أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - مريم نجمه - مصر أم الدنيا : أول حكم للمرأة , أول عيد للحب , أول تمرَد شعبي , وأول ثورات العمال ؟ - 1















المزيد.....


مصر أم الدنيا : أول حكم للمرأة , أول عيد للحب , أول تمرَد شعبي , وأول ثورات العمال ؟ - 1


مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2216 - 2008 / 3 / 10 - 10:53
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مصر أم الدنيا : أول حكم للمرأة , أول عيد للحب , أول تمرد شعبي , وأول ثورات العمال ؟ - 1
مصر هي الام ... هي المحور لمنطقة الشرق الأدنى – قديما وحديثا - والموقع المتوسط بين الشرق والغرب بين الشمال والجنوب , بين التعصب والتطرف , و الإعتدال ...
والنضال الشعبي متجذر في أعماق تاريخها الطويل . فالثورات والتمردات والإنتفاضات هي سمة هذا الشعب الطيب العريق بمرحه وصبره وحبه للعمل والإبداع .. للوصول إلى التغيير والتجديد , ورسم خطى الطبقة العاملة وتحررها , هذه الكتلة الكادحة الفقيرة التي تعمل وتكسب من عرق جبينها هي التي قامت وبنيت الحضارة على أكتافها بجهودها وعرقها . هذه الطبقة هي العمود الفقري لهذا التحول من العبودية والذل والتخلف والإستبداد والإحتلال إلى الطموح نحو عالم العدالة الإجتماعية والإخاء الإنساني والحرية .


منذ فترة طويلة وهذا الموضوع في ذاكرتي , بعد النهوض ا لنضالي الجماهيري و الإنتفاضة الأخيرة للشعب المصري بكل تلاوينه - وإجهاضها - !؟
واليوم مع قدوم عيد الحب 11- 12 شباط ( فبراير ) , هذا العيد الجديد على مجتمعاتنا - تشجعت لأكتب عن مصر وبدايات الكثير من أسس وتحولات بناء الحضارة البشرية في ربوعها وفي واديها الخصيب - وادي النيل وما يجلبه ويفيضه النهر الخالد , لأن فيضه اعتبر أول عيد للحب والعطاء والفرح , وفاء النيل .. سمي " عيد شم النسيم " -
مصر " أم الدنيا " عريقة وقديمة جذورها في عمق التاريخ البشري وحضاراته الأولى ..
فعندما يجوع الإنسان ويضطهد يثور ضد الظلم .. هكذا كان العمال المصريون القدماء أول من تمرد على أرباب العمل , وطبقة الأغنياء الفاسدين المستغلين , والملوك الظالمين , وسلطة الكهنة , والسخرة , والإستهتار بحقوقهم واستغلالهم .
فهم ( قادة ) العالم القديم في النضال المطلبي المعيشي الإقتصادي والإجتماعي والثوري . فعمال مصر اليوم هم أبناء وأحفاد عمال مصر القديمة , هم إمتداد لجذورهم الطبقية النظيفة التي تأبى الظلم والهوان والذل والركوع للجوع والخوف أمام الإستبداد والظلم , إنه الثائر بطريقته الخاصة , وأسلوبه الفطري العفوي التلقائي المصري , هذا الإنسان البسيط الطيب المرح ..
كيف لا .. ؟ فمصر معلمة العالم في كثير من قواعد و أسس المجتمع الحضاري المتقدم . فحضارة 10 اّلاف سنة قبل الميلاد تجعل مصر قائدة للعالم – ليس بمدى الصواريخ عابرة القارات , والتطور العسكري والنووي والمالي , بل بعمق وجذور أهلها وأقدام عمالها وعاملاتها ( نساء ورجالاً ) ونقاباتها وفلاحيها وصناعها وكتابها في طين وضفاف نيلها وخلود فنانيها ..
مصر القائدة والمعلمة والطليعة , هي الحوض والمخزن الذي تخضبت فيه ورشات العمل والثقافة لتعطي حضارة خالدة للبشرية , والعمال عامودها ومحورها و ركن تحررها ..
مصر أم الثورات والإنتفاضات الشعبية : الدينية , الإجتماعية ( المعيشية ) , والإقتصادية , والسياسية وو..... والأمثلة على ذلك كثيرة في التاريخ المصري الذي عشقته وأحببته منذ الجامعة لما فيه من بحر للمعلومات والعلوم والخبرات والثقافة والأسرار .. علينا أن نغوص ونغرف من بحرها الملئ بالجواهر والأسماك والكثير الذي لم يكتشف بعد .. فمصر " قارة الاّثار " , كما العراق " منجم للاّثار " ..

