أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !















المزيد.....

كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2221 - 2008 / 3 / 15 - 10:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


استعدت صورة الجادرجي بمناسبة ذكراه الاربعين، ففي المرة الاولى يوم التقيناه بعد إلغاء الانتخابات الطلابية عام 1967 والثانية بعد عدوان الخامس من حزيران من العام نفسه، واحتدام الصراعات السياسية، حين ظل يردد أن خيار الانتخابات والبرلمان والحريات وسيادة القانون والدستور الدائم هو الخيار الذي ينبغي أن يسود لإنهاء الفترة الانتقالية التي طال أمدها.
بعد بضعة أشهر غادرنا ذلك الصوت المميز والقلم النظيف تاركاً وراءه ذخيرة معنوية كبيرة ومهمة ريادية كانت عنواناً استثنائياً لمرحلة كانت الديمقراطية استثناءًا وليست قاعدة.
أتذكر ذلك المساء الربيعي، يوم الجمعة 12 نيسان عام 1968، حين بدأ الحفل في قاعة الخلد ببغداد وامتدّ الى حدائقها لتأبين ولتكريم كامل الجادرجي المفكر الديمقراطي ـ الليبرالي، ولعل المفارقة التاريخية يوم اقترب التأبين من يوم مولده المصادف 4 نيسان 1897، حيث اجتمع عند تكريمه رجال فكر وقادة سياسيون من المشرق والمغرب، إضافة الى كوكبة لامعة من الشخصيات الوطنية العراقية، الامر الذي يثير سؤالاً حاراً هو كيف يصبح الاستثناء قاعدة وتلتقي عندها التيارات المتصارعة بما فيها الشمولية أيضاً ؟ افتتح الحفل بكلمة لرفيق عمره ونائب رئيس الحزب الوطني الديمقراطي محمد حديد.
كان مصطفى البارزاني، الزعيم الكردي العراقي حاضراً بشخص صالح اليوسفي، رئيس تحرير جريدة التآخي، واعتلى المنصة الزعيم اللبناني كمال جنبلاط، لينقل تحية الارز الى النخيل، ثم القى يوسف السباعي تحية شعوب آسيا وافريقيا، وأعقبه العلاّمة آغا بزرك الطهراني من الحوزة العلمية في النجف، ووصلت برقية الكنانة والاهرام الى بلاد سومر وبابل وارض الرافدين وكانت باسم خالد محي الدين وألقيت كلمات للفريق عفيف البزري وبرقية شفيق رشيدات ورسالة من أحمد بهاء الدين، كما تحدث في الافتتاح الدكتور صفاء الحافظ باسم اساتذة الجامعة، والاديب والمفكر اللبناني حسين مروة. وكان عبد الرحمن اليوسفي الشخصية المغربية البارزة، قد وصل لتوه، ومن الطائرة الى الاحتفال واختتم الحفل بكلمة عائلة الفقيد ألقاها نجله رفعت الجادرجي.
جمع الجادرجي في شخصه قوة المبادئ وصلابة الرأي والاستقامة الشخصية والنزاهة الاخلاقية، وكان وجوده على رأس الحركة الديمقراطية الليبرالية وبخاصة في الاربعينات نقطة تحوّل مهمة في الحركة الوطنية العراقية، لاسيما تمسكه بقيم الحرية والديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر في وقت كانت الأفكار الشمولية هي الطاغية.
لقد وضع الجادرجي مسافة بينه وبين العسكر والانقلابات العسكرية، فقد كانت تجربته غير الموفقة في تأييد انقلاب بكر صدقي عام 1936 وقبوله الوزارة واختلافه مع عبد الفتاح ابراهيم، الذي اعتبر واحدة من أخطاء التيار الديمقراطي هو تأييد حكم العسكر، وقد استفاد الجادرجي من تجربته تلك، بل ان حساسية مفرطة تملكته طيلة حياته اللاحقة من العلاقة بالعسكريين وحكم العسكر.
ورغم أن العهد الملكي ونوري السعيد تحديداً رئيس الوزراء المخضرم آنذاك كان قد نكّل به وغيّبته السجون، الاّ أن استقباله لعملية التغيير الثوري العسكري في 14 تموز (يوليو) عام 1958، كان بارداً، وسرعان ما بدا الافتراق ما بينه وبين زعيم الثورة عبد الكريم قاسم.
اضطر الجادرجي والحزب الوطني الديمقراطي الى تجميد الحزب عام 1961 احتجاجاً على الأوضاع السياسية اللاديمقراطية التي شهدت حكماً فردياً في حين كان يدعو الى برلمان عراقي منتخب وإعداد دستور دائم واعتماد مبدأ سيادة القانون.
انضم الجادرجي ومحمد جعفر ابو التمن الزعيم الوطني الكبير الى جماعة الاهالي ذات النزعة الديمقراطية الاجتماعية،التي كانت تضم عبد الفتاح ابراهيم وحسين جميل ومحمد حديد وعبد القادر اسماعيل، وأسسوا جمعية مكافحة الامية وفيما بعد جمعية الاصلاح الشعبي السرّية التي تمت اجازتها بعد انقلاب بكر صدقي.
يمكن القول أن الوعي السياسي للجادرجي بدأ منذ وقت مبكر سبق عمله في جماعة الاهالي، فقد بدأ حياته السياسية بعد تخرجه من كلية الحقوق عام 1926 بدخول حزب الشعب برئاسة ياسين الهاشمي وانتخابه نائبا في البرلمان عام 1927، وانضمّ عام 1930 الى حزب "الإخاء الوطني" وتولى رئاسة تحرير جريدته "الإخاء الوطني" ثم انضم الى جماعة الاهالي، ولكنه كان يبلور فكرة تأسيس تيار وطني ديمقراطي، تلك التي نضجت في الاربعينات حيث تم تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي عام 1946 وأصبح رئيساً له بعد حدوث فترة انفراج سياسي تجسدت باجازة خمسة أحزاب سياسية معارضة وإغلاق بعض السجون والسماح لحرية الصحافة في ظل وزارة توفيق السويدي ووزير داخليته سعد صالح التي اعقبت الحرب العالمية الثانية.
ولعل من اسهامات الجادرجي المتميزة ورؤيته البعيدة النظر هو موقفه ودفاعه عن فكرة المواطنة باعتبارها حقا مقدّسا يولد مع الانسان ولا يجوز انتزاعه، وكما اعتبر الجنسية حقا طبيعيا يولد مع كل عراقي وليس مُنحة من الحكم يستطيع أن يسحبها متى يشاء، وكذلك تمسّكه الشديد بحرية التعبير باعتبارها شرط لا غنى عنه للدفاع عن الحقوق والحريات الاخرى، لاسيما الحق في تأسيس الأحزاب والجمعيات المهنية والاجتماعية، التي لا يمكن الحديث عن الديمقراطية بدونها. كان الجادرجي يؤمن بالتطوّر والتراكم لإحداث الاصلاح والتغيير، ولم يكن يميل الى الأساليب الثورية والانقلابية والتي سرعان ما تعود القهقرى.
يمكن القول ان خط التطور التدريجي قد انقطع في العراق بعد الإطاحة بالنظام الملكي في يوم 14 تموز رغم جميع مساوئه لاسيما ارتباطاته الخارجية وخضوعه لتبعية بريطانيا وأحلافها وخصوصاً حلف بغداد، وقد أظهرت الاحداث أن التيار الديمقراطي والليبرالي قد انحسر بعد الثورة حيث سادت الافكار الشمولية الواحدية الاطلاقية خصوصاً خلال فترة الصراع الشيوعي ـ القومي، ولعل الاجهاز على هذا التيار بإلغاء هوامشه المتبقية قد تمّ بعد انقلاب شباط عام 1963، وكان ممثلو هذا التيار والجادرجي تحديداً يكتفون وحسب ما تسمح به الظروف بتوجيه مذكرات الى المسؤولين من قادة الحكم دون استجابة تذكر ولهذا كان الصمت أحد وسائل المقاومة.
رغم مرور اربعة عقود على رحيل الجادرجي لم يستطع بعض دعاة الديمقراطية والليبرالية في العراق تحقيق خطوة مهمة على هذا الصعيد، بل أن بعضا منهم إعتقد، بسبب عجز ويأس أو قصور نظر، ان الاستقواء بالقوى الخارجية يمكنه إنجاز ذلك، لكنه بعد خمس سنوات من الاحتلال وصلت التجربة الى طريق مسدود!!



