أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - عماد الدين رائف - الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 1 - 6















المزيد.....


الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 1 - 6


عماد الدين رائف

الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 06:09
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    


في نشأة الحركة المطلبية للأشخاص المعوقين في لبنان.. كم هي صعبة ومعقدة لملمة البدايات في عملية التأريخ للحركة المطلبية الحقوقية، ويعود ذلك إلى سببين رئيسين. الأول، أن هذه الحركة، التي سرعان ما تمثلت في اتحاد المقعدين اللبنانيين انطلقت من الشارع، من الأرصفة والمعامل والمشاغل.. انطلقت من الناس الفقراء البسطاء الذين أحسوا في لحظة تاريخية أن عليهم أن يفعلوا شيئا لتحقيق آمالهم، والمطالبة بحقوقهم. لم ينطلق الاتحاد من فائض رصيد هذا الزعيم أو ذاك، ليتسلى هو أو أحد أقربائه بالتعرف إلى تفاصيل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أوقات الفراغ. تأسس الاتحاد من جهود أولئك العظماء الذين شقوا الطريق أمام المطالبين بحقوقهم كمعوقين، أولاً، وبحقوق المعوقين الآخرين على أرض هذا الوطن.
السبب الثاني، هو الديمقراطية الحقيقية الشفافة التي مورست خلال 25 سنة، منذ التأسيس، فتغيرت وجوه كثيرة، غير تلك التي غيبها الموت، في بيروت والمناطق، وسافر كثيرون خارج حدود الوطن، وتغيرت عناوينهم. وإذا كان يسهل على "أصحاب" بعض الجمعيات أن يتكلموا ما يناسبهم عن تاريخها، فإن هذه الجمعية التي تبنت الاحتكام إلى الديمقراطية، ورأي الهيئة العامة، ينبغي البحث الجدي، ومقارنة ذكريات الكثيرين فيها، قبل تدوين أي حادثة.

من البدايات
يعتبر الاتصال الهاتفي الذي أجراه ذو الفقار عبد الله، وتواصل من خلاله مع د. رامز حجّار، إحدى هذه البدايات. أتى الاتصال الهاتفي بعد حلقة تلفزيونية بثت على الهواء، في كانون الأول 1980، بمناسبة التحضير للسنة العالمية للمعوقين، أي 1981، ضمت الحلقة كلاً من أمل إبراهيم ومؤنس عبد الوهاب (من المكفوفين) ود. أنطوان جنانجي، ود. رامز حجار (من المقعدين). عرض د. حجار أفكاره على الهواء يومها. تلك الأفكار حول جمع المعوقين فيما يشبه النقابة للمطالبة بحقوقهم، أعجبت ذو الفقار وزميله في العمل عبد العزيز الشعار، فبادر إلى التواصل مع د. حجار، ولم يمض وقت طويل قبل اجتماعهما به في غرفته في مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت، حيث يعمل.
كما هو معتاد، كانت المؤسسات الرعائية تقوم بجمع المعوقين تحت سقفها، وتتكلم باسمهم، وفي المقابل أتى تحرك ذو الفقار وعبد العزيز، عاملا مطبعة، نحو الشارع، كمعوقين أحرار، وذلك لاستقطاب أولئك الذين يرونهم يومياً في المشاغل والمعامل وعلى الطرقات. في هذه الأثناء كان د. حجار على تواصل دائم مع كلٍ من حسن البساط، باسم حمدان، جان حرب، إيلي يونس، إيلي مراد، بيار ناصيف، د. جنانجي، وآخرين. بدأت المجموعة تكبر، وكان الاجتماع الأسبوعي على كورنيش المنارة، تجاه عمود الجامعة الأمريكية، قد بدأ يضم وجوها جديدة من المعوقين، ككريم الجوهري، زياد زين، محمد متيرك، سعاد سوبرة، يوسف ماجد، جهاد اسماعيل، علي الفقيه، إيمان سنّو، نمرة يتيم، وموسى خفاجة.

