أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -التجارة- و-السياسة-.. عربياً!














المزيد.....

-التجارة- و-السياسة-.. عربياً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2218 - 2008 / 3 / 12 - 11:20
المحور: المجتمع المدني
    


.. وكأنَّ شعار القابضين على الحياة الاقتصادية العربية، أو في معظم العالم العربي، هو الآن، ومن الآن وصاعداً، "بالخبز وحده يمكن ويجب أن يحيا الإنسان (العربي)"!

قديماً، أي قبل أن تَظْهَر، في مجتمعاتنا، وتتقوَّى، فئة اجتماعية ـ سياسية، تأسَّست لها مصلحة في إطلاق وحش العولمة في حياتنا الاقتصادية ليفترس أقواتنا، ويمعن فيها افتراسا، كُنَّا نقيس "التقدُّم" بـ "مسطرة" مختلفة، فنقول بتأخُّرنا عندما نقارِن مستوى عيشنا الاقتصادي بمستوى العيش الاقتصادي لغيرنا، أي للبشر في الغرب، ونقول بـ "تقدُّمنا" عندما نقارِن مستوى عيشنا الاقتصادي اليوم بمثله الذي كان في الأمس. أمَّا الآن فنحن متخلِّفون في المقارنتين، فنحن بالأمس أفضل حالاً من اليوم، وقد كنَّا أقْدَر على تلبية حاجاتنا الأولية والأساسية من مأكل وملبس ومسكن، وكأنَّ من الخواص الجوهرية لتلك الفئة الاجتماعية ـ السياسية الجديدة التي ابتلينا بها أنَّ خير تجارة لديها هي الاتِّجار بفقر وإفقار الغالبية العظمى من المواطنين، فهي لا تعرف من الاستثمار جزيل وسريع الربح إلاَّ ما يعود على الشعب بمزيد من الفقر والإفقار.

ونسمعها تشكو، وكأنَّها الفضيلة بعينها تشكو بَثِّها وحُزْنها إلى الله، فنحن أمعنا في الإساءة إليها إذ فهمناها على أنَّها رذيلة. إنَّها، في بيان شكواها، بريئة من كل هذا الغلاء الذي نعاني، فما ذنبها إذا ما كان قدرنا أن نظل "المستورد الأكبر" لـ "الغلاء العالمي"؟!

وليس هذا فحسب، فنحن مدعوون إلى التسبيح بحمدها، فهي التي تجهد في إطفاء نار كل غلاء (نستورد) فإذا ازدادت ناره اشتعالاً واتِّقاداً فإنَّ علينا ألاَّ ننسى أنَّ الله لا يُكلِّف نفساً إلاَّ وسعها، وأنَّ الأعمال وعواقبها تُقاس، أي يجب أن تقاس، بالنيَّات فحسب!

كل الخُطط والمشاريع والوعود والتنبؤات والخُطَب.. والقصائد الاقتصادية لا تَهُمُّنا، فما نراه، ونلمسه، ونعانيه، هو الأصدق إنباءً؛ وكيف لنا أن نضرب صفحاً عن الحقيقة المرَّة.. حقيقة أنَّ الرواتب والأجور تتضخَّم، إذا ما تضخَّمت، حتى الفقر والإملاق؟!

ما نراه، ونلمسه، ونعانيه، إنَّما هو الانهيار المستمر والمتعاظم والمتسارع في القوَّة الشرائية الحقيقية والفعلية للراتب والأجر، وكأنَّ القانون الذي يَحْكُم حياتنا الاقتصادية اليومية، ويتحكَّم فيها، هو "كلَّما زاد الراتب تضاءلت القدرة على تلبية الحاجات الأولية"!

وفي المشهد الآخر المضاد، والذي يتِّحد اتِّحاداً لا انفصام فيه مع المشهد الأول.. مشهد الفقر والإفقار والإملاق، نرى "الربح التجاري" يَعْظُم، حجماً ومعدَّلاً، وكأنْ لا حافِز غيره للنمو الاقتصادي، فالمكتوون بنار الغلاء، أي الغالبية العظمى من المواطنين، لديهم خير "حافِز" للعمل والإنتاج وهو "الخشية من الهلاك جوعاً"!