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضوء جديد في قضية المهدي بن بركة!!
- خالد علي الصالح- على طريق النوايا الطيبة: تجربتي مع حزب البع ...
- فرادة الوسطية والاعتدال! سعد صالح نموذجاً
- العراق-إيران: شفط النفط بين التسييس والتدليس!!
- اعلام وارهاب!
- العلم العراقي والرمز المنشود
- مجتمع مدني ولكن !
- قصائد من غوانتانامو!
- في الحالة العراقية: استحقاقات وتحديات!
- الفساد: «المنطقة المحرّمة» بالعراق!
- أديان العراق وطوائفه: عنف الحاضر وتعايش الماضي
- من يضمن حقوق اللاجئين -العراقيين-؟!
- غاندي وروح التسامح واللاعنف
- نفق غوانتانامو الذي لا ينتهي!!
- الحرب الاستباقية واحتكار العدالة: حالة غزة
- أور أو -مدينة القمر- والشبكة العنكبوتية
- جورج حبش: الاستثناء في التفاصيل أيضاً!!
- صورة المجتمع المدني بين التصادم والتواؤم
- دولة مواطنة أم مواطنة دولة ؟!
- المجتمع المدني بين الاقرار والانكار !!


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الحسين شعبان - كامل الجادرجي حين يكون الاستثناء هو القاعدة !