نحو الـ "علم وخبر"
وضع د. حجار، حسن البساط، وباسم حمدان، النظامين الداخلي والأساسي للجمعية، وتقدموا بطلب للحصول على "علم وخبر"، لكن الرخص كانت متوقفة عن الصدور في العام 1981. استغل د. حجار وجود وزير العمل د. عبد الرحمان اللبان في الجامعة الأمريكية، لإجراء عملية جراحية، وتواصل مع زميله – ابن أخ الوزير – فحصل على رخصة للاتحاد في 26 تشرين الأول 1981.
كانت الفكرة منذ البداية، أن تختص الجمعية بالمقعدين (المعوقين حركيا)، على أن يستقل أصحاب كل إعاقة بجمعية لهم. وقد توافق كل من حسن، باسم، ود. حجار على ذلك، وأسموا الجمعية بـ "اتحاد المقعدين اللبنانيين"؛ ضامة من الأشخاص من لديهم شلل أطفال، إصابات حرب، شلل رباعي، ثلاثي، نصفي، سفلي، وكذلك إعاقات الأطراف العليا. حتى نهاية العام 1981 كانت اجتماعات الهيئة التأسيسية تنعقد في غرفة د. حجار، أما الهئية العامة فكانت تلتقي على كورنيش المنارة.

جمعية بلا مركز
كان مالك خوري، مدير كلوب هاوس التابع لوزارة السياحة، قد عرض على صديقه الاتحادي يوسف ماجد، أن يستضيف النادي الاجتماعات الأسبوعية للجمعية، وبعد فترة قام ببناء منحدر يناسب أصحاب الكراسي المدولبة، ويسجل لخوري كذلك البدء بإنشاء شبكة علاقات سخرها في خدمة الجمعية الفتية، ومدَّ علاقات مع جمعيات أخرى. استمرت الاجتماعات الأسبوعية في الكلوب هاوس، إذ وجده الاتحاديون مناسباً، حتى بعد تحويل تبعيته إلى وزارة العمل، وعدم السماح للاتحاديين بدخوله، افترش الاتحاديون الباحة المحيطة به وكانت اجتماعاتهم تتم في الهواء الطلق على أوراق الجرائد.
جرت محاولات عديدة للحصول على مركز دائم للجمعية، وأتت مبادرة د. سليم الحص، الذي قدّم شقة في منطقة دوحة عرمون، وقام بتجهيزها من خلال مستشاره سمير منصور. لكن الذي حصل أن المنطقة قصفت قبل أيام من التسليم في 04 حزيران 1982، مع اليوم الأول للاجتياح الإسرائيلي.
انصبت الجهود كذلك على تأمين قروض مهنية صغيرة للاتحاديين من أصحاب الحرف، شرط أن يشتري الاتحاد العدة والمستلزمات، وأن يقسط صاحب القرض المبلغ. وكان الاهتمام حينها موجها إلى الأشغال اليدوية، النجارة، ولف الموتيرات. ويسجل للداعمين الأوائل في تلك الفترة، إلى جانب د. الحص، مالك خوري، أنطوانيت قازان، جهود الاتحادي المرحوم الحاج نبيه دندن (أبو رياض)، الذي تم من خلاله التعرف إلى المحامي الأستاذ أسعد بكّار، فانتقل الاتحاد إلى مكتبه في بناية "الريفييرا سنتر"، على كورنيش المزرعة.

مكتب الريفييرا سنتر
كان الطابق الرابع في الريفييرا سنتر كخلية نحل، أما في فترات انقطاع التيار الكهربائي، فقد عقدت الاجتماعات والأنشطة خارج المبنى، في كاراج السيارات وعلى الأرصفة. أمن الاستقرار المكاني فرصة لمتابعة كثير من المعاملات مع الوزارات، والتكفل بتغطية فرق ما تدفعه وزارة الصحة للطبابة والاستشفاء. وكان للدكتور هشام بارودي تعاون دؤوب في مناصرته لقضية المعوقين، منذ البداية. وكذلك أمنت جمعية النجدة الشعبية صيدلية للاتحاد في المبنى، وصارت تمدها بمستلزمات ومواد طبية غالبا ما يحتاجها المقعدون. استصلح الاتحاديون جزءاً من سطح المبنى كمشغل لصيانة الكراسي المدولبة والعكازات، عمل تحت إشراف الحاج دندن مرادفا لمشغل الأوزاعي، الذي كانت له نفس المهام.
انطلق الاتحاديون من مكتب الريفييرا سنتر للمشاركة في في اللقاءات والندوات في بيروت والمناطق، وقدموا بعض المشاريع لمنظمات دولية. لكنهم لم يكن لديهم القدرة المادية الكافية للاحتفاظ بتلك المشاريع. من الناشطين في تلك الفترة (1984-1986): المرحوم محمد علي حرب، عدنان أوزا، عبد الله بحلق، أمين إبراهيم، بدرية الأسطة، حسين جبر، فاطمة دعبول، إيمان صعب. ومن المشاريع: مشغل منطقة الأوزاعي، مشغل المريجة بالتعاون مع الصليب الأحمر، مشروع حفر على الخشب مع مؤسسة عامل، معارض القاعة الزجاجية التابعة لوزارة السياحة في منطقة الحمراء. ومن المشاريع التي استمرت لفترة، وأثمرت، مشروع "دمج الطفل المعوق بغير المعوق"، والذي عمل عليه الاتحاديان حنان قدوح وعزات عز الدين، بمشاركة الصليب الأحمر في الضاحية الجنوبية لبيروت؛ وحسن البساط وسيلفانا اللقيس في مركز صيدا.