ولو أمعنت النظر في مكوِّنات هذا الربح لاكتشفتَ أنَّ "الفساد" مُكَوِّنٌ من أهم مكوِّناته، فـ "المغشوش" من البضائع والسلع والخدمات يُتَرْجَم بمزيدٍ من "الربح التجاري"؛ فإذا لم يأتِ بما يوافِق توقُّع التاجر، قام "الاحتكار" عنه بالمهمَّة. ومع أنَّ "الاحتكار"، بظواهره وعواقبه كافة، هو الذي يَحْكُم حياتنا الاقتصادية، ويتحكَّم فيها، فما زالوا يسمعوننا القصائد في مدح "السوق الحرَّة"، التي حالها، في الواقع، كحال ظلٍّ فَقَد جسمه. وفي "الاحتكار"، نرى مزيداً من عقود الزواج تُبْرَم بين "القومي" و"الأجنبي" من رأس المال؛ و"الزوج" هو "الأجنبي" في كثير من تلك العقود.

وهذا "التاجر"، الذي غَلَبَ طبعه تطبعه أخيراً، عاد إلى "الوحشية" في الحصول على "الربح"، وزيادته، حجماً ومعدَّلاً، فدُوَلِنا، مع ما تملكه من وسائل القمع والضغط والإكراه، تزداد استخذاءً لمشيئته ومصالحه، وكأنَّها "الفارِس" و"الفَرَس"، "السيف" و"الترس"، له.

أمَّا الوزراء، وأشباههم من أصحاب "الوظائف العامَّة"، فما عاد ممكناً أن تُميِّز فيهم "العام" من "الشخصي"، و"السياسي" من "التجاري"، فرياح "البَزْنَسَة" عصفت بـ "الوظيفة العامَّة"، وأصبح "البِزْنِس" هو قلبها وقالبها!

وعليه، بات لدينا من "الساسة الجُدُد" مَنْ يَنْدُر مثيلهم لجهة ضيق الأفق السياسي، واتِّساع الأفق التجاري، وكأنَّ "الوظائف العامَّة" هي الطريق الأقصر، والباب الأوسع، لعالم التجارة و"البِزْنِس"!

لقد "تَسَيَّست" التجارة، أي اندمجت (مع أصحابها، وأربابها، وشركاتها، ومصالحها) أكثر في "الدولة"، فَفَسدت، حتى في شريعة "السوق الحرَّة"، و"تَبْزْنَسَت" السياسة، أي اندمجت "الوظائف العامَّة"، مع أصحابها، أكثر في "التجارة"، و"البِزْنِس"، فَفَسدت مع سائر أوجه "العمل العام"، حتى في معاييرها الليبرالية، فَبِئس حال أمَّةٍ، تُجَّارها ساسة، وساستها تُجَّار!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق إلى تحرير -القطاع-!
- -التهدئة- التي تريدها إسرائيل!
- عملية القدس الغربية.. سؤال ينتظر إجابة!
- لُغْز -الزمن-!
- -الشتاء الساخن-.. نتائج وتوقُّعات!
- عندما تتسلَّح -جرائم الحرب- ب -القانون الدولي-!
- حلٌّ جدير بالاهتمام!
- -ثقافة المقاومة- التي ينشرها -الجهاديون-!
- مادية وجدلية العلاقة بين -الكتلة- و-الفضاء-
- تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!
- الموقع الإلكتروني للجريدة اليومية
- التلويح ب -كوسوفو-!
- مفاوضات أم جعجعة بلا طحين؟!
- مرض يدعى -المظهرية-!
- وَقْفَة تستحق الإشادة والتقدير!
- اغتيال مغنية.. ما ظَهَر منه وما استتر!
- -نار الغلاء- فاكهة الشتاء!
- -المواطَنة- في -الوطن العربي-!
- -حرية العقيدة- بين تركيا وبريطانيا ومصر!
- بوتين يرى العالم بعين لا يغشاها وهم!


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 800 ألف نسمة بمدينة الفاشر السودانية في خطر ش ...
- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -التجارة- و-السياسة-.. عربياً!