ما يهمنا من هذه الدراسة هي الغوص في البدايات النضالية للطبقات المسحوقة العاملة .

فعمال مصراليوم هم أحفاد عمال الأهرامات , نشاطا وقوة ونضالاً , فناً وعلماً وخبرة : عمال البحرية صيادي السمك عمال الزراعة عمال القطن والكتان و النسيج , عمال الحرف البناء والعمارة والنجارة والنقل ووو كل هذا الكم والكتلة من قوى العمل والإنتاج , يجمعهم الإستغلال والإضطهاد في بوتقة واحدة تدفعهم للتحرك لنيل حقوقهم ورفع الظلم عن كاهلهم ..

الإضرابات والنضالات والتمردات العمالية الشعبية الأخيرة التي اجتاحت القاهرة و أكثر المدن المصرية هي بخطها وتحركها وجماهيريتها وجرأتها , ليست جديدة بل هي عريقة وقديمة في تاريخ الشعب المصري .. وإضرابات العمال قبل الميلاد باّلاف السنين ..

هناك تقاليد وجذور ثورية طبقية في مصر الأزلية - فإضرابات العمال اليوم هي امتداد لنضال وإضرابات فترة 1950– 1960 وما بعدها كما عرفت مصر حركة الطلاب في عام 1968 – التي اجتاحت العالم - وانتفاضة الطلاب في 1972 – 1973 , وانتفاضة 18 – 19 يناير 1977 الشعبية , واللجان الشعبية لدعم إنتفاضة الشعب الفلسطيني , , وحركة كفاية , ولجان تجديد المشروع الوطني , وإضراب القضاة والمحامين , ونضالات الصحفيين والشباب والطلاب وغيرها - وكل هذه التحركات هي إمتداد لنضالات تاريخية أبعد من ذلك التاريخ يعود إلى عام 1165 قبل الميلاد , يوم قام العمال المصريون في قرية دير ( المدينة الصغيرة ) والمعابد الجنائزية الواقعة على الصفحة اليسرى للنيل عند طيبة في اّخر سنوات حكم رمسيس الثالث حوالي سنة 1165 قبل الميلاد مسرحاً لاضطرابات إجتماعية في كثير من المناسبات ..
مصر الكادحة إذاً .. هي أم الإنتفاضات عريقة في جموع العمال وثوراتها ....كيف ومتى ؟؟ لنرى ما تقول لنا الكتب في طيات الوقائع التاريخية :