كسر الحواجز
تجاوز الاتحاد مسألة الحواجز الفاصلة بين البيروتين (الشرقية والغربية) أثناء فترة الحرب الأهلية، فبالعمل الدؤوب مع الأب غريغوار حداد، وبمشاركة جمعيات المكفوفين، وجمعية العمل الاجتماعي، انطلق الاتحاد في عمله المطلبي ممثلاً الجانب الشرقي من المدينة المقسمة. وطالما أن التقسيم قد زال بين المعوقين، إذ انه لا طائفة للإعاقة، فلماذا لا يتم التحرك لإسقاط التقسيم الوهمي بين اللبنانيين؟
انطلقت، من أمام مبنى الريفييرا سنتر، مسيرة اتحاد المقعدين اللبنانيين نحو اللجنة الأمنية في منطقة المتحف، بالتنسيق مع لور مغيزل وجمعيات اللاعنف، وكانت منطقة المتحف خطا للتماس بين البيروتين، وكانت الفكرة أن يحمل الاتحاديون من كل المناطق (بيروت، البقاع، والجنوب) زنبقة بيضاء للمتقاتلين. وعند عودة المتظاهرين اندلعت الشرارة الأولى لما عرف بمعركة العلم، فتدافع الاتحاديون نحو مقرهم، ليحاصروا فيه لمدة ثلاثة أيام متتالية، قضاها الاتحاديون في سهرات غنائية، بينما كان المتقاتلون يحرقون مناطق عائشة بكار، فردان، الكولا، حتى البربير بقذائفهم. ومن هناك، على درج الريفييرا سنتر، ولدت فكرة المسيرة الثانية، مسيرة كبرى تجمع المعوقين من حلبا حتى صور.
بعد أشهر من المسيرة الأولى بدات تناقش فكرة المسيرة الثانية، التي سميت لاحقا بمسيرة اللاعنف، بالمشاركة مع كثير جمعيات المجتمع المدني، وأقيمت ورش عمل كبيرة، أثمرت جهود الجمعيات الأهلية الموحدة تحت شعار نبذ العنف، عام 1987، تلك المسيرة التي قطعت حوالي 200 كلم من الحواجز والأحزاب والفصائل والمنظمات المتناحرة، حاملة الأمل بلبنان أفضل.

من الفان إلى مركز حمد
ترك الاتحاديون مكتب الريفيرا سنتر، وصاروا من جديد بلا مركز في بيروت. وهكذا تمت الاجتماعات بمعظمها سنة 1986، على الأرصفة، وانطلقت الأنشطة من أمام الريفييرا سنتر، إذ كانت الاجتماعات تتم في كاراج البنانية، وأمام المدخل. ثم اشترى الاتحاديون فانا، جعلوه مركزا ثابتا لهم، في منطقة عائشة بكار، وكانت بعض الاجتماعات تتم في غرفة بدرية الأسطة، وفي منزل ذو الفقار عبدالله. ومن الفان انطلقت أنشطة الاتحاد ومشاريعه، وكذلك إطلالته الكبيرة على المجتمع من خلال ندوة الزواج والإعاقة أواخر سنة 1987.
أواخر العام 1988، وبفضل داعمين كثيرين، يذكر منهم، الصندوق الدولي لتأهيل الموعوقين، اتحاد غوث الأولاد، المساعدات الشعبية النروجية، المهندس عبد الرؤوف علوية، وآخرون، استطاع الاتحاديون أن يشتروا عقارا في بيروت، في محلة حمد. وهكذا بعد ثماني سنوات من التنقل من مكان إلى آخر، صار للاتحاد مركز تنطلق منه الأنشطة والمشاركات. عمل الاتحاديون بجهد كبير لاستصلاح هذا العقار وترميمه، وتجهيزه، وشراء المستلزمات.

