أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزو محمد عبد القادر ناجي - الطائفية والعرقية ودورهما في عدم الاستقرار السياسي في سوريا















المزيد.....



الطائفية والعرقية ودورهما في عدم الاستقرار السياسي في سوريا


عزو محمد عبد القادر ناجي

الحوار المتمدن-العدد: 2213 - 2008 / 3 / 7 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن عوامل الطائفية والعرقية والعشائرية والإقليمية عوامل مترابطة بشكل كبير مع بعضها البعض، لأن الفرد قد ينتمي لطائفة ما في قبيلة ما في منطقة معينة، إضافة إلى انتمائه لإقليم معين، وقومية معينة، تختلف عن الآخرين، وقد يكون التلاحم الطائفي بين أفراد لا ينتمون لنفس العشيرة أو العرق أو الإقليم، وهكذا بالنسبة للعناصر الأخرى، ومعظم الأقليات الدينية والمذهبية في سوريا لها أقاليم خاصة بها وعشائر خاصة بها وأقاليم أو تجمعات خاصة بها، كما أن الأعراق المختلفة في سوريا معظمها توجد في أقاليم محددة، أو أماكن خاصة به نسبة الطوائف الدينية والمذهبية في سوريا :
السنة يشكلون 75%
الشيعة يشكلون 1%
العلويين يشكلون 11%
الدروز يشكلون 3%
الإسماعيلية يشكلون 1%
المسيحيين8.5 يشكلون %
اليهــــــود يشكلون 0.0005 %
النــــــور يشكلون 0.0025 %

أما الأعراق الموجودة في المجتمع السوري فنسبتها :
العــرب يشكلون 78 %
الأكــراد يشكلون 8.5%
الأرمــن يشكلون 4%
التركمــان يشكلون 3%
الشركــس يشكلون أقل من 1%

كما يتبين أن الأقليات العرقية في سوريا بالنسبة للأغلبية العربية، لكن معظم الأكراد والتركمان والشركس من السنة، ومعظم أفراد الطائفة اليزيدية من الأكراد، أما الأرمن فكلهم مسيحيين.
وعلى هذا الأساس يشكل السنة العرب حوالي 63% من مجموع الأقليات العرقية والدينية والطائفية مجتمعة، فالمجتمع السوري يتميز بظاهرة التجزؤ المجتمعي ، بسبب خصوصية تركيبته الجغرافية والبشرية وموقعه الجغرافي على البحر المتوسط، فهناك مجتمع الأرياف التابعة للمدينة، وأخرى لا تتبعها، وهناك أرياف متجانسة المذهب والدين وأخرى مختلفة، فالمجموعات السكانية في الأرياف الجبلية ذات الخصائص المذهبية غير السنية شكلت ممانعة لسلطة المدينة، مثل العلويين، والدروز، واليزيدية، الذين انعزلوا بأنفسهم في الجبال وفق عشائهم الخاصة بهم، ورغم اختلاف بيئإتهم عن البيئات السورية الأخرى، جغرافياً وبشرياً واجتماعياً، إلا أنهم لم ينعزلوا عن كيان الدولة بل اندمجوا فيه.
والجماعات الدينية في سوريا تشكل الإطار الاجتماعي الحقيقي، لأن الديانة ليست موقعاً روحياً فحسب، أو إقرار إيمان داخلي، وإنما هي أساس السلطة الاجتماعية التي تنظم معظم أفعال الحياة الاجتماعية، فهي المحور الذي تدور حوله معظم أفعال الحياة الاجتماعية، فالروابط القائمة، بين مختلف الطوائف الدينية في أرياف سوريا، قائمة على الشك والريبة والصراع بين جماعات سياسية حقيقية، وكل منها تحتفظ بقوة وإصرار على نمط عيشها وتنبذ نمط جارتها، لذلك كانت هذه الروابط بين الطوائف المختلفة ضعيفة جداً، والزيجات المختلطة نادرة، ولا يوجد توافق اجتماعي بينها، فالمذاهب كافة اتخذت مواقف صلبة من بعضها البعض، وكل منها يظهر عداءاً سافراً تجاه الآخر، في حين يزداد التضامن وثوقاً بين أعضاء الجماعة الواحدة، خاصة عندما تواجه تحديات من قبل طوائف أخرى، ويسود الجهل بين المذاهب المتجاورة مع الحذر والخوف والحسد والحقد والاحتقار أحياناً، ولكن على عكس الحال في المدن السورية التي يسودها التسامح والإخاء بين جميع الطوائف والأديان والأعراق، حتى أن المقيم الأجنبي كان يفخر بأنه من أهل المدينة التي يقيم فيها، بسبب ما يلقاه من تسامح ومروءة وصدق المعاملة والعطف على الفقراء والمحتاجين، وهذا ما جعل سوريا على مر العصور ملجأً للمضطهدين سياسياً ودينياً من الأقاليم المجاورة، وعلى ذلك فكانت العزلة الجغرافية لبعض هذه الجماعات الدينية المهاجرة والأصلية، في ظل عدم وجود سلطة مركزية قوية، وضعف الاتصال فيما بينها وبين المناطق المدينية، والتسامح العرقي والديني تجاهها، عاملاً على عدم التمازج الثقافي والديني والعرقي، ومما ساهم في وجود الولاءات الطائفية والإقليمية والعشائرية في سوريا عدة عوامل أهمها:
1- انتشار الأديان التوحيدية الثلاث والمذاهب التي تفرعت عنها في سوريا.
2- الغزوات السكانية التي تعرضت لها من أكراد ومغول وتتار.
3- الخلافات القومية والعشايرية التي اتخذت طابعاً دينياً قومياً.
4- التدخلات الخارجية خلال وبعد سقوط الدولة العثمانية بداعي حماية الأقليات.
5- عقدة الأقليات التي أكدها جاك ويلرس والتي يقول بأنها: "حساسية مرضية تجعل أي تحرك لجالية مجاورة، تبدو وكأنها خطر محقق أو تحد لهذه الجالية، فتقوم بتوحيد كل مجموعة بالكامل، أمام أدنى هجوم أو تعدي يرتكب ضد أي من أعضائها " .
6- نمو الوعي الفوق وطني سواءاً كان عربياً، أم إسلامياً، أم طبيعياً ...... والولاءات تحت الوطنية أي الإقليمية من طائفية وعشائرية وإقليمية .... على حساب الولاء الوطني للدولة الوطنية، وذلك بعد الاستقلال.
7- اهتمام الطلاب منذ الاستقلال بالسياسة رغم عدم اكتمال وعيهم القومي والثقافي.
8- النزعة الإقليمية للأحزاب السياسية بغض النظر عن أيديولوجيتها السياسية، مثلاً كان معظم أعضاء الحزب الوطني ينتمون لدمشق، ومعظم أعضاء حزب الشعب ينتمون لحلب، ومعظم أعضاء حزب البعث ينتمون للأقليات ... الخ .
وهذه العوامل كانت استمراراً لمؤامرة تقسيم سوريا الطبيعية أي الهلال الخصيب بغرض إقامة دويلات عاجزة عن التطور على واقعها، واستغلال الأوضاع الطائفية والقبلية والعشائرية لإشعال حروب أهلية، كلما اقتضت الحاجة الاستعمارية ذلك، إضافة إلى الاهتمام الخاص بأوضاع الأقليات الدينية والطائفية وإشعارهم باستقلاليتهم عن الوطن الأم، وتشجيعهم لإقامة دول خاصة بهم، إضافة إلى تشجيع الخلافات الإقليمية، واختلاق نزاعات حدودية لتغذية الحقد الإقليمي، حتى يتعرف الشعب على حدود دولته التي رسمت له.
وستبين هذه ا لدراسة مدى تأثير كل طائفة أو عرق على الاستقرار السياسي خلال مدة الدراسة، مع تأكيد على الطوائف التي كانت أشد إثارة للنزعات الطائفية، لما لذلك من تأثير على عدم الاستقرار السياسي، وسيكون ترتيبها في هذه الدراسة بحسب أهميتها في إثارة عدم الاستقرار السياسي في سوريا.