" كانت قرية دير المدينة الصغيرة , والمعابد الجنائزية الواقعة على الضفة اليسرى للنيل عند طيبة , في اّخر سنوات حكم رمسيس الثالث في حوالي سنة 1165 قبل الميلاد ) , مسرحاً لإضطرابات إجتماعية , في كثير من المناسبات لنرى ماذا يقول التاريخ :
" فأضرب العمال القائمون بالعمل في المقابر الملكية بوادي الملوك . ولقد قامت معظم هذه الإضرابات نتيجة لإستياء العمال من بطء الإدارة في صرف أجورهم . " مرَت طائفة العمال اليوم بجانب حوائط المقبرة الملكية وهم يقولون : نحن جائعون , لقد مرَ ثمانية عشر يوماَ من هذا الشهر .... جلسوا خلف المعبد الجنائزي لتحوتمس الثالث " . وحاول مختلف الموظفين ورؤساء العمال أن يعيدوهم إلى العمل فقد تسلموا رسالة من فرعون . ولكن العمال ظلوا في أماكنهم طوال اليوم " وبعد بضعة أيام , وكان الإضراب ما زال مستمراً , جاء كاتب مع الكهنة " ليسمعوا اقوال العمال فقال هؤلاء لهم : " ساقنا إلى هنا الجوع والظمأ . ليس لدينا ثياب ولا دهن ولا سمك ولا خضراوات ( كانت أجورهم نوعية دائماً ) . أكتبوا هذا لفرعون سيدنا الطيب أكتبوا للوزير , رئيسنا حتى ننال الوسيلة التي نعيش بها " . كما كانت الإضرابات تحدث لأسباب أخرى : " لم يكن الجوع هو الذي ساقنا إلى المرور بجانب الأسوار , ولكن لدينا شكاوى خطيرة نريد تقديمها : " حدثت أمور فاضحة جداً في مكان فرعون هذا " .
ثم انتهى الإضراب عندما تسلم العمال جراياتهم ..
حقا هو أول مثال على إحتجاج العمال إحتجاجاً جماعياً , الأمر الذي قدَر أن يكون له مستقبل هام . ومع ذلك , فيجب أن نؤكد أن هذه الإضطربات كانت قاصرة في مصر على العمال المشتغلين في المقابر الملكية , وإن أهمية مركزهم الخاص وعملهم الهام ليفسران سلوكهم الإستثنائي ونجاحه النسبي ." ( كتاب : معجم الحضارة المصرية القديمة ص 37 – تأليف الهيئة المصرية العامة للكتاب ) –

كذلك ثار الشعب المصري في منطقة صعيد مصر ضد الإغريق – أيام البطالمة - بسبب ثقل الضرائب على الشعب والتمييز في الوظائف , متى وكيف ؟ :

- " على أنهم قد أثقلوا أيضا كاهل الشعب بالضرائب وعينوا موظفين من الإغريق في المناصب الهامة في طول البلاد وعرضها , وكان ذلك سبباً في قيام الكثير من الثورات ضد حكمهم وخاصة في الصعيد " . عن كتاب : كانت ملكة على مصر – ونفرد هولمز – ترجمة سعد أحمد حسين –
أيضا نقرأ ...
هناك أيضاً ثورات طبقية حصلت في مصر القديمة أخذت طابعا أو ستاراً دينياً , لكنها في الحقيقة هي ثورات طبقية بكل معنى الكلمة .. لنرى التحليل أو الصورة في هذا المقطع ماذا يقول لنا الكاتب المصري أنطوان بطرس في كتابه : ( لغز الهرم الكبير ) :
" ... السيد زاهي حواس مدير اّثار الجيزة الذي اكتشف قرية ( العمال المصريين ) الذين قاموا ببناء أهرامات الجيزة
هناك أيضا صراعات بين ديانتين وواضح أن هنا مد وجزر بين العقيدتين تنافس حينا وتوافق حينا اّخر بين الديانة الشمسية والديانة النجمية وهنا يختلف المؤرخون على نوعية التغيير فعبد العزيز صالح أستاذ التاريخ مصر والشرق القديم – وعميد كلية الاّثار الأسبق بجامعة القاهرة يقول : إنه حصلت في نهاية الأسرة السادسة ثورة عنيفة سياسية واجتماعية وانقلبت العاصمة بموجبها رأسا على عقب ونهبت الإهرامات والقبور وانقلبت الطبقات وتغيرت في أعقابها بعض العقائد . أما جارومير مالك أحد علماء المصريات في مؤسسة غريفيت بأكسفورد والمؤلف المشارك ل " أطلس مصر القديمة " فيقول أن سبب التغيير الذي حصل ليس الثورة السياسية الإقتصادية وإنما تحول ملكية الأراضي من الدولة المركزية إلى سلطة المعابد ورجال الدين . أما إدواردز فيقول أن تغييرا دينيا وثقافيا حصل أحدث تحولا لمصلحة كهنة ( رع ) المتمحورين حول هليوبوليس ( مدينة الشمس ) " .
................

