|
اذا عرف السبب
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 2219 - 2008 / 3 / 13 - 02:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الحرب المفتوحة التي أعلنتها اسرائيل على قطاع غزة في 27 شباط الماضي ، ليست حرباً جديدة ،وليست اعلان حرب جديد ، كما أنها ليست مقصورة على قطاع غزة فقط ، فاسرائيل اختارت طريق الحرب على الشعب الفلسطيني خاصة ، وعلى العرب بشكل عام منذ قيام الدولة العبرية في منتصف شهر أيار عام 1948 . وواصلت حربها بطرق مختلفة حسب الظروف المواتية ، وحسب الدور الموكول اليها . فمثلاً قامت عام 1954 بمهاجمة قرية قبية غرب رام الله ودمرتها، وقتلت العشرات من مواطنيها لمنع اللاجئين الفلسطينيين من التسلل والعودة الى بيوتهم وأملاكهم ، وفي تشرين أول 1956 قامت مع فرنسا وبريطانيا بمهاجمة مصر لاجبار الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على التراجع عن قرار تأميم قناة السوريس ، وقد صاحب هذه الحرب مذبحة قرية كفر قاسم المسالمة ، والواقعة داخل اسرائيل، لاجبار من تبقى من الشعب الفلسطيني داخل حدود الدولة العبرية على ترك وطنهم، والرحيل الى الشتات خوفاً من أن يلقوا نفس المصير ، ولتبقى الدول العبرية دولة يهودية نقية من "الأغيار" غير يهود . وفي الخامس من حزيران 1967 قامت اسرائيل بمهاجمة الأردن ومصر وسوريا واحتلت ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية ، اضافة الى الجولان السورية وسيناء المصرية ، ثم جاءت حرب تشرين أول 1973 ، وبعدها اجتياح جنوب لبنان عام 1978 ، ثم اجتياح لبنان في حزيران 1982 حتى احتلال العاصمة اللبنانية بيروت. لكن حرب حزيران 1967 كانت بمثابة حرب مفتوحة على الشعب الفلسطيني خصوصاً من بقي منهم في بيته، وعلى تراب وطنه ، وتمثلت هذه الحرب بتكريس الاحتلال من خلال سياسة مصادرة الاراضي، والبناء الاستيطاني، وهدم بيوت الفلسطينيين ، ومن خلال سياسة القتل والتدمير التي تستهدف البشر والشجر والحجر،وسياسة الحصار والتجويع،وتشتيت العائلات . غير أن اسرائيل ارتأت أن في مصلحتها التخلي عن قطاع غزة وتبعاته ، نظراً لضيق مساحته التي تقل عن 400 كيلو متر مربع، وكثافة سكانه التي تزيد عن مليون وربع مليون شخص ، وهي أعلى كثافة سكانية في العالم ، وقد بدأ ذلك واضحاً قبل الاعلان عن اتفاق أوسلو في أيلول 1993 عندما قال اسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل في حينه ، " فليذهب قطاع غزة الى البحر " ، ومع أن اسرائيل فككت مستوطنات القطاع، وانسحبت منه الا أن احتلالها له لم ينته، لأنها بقيت تحاصره ، وتسيطر على معابره وعلى بحره وأجوائه . وجاء الجنرال ماتان فلنائي رئيس أركان الجيش الاسرائيلي في حربه الجديدة ليهدد مواطني قطاع غزة " بالمحرقة " وكأنه لم يكتف في خمسة ايام بقتل أكثر من مائة وثلاثين فلسطينياً أكثر من نصفهم مدنيون أطفال ونساء وشيوخ ، والمحرقة أو " الهولوكوست " هي حرب الابادة الجماعية التي شنها النازيون ضد يهود أوروبا في الحرب الكونية الثانية . وبالتأكيد فإن الجنرال فلنائي لم يقصد المحرقة النازية ، لأن الاسرائيليين ويهود العالم يرفضون ان يشاركهم أحد في هذا المصطلح، لتبقى مذابح وجرائم النازيين محتكرة ضحاياها على اليهود فقط ، وأن أحدا من غير اليهود لم ولن يتعرض يتعرض لمثل هذه الجرائم البشعة ، لكن الجنرال فلنائي