(2) السنة :
وهم غالبية الشعب السوري، ويتوزعون على مذاهب السنة الأربعة وللصوفية مكانة خاصة عندهم، كما أنهم يقدرون علماءهم، ومرتكب المنكرات مكروه ومنبوذ عندهم، وتسودهم روح العطف على الغريب ويؤثرونه على الأهل والولد، وأكثرهم من العرب، ولا يستطيع المرء التفريق بين المسلم العربي والمسلم من الأعراق الأخرى، كونهم متمازجين مع بعضهم بشكل كبير، حتى أن الكثير من أهل الأعراق الأخرى ذابوا بهم، وظل القليل منهم محافظاً على ثقافته الخاصة به، وقبل تدخل حزب البعث بشكل كبير في الحياة السياسية السورية-بعد سقوط الرئيس أديب الشيشكلي عام 1954- لم تكن هناك أية تفرقة بين الأعراق، فكان منهم الزعماء مثل حسني الزعيم وحسني البرازي، وفوزي سلو وتوفيق نظام الدين وأديب الشيشكلي وغيرهم من الأكراد، أيضاً كان هناك من أصول تركية أمثال سامي الحناوي وخالد العظم، وبشير العظمة، ولكن التشدد في مفهوم القومية التي اتبعها حزب البعث لم يكن مقبولاً عند الشعب السوري لأن هناك قوميات أخرى غير العربية تشكل النسيج السوري المترابط، فالاعتدال بها دون التفريط في خصوصيات الأقليات أو إلغاء التمايزات ، ضروري لأن التشدد والتفريط بخصوصياتها سيدفعها لرد فعل للحفاظ على تراثها اللغوي أو العرقي ، فالخصم الأول للجميع هو التخلف، وليس شيئاً آخر، لأن هذه الأقليات من الممكن أن تثري المجتمع بالكفاءات الرائعة كما كان ذلك في الماضي، وقد أكد الرئيس شكري القوتلي على ضرورة نبذ أي خلافات طائفية أو عرقية حيث قال في خطاب الاستقلال في 17 إبريل 1946: " نحن أمة واحدة لا أقليات ولا أكثريات بيننا" ، وظهر بعض المتشددين منهم قليلاً، الذين رؤوا في ضرورة ارتداء الطالبات جميعهن للحجاب ومنع الطلاب من الذهاب لدور السينما وغير ذلك، حيث طالب بذلك بعض النواب من التيار الإسلامي في جلسة البرلمان في 24 يوليو 1950، فرد عليهم وزير المعارف (التربية) بأن قوانين الدولة لا تسمح بذلك لأن هناك في سوريا طوائف وأديان كثيرة ، ثم طالب النواب بإلغاء حق المرأة بالانتخابات، وأيدهم بذلك عدة أحزاب سياسية غير التيار الديني.
وقد أغضب الرئيس حسني الزعيم ، التيار الإسلامي والقومي، عندما عمد إلى تشجيع السفور واستولى على الأوقاف وجعلها ملكاً للدولة، وأقتبس قوانين علمانية، واعتماده على الأقليات الكردية والشركسية في مراكز حساسة في الجيش وتركه الضباط العرب في الجبهة، وخاصة بعد تعيينه لمحسن البرازي رئيساً للوزراء، وهو من أصول كردية، فأصبحت الصحف القومية والإسلامية تهاجمه وتنعت سوريا بـ الجمهورية الكردية العسكرية، كما أنه أسخط الشعب بسبب عدم اهتمامه بلواء الإسكندرونة، واستدعائه لقائد أركان الجيش التركي السابق (الجنرال أوربان) لتنظيم الجيش السوري.
وقد كان الضباط السنة على الدوام قبل انقلاب صلاح جديد في 23 فبراير 1966، وهذا ما يفسر أن كل الانقلابات الناجحة وغير الناجحة كانت من قبل ضباط السنة، وبسبب ما للدين من أثر على الشعب السوري، نص دستور عام 1950 في مادته الثالثة على :
• دين رئيس الجمهورية الإسلام.
• الفقه الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع.
• حرية الاعتقاد مصونة، والدولة تحترم جميع الأديان السماوية، وتكفل حرية القيام بشعائرها، على ألا يخل ذلك بالنظام العام.
• الأحوال الشخصية للطوائف الدينية مصونة ومرعية، وتقرر أن يضاف في مقدمة الدستور النص التالي:" ولما كانت غالبية الشعب تدين بالإسلام، فإن الدولة تعلن استمساكها بالإسلام ومثله العليا، ويعلن الشعب العربي عزمه على توطيد أواصر التعاون، بينه وبين شعوب العالم العربي والإسلامي، وبناء دولته الحديثة على أسس من الأخلاق القومية التي جاء بها الإسلام، والأديان السماوية الأخرى، وعلى مكافحة الإلحاد والتحلل الخلقي".
وقد وافق كافة رجال الدين من الأديان الثلاث والطوائف الإسلامية على ذلك، وقد عملت الكتلة الوطنية برئاسة الرئيس شكري القوتلي على تكريم كل من قاوم الانتداب الفرنسي فعلى سبيل المثال أقاموا في 25 إبريل 1945 حفلة كبرى على شرف الشيخ صالح العلي، وألقيت فيها القصائد المادحة، والخطب، وأطلقوا اسمه على عدد من شوارع المدن السورية، كما أبَّنه البرلمان، وفعلوا نفس الشيء بالنسبة لقائد الثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، حيث عمل الرئيس شكري القوتلي على تكريمه بقصر في دمشق، كما ألغى القوتلي مخصصات الجمعية الغراء الإسلامية، مما أثار أعضاءها لكن في ظل حكم الرئيس أديب الشيشكلي عمل على إتباع بعض الإجراءات التي استاءت منها الأقليات الدينية والعرقية الأخرى، رغم أنه كان يهدف بهذه الإجراءات لتحقيق الانسجام في المجتمع والقضاء على العصبيات الدينية والعرقية ومن هذه الإجراءات:
1- إلزام أصحاب المحلات العامة باستخدام اللغة العربية في اللافتات.
2- إلزام رجال الدين على مختلف المذاهب والأديان باستخدام اللغة العربية في الأعياد.
3- اشتراطه على جميع المؤسسات الرياضية بتخصيص نصف المقاعد للسنة بشكل دائم.
وقد عمل نظام القوتلي على تشجيع الفلاحين الدروز على تولي المناصب السياسية عام 1945 في جبل الدروز (العرب) ، وعدم استئثارها على عائلة آل الأطرش، مما كان له آثاراً سيئة على ولاء آل الأطرش له، فدفعهم هذا إلى تأييد حسني الزعيم في انقلابه، بنتيجة ما خسروه من نفوذ كانوا يتمتعون به في الجبل، قبل أن يثور الفلاحون (بثورة الشعبيين) ضدهم، ولم يكن نظام القوتلي يقصد من وراء ذلك سواء إتاحة الفرصة للأكثرية لتشارك في الحياة السياسية، وفي عهد الشيشكلي إبان ضرب جبل العرب ومقتل 66 شخصاً كان الضباط الحمويون -الذين ينتمون لمدينة حماه وهي بلد الرئيس أديب الشيشكلي- قد وقعوا ضد ضرب جبل الدروز، وانتفض الإخوان المسلمين والشيوعيين والأحزاب الأخرى ضد نظام الشيشكلي بسبب ذلك، كما اندلعت المظاهرات في كل المدن السورية ضد ضرب الجبل، رغم أنه لم يكن لذلك الضرب أي مظهر طائفي، لكن الديكتاتورية العسكرية الحاكمة واجهت التمرد الدرزي وتوزيع المنشورات ضد حكمها بالعنف.
وفي انتخابات 1954 أعطت المناطق الإسلامية في دمشق أصواتها للدكتور عوض بركات المسيحي الأرثوذكسي، أكثر مما أعطته المناطق المسيحية، وتفسير ذلك أن دمشق لا تحب التعصب، فالمرء يمكن أن يكون مؤمناً دون التعصب، الذي يعطل وحدة الوطن ويجعل قيادته مهزوزة الوجود، ويعرض الوطن للأخطار، لذلك قاومت على الدوام المتعصبين وأبعدتهم، وحذت حذوها كل المدن السورية.
وقد كان الرئيس أديب الشيشكلي يرفض العنصرية والطائفية، فكان الجيش يضم كل العناصر والفئات حسب مؤهلاتهم، فكان فهمي سلطان وهو علوي مسؤولاً عن أسراب الطائرات في الجيش، وقد أوفده الشيشكلي مع فريد حيدر، وجميل شقير إلى الخارج، وكانوا من الأقليات، من أجل دورات عسكرية، كما كان قائد الأركان شوكت شقير درزياً، وقد ضم مجلس العقداء وهو بمثابة مجلس قيادة ثورة كل الفئات، فكان يضم [ (توفيق نظام الدين (كردي)، محمد ناصر (علوي)، أمين أبوعساف (درزي)، أحمد عبدالكريم عربي (سني) ] وقائد هذا المجلس هو الشيشكلي وهو سني من أصول كردية ، وكان يسعى لتقوية الجيش بتشجيع الانضمام إليه من جميع الفئات.
كما أن قائد المجلس الثوري الأعلى للجيش والقوات المسلحة المقدم عبدالكريم النحلاوي آثر إعطاء قيادة الأركان للواء الدرزي، عبدالكريم زهر الدين، وكان يستطيع أن يحتفظ لنفسه بها، أو يسلمها لغيره من أبناء الطائفة السنية.
وكما ذكر سابقاً فإن معظم الأكراد من السنة، حيث يتركزون على طول الحدود السورية التركية، وبعضهم يعيش في المدن السورية، دمشق، حلب، حماه ..... الخ لكنهم لا يمثلون وحدة اجتماعية واحدة، فمنهم الكرادغ الذين سكنوا سوريا منذ عدة قرون، ومنهم من سكن سوريا في العشرينات وما بعدها، في الجزيرة السورية، إثر الاضطهاد التركي لهم، لكن ضعف شأنهم في الجيش بعد سقوط الشيشكلي، مما حذا بهم إلى تأييد خالد بكداش في انتخابات 1954، بسبب التشدد في موضوع القومية الذي قاده البعث آنذاك، وقد عمل الرئيس ناظم القدسي على إسقاط الجنسية عن الذين هاجروا إلى سوريا إبان الوحدة مع مصر، كما عمل على تعريب المناطق التي سكنوها، مما أثارهم وقد أنشأ الحزب الديمقراطي الكردستاني (البارتي) في أغسطس 1957، وبما أنه لم يكن له تأثير يذكر على الحياة السياسية في سوريا، لذلك أدرجه الباحث في حقل الصراع الاجتماعي، وقد برز منهم قادة عظام أمثال قائد ثورة الشمال إبراهيم هنانو، ووزير دفاع الملك فيصل وهو الشهيد يوسف العظمة، وكان لهم دور كبير في مقاومة الانتداب الفرنسي، كما أنهم انخرطوا في المقاومة المسلحة عندما تهددت أرض الوطن عام 1957، وحزبهم ذو تيارين تيار متشدد يدعي أن أصولهم من سوريا وأنها أرضهم التاريخية، ويرون توحيد كردستان الكبرى، وتيار معتدل يرى أنهم أقلية مهاجرة، وهو يسعى لإصلاح شأنهم، وقد رفضوا فصل الجزيرة السورية عن الوطن الأم، إبان الانتداب الفرنسي، لكن كان للوحدة مع مصر أثراً سيئاً على سوريا، فتشددها تجاه القومية العربية جعلهم ينادون بضرورة أن تكون لهم ثقافتهم الخاصة، وقد شجعتهم سلطة دولة الوحدة على ذلك، رغم إعتقالها بعضهم عام 1960، ثم تعرضوا للاضطهاد والاعتقال إبان حكم نور الدين الأتاسي عام 1968 بسبب مناداتهم بأن يكون لهم وضع خاص كونهم يحملون ثقافة خاصة، وقد طالب خالد بكداش وهو من أصول كردية بضرورة ذوبانهم بالجسم السوري، كما قال عبدالله أوجلان "إن أكراد سوريا جاؤوا من الشمال وعليهم العودة إلى هناك من خلال حزبه"، كما أكد جلال طلباني أنه لا توجد مشكلة كردية في سوريا، وقد أكد عزيز الحاج أنه كان على مر العصور تعايش بينهم وبين العرب ، حتى أن كل زعيم كردي كان يفتخر بأنه من أصل عربي، ويحاول إرجاع أصله إلى سلالة الرسول أو أحد أصحابه رغم أن المؤرخين إختلفوا حول أصولهم أهم آريين أم أتراك أم عرب، لكن يرجح البعض أنهم آريين نتجوا عن إختلاط قبائل راجوس مع القبائل الهندو أوربية.
وقد أساء نظام الوحدة بين سوريا ومصر للوحدة الوطنية في سوريا والعراق، حيث عمدت إذاعة صوت العرب على توجيه النداءات الكثيرة للأكراد، على أساس أنها المدافعة عنهم، مما حذا بهم إلى المطالبة بدولة كردية لهم، فتخوف عبدالكريم قاسم في العراق، وعمل لامتصاص نقمتهم على تأييد إقامة حكم ذاتي لهم، بسبب أن أكراد سوريا يميلون لأكراد العراق كونهم نفس الامتداد، وبذلك يتاح له فصل سوريا عن مصر وضمها للعراق، من خلال الأكراد أنفسهم ، كونهم يتوزعون في عشائر مترابطة ومتصلة، وقد عمد نظام الوحدة على توزيع أسلحة عليهم في العراق من خلال مصطفى البرازني الذي كان يأتي سراً إلى سوريا، وكان قبل ذلك محسن البرازي * الذي عمل على عرقلة بعض الحكومات إبان حكم القوتلي تمهيداً لانقلاب الزعيم، وبالنسبة للتركمان فهم يشبهون الأتراك خلقة ولغة وعرقاً وقد نزحوا مع الشركس من القوقاز، بسبب الحرب العثمانية الروسية بين عامي (1877 – 1887) ، واشتغل أكثرهم بالتجارة في ظل الحكومات الوطنية، وتعرب أكثرهم، لكن الأتراك هم من بقايا العثمانيين، وتعرب أكثرهم أيضاً، وشغلوا مناصب مهمة منذ زمن العثمانيين، واستاؤوا كغيرهم لفصل لواء الإسكندرونة عن سوريا، ومنهم سامي الحناوي، خالد العظم، أسعد الكوراني، ولم يكن لهم أي تأثير سيء على الاستقرار السياسي في سوريا، والاختلاف بين التركمان والأتراك، أن الأتراك من أصول فارسية، أما التركمان فهم المغول المتتركين الذين أصبحوا أتراكاً وقد جاؤوا من قيرغستان وامتدوا إلى منشوريا والتركستان ومنغوليا، ومنهم السلاجقة والخوارزمية.
وعلى ذلك فتأثير الطائفة السنية لم يكن لها دور يذكر على عدم الاستقرار السياسي فحتى التيار الغير الإسلامي كان يرى أن الأخذ بالحضارة وسبل التطور لا يكون بنبذ الإسلام، ومثال على ذلك أن الحضارة اليابانية ازدهرت ووصلت إلى آخر ما توصل به العلم رغم أنها حافظت على تراثها الروحي، وهذا ما أكده مورو بيرجر في كتابه العالم العربي اليوم بقوله : " لقد ثبت تاريخياً إن قوة العرب تعني قوة الإسلام ".
كما أن التيار الإسلامي عني بشكل كبير بالعروبة، لكنه كان على الدوام يرى أن الفضل الأكبر للإسلام على العرب، كونه هو الذي صنع الأمة العربية جسماً وروحاً، فلولاه لبقي العرب قبائل جاهلية لا تعرف شيئاً عن الثقافة الإنسانية، كونهم كانوا معزولين في الصحراء، ولما كان التاريخ سجل لهم إلا سطوراً تافهة في زوايا مهجورة من صحائفه، فالعروبة ارتبطت بالإسلام بحضارة واحدة وتاريخ واحد، لأن الله قد اختار العرب ليحملوا رسالته، واختار لغتهم لتكون لسان الوحي الإلهي، وبها انتهت صلة الأرض بالسماء، وإن قيادة المسلمين لا تصلح لغير العرب سواءاً كانوا أصليين أو ممن تكلم العربية وفهمها وناصرها واقتنع بالعرب قادة للمسلمين ، مثل الإمام أبي حنيفة، وصلاح الدين الأيوبي، وسيبويه وغيرهم، لأن ينابيع الإسلام لا يمكن أن تكون صافية إذا لم يكن العرب قادة للمسلمين، ولن تكون هناك أية نهضة إسلامية إلا من خلال العرب ليؤدوا واجبهم ورسالتهم الكبرى ويستعيدوا مجدهم، وعلى ذلك يقول أحد المسيحيين وهو إسماعيل مظهر: " العربي النصراني، مسلم بصفاته العربية، والمسلم الهندي أو الفارسي عربي بما في الإسلام من روح العرب" .
فالعرب وإن كانوا أقاموا الحضارات السامية كلها ، إلا أنهم تعرضوا للاضطهاد والذل على أيدي الفرس والروم، وأبيدت حضاراتهم ولم يعيدها سوى الإسلام، ورسالتهم الخالدة تختلف عن رسائل الأمم الأخرى ومنها حراسة الفضائل ونشرها وتحطيم الرذائل وطي عارها، والإيمان بالله وقمع الإلحاد والعوج، وتسخير موارد الأمة لتحقيق هذه الأهداف، التي بموجبها سيحققون العدل والحرية، واليقين والتقوى، لأن طبيعة الأمة العربية ترفض التمزق، كما أن طبيعة رسالتها ترفض هذا التمزق، وبالنسبة للأقليات العرقية، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم، وكذلك الأقليات الدينية شريطة احترام رأي الأكثرية، كما أن الإسلام يدعو للاشتراكية باعتبارها نظام صالح للمجتمع الإنساني بشرط حرية الفرد وكرامته الإنسانية، ويرفض حرب الطبقات، وعلى هذا الأساس فالقومية العربية المعتدلة لا تتعارض مع الإسلام، أما الدعاوى الإلحادية فستكون عامل عدم استقرار في المجتمع السوري كونها لا تتوافق مع طبيعته ، فسوريا لا تشكل بيئة لنمو أفكار قومية محددة لأنها مركز للحضارات الأموية والأيوبية والحمدانية وغيرها من الحضارات الإسلامية الأخرى، وفيها مراقد الكثير من الأنبياء والأئمة ، كما أن فيها تقاليد عربية أصلية مندمجة مع تقاليد تركية وكردية يسود فيها روح الولاء لشيخ القبيلة وأعرافها أو لوجيه المدينة أو الحي، أكثر من أي تنظيم آخر.