كان عمل الاتحاد في المرحلة الأولى (1981-1989) يقتصر على المساعدات والإغاثة خلال الحرب، والتنمية المجتمعية، لأنها كانت حاجة أساسية، ولم تكن المستلزمات الطبية متوفرة لدى الجهات الرسمية. رغم أن رسالة الاتحاد بالأساس حقوقية مطلبية، إنما في تلك السنين، لم يكن للدولة دوراً يذكر، ولا أي عمل فاعل للوزارات لتطالب باستحداث قوانين خاصة بأصحاب الحاجة الإضافية. فكان الاتحاديون يهيئون أنفسهم من خلال البرامج الخدماتية، وانضمام عدد أكبر من أصحاب الحاجات الإضافية الى عائلة الاتحاد، ومن خلال التواصل مع جمعيات حقوقية أخرى، ونشر ثقافة الدمج. في تلك الفترة كانوا يبحثون عن قوانين دولية خاصة بالإعاقة استعداداً لتحضير مشروع قانون لبناني خاص بالاعاقة، والذي هو أصلاً علة وجود اتحاد المقعدين اللبنانيين.
فرع البقاع.. رئة الاتحاد وعطاؤه الزاهر

التأسيس
أثمر تحرك هند حرب في البقاع الأوسط بعد فترة قصيرة من ترددها الدائم الى بيروت. ففي 1984، كان الاجتماع الأول في بيتها الذي ضم كل من فايز عكاشة، محمود الرفاعي، عمر نصير وأمية رقية. تمثل الهدف الأول في استقطاب أكبر عدد ممكن من المعوقين حركياً. في الاجتماع حصل الحاضرون على النظام الداخلي للاتحاد، واتفقوا على أن يكون الاجتماع دوّاراً كل مرة في بيت واحد منهم. البقاع اللبناني في تلك الفترة، كان مقسوماً إلى شطرين بسبب الأحتلال الإسرائيلي، مما دفع أمية رقية إلى العمل تحت الإحتلال، فكان تحركها تجاه منطقة القرعون، بمساعدة كل من أحمد عبد اللطيف عيسى، عامر صبحي سليمان. بينما كان جهد بقية الاتحاديين منصباً على البقاع الأوسط. كان الهاجس الأول بعد أن تنامى عدد الاتحاديين هو إيجاد مركز للاتحاد في البقاع، فأجرى الاتحاديون الكثير من الاتصالات مع الجمعيات الرياضية والاجتماعية، حتى استضاف الاجتماعات "نادي الوحدة الرياضي" في بلدة المرج، فصاروا يداومون في غرفة من غرف النادي، ثم تحركوا نحو إيجاد وسيلة نقل للاتحاد، فنجحت الاتصالات، إذ أن مؤسسة الحريري قدمت سيارة مناسبة. العلاقة جيدة مع رئيس النادي، التي أمنت مكاناً ملائماً لتواجد الأشخاص المعوقين، وكذلك وسيلة النقل المناسبة، جعلت نشاطات الفرع تنمو بسرعة، حتى أن اجتماعات الهيئة العامة غدت شهرية سنة 1985، وصار المعوقون حركياً يتوجهون الى مركز الاتحاد بهدف التعرف على الجمعية والانخراط فيها.

