفة على ركام الاطلال ينحت التاريخ في صفحات جبالها الشامخة ...
حلبجة دم دافئ ...
حلبجة ايها الجسد المثقل بالسموم ...
حلبجة ارض الشموع و النذور ....
حلبجة ذكريات الموت الجماعي ...
حلبجة دمع زاحف امتصته الارض لتحبل بالسموم القاتلة ......
حلبجة تمهلي سوف نلتحق بك ...
حلبجة الى اللقاء اليقين ......
حلبجة ....حلبجة ....حلبجة ...
حلبجة ماضية في كابوسها ..... بثيابها الربيعية المحروقة وبشفتيها المتشققة والمتيبسة .......
حلبجة ...تلك المدينة التي زرعت فيها القنابل والراجمات والصواريخ المعبئة بالسموم لتبقى كمتحف الشمع وكمزار للعشاق الجدد...
حلبجة ...
حلبجة ...
حلبجة ... رطبي شفتيك برذاذ المطرالجميل الربيعي في الذكرى العشرين لسقوط الشمس , وعطّري جسدك المحروق . . برائحة الريحان و النرجس البري وبعبق ارضك المقدسة ايها الصامدة ..... و رددي معي ـ رغم زمن القحط المخنوق وطمس الحقائق وخلط الاوراق ..... سيبقى الفرق بين الضحية والجلاد ... يبقى الفرق بين القاتل والمقتول ..
يبقى الفرق بين البعثي والانسان .... نعم يبقى الفرق بين البعثي والانسان ...يا حلبجة
حلبجة ..
حلبجة ..
حلبجة ... الهة الجمال والانتظار....
حلبجة الهة العشق والصدق....
حلبجة الهة الغناء والحب الجميل .....
حلبجة عبير القبلات السرمدي التي تبقى ولاتموت رغم الاحتراق و رغم نزيف السم ......
انظري ايتها الجميلة ولا تحزني ... انظري الى تلك الذئاب البشرية التي نهشت اطفالك وقتلت عشاقك في وضح النهار...
وفي مقدمتهم سيدهم الطاغية , حاكم القتل والدمار ...نعم هم بعينهم ...هم الذين شنوا عليك حروبا شعواء والصقوا بك التهم الباطلة وانفلوا النساء والاطفال والشيوخ والشابات والصبايا في غزواتهم وفرهودهم .... لقد بحت اصواتهم في القفص ...نعم انهم في القفص وبئس المصير ...وسوف يسقطون واحدا تلو الاخر من المقصلة الى مزبلة التاريخ في هذا العصر ...عصر السقوط ... نعم سقوط فكرالانفال والغزوات والفرهود والتسلط والاستبداد .... ........فعودي الى السكون واهدئي ..... فالسقوط مازال مستمرا ... و كل يوم يسقط من هيكل البعث ضلع الى مزبلة التاريخ ....
سقط الرأس العفن ...والرقبة تحت الاقدام في عرس شعبي قل نظيره في التاريخ ..
لقد تيبس ( النشامة ) خوفا من غضب الشعب الرهيب الذي عصف بهم وبقصورهم وبابراجهم العاجية المصنوعة من اسنان اطفالك ... نعم اطفالك الذين أُحرقوا وخنقوا في دولة الارهاب وجمهورية الخوف ..... تعالي والقي نظرة اخيرة على هؤلاء الوحوش قبل ان يسقطوا الى مزبلة التاريخ ....تعالي انهم في القفص ..اسمعي ..اسمعي .. كيف يلعنون اليوم الذي ولدوا فيه .....
لقد صاح سلطان عندما القى القبض عليه ..نعم سلطان الذي رش عليك السموم في ليلة العيد، ثم انفل ابنائك ..قال وهو يصرخ:- اين انت أيها الموت ؟ اين انت ؟ تعال وخلصني من هذا العذاب ووضع راسه تحت دشداشته القذرة كالنعامة ليخفي راسه القذر تحتها واخذ يضرب القفص بقبضته التي انفل الابرياء بها قبل عشرين عاما ....
اه يا حلبجة ..اه لجبن سلطان وقائده الفلته الذي اخرجوه من الحفرة كالجرذ المذعور ....
اما علي الكيمياوي . . ذلك الوحش النتن فمع ادخاله في القفص ملأ القفص والهواء من حوله بسموم ومبيدات قاتلة ولشدة بؤسه وعدم امكانيته استعمال سموم افكاره النتنه كالسابق يجهش كل صباح ومساء بالبكاء ويستذكر ايام بطولاته الكيمياوية ونياشينه واوسمته وبزته الزيتونية ..حتى وصل الامر به اخيرا ان يمشي في قفصه على الاربعة ويقلد اصوات الحيوانات تارة ويصرخ تارة اخرى و الذباب يداعب فمه الاعوج وجسمه القذر وهو (جاعد) وامامه طاولة وبيده ( زارات يلعب بيها ﻠﮔﻭ ) ...و بين حين واخر يضرب راسه العفن بجدار الزنزانة ويحطم الطاولة ويلعن اليوم الذي ولد فيه... .......
اما الاخرون من روبوتات القتل وجزالرؤوس فمازالوا ممددين في القفص وبلا حركة ... لايستطيعون ان ينهضوا ويواجهوا الموت كابنائك الذين ماتوا وهم واقفين , انهم جبناء و مجرمين و قتلة ....... انهم مرعوبون ومذعورون ... يزحفون على الاربع ...نعم هكذا يقضون حياتهم في القفص الذي كانه صنع خصيصا لهم .......
مااجمل حياة الحرية ياحلبجة .. لايمكن وصفها بكلمات ......
حلبجة لقد انتهى زمن الانين والبكاء والحداد والسواد ...... انتهى وبلا رجعة يا حلبجة .... لقد انجلى الظلام وظلم البعث ياحلبجة ....لم يبقى لي الا ان اقول لك في هذه الذكرى الاليمة ...
سلاما عليك ...
سلاما عليك... لقد جئتك هذه الامرة زائرا لا مهاجرا ولا طريدا ولا متشردا ... جئتك لالتحف بسمائك وانام في عينيك الجميلتين التين لاتزالان كنجمتين حافظتا على بريقهما رغم زمن القحط والفراق الموت والسموم .... بعد ان غُبت عنك عمرا ......تعال لنتلمس ما احتفظت به ذاكرتانا عن تلك الكارثة صدامية .... ... ...
اهدئي ...ولا تيأسي .. ونامي جيدا فما زال الطريق امامك والسفر لم يبدأ بعد....... اما انا فسوف انتظرك .......
انتظرك ......
انتظرك .....
انتظرك ... فمازال رأسي مليئاً بالافكار وبذكريات الطفولة يا حلبجة .....
حلبجة تضحك ولا تتكلم ..
انظروا اليها ...انها تبشر خريف عمرها بربيع وبنوروز وباعياد اتية لا محال ...