2-العلويون :
استقروا في الجبال التي تقع شمال غرب سوريا، وانعزلوا فيهاويتمركزون في محافظة اللاذقية، بأقضيتها الأربعة (اللاذقية، الحفة، جبلة، القرداحة)، ومحافظة طرطوس باقضيتها الخمسة (طرطوس، بانياس، الشيخ بدر (القدموس)، دريكيش، صافيتا)، ويتواجد قسم منهم في حماه (قضاء مصياف)، وفي بعض قرى حمص (قضاء تلكلخ)، حيث تشكل هذه الأقضية منطقة جغرافية متصلة ثلثي سكانها منهم ، ولم تدخلهم الدولة العثمانية في نظام الملل ولم تعترف بهم كمسلمين أو من أهل الذمة، رغم اعترافها بالدروز والإسماعيلية واليزيدية بسبب مقاومتهم المستمرة لها ، وقد وتم اصدار تصريح عام 1973 من 80 شيخ علوي أكدوا أنهم إحدى الفرق الإسلامية الشيعية، كما أصدر زعيم الشيعة في لبنان موسى الصدر فتوى على أساس أنهم إحدى فرق الشيعة وقام الشيخ صالح العلي عام 1919 وهو شيخ علوي، بثورة ضد الفرنسيين وتعتبر ثورته أول ثورة ضد الفرنسيين في سوريا وكانت قد أوكلت إليه متصرفية جبال (العلويين) من قبل الملك فيصل، وتلاحمت ثورته مع ثورة الشمال بقيادة إبراهيم هانو، واشتراك الكثير من السنة معه .
ويرى البعض أنهم جاؤوا من مصر عبر خمسة هجرات وأنهم من سلالة الإمام علي، وأنهم كانوا فقراء بسبب مناطقهم الجبلية الوعرة التي لا تسد حاجاتهم، وكان معظمها لزعمائهم ويتوزعون على أربعة قبائل رئيسية هي الكلبية، والخياطين، والحدادين، المتاورة.