مصر أم الدنيا .. فيها نشأت أولى الطبقة الوسطى , وولدت النقابات والتجمعات العمالية للمطالبة بحقوقهم .. وتنظيمهم ..
كذلك أيضا هناك نوع اّخر من العمل لايحتاج إلى الكثير من الفن والخبرة بل إلى الجهد والقوة كانت تقوم به سواد الطبقة العاملة الفقيرة كما في المعلومات التالية :

" يكاد العمل البشري يكون مصدر القوة الوحيدة في مصر القديمة , أي تلك الكمية الهائلة من العمل الذي لا يتطلب مهارة والذي يطلبه المجتمع من الفرد .
كان شق القنوات وإقامة السدود وتشييد المعابد وبناء الأهرامات أموراً يفيد منها الجميع وتستلزم ألوفاَ من الأيدي العاملة ومن الرجال لرفع الأحمال الثقيلة وغير هؤلاء من العمال .
وكان الجزء الأكبر من القوة يأتي بنظام السخرة نظرياً ولكن الفلاحين وحدهم هم الذين وقع عليهم عبء تلك الأعمال عملياً وكانت الحكومة تلتزم بالطعام أولئك الرجال طيلة مدة قيامهم بالعمل . وكان جل تلك القوة الدائمة من أسرى الحرب والمساجين المحكوم عليهم , يضاف لهم عدد كبير من العمال الذين بمستوى العبيد تقريباً – الرق – منذ أقدم العصور كان التخصص جزء من الإقتصاد المصري , غير أنه لم يعط العمال إستقلالهم كانوا عادة جزء من أفراد أسرة غنية تشتغل إما فردية أو في مجموعات , في حوانيت صغيرة كان مختلف الصناعات إما تابعاًللحكومة أو للمعابد . ومع ذلك النمو أن ينتفعوا بجزء من وقتهم في أعمالهم الخاصة وهكذا تضمنت الطبقة الوسطى التي ظهرت في حيز الوجود في نهاية الدولة القديمة , الصناع والموظفين – وكان الموظفون شديدي الإزدراء للصناع وكثيرا ما تهكموا على حياتهم الشاقة فذلك النساج يظل مقرفصا " وركبتاه توخزان معدته باستمرار" , و " الفخاري أقذر من الخنزير " و " الغسال الذي يجاوره التمساح " ,وما إلى ذلك ورغم ما تضمنته هذه الأوصاف من معلومات ثقافية ,
فإنها تشوه الحقيقة و تؤكد مساوئ الأعمال اليدوية وتنكر ميزاتها . ونعرف أن المهنة شبه الرسمية تكفل لمن يزاولها عيشة رغيدة نوعا ما – وكشفت أعمال الحفر في ( أبيدوس ) عن لوحات جنائزية قدمها بعض النجارين وعمال المحاجر والإسكافية والغسالين وصانعي الجعة ومن إليهم , وما كانوا ليستطيعوا ذلك لو لم يكونوا في بحبوحة – وكانت بعض المهن مريحة جدا كمهنة الصائغ والنحات , كما يتضح من مقابر أصحابها الضخمة في طيبة ومنف . وكان قادة نقاباتهما من أسمى الموظفين الحكوميين في الدولة . وعلى العموم كانوا يعجبون بالمهارة الفنية . أما أسرار المهنة فكان يتسلمها الإبن من أبيه وكانت فخر الصناع , ويتجلى حسن ذوق المصري في اختياره النوع والجمال في لغته التي تستعمل نفس الكلمة للفنان والصائغ . " ص 245 – 146 – معجم الحضارة المصرية ) .

........

* * *

السؤال الذي يطرح اليوم .. أو جملة من الأسئلة و التي تتبادر الى الذهن بعد هذه اللوحة الدامية النازفة السوداء المحيطة بشعوبنا والأخطار والأوضاع المتردية التي تعيشها أوطاننا , و التي ازدادت شراسة ووحشية من قبل كل الأطراف التي تتحكم في المنطقة ومصيرها ؟

لماذا حوصرت واغتيلت ثورة الأرز في لبنان .. إنتفاضة الإستقلال والحرية الإنتفاضة الشعبية العارمة التي فتحت الطريق و أشعلت المنطقة بلهيبها وديمقراطيتها وعفويتها !؟