ختاما اقول .. ان الارقام والخسائر والاضرار من كل النواحي البيئية والبشرية وانعكاساتهما المدمرة على البشر والحجر وما تم الكشف عن فصولها الدموية والكيمياوية الخانقة (عاصفة الموت) في 16 اذار 1988 على حلبجة بشكل خاص وكوردستان بشكل عام ليس فقط شبيهة بل اكثر جرما وشراسة لابادات مماثلة في العصر الحديث في رواندا وكمبوديا وشبيه الى حد مابمجازرالابادة في هيروشيما وناكازاكي ومن هذا المنطلق اناشد الرأي العام العربي والاسلامي والعالمي والمنظمات المعنية بحقوق الانسان وكل خير في عراقنا الجديد وكافة الاحرار والشرفاء ومحبي الانسانية في العالم وكل من يهمه الامر , في الذكرى العشرين لعمليات الابادة الجماعية . .
يتضامنوا مع اهالي الضحايا لتوسيع دائرة التضامن والمطالبة من اجل التحريم الشامل للأسلحة الكيمياوية القاتلة واعتبار يوم 16 اذار يومأ عالميا لمنع استخدام الأسلحة الكيمياوية والقنابل العنقودية والنابالم ..
ومن اجل العمل الجاد لفضح الشركات الاجنبية التي زودت النظام البعثي البائد بالاجهزة والمعدات اللازمة لانتاج السلاح الكيمياوي ...وخاصة بعد ان وقعت الاقنعة وكشفت الاوراق مع سقوط الصنم في الوحل حيث ظهرت اسماء عشرات الشركات الاجنبية المتعاونة اضافة الى تجار السموم مع النظام البائد في الوثائق و الكتب والعقود الرسمية الموقعة من كلا الجانبين ...ومطالبتهم بتقديم التعويضات( صحيا وماديا ومعنويا ) عن تلك الاضرار الجسيمة التي لحقت بحلبجة و بكوردستان ارضأ وشعبأ باعتبارهم شركاء النظام فيما اقترفوه من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وتجريمهم لقاء عملهم هذا .....
في الذكرى العشرين لقصف مدينة حلبجة الجريحة بالسلاح الكيمياوي من قبل أسراب طائرات النظام البعثي البائد . .
حلبجة تنادي وتصرخ لانقاذها من محنتها ....... !! فهل من مجيب ؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ حسب تصريح المسؤولين عن لجنة الكشف عن اسلحة الدمار الشامل العراقية لجريدة البولتكن الدانماركية بان من ضمن 25 شركة زودت النظام العراقي بالسلاح الكيمياوي ومعداتها , 17 شركة منها المانية ... وايضا اسماء لشركات اجنبية اخرى على سبيل المثال لا الحصر عشرات الشركات النمساوية والسويسرية والايطالية وبريطانية، اضافة الى امريكية وفرنسية ومن دول اوروبية كثيرة اخرى .........
2 ـ ولد الشاعر عبدالله ﮔﻭران عام 1904 في مدينة حلبجة , مارس مهنة التعليم من عام 1925 الى 1937 ثم عمل موظفا في دائرة الاشغال حتى اعتقاله عام 1951 ومن ثم ابعاده الى قضاء بدرة نتيجة نشاطه الوطني . . ثم خرج من السجن وتكرر اعتقاله عدة مرات الى ان حررته ثورة 14 تموز المجيدة في 10 ـ 8 ـ 1958 .... يعتبر عبدالله ﮔﻭران رائدا من رواد التجديد في الشعر الكردي المعاصر ونصيرا بارزا للسلم ومناضلا صامدا في هذا الطريق ... في عام 1962 عين استاذا محاضرا في القسم الكوردي في كلية الاداب بجامعة بغداد , توفي في 18 ـ 11 ـ 1962 نتيجة اصابته بمرض السرطان .. لقد كتب عبدالله ﮔﻭ ران لنضالات الشعب العراقي بعربه واكراده , كما كتب عن السلام , الحرية , الشهيد , الخبز , الثورات والانتفاضات الجماهيرية ,سجناء الرأي , نوروز , قصائد العشق وغيرها من القصائد الوطنية الرائعة والتي اصبحت شعارات واغاني تبقى خالدة الى الابد .