ويعتبرون من أكثر الطوائف التي إنضم أفرادها للجيش وخاصة بعد 1963 وعمل اللواء صلاح جديد إلى على استغلال الطائفية لمصلته في السلطة ، واستولى اللواء محمد عمران على قيادة اللواء السبعين المدرع، كل هذا والرئيس أمين الحافظ لم يكن يدري بما كان يدور خلفه من وراء الكواليس، وعندما شعر بذلك، صرح الرئيس أمين الحافظ، "إن الصداقة والروابط الأخرى قوضت الانضباط العسكري بالقوات المسلحة " وقال ميشيل عفلق حول ذلك " بعض أصدقائنا في القوات المسلحة نزلوا إلى الشارع بأسلوب فاشستي وسيطروا على الحزب والأمة ".
ثم عمل محمد عمران الذي استلم وزارة الدفاع على إثارة التوجهات الطائفية، وأخذ ينشرها ودعى إلى التكتل مع الأقليات الدينية الأخرى مثل الدروز والإسماعيلية كونهم من أصول شيعية، فقال " إن الفاطمية يجب أن تأخذ دورها "، مما حذا بالرئيس أمين الحافظ لإبعاده إلى الخارج كملحق عسكري، كما أثار صلاح جديد الأحزاب الأخرى بدعواته الماركسية حيث كانت وراءه الشيوعية السوفياتية ، وقام بانقلاب في 23 فبراير 1966، ليصبح صلاح جديد الرئيس من وراء الكواليس ، وعين الدكتور نور الدين الأتاسي رئيساً للجمهورية، والدكتور يوسف زعين رئيساً للحكومة، وظل هو ممسكاً بالجيش، وقد أكد ميشيل عفلق أن هذا الانقلاب كان سبباً رئيسياً في كارثة يونيو 1967، لذلك تهاوت شرعية النظام بعد سقوط الجولان، وقد تمثلت مسؤوليته عن ذلك في أنهم تبنى مواقف متطرفة تجاه إسرائيل من خلال اختلاق صلاح جديد لأزمات ضد إسرائيل ، فنادى بحرب تحرير شعبية طويلة الأمد ضد إسرائيل، رغم أن القوة الإسرائيلية تعادل 6 أضعاف القوة العسكرية السورية، وأخذ يقوم من خلال الفلسطينيين بعمليات فدائية داخل إسرائيل عن طريق الأردن والجبهة السورية، وهذا ما أشعل الموقف وحرك حرب 1967، رغم محاولات الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك تسوية النزاع في 25 ديسمبر 1967، لكن جديد رفض ذلك، وبعد الهزيمة تخوف نظام الأتاسي جديد من المساءلة أمام الجامعة العربية بسبب عدم اشتراكهم بحرب فعلية مع أنهم هم السبب في إشعال الموقف، فرفضوا حضور قمة الخرطوم في 29 أغسطس 1967، مما حذا بالجامعة العربية إلى حرمانهم من المساعدات الاقتصادية، واستمر صلاح جديد بمحاباته الطائفية رغم أن المادة 15 من دستور حزب البعث العرب الاشتراكي تقول : " الرابطة القومية هي الرابطة الوحيدة في الدول العربية التي تكفل الانسجام بين المواطنين وانصهارهم في بوتقة واحدة، وتكافح سائر العصبيات المذهبية والطائفية والقبلية والعرقية والإقليمية "مما حذا بوزير الدفاع حافظ الأسد إلى تقديم استقالته احتجاجاً على تصرفات صلاح جديد الطائفية وبسبب ما قام به من محاولة تقويض نظام البعث في العراق بدعم الأكراد ضد نظام أحمد حسن البكر، انطلاقاً من مقولة أن الأرض لا معنى لها مادام الحزب باقياً، والمقصود بالحزب هو حزب بعث سوريا (القيادة القطرية ) وليس بعث العراق (القيادة القومية ) ، وقد تأكد ذلك عندما ضبطت الحكومة العراقية أسلحة وأموالاً آتية من سوريا.
ثم قام اللواء حافظ الأسد بالحركة التصحيحية في 16 نوفمبر 1970 ثم أصبح رئيساً للجمهورية في 22 فبراير 1971 ، فلم يرى أية معارضة من الجيش أو الحزب أو مجلس الشعب الذي شكله، بسبب دعواته للوحدة الوطنية ، بالرغم من انتمائه لهذه الطائفة ، حيث أن انتماءه لايعني أن له توجهات طائفية بل على العكس عمل على إعطاء مراكز حساسة للطوائف الأخرى في سوريا بحسب مكانته – القيادي- في الحزب (البعث )، بالرغم من أن البعض أخذ ينظر إلى النظام أنه طائفي على اعتبار أن رأس الدولة يتتمي لطائفة بعينها ، رغم تولي الكثير من القياديين من الطوائف الأخرى مناصب حساسة في الدولة ، ومثال على هؤلاء المروجين للتفرقة الطائفية المعارض الشيوعي رياض الترك حيث قال حول ذلك في عام 1979: " إننا نتألم لأن رايات الطائفية ترتفع في بلادنا، وإن أساليب النظام الطائفية تشكل أعظم خطر على البلاد " رغم أن العلويين هم من المسلمين الشيعة ، ولا يوجد أي فارق بينهم وبين بقية الطوائف الأخرى .