لماذا أجهضت وخربت واغتيلت تجربة الإنتخابات الديمقراطية في العراق وتوق الشعب للحرية وفعالياته السلمية الديمقراطية وحبه للحياة والتاّخي والحرية .. !؟
لماذا حوصرت وسجنت وضربت في المهد المعارضة السورية وأجهض التحرك الديمقراطي السلمي لها بعد أن كسرت حاجز الخوف في داخل مملكة الرعب !؟
لماذا أجهضت التجربة الديمقراطية في فلسطين الواحدة وقسَمت !؟
لماذا أجهضت وتوقفت معاهدة السلام السودانية بين الشمال والجنوب باغتيال القائد الوطني جون كرنغ ومحاولة خنق أي نافذة حرية ووحدة وسلام للشعب السوداني !؟
لماذا ضرب وشَوه وحَرف وأجهض تحرَك الشارع المصري وقواه النقابية والديمقراطية , التيار الجماهيري الديمقراطي السلمي الذي اجتاح وغمر أرض مصر : كفاية , قضاة , عمالا ً ومجتمعاً مدنياً متنوعاً !؟ لماذا ولماذا ؟؟

لماذا .. و لماذا كل هذا التراجع والجزر وأعاصير التاّمر والحقد والخوف على هذه الموجة الديمقراطية الوطنية التي اجتاحت وعمت منطقتنا العربية كلها التي حجَمت الأنظمة الإستبدادية والقمعية والتسلطية والرجعية ..؟؟ لماذا ولماذا .. وتتوالى الأسئلة الصارخة أمام أعيننا بما يحصل على أرض الأوطان التي تتوق للحرية والديمقراطية التي تصنعها الشعوب بيديها دون تدخل أنظمة الإستبداد والعدو الصهيوني والإمبريالية ورأس المال الأجنبي الإستعماري ؟؟
أسئلة كثيرة تبادرت إلى الذهن مطوَلاً لأربط بين كل هذه النوافذ التي فتحت أمام الشعوب للخروج من نفق الظلم والتغييب الشعبي القسري لعقود وعقود , ولذلك سعيت أن أدخل في عمق التاريخ المصري لأضع الجواب من خلال موقع الكتلة الشعبية المصرية إذا تحركت تغير إتجاه المنطقة كلها , ومن هنا كان التركيز كل التركيز على تحييدها وإبعادها عن الساحة والفعل , وشلها وإجهاضها بكل الوسائل ؟