انتهى



#شه_مال_عادل_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هربجي . . كرد وعرب رمز النضال *
- القاعدة ... وحملاتها المسعورة لتجنيد اطفالنا في العراق
- هل لأطفالنا حقوق ...؟!
- الذكرى العشرين لجرائم الابادة ، ما المطلوب اليوم ؟ !
- عيد ... بأي حال عدت يا عيد .....
- الدستور العراقي ..الغائب الحاضر .... !
- لا...لا لأنفلة قرار المحكة الجنائية العراقية العليا ........
- تعميق الديمقراطية في كوردستان يؤثّر ايجاباً على دول الجوار … ...
- بعد عودة البعثيين ... العراق الى اين ؟
- اخيرا ... حققنا الفوز !
- الى الاخ قيس قره داغي المحترم ........
- .....! العبره بالقانون . . تطبيقه وليس تدوينه
- أن الاوان لفضح اعمال العار
- !........تعديل الدستور ام تعطيل الدستور
- الانفال.... كانت سموم موت ام غازات مسيلة للدموع ....؟
- شجرة الحياة
- حلبجة .....مجزرة ماثلة في الاذهان 2 2
- حلبجة..... مجزرة ماثلة في الاذهان 1 2
- نحن الكورد جزء لا نتجزﺃ من الصراع الداخلي والاقليمي و ...
- نافع يونس ..... احد رواد المفكرين الكورد


المزيد.....




- لمعالجة قضية -الصور الإباحية المزيفة-.. مجلس رقابة -ميتا- يُ ...
- رابطة مكافحة التشهير: الحوادث المعادية للسامية بأمريكا وصلت ...
- كاد يستقر في رأسه.. شاهد كيف أنقذ رجل غريب طفلًا من قرص طائر ...
- باتروشيف: التحقيق كشف أن منفذي اعتداء -كروكوس- كانوا على ارت ...
- إيران أغلقت منشآتها النووية يوم الهجوم على إسرائيل
- الجيش الروسي يعلن عن خسائر بشرية كبيرة في صفوف القوات الأوكر ...
- دونالد ترامب في مواجهة قضية جنائية غير مسبوقة لرئيس أمريكي س ...
- إيران... إسرائيل تهاجم -دبلوماسياً- وواشنطن تستعد لفرض عقوبا ...
- -لا علاقة لها بتطورات المنطقة-.. تركيا تجري مناورات جوية مع ...
- رئيسة لجنة الانتخابات المركزية الروسية تمنح بوتين بطاقة -الر ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - شه مال عادل سليم - حلبجة ...في ذكراها العشرين