3- الدروز:
ويدعون بالموحدين لإيمانهم بوحدانية الله، وظهر مذهبهم في القرن الحادي عشر للميلاد، ويعتبرون الحاكم بأمر الله وهو أحد خلفاء الدولة الفاطمية، أنه تجسيد للذات الإلهية، وأن اختفائه مؤقت، ويعتمدون مبدأ السرية في معتقداتهم، وقد انقسموا إلى عقال أي من اضطلع على أمور الدين منهم، وجهال الذين لم يضطلعوا على أمور الدين، ويعترفون بأصولهم الإسلامية، وكان لهم دور كبير في إثراء الأدب العربي، ويؤكد مؤسس مذهبهم حمزة بن علي أنهم ليسوا من الشيعة ولا ينتمون لها بأي صلة، كما يقول أحد زعمائهم وهو كمال جنبلاط: "إن الشريعة الدرزية مأخوذة من القرآن ومن ستة عشر كتاباً مخطوطاً، لا يسمح بالاضطلاع عليها... والدرزية تنهل تعاليمها من الفلسفة اليونانية خصوصاً الأفلاطونية القديمة والمسيحية والبوذية والفرعونية القديمة والإسلام ....... إن شيوخ الطائفة الدرزية كانوا يصلون في المساجد ويصومون ويحجون البيت، لكن هذه الفرائض جميعاً قد رفعت عنهم واستبدلت بها تكاليف أخرى ..... إن الدرزية مرت بالإسلام كمرحلة ثم تجاوزته وأصبحت ديانة مستقلة ",
وجاءوا سوريا من لبنان واستوطنوا في جبل حوران منذ 200 سنة، وأصولهم عربية خالصة من قبائل تنوخ أي المناذرة، ويعتقدون بالتناسخ، وخلال الدولة العثمانية أسسوا الدولة المعنية والدولة الشهابية، وتقوم سياستهم على موالاة حاكم الدولة التي هم فيها والخضوع له بشرط عدم تدخله في شؤونهم الداخلية أو أن يظلمهم، وإلا فيخرجون عليه، وتكون الصلة بينهم وبين رأس الدولة هو أمراؤهم ومشايخهم الذين يطيعونهم طاعة عمياء، وبسبب عزلتهم حافظوا على عاداتهم وتقاليدهم، وقد أصدر الجامع الأزهر الشريف فتوى في عام 1960بأنهم إحدى الفرق الإسلامية ، كما أن الدولة العثمانية أدخلتهم ضمن نظام الملة باعتبارهم إحدى الفرق الإسلامية ، أيضا مؤسس دينهم حمزة بن علي قال في رسالة الغاية والنصيحة: " يجب عليكم أن تنظروا ما جاء في القرآن وتدبروا معاني حقائقه ", ولهم أيام خاصة يصومون فيها، كما أن لهم مجامع دينية تسمى "جمع"، يصلون فيها يوم الجمعة، لكنهم يعيدون مع المسلمين في العيد الأضحى، وينقسمون لعدة عشائر في سوريا وعددها (32) ويتواجدون في سوريا ولبنان وفلسطين والأردن، أما في سوريا فيتركزون في جبل العرب أي جبل حوران ويطلق عليه أحياناً جبل الدروز كما يتواجدون في الجبل الأعلى قرب حلب، إضافة لبعض الضواحي في دمشق، ويقول مؤسس دينهم حمزة بن علي: " إتبعوا كل أمة أقوى من أمتكم وحافظوا على داخل قلوبكم " ويتميزون بترابطهم الاجتماعي القوى، وخاصيتهم العسكرية، مثل أمين أبو عساف وفضل الله أبو منصور، وشوكت شقير، وعبدالكريم زهر الدين، وحمد عبيد وسليم حاطوم، وفهد الشاعر، وزيد الأطرش، وكان قائد الثورة السورية الكبرى سلطان الأطرش منهم، وكان عضواً في الكتلة الوطنية، وقد أنتسب قسم منهم للأحزاب الراديكالية خاصة القومي السوري والبعث، وقاموا بعدة انقلابات ضد صلاح جديد أهما ( حمد عبيد، فهد الشاعر، سلم حاطوم) ضد حكم صلاح جديد، لكن فشلت جميع هذه الانقلابات.
وبما أنهم يمتازون بالترابط العائلي ، فكان اعتقال أقارب سلطان الأطرش من قبل الشيشكلي في مدينة السويداء، قد أثارهم فعملوا لتخليص السجناء بالقوة، مما أدى إلى اصطدامهم مع قوى الأمن في ديسمبر 1953، فتدخل الجيش وقتل منهم حوالي 66 فرداً، ولجأ سلطان الأطرش للأردن، لذلك عمل دروز لبنان على التحالف مع قوى المعارضة السورية لإسقاط حكم الشيشكلي، وكان من أسباب معارضتهم للشيشكلي هو الخطأ الذي ارتكب حول عدد الطوائف في سوريا، فجعلت نسبتهم أقل من النسبة الحقيقية مما كان له تأثير سيء عليهم، وكانت انتفاضة فلاحيهم ضد آل الأطرش بسبب سيطرة آل الأطرش على المناصب السياسية في جبل العرب ودعم نظام القوتلي لها، مما حذا بآل الأطرش إلى دعم انقلاب حسني الزعيم عام 1949.
وما تزال نزعة الثأر متأصلة في نفوسهم كونهم قبائل عربية محافظة على عاداتها وتقاليدها، وهذا ما حذا برئيس الحرس القومي حمد عبيد إلى المشاركة في قمع عصيان حماه عام 1964، انتقاماً لحادثة جبل العرب التي اشترك فيها ضباط حمويون، ولكن كان هناك بعض المتعصبين من الدروز الذين عملوا عام 1955 على إنشاء ما سمي "بمنظمة الدروز الأحرار" ، لكن سلطان الأطرش انتقدها وعمل على تفكيكها من خلال أمراء ومشايخ الدروز كونهم يؤمنون بوحدة سوريا وبالوحدة العربية وبالاعتزاز بالإسلام وهذا ما أكده أمرائهم مثل شكيب وعادل أرسلان وسلطان الأطرش، فكان رفضهم لفصل جبل العرب عن الوطن الأم في عهد الانتداب الفرنسي أكبر دليل على إخلاصهم للوطن .
وقد عهد للأمير عادل أرسلان بتشكيل حكومة في عهد شكري القوتلي، كما وصل منهم لوزارة الدفاع كل من عبد الغفار الأطرش، وحمد عبيد، وإلى قيادة الأركان كل من شوكت شقير وعبدالكريم زهر الدين، وكان منهم أعضاء في مجلس العقداء في عهد الشيشكلي مثل شوكت شقير وأمين أبوعساف، وأعضاء في مجلس قيادة الثورة عام 1963 ومنهم شبيلي العيسمي، كما وصل حمود الشوني لرئاسة القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 1964، لكن تبقى النزعة الطائفية لها مجال خصب عندهم وهذا ما يفسر تدخلهم في النزاع الطائفي في لبنان، أعوام 1958- 1975- 1990، أيضاً اصطداماتهم مع البدو منذ الانتداب الفرنسي بسبب تدخلات السلطات الفرنسية في إثارة هذه النزاعات، كون تنظيماتهم وعلاقياتهم الاجتماعية وفق أعرافهم العشائرية مندمجة بالعلاقات العشائرية والدينية والشخصية .