فبعد أن تجاوبت موجة المد إنتخابات الشعب العراقي الديمقراطية 2005 – وبعد سقوط النظام الديكتاتوري فيه -
منذ قامت ثورة الأرز والإستقلال في لبنان 14 اّذار ضد وصاية النظام القمعي السوري , أول إنتفاضة شعبية ديمقراطية بعد تغييب وظلم طويل في لبنان وطار شررها و شرر هشيمها إلى سورية ومصر ... فبدأت التحركات الشعبية والتململ والخروج للشارع والتظاهرات والتكلم في العلن دون خوف . فترجمت في سورية إضرابات وتمردات ومنتديات ومقالات ووو أمثلة كثيرة واّخرها مؤتمر إعلان دمشق الديمقراطي ...
وعندما انتقلت إلى مصر استبشرنا خيرًا بالموجة التي عمت وعبرت المنطقة وكانت ستمتد وستجتاح الشرق كله-
هنا ...... تيقظت الأنظمة الإستبدادية خوفا على رقبتها وكرسيها , ورأس المال العالمي وقائدته أميركا والصهيونية العالمية وإسرائيل لأنها ضربة لشركات السلاح العملاقة التي تثري على حساب دماء شعوبنا المقهورة المستعبدة التي كانت وقودالحروبهم طوال عقود , وعندما توصلت أو وصلت الموجة التحررية إلى مصر وهي مختمرة في الوسط الشعبي المصري بحاجة لمن يوقظها - أجهض كل شئ لماذا ؟؟ علينا أن نسأل هذا السؤال أو نتساءل ؟
لأن مصر هي كفة الميزان , من حيث موقعها ووزنها الذي سيؤثر على تغيير المعادلة لصالح القوى التحررية والتقدمية والديمقراطية , وإن استطاعوا أن يقفوا في وجهها لحين لكن ستعاود مرة أخرى بفضل مناضليها ومفكريها وكتلتها الشعبية المقهورة والتباين الصارخ في شرخ الطبقات والفساد الذي يلف الطبقات الحاكمة والمسؤلين والتمييز بين المواطنين والطوائف وتغذيتها للتنظيمات المتطرفة الدينية وغيرها من الأساليب الفاشية ...
الموجة التحررية تلقفتها الشعوب التواقة للحرية لإنهاء الحكومات العسكرية والأنظمة الطائفية و العائلية الوراثية المستأسدة في السلطة والمال والحزب الواحد .. ومنذ ذلك الحين والتاّمر على هذه الإنتفاضات و الخطوة أو الثورة السلمية أو التيارات الديمقراطية التي ولدت وبرزت و بدأت تأخذ ملامحها الديمقراطية للتغيير , فلجأوا إلى تطويع وإجهاض ما تم البدء بالخطوة الأولى بواسطة شبكات التفخيخ والمتفجرات وميليشيات القتل والخطف و لغات التخوين وسياسة الإبعاد والتعطيل والقتل والتقسيم والإشتبكات والحرائق والمليشيات الدينية والمذهبية من كل صنف ولون تنبت كالفطر هنا وهناك والإغتيالات والحروب والتفتيت والتخويف والسجون والبطش والطرد – والصفقات أخيراً - حتى أجهضت وتوقفت هذه النهضة أو الخطوة العملية التي بدأت تولد وتنمو في منطقتنا في الاّونة الأخيرة ........ حقا كانت إنتفاضات رائعة ضد أنظمة الإستبداد والفساد والتبعية , وانتصاراً للإنسان وحقوقه الأساسية ونضاله التحرري والمطلبي المعيشي وسلام للأوطان . فرغم عدم إستثمارها عمليا وتوسيع مفعولها وتوظيفها وتعميق إمتدادها ونتائجها الإيجابية لتنعكس على الشعب والوطن إيجابا , تم تحجيمها وضبطها وقمعها وإجهاضها بوسائل خبيثة عدوانية وعدائية داخلية وخارجية من العدو الإسرائيلي وأميركا والحاكم العربي , وتتالت لغة الإغتيالات والتصفيات والفوضى والتخبط , نتيجة لغياب القادة والكوادرالمتجذرة بين الجماهير التي كان عليها أن تحمي هذه الإنتفاضات وتقودها حتى النصر , الامر الذي انعكس سلبا على المعارضات الوطنية والديمقراطية , وكلما حققت المعارضة إنجازا ما أو وخطوة نحو الأمام بترسيخ دولة المؤسسات والحرية وانتصار الوحدة الوطنية , تجهض فورا وتضرب هذه التجربة بلا رحمة ولا قانون ولأنها نظيفة ومحلية ومن إنتاج محلي ( صنع في لبنان سورية مصر وغيرها ووووو ) التي كان من الممكن أن تتوسع وتثمر في التغيير السلمي وتعطي وجها اّخر للمنطقة , أجهضت , وبدأت ترسل فرق الموت وموجات التكفير والفتاوى حتى أجهضت الإنتخابات والتحركات والتظاهرات والثورات في البلدان الاّنفة الذكر ؟؟؟

إذاً ..... شعلة الحرية انتقلت ومشت من لبنان إلى العراق فسورية وفلسطين فالسودان فمصر .... ولأن مصر هي الحاضنة الكبرى والبداية التي كانت ستغير وجه المنطقة , من هنا أتى التركيز على قمع أي تحرك شعبي مطلبي أو سياسي أو ديمقراطي لأن هذا الثقل المصري السكاني والإقتصادي والثقافي والسياسي له وزن وتأثير كبير في تغيير المعادلة لصالح الشعوب وحريتها ومصيرها فلجمت الثورة الشعبية , وأطفئت الشعلة بل أخمدت بأساليب قذرة في المعامل والصحف والشوارع والإعتداءات على الكتَاب والفتيات والكنائس وحرفت عن أهدافها الطبقية والديمقراطية ..
فلا غروى أن تكون مصر هي البادئة في كل تغيير وتجديد .. ولكن غياب الأحزاب الطبقية اليسارية الفاعلة والمنظمة لقطف هذه الفرصة الذهبية في تمرد الشعوب وانتفاضاتها المفصلية التاريخية سوف يؤجل الحسم = لزمن اّخر , فلو كانت المنظمات الأهلية والنقابات العمالية والأحزاب السياسية في عافيتها وفاعليتها وتنظيمها كان الأجدر بها أن تقود هذه الموجات الشعبية الثورية العارمة والإنتفاضات والتكتلات والتنظيمات الشبابية و النسائية التي اجتاحت بلداننا في السنوات المنصرمة ..