أراد ايصال رسالة لفلسطينيي قطاع غزة تفيد أن ردّ الفعل الاسرائيلي على القذائف الفلسطينية على مدينة " سديروت " الاسرائيلية سيكون جهنمياً وقاسياً بشكل شديد ، وهكذا كانت نتائج الحرب المفتوحة ، فقد كان من بين الضحايا الفلسطينيين أطفال عمر أحدهم يومان وآخر شهر ،وأخرى عشرون يوما وآخر سبعة شهور وهكذا . ومع أن الهجوم لم يقتصر على قطاع غزة، بل تعداه الى مناطق في الضفة الغربية ، فقد سقط في نفس الفترة ضحايا في مخيم بلاطة قرب نابلس ، وفي رام الله وفي الخليل، إلا أن استهداف جباليا في قطاع غزة كان بطريقة أكبر وأشمل وأوسع ، واستعملت فيه الدبابات والطائرات والمدفعية وغيرها من الأسلحة . وكانت حجة اسرائيل في شن حربها على قطاع غزة هو حماية المدنيين الاسرائيليين من الهجمات الفلسطينية على " سديروت " وتهديد المدنيين الاسرائيليين فيها ، وقد لقيت هذه الحجة تأييداً من البيت الأبيض، ومن وزيرة الخارجية الأمريكية في زيارتها للمنطقة، وغيرهم ممن يساندون اسرائيل في كل الاحوال وفي كل الظروف . فهل هذا هو السبب الحقيقي ؟؟ وهل حقاً أن الفلسطينيين يعتدون على المدنيين الاسرائيليين ؟؟ ففي الواقع أن من حق جميع الشعوب - بمن فيهم الاسرائيليون- أن تعيش في سلام وأمان ، ولكن أحدا لم يتساءل عن أسباب اطلاق القذائف الفلسطينية البدائية من قطاع غزة على سديروت ، ولم يتساءل أحد أو بالأحرى لم يجيبوا ، ولم يقلقهم تحديد من هو الشعب الذي يفتقد الأمن والسلام ؟؟ ومَن يعتدي على مَن ؟؟ فالاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية، واستمرار هذا الاحتلال هو سبب كل المصائب ، وهو المسؤول الأول والأخير عن اراقة دماء الاسرائيليين قبل الفلسطينيين ، وأن الشعب الفلسطيني هو الذي يفتقد الأمن والسلام ، وهو المسلوبة كرامته ، وهو المعتدى عليه وهو الذي تُنتهك حرماته ، وتدمر ممتلكاته على أيدي المحتلين ، وهو المحاصر والمُجوع، واذا ما اعتبر الآخر حماس متطرفة ولا تعترف باسرائيل ، فإن في اسرائيل أحزاباً ممثلة في الكنيست – البرلمان – الاسرائيلي، وبعضها يشارك في الحكومة الاسرائيلية، وترفض هذه الاحزاب التنازل عن أي شبر من الأراضي العربية المحتلة،أو الاعتراف بأي حق للشعب الفلسطيني ، بل ان بعضها يطالب بالطرد الجماعي للفلسطينيين ، ولا نجد من يحاول لجم تطرفهم ، فهل من حق اسرائيل أن يكون فيها هذا التطرف ، ويعاب على الفلسطينيين أن يكون فيهم حماس ؟؟ ومع أن حماس وافقت وتطالب بهدنة طويلة المدى مع اسرائيل لكن أحداً لم يستجب لها . ويبقى أن نقول أنه اذا عرف السبب بطل العجب ، فسبب الحروب والمصائب في الشرق الأوسط هو الاحتلال الاسرائيلي ، وأنه اذا انتهى هذا الاحتلال ومخلفاته فسيكون الفلسطينيون والاسرائيليون وجميع شعوب المنطقة في أمن وسلام .
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قتل القدس كمركز جذب
-
كوسوفو تثير المخاوف
-
التعاون - قصة للأطفال
-
حمار الشيخ-3-أبو العظرط يحل ويربط
-
حمار الشيخ-1-سبق ثوري
-
حمار الشيخ-2-كلنا روس ما فينا كنانير
-
ذكر وأنثى - قصة للأطفال
-
وقضى ربك.....قصة للأطفال
-
الغول :قصة للاطفال
-
الشطّار
-
القتل بدافع الشرف
-
بدون مؤاخذه: نشر الغسيل الوسخ
-
الذئاب:قصة للاطفال
-
الفدس تريد الأفعال لا الأقوال
-
هدى
-
الموقف من التراث
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|