(4) الإسماعيلية :
ظهر مذهبهم في القرن الثامن الميلادي، حيث لم يعترفوا بإمامة موسى الكاظم ابن جعفر الصادق وبذلك اختلفوا عن الشيعة الاثني عشرية، لذلك سموا بالشيعة، واهتموا بالرقم (7)، وقد تسموا بعدة تسميات منها الباطنية، والحرمية، الحشاشين، والقرامطة كانوا جزء منهم، ويدعون أن لكل شيء ظاهر وباطن، وقد صبغوا جميع الأديان والفلسفات بالصبغة الإسلامية على مذهبهم، مثل "رسائل إخوان الصفا وخلان الوفى" وقد أسس مذهبهم عبدالله المهدي الذي أسس الدولة الفاطمية حيث انطلقت دعوته في منطقة سلمية، وهي من أقضية حماه، وقد امتدت دولتهم لتشمل كل شمال أفريقيا والجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق -عدا بغداد-، وانقسموا إلى نزارية في الشام وإيران، ومستعلية في مصر، وقد اضطهدهم السلاجقة والأيوبيون بسبب تحالفهم مع الصليبيين، وإمامهم الحالي هو كريم آغاخان الرابع، لكن بعضهم لا يعترفون به على أساس أن الإمام مازال غائباً، وينتشرون في سوريا في السلمية والخوابي، والقدموس (الشيخ بدر)، ومصياف،
وقد عملوا على تقويض الدولة العباسية بدعايتهم ومن خلال منظماتهم السرية مستغلين الصراع الطبقي في المجتمع، كما يؤكد أحد دعاتهم وهو عارف تامر أنه كان لهم الدور الأكبر في تفتيت عرى العالم الإسلامي، كما أنهم تعاونوا مع الاستعمار وسهلوا له السيطرة على البلدان الإسلامية، ومعابدهم تسمى "جمعة خانا"، ويخضعون لشيخهم الأكبر الذي له وكلاء في كل منطقة، ولهم تنظيم خاص، ويتلون القرآن في مآتمهم، وقد كان منهم سامي الجندي الذي كان من الوحدويين الناصريين، كانت له لقاءات مع النظام المصري لأجل إسقاط نظام ناظم القدسي، وإقامة تنظيمات سرية من أجل ذلك، كما أن منهم من كان ضمن اللجنة العسكرية البعثية، التي تشكلت في عهد الوحدة مثل عبدالكريم الجندي وأحمد المير، والتي اشتركت في حركة 8 مارس 1963 رغم أن تأثيرها كان طفيفاً، إلا أنها زادت أهميتها بعد فشل الانقلاب الناصري بقيادة جاسم علوان في 18 يوليو 1963 ‘إلا أنها لم تستطع الاستمرار أكثر من يومين بسبب أنه كان من الناصريين الذين أصبح لا تأثير لهم في الجيش، -بعد فشل انقلاب جاسم علوان-، ورغم الروح الوطنية التي تمتع بها إلا أنه لم يستطع تغيير شيء من الطائفية التي اعتنقها صلاح جديد في فبراير 1966، حيث اشترك في هذا الانقلاب أحمد المير وعبدالكريم الجندي، وبالنسبة لأحمد المير فقد عين قائداً لقوات الجبهة، وإبان حرب يونيو 1967 انسحب من القتال دون معارك تذكر تاركاً الأسلحة كما هي، حيث استولت عليها إسرائيل بعد احتلالها للجولان، وقد رفع بعد ذلك من رتبة عقيد على رتبة عميد ، أما بالنسبة لعبدالكريم الجندي فقد عين قائداً للمكتب الثاني (المخابرات العسكرية) ، وقام بعمليات رهيبة في تعذيب المعتقلين السياسيين.

(5) الشيعة :
ظهروا بظهور الخلاف بين الإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ، وبين معاوية بن أبي سفيان في القرن السابع الميلادي، حيث قالوا بوجوب إمامة الإمام علي بن أبي طالب وأولاده من بعده، وأن ذلك منصوص عليه في القرآن والسنة، وعباداتهم لا تختلف عن أهل السنة، لكن لهم بعض المناسبات الخاصة بهم التي يحتفلون بها، ويقول حولهم ماكونالد، "إن الخلاف بين السنة والشيعة خلاف غير جوهري فهو حول العبادات والمعاملات لكن العقيدة واحدة", ويؤكد الباحث جولد تسيهر أن الشيعة أقرب إلى فقه الشافعية وإن الخلاف حول قضية الإمامة هو خلاف سياسي بحت لا يمت إلى العقيدة بأي صلة، وإن أصحاب الرسول محمد عليه الصلاة والسلام قد اختلفوا فيها، وحارب بعضهم بعضاً بسببها، كما يعتبرهم أحد علماء الأزهر الشريف أنهم المذهب الخامس، وهم مثل السنة يكفرون من يعتقد بتجسيم الخالق، كما أن إمامهم الإمام جعفر الصادق هو أستاذ الإمامين مالك بن أنس وأبي حنيفة النعمان، وقد أكد الإمام جعفر الصادق على ضرورة محاربة الحركات الهدامة التي تدعي الولاء لأهل البيت وتتقول عليهم بما ليس حق، بقوله: "لا تقبلوا علينا حديثاً إلا ما وافق القرآن والسنة ", وينتشرون في سوريا في عدة مناطق في حمص، وحماه وحلب ودمشق حيث لهم بعض الأحياء والقرى، ويتميزون بالولاء المطلق لمجتهديهم، وعلمائهم، ويعتبرون القضاء الحكومي غير شرعي، على أساس الحكم الشرعي، يصدره مرجعهم الأعلى، ولم يساهموا في الحياة السياسية أو يؤثروا عليها أو على الاستقرار السياسي فيها، لا سلباً ولا إيجاباً.
(6) اليزيدية:
يقولون بألوهية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، ومعتقداتهم مزيج من الرسالات السماوية والوثنية، ومعظمهم من الأكراد، ويمتهنون الرعي والزراعة، وينتشرون في جبال سنجار على الحدود العراقية السورية، وفي الجزيرة السورية، ويقدسون إبليس الذي يقولون عنه (طاووس ملك) باعتباره أحد الآلهة السبعة عندهم، كما أن لهم كتاب مقدس هو كتاب "الجلوة لأرباب الخلوة"، وكتاب "ومصحف رش"، و كتاب " الخلوة"، ويعتبرون أن نبيهم هو عدي بن مسافر، ولهم معبد يزورونه يضم رفات، ولهم أقارب في العراق كونهم عشائر موحدة معهم، وهم أقلية صغيرة جداً، لذلك فلا تأثير لهم على الحياة السياسية أو الاستقرار السياسي في سوريا كونهم يحبون الانعزال بشكل كبير، لكن أعطتهم السلطات السورية على الدوام حقوقهم كاملة، وإن كانوا يؤيدون الحزب الكردي (البارتي).
7- النور :
ويدعون كذلك بالقرباط أو الغجر، ولغتهم شبيهة بالهندية، ويشتهروا بالبخل الشديد والتخلف والجهل ، ويضرب بهم المثل في هذه الصفات، ومنهم الفقراء ومنهم الأغنياء، ومنهم من يأكل الجيف، ويسكن أكثرهم في بيوت من الشعر أو الطين، كما يمتهنون صناعات يدوية محتقرة من عامة الشعب مثل صناعة المناخل والغرابيل والطبول والدفوف، من شعر أذناب الخيل والدواب الميت، ويعبدون الإله سيدا، وليس لهم أماكن للعبادة، كما أنهم يسكنون على أطراف بعض المدن، وعددهم قليل جداً، وتشتغل نساؤهم في أحياء الأفراح والرقص والغناء ... ولهم انتشار في كثير من دول العالم، وهم منبوذون من معظم دول العالم كونهم يفضلون التسول و أحيانا الأعمال غير الشرعية على الأعمال الأخرى، وقد منحتهم السلطات في الآونة الأخيرة الجنسية السورية وقدمت لهم جوازات سفر، وأجبرتهم على أداء خدمة العلم، رغم أن الأنظمة قبل 16 نوفمبر 1970 لم تعترف بهم كسوريين، كونهم يتمايزون عن أفراد الشعب السوري بشكل كبير.
(8) المسيحيون :
يقسمون إلى أربعة عشرة طائفة مذهبية ، وقد زاد عددهم في سوريا بعد الحرب العالمية الأولى إلى الضعف، بسبب الاضطهاد التركي لمهاجريهم إلى سوريا، وخاصة الأرمن واليعاقبة، والنساطرة ، فرأوا كل الرعاية الشعبية السورية، وقد أدت الوحدة مع مصر إلى نزوح عددا كبيرا منهم من سوريا إلى لبنان فانخفضت نسبتهم من 14% إلى حوالي 9% , وكانت المذابح التي تعرضوا لها من قبل الدروز والبدو عام 1840، بسبب تدخلات خارجية أولاً، وأسباب مادية بحتة ثانياً عقب انتهاء الحملة المصرية على سوريا، كما أن اضطهاد قائد أركان الجيش العراقي بكر صدقي في عام 1933، للنساطرة والأثوريون جعلهم يهاجرون إلى سوريا، وقد شجعتهم السلطات الفرنسية على ذلك رغم أنهم من أصول سورية أصلية، من المناطق التي اغتصبتها تركيا من شمال سوريا، وقيامها بعمليات التطهير العرقي في تلك المناطق، وإن* كانوا في الماضي تحالفوا مع المغول، وأيدوا سقوط بغداد وكانت زوجة هولاكو وزوجة ابنه وزوجة حفيده منهم.
وقد رفضوا مسودة الدستور السوري عام 1950 (قبل تعديلها)، والتي كانت تدعو إلى أن دين الجمهورية السورية هو الإسلام، فعقدوا اجتماعاتهم وطالبوا بتعديل المادة التي تدعو لذلك، وقال مطران حماه ، أغناطيوس حريكة في ذلك: " إننا كثيراً ما كنا نعلن للأجنبي أن لا أقلية في البلاد إلا أقلية الخونة والمارقين، فماذا نقول لهم غداً وقد وجدوا في صلب دستورنا مادة تسجل علينا نحن النصارى أقلية؟ "، مما حذا بالبرلمان إلى تعديلها على الفور، حيث قرر بأن يكون دين رئيس الجمهورية هو الإسلام والفقه الإسلامي المصدر الرئيسي للتشريع، وحرية الاعتقاد مصونة، والدولة تحترم جميع الأديان السماوية .
ولهم تاريخ مشرف في الجهاد مع المسلمين ضد أعداد الأمة ، فاشتركوا مع صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين، وفي النضال ضد الانتداب الفرنسي، وقدموا الشهداء، فكان منهم جول جمال الذي حاول تدمير إحدى البوارج الفرنسية خلال حرب السويس عام 1956، لكنه استشهد قبل وصوله إليها، ومنهم أنطون سعادة زعيم الحزب القومي السوري، وميخائيل إليان زعيم الحزب الوطني في حلب والذي ضحى بكل أمواله لأجل وحدة سوريا والعراق، ومنهم نعيم انطاكي وفارس الخوري وكثيرين غيرهم من رموز الوطنية والفداء من أجل الأمة، ويحبون الانصراف للتجارة، والأعمال الاقتصادية والمهن الحرة، وقد قاوموا تفتيت سوريا إلى دويلات عديدة، كما قاوموا فكرة إنشاء لبنان الكبير، مؤكدين على الوحدة الوطنية مع بقية أبناء الشعب السوري، وقد ندد وجهاء الأرمن بالسلطات الفرنسية لاستخدامها أبناءهم ضد الشعب السوري، وأبرقوا إلى المفوضية الفرنسية العليا في بيروت يرجون فيها بعدم استخدام أبناءهم مع سلطات الانتداب، بسبب ما لاقوه من عطف إنساني من الشعب السوري، كما وقفوا موقفاً مشرفاً مع المسلمين ضد ضم لواء الإسكندرونة إلى تركيا، ففتحوا كنائسهم للمسلمين ليصلوا فيها بعد أن منعهم الأتراك من الصلاة في المساجد- إبان وجود اللجنة الدولية المنتدبة من عصبة الأمم خوفاً من التجمع والتظاهر أمامها، لأجل لواء الإسكندرونة-.
وتعتبر سوريا هي موطن المسيحية الأصلي ومنها انطلقت المسيحية لتنشر تعاليمها الدينية السمحاء، كما أن اللغة الآرامية هي التي تكلم بها السيد المسيح عليه السلام ، وتعتبر الآرامية هي أصل السريانية التي تفرعت عنها العبرية والعربية، كما أنهم حاربوا مع المسلمين في اليرموك، وأهم طوائفهم الـ 14 هي اليونان الأرثوذكس،و اليعاقبة، والروم الأرثوذكس ، والأرمن الكاثوليك، والأرمن الأرثوذكس، والنساطرة، و المارون .. الخ، الأقليات العرقية منهم مثل الأرمن ومدارسهم الخاصة بلغتهم الخاصة، كما أن لهم إصداراتهم الثقافية في مناطقهم، ويتركزون في حلب والقليل في دمشق، وكان يحق لهم الإنضمام إلى الأحزاب الدينية الإسلامية مثل الإخوان المسلمين والترشح باسمهم، مثل رزق الله انطاكي الذي رشح نفسه ضمن قائمة الإخوان المسلمين في حلب, وبسبب مساوئ حكم الوحدة، وتدني شأنهم خلالها أيدوا انقلاب عبدالكريم النحلاوي، ووقعوا على وثيقة الانفصال ، واعتبروها ثورة الوحدة الوطنية في سوريا ضد الانحراف والفساد في عهد الوحدة ، وما يؤكد على الوحدة الوطنية في سوريا ضد الانحراف الإلحادي أنه في الانتخابات البرلمانية عام 1954، أعطت المناطق المسيحية في دمشق أكثر أصواتها لزعيم حزب الإخوان المسلمين الدكتور مصطفى السباعي، وصرح مطران المسيحية بذلك جهارة، كما أكد رئيس الوزراء فارس الخوري الذي يعتبر حفيد أقدم بروتستاتي سوري يومئذ بقوله: " يمكن تطبيق الإسلام كنظام، دون الحاجة للإعلان عن أنه إسلام، ولا يمكننا مكافحة الشيوعية، مكافحة جدية إلا بالإسلام، ولو خيرت بين الإسلام والشيوعية لاخترت الإسلام ", وأوصى قبل وفاته بأن تقرأ آيات من القرآن والإنجيل على جثمانه، فكانت العروبة والإيمان بها قد جعله يصل إلى أعلى المناصب في سوريا من رئاسة البرلمان عدة مرات والحكومة عدة مرات، وكذلك ابنه سهيل الخوري، لأنهم آمنوا بالوحدة العربية وبوحدة الشعب السوري والعربي, لذلك فالمسيحيون عامل استقرار سياسي وليس عامل عدم استقرار لأنهم من صلب النسيج السوري وركناً أساسياً من أركانها.