مصر .. حقا أم الدنيا .. ام الفرح والحياة الإجتماعية البسيطة الراقية الطيبة .. . إذا تفحصنا رسوم المقابر وجدران المعابد والقصور والمكتبات وما لفت انتباهي , هو صورة المرأة الموجودة بحضور كثيف في عملية البناء وهي تحمل الطوب أو الحجرأو " القفة " الطين أو الرمل , على كتفها أو رأسها أو تساعد المهندس في وضع وقياس الحجارة وهي شبه عارية مثلها مثل أخيها الرجل .. أي حضارة هذه وأي رقي في الإنسانية والمساواة والحرية ..!؟
كذلك نراها وراء المحراث في الحقل وحيدة أو مع أطفالها , ومع الحاشية كما هي على كرسي قيادة الدولة ملكة أو أميرة , كذلك هي في كل مجالات الحياة وبناء المجتمع كتفا بكتف بكل حرية وفرح وسرور .. مصر القديمة منفتحة وخيرة ومعطاءة كسهلها وواديها وصحرائها مبسوطة الكف للشمس والهواء والحرية .
مصر سيد درويش وأم كلثوم وطه حسين وهدى شعراوي وسعد زغلول وعرابي باشا مصر نوال الشعراوي وزويل ونجيب محفوظ وسلامة موسى وغيرهم وغيرهم ...

مصر إذاً .. مخزون حضاري لا ينضب , مهما نبشنا وأخذنا وغرفنا من هذا المخزون يبقى الكثير المخبوء والغير مرئي في عمق تاريخ هذا الشعب العريق ومساهمته الفعالة في تطور الحضارة البشرية على وجه الأرض ..
سيبقى الكثير من تاريخها مجهولا ومدفوناً تحت الرمال , حقاً يحتاج إلى تحليل ودراسة واكتشاف – ليس في مصر وحدها بل في الوطن العربي كله ...
وكما أن لمصر عمق وثقل بشري واقتصادي وتاريخي كذلك موقعها الستراتيجي بين الشرق والغرب والشمال الأوربي والجنوب الأفريقي والبعد الاسيوي وانفتاحها على المتوسط من البحار ... كذلك تملك أيضا معطيات ومؤهلات فريدة يلعب موقعها الجيوسياسي دورًا رئيسياً في ريادة النضال والتغيير , استطاع شعبها أن يستغلها ويستثمرها في الثقل البشري , والثقل الإقتصادي , والثقل الثقافي التاريخي , كل هذه اللوحة البشرية والجغرافية جعلت إنسانها وكادرها وريثا متسلحًا بتراكم معرفي لا يستهان به جعله مؤهلا لأن يكون طليعياً في كثير من الأمور. وقد مر شعبها في محطات تاريخية مضيئة ومشرقة , وأحيانا سلبية تارة أخرى ..
وما يهمنا اليوم .. الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين في مصر , هذه الطبقة المعدمة المستغلة التي تؤلف سواد الشعب هي موجودة ومؤثرة منذ تواجد الحضارة المصرية القديمة , ولدت معها وهي التي صنعتها وأنشأتها وساهمت فيها بسواعدها الكادحة ولها باع وسيرة نضال طويلة في مكافحة الرق والعبودية والإستغلال والتخلف والظلم والطغيان التي تعرضت له , عليها واجب الإستمرار والقيادة لتجاوز الماضي الثقيل والتحرك جذريا لتبديله ..
...........