9- اليهود :
كان العرب واليهود قبل احتلال فلسطين عام 1948 يعيشون في إخاء وسلام فيما بينهم، حتى أنه كانت عندهم عادة متبعة في أنحاء سوريا هي أن الأولاد الذين يولدون في نفس اليوم يصبحون أخوة فيما بينهم بغض النظر عن ديانتهم، وقد شاركوا في النضال الوطني ضد الانتداب الفرنسي مع بقية فئات الشعب السوري ، ويؤمن العرب واليهود أنهم من أصول سامية واحدة وأن جدهم الأكبر هو إبراهيم الخليل، وقد رفض يهود سوريا التسلط الصهيوني عام 1948، وتبرع يهود المغرب بدمائهم لصالح جرحى حرب1967 من العرب، وكان لهم ممثل واحد في البرلمان عن دمشق، وآخر عن حلب، عام 1947، وقد حصل يوسف لينادو عام 1936 على أعلى الأصوات في دمشق، ويتميزون عن بقية شعوب العالم بأنهم لا يذوبون أو ينصهرون مع أي مجتمع، ففي المجتمع الأمريكي على سبيل المثال ذابت كل القوميات إلا قوميتهم، لأن القومية والدين عندهم شيئاً واحداً ، وفي ذلك يقول ديفيد غوريون : " إن اليهودي يختلف عن الآخرين ، في أنه قد يكون ملحداً ولكنه يظل مع ذلك يهودياً", ويتوزعون في سوريا على عدة طوائف هي( الحخاميون ، القراؤون، السامريون) وقد انتشر بينهم حزب شهود يهوه ،لكن بعد مجيء الصهاينة من أوربا عملوا على قطع صلات الأخوة بين العرب واليهود، كما ساهمت جهات خارجية في تشويه اللحمة الوطنية بينهم وبين العرب من خلال بعض الأعمال الإرهابية ضدهم في دمشق وحلب من خلال منظمة الفداء العربي التي تمولها السعودية ومصر ، لكن وقف رجال دينهم موقفاً مشرفاً عندما أيدوا الحكومة ورجالاتها واعتبروا هذه الأعمال ضدهم لا علاقة للشعب السوري فيها.
المراجع
• غسان سلامة، "المجتمع والدولة في المشرق العربي"، ط2، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1999
• نيقولاس فان دام الصراع على السلطة في سوريا: الطائفية والإقليمية والعشائرية في السياسة 1961-1995"، ط2، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1995).
• محمد جابر الأنصاري، "تكوين العرب السياسي ومغزى الدولة القطرية"، ط2، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1995
• تقي شرف الدين، "النصيرية"، دراسة "النصيرية: دراسة تحليلية"، (بيروت،د د ن، 1983).
• أندرو راثمل، "الصراع السري على سوريا 1947-1961"، ترجمة: محمد نجار، (عمان: الأهلية للنشر والتوزيع، 1997).
• يوسف الحكيم، "سوريا والعهد العثماني"، ط2، بيروت، دار النهار للنشر، 1980
• حبيب عيسى، "السقوط الأخير للاقليميين في الوطن العربي"، بيروت، دار المسيرة، 1978،
• حامد حسن، "صالح العلي ثائراً وشاعراً"، دمشق، منشورات دار الثقافة، 1973،
• نيفين عبدالمنعم مسعد، "الأقليات والاستقرار السياسي في الوطن العربي"، (القاهرة: مركز البحوث والدراسات السياسية في جامعة القاهرة، 1988).
• موشيه ماعوز، "سوريا وإسرائيل : من الحرب إلى صناعة السلام"، ترجمة لينا وهيب، عمان، دار الجليل للنشر
• هنري لورانس، "اللعبة الكبرى : المشرق العربي والأطماع الدولية"، ط2، بنغازي، دار الكتب الوطنية، 1993،
• أمين أسبر، تطور النظم السياسية في الشرق الأوسط"، (القاهرة: مكتبة نهضة الشرق، 1984).
• صلاح الدين المنجد، "مدينة دمشق"، بيروت ، دار الكتب الجديدة، 1967
• عبدالفتاح رواس قلعة جي، "حلب القديمة والحديثة"، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1989).
• علي الطنطاوي، "دمشق صور من جمالها وعبر من نضالها"، دمشق، بيروت، -مؤسسة الرسالة – 1989.
• بشير فنصه، مصدر "النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا"، (دمشق: دار يعرب، 1996).
• صلاح العقاد، "المشرق العربي 1985-1958: العراق، سوريا، لبنان"، (القاهرة: معهد البحوث والدراسات العربية ومطبعة الرسالة، 1966).
• باتريك سيل، "الصراع على سوريا: دراسة للسياسة العربية 1945 – 1958"، ترجمة: سمير عبده ومحمود فلاحة، (بيروت: دار الكلمة للنشر، 1980).
• أكرم الحوراني، "مذكرات أكرم الحوراني"، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).
• حامد حسن"صالح العلي ثائراً وشاعراً"، (دمشق: منشورات دار الثقافة، 1973 بمصر، 1960).
• محمد سهيل العشي، "فجر الاستقلال في سوريا: منعطف خطير في تاريخها"، (بيروت: دار النفائس، 1999).
• شاهد على العصر، أمين الحافظ http://www.Aljazeera.net
• سمير عبده، "المسيحيون السوريون خلال ألفي عام"، دمشق، دار علاء الدين للنشر والتوزيع والترجمة 2000
• صلاح بدر الدين، "الحركة القومية الكردية في سوريا"، بيروت، رابطة كا وا للثقافة الكردية، 2003
• ناجي أبي عاد وميشيل جريتون، "النزاع وعدم الإستقرار في الشرق الأوسط"، ترجمة : محمد نجار، (عمان : الأهلية للنشر والتوزيع، 1999).
• سمير عبده، "، "حدث ذات مرة في سوريا"، (دمشق: منشورات دار علاء الدين، 2000).
• عزيز الحاج، "القضية الكردية في العشرينات"، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984،
• بيير بوداغوفا، "مستقبل الشرق الأوسط"، ترجمة نجدة هاجر وسعيد الغز، بيروت، المكتبة التجارية للطباعة والتوزيع والنشر، 1959،
• محمد طلب هلال، "دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية (وثيقة)، (بيروت: دار كاوا للنشر والتوزيع، 2001)،
• أسعد الكوراني، "ذكرات وخواطر مما رأيت وسمعت وفعلت"، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).
• سعد جمعة، "مجتمع الكراهية"، (عمان، الأهلية للنشر والتوزيع والإعلان، 2000).
• محمد الغزالي، "حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي"، (القاهرة: دار نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع، 1998).
• محمود إسماعيل، "فرق الشيعة بين التفكير السياسي والنفي الديني"، (القاهرة: سينا للنشر، 1995).
• أنظر وجيه كوثراني، "بلاد الشام: السكان، الاقتصاد والسياسة الفرنسية في القرن العشرين"، (طرابلس: معهد الإنماء العربي، 1980).
• محمد كامل حسين، "طائفة الدروز: تاريخها وعقائدها"، ط2، القاهرة، دار المعارف بمصر، 1966،
• أمين طليع، "أصل الموحدين الدروز"، ط2، 1981، بيروت، دار عويدات، راجعة وقدم له شيخ عقل الدروز الشيخ محمد أبو شقرا
• هنري لورانس "اللعبة الكبرى: المشرق العربي والأطماع الدولية"، ط2، (بنغازي: دار الكتب الوطنية، 1993).
• بيير بوداغوفا "الصراع في سوريا 1945، 1966"، ترجمة ماجد علاء الدين وأنيس المتني، (دمشق: دار المعرفة، 1987).
• عادل أرسلان، "مذكرات الأمير عادل أرسلان"، (بيروت: دار الكتاب الجديد، 1964).
• باتريك سيل، "مذكرات الأمير عادل أرسلان"، (بيروت: دار الكتاب الجديد، 1964).
• بيير روندو، "مستقبل الشرق الأوسط"، ترجمة نجدة هاجر وسعيد الغز، (بيروت: المكتب التجاري للطباعة والتوزيع والنشر، 1959).
• فارس قاسم الحناوي، "صراع بين الحرية والاستبداد"،(دمشق: دار علاء الدين، 2000).
• أيضاً، يوسف الحكيم، "سوريا والعهد الفيصلي"، ط2، (بيروت: دار النهار للنشر، 1980).
• مصطفى غالب سنان، "راشد الدين: شيخ الجبل الثالث"، بيروت، دار اليقظة العربية، ودار منشورات حمد، 1967،
• شاهد على العصر، أمين الحافظ، http://www. Aljazeera . net
• حسين عبدالواحد، "عبدة الشيطان على ضفاف النيل"، القاهرة، مركز الحضارة العربية، 1997،
• عبدالفتاح رواس قلعة جي، "حلب القديمة والحديثة"، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1989،
• أديث وائي، إيف، بينروز،"العراق: دراسة في علاقات الخارجية وتطوراته الداخلية1915 – 1975"، ترجمة: عبدالمجيد حسيب القيسي، (بيروت: دار الملتقى، 1989).
• السيد البار العريني، "المغول"، بيروت، دار النهضة العربية للطباعة والنشر، 1981،
• محمود رياض، "مذكرات محمود رياض"، جزأين، (القاهرة: دار المستقبل العربي، 1986).
• نبيل خوري، "آخر النهار"، لندن، رياض الريس للكتب والنشر، 1998
• ديفيد بولدرستون، "طريق من دمشق"، ترجمة واصف الطاهر، القاهرة، دار الآفاق ا لعربية،
• محمد طلب هلال، "دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية والاجتماعية والسياسية (وثيقة)، (بيروت: دار كاوا للنشر والتوزيع، 2001).