لو طبقنا ما شاهدناه بتاريخ مصر القديمة على واقعنا المعاصر لرأينا ما يلي :
الإنتفاضات الشعبية , ,,,,,, قمع الأنظمة الديكتاتورية لها , ودورالطائفية ورجال الدين في إجهاضها , وغياب الأحزاب الفاعلة والمؤثرة التقدمية وقيادتها في الإتجاه الصحيح .
امتد هذا التاريخ النضالي لشعب مصر منذ عهد الفراعنة والبطالمة إلى جميع العهود التالية التي لا مجال لتفصيلها هنا والتي توَجت في القرن التاسع عشر بثورة محمد علي العلمية والإقتصادية على الإمبراطورية العثمانية المتخلفة , إمتداداً إلى ثورة 1919 , إلى ثورات الفلاحين العديدة في الريف المصري التي أعلنت الجمهورية في قلب النظام الملكي الإقطاعي وأشهرها ( جمهورية زفتة ) الشهيرة وغيرها ...
إلى ثورة الخمسين 1950 – 1951 – 1952 التي أجهضها الإنقلاب العسكري في 23 تموز 1952 الذي جاء الإنقلاب العسكري وأعدم قادة النقابات العمالية في كفر الدوَار , واستمر النضال حتى يومنا هذا رغم الديكتاتوريات المتعاقبة ..! لاهاي / 9 / 3 مريم نجمه






#مريم_نجمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرأة .. و ( جرائم الشرف ) !؟
- الممنوع .. والمطلوب ..!؟
- تلال القديسين :
- من كل حديقة زهرة : زراعة - جمال - 16 - هدية 8 اّذار عيد المر ...
- درس في التعددية , والديمقراطية !؟
- حواء الثائرة الأولى في التاريخ ..!؟ حوَاء الجديدة , وثورة ال ...
- حوار الغربة ..!؟
- نحتفظ بالردَ في الوقت المناسب !؟
- من خواطر زوجة سجين سياسي - رؤيا وإنتظار - قارورة زيت وأعداد ...
- الإرتباط العضوي بين أعداء الشعوب ؟
- دراسة أسماء العائلات في بلدة - صيدنايا - - في العصر الحديث - ...
- عربدات الكبار والصغار , ومسرح الدمى !؟
- عربدات الكبار والصغار وسطوة الشهوات
- عربدات الكبار والصغار والتوابع الأصغر , وانتشار المسالخ !؟
- من الرائدات : ماري عجمي سنديانة الشعر والصحافة - القسم الثال ...
- ستبقى دمشق - شامة الدنيا - وعاصمة الثقافة والحضارة !؟
- أهم الأشجار , والورود في منطقة صيدنايا - 3
- من شرب كأس الغربة , عرف طعم الوطن .. !؟
- من خواطر زوجة سجين سياسي - إلى أمنا الصابرة دمشق - 10
- من كل حديقة زهرة : زراعة - صحَة - جمال - 15


المزيد.....




- إجازات العيد.. عدد أيام عطلة عيد الفطر 2024 للموظفين والعامل ...
- متظاهرون يغلقون مدخل وزارة التجارة وسط لندن احتجاجا على حرب ...
- “Renouvelez-le maintenant“ تجديد منحة البطالة في الجزائر 202 ...
- 100,000 دينار عراقي .. حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في العرا ...
- عاجل | مرتب شهر كامل.. صرف منحة عيد الفطر 2024 لجميع العاملي ...
- الحكومة المغربية تستأنف “الحوار الاجتماعي” مع النقابات العما ...
- هتصرف قبل العيد؟!.. تحديد موعد صرف مرتبات شهر أبريل 2024 بال ...
- منحة البطالة الجزائر 2024 .. تعرف على الشروط وخطوات التسجيل ...
- 3.5 مليارات دولار تدفقات الاستثمار الأجنبي للسعودية والبطالة ...
- البطالة في السعودية تسجل أدنى مستوى منذ 1999


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - مريم نجمه - مصر أم الدنيا : أول حكم للمرأة , أول عيد للحب , أول تمرَد شعبي , وأول ثورات العمال ؟ - 1