#عزو_محمد_عبد_القادر_ناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي
- انقلابات عسكرية هزت استقرار سوريا
- عدم الاستقرار الحكومي ( الوزاري ) في سوريا
- العوامل الخارجية المؤثرة على الاستقرار السياسي
- انقلابات عسكرية فاشلة لكنها أدت لعدم استقرار سياسي في سوريا
- الصراع البريطاني الأيرلندي على أيرلندا الشمالية بين عامي 198 ...
- السيرة الذاتية لحكام السودان منذ المهدية حتى الآن
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- أثر التمايز الاجتماعي في عدم الاستقرار السياسي في الدولة( ال ...
- مفهوم عدم الاستقرار السياسي
- دور الجيش في عدم الاستقرار السياسي في الدولة
- علاقة صندوق النقد الدولي بالمؤساسات الاقتصادية الدولية
- الفقر فى أفريقيا: أبعاده والإستراتيجيات الموضوعة لإختزاله (ا ...
- من أجل وحدة الوطنية و استقرار السياسي


المزيد.....




- نقل الغنائم العسكرية الغربية إلى موسكو لإظهارها أثناء المعرض ...
- أمنستي: إسرائيل تنتهك القانون الدولي
- الضفة الغربية.. مزيد من القتل والاقتحام
- غالانت يتحدث عن نجاحات -مثيرة- للجيش الإسرائيلي في مواجهة حز ...
- -حزب الله- يعلن تنفيذ 5 عمليات نوعية ضد الجيش الإسرائيلي
- قطاع غزة.. مئات الجثث تحت الأنقاض
- ألاسكا.. طيار يبلغ عن حريق على متن طائرة كانت تحمل وقودا قب ...
- حزب الله: قصفنا مواقع بالمنطقة الحدودية
- إعلام كرواتي: يجب على أوكرانيا أن تستعد للأسوأ
- سوريا.. مرسوم بإحداث وزارة إعلام جديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزو محمد عبد القادر ناجي - الطائفية والعرقية ودورهما في عدم الاستقرار السياسي في سوريا