نظم فرع الاتحاد في تلك الفترة، كثيراًً من الأنشطة الترفيهية فكانت رحلات تضم معوقين وغير معوقين إلى رأس العين وعين بركة، إلاّ أن النشاط الأبرز كان بالتعاون مع وزارة الصحة من خلال الحملة الوطنية لمكافحة شلل الأطفال. أثناء الحملة تم تأمين اللقاحات من بيروت وأمن فرع البقاع طاقماً طبياً متطوعاً. وكان التلقيح يتم في مركز الاتحاد وكذلك في المدارس حيث كان الفريق ينتقل من مدرسة إلى أخرى حاملاً معداته في سيارة الاتحاد، وكذلك تم تنظيم دورة للتصوير، سنة 1986، بإشراف المصور الفوتوغرافي حبيب زيادي.
نجح الاتحاديون في استثمار ذكرى تأسيس الاتحاد التي تصادف 26 تشرين الأول، فأقاموا كل سنة حفلاً بالمناسبة دعوا إليه الأصدقاء والمتمولين لدعم مسيرة الاتحاد مالياً، وكذلك كانت التبرعات تزداد في شهر رمضان. لكن دعماً لا يقل أهمية من الدعم المالي أتى من مركز عمر المختار. حيث أمنت جمعية التنمية الاجتماعية والثقافية عبر هذا المركز، قاعة لاجتماعات الهيئة العامة، إقامة النشاطات من جهة، وكذلك وسائل نقل كبيرة مع سائقين. ومن الناشطين في تلك الفترة، بالإضافة إلى من ذكر: المرحوم اسماعيل البستاني، ناجي البستاني، أحمد ساطي، بشير واكد، يحيى قسماس، مريم زعرور، عامر عامر، وآخرون.
بقي مركز الاتحاد في إحدى غرف نادي الوحدة حتى 1987 عندما إرتأت إدارة النادي استحداث مستوصف فيه. انتقل مركزالاتحاد جنوباً الى بلدة غزة البقاعية، حيث يقطن اثنان من ناشطي الاتحاد، نديم المجذوب وسليم أبو جخ، كان المكان متواضعا يتألف من غرفتين. وزع الاتحاديون المساعدات القادمة من بيروت أثناء تلك الفترة، وكذلك تم توزيع أجهزة الإعاقة التعويضية، ومواد غذائية على المحتاجين اليها. في مركز غزة الصغير أقام الاتحاد عدة دورات للأشغال اليدوية، وتمت عدة إجتماعات للهيئة العامة للفرع، لم تكن الغرفتان تتسعان للمجموعة التي زادت بشكل كبير بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من قرى البقاع الغربي. إذ أن جهود أمية رقية والنشطين هناك، قد أثمرت كثيراً في استقطاب عدد كبير من المعوقين، ضمتهم إلى صفوف الاتحاد تحت الإحتلال الإسرائيلي.
كانت فكرة نقل المركز إلى المدينة قد نضجت لدى الاتحاديين، فانتقل فرع البقاع الى مدينة شتورة، حيث وجدوا بيتاً مناسباً في بلدة جديتا، لكن أنشطة الاتحاد كانت منصبة في تلك الفترة (1989- 1991) نحو البقاع الغربي، فكان لابد من إيجاد نقطة وسطاً بين الاتحاديين لصعوبة التحرك. فاضطرت الإدارة إلى نقل المركز إلى برالياس، حيث ما يزال المركز قائماً حتى اليوم.

عاصمة الجنوب.. ذروة النشاط التنموي

برامج وأنشطة 1981-1989
اقتصرت برامج الاتحاد بمعظمها، في مرحلته الأولى، على التنمية المجتمعية، من خلال التوعية والإغاثة في فترة الحرب الأهلية، كونها كانت حاجة أساسية. فلم تكن المستلزمات الطبية متوفرة لدى الجهات الرسمية. رغم أن رسالة الاتحاد بالأساس حقوقية مطلبية، إلا انه أمام غياب دور فاعل للدولة، أهّل الاتحاديون أنفسهم من خلال البرامج الخدماتية، واستقطاب أكبر عدد من أصحاب الحاجات الإضافية، ناشرين "ثقافة الدمج".
تخللّت مسيرة الاتحاد في تلك الفترة، عدة برامج وأنشطة، أهمها:

برنامج الزيارات الطبية (1986-1991)
هدف إلى تأمين المستلزمات الطبية الضرورية لأصحاب الحاجات الإضافية، خاصة أن هذه المواد مكلفة ولم يكن هناك أي مصدر وطني يؤمّنها، فكان الاتحاد يتعامل مع مؤسسات دولية كـ "أطباء بلا حدود" لتأمين مواد طبية، بمرافقة أخصائيين متطوعين في الزيارات لمداواة العقور. انطلق البرنامج من مركز صيدا، وكانت الزيارات منتظمة كل ثلاثاء وخميس. عمل على البرنامج عدد كبير من الاتحاديين والمتطوعين، على رأسهم، كل من: حسن البساط، سيلفانا اللقيس، حسن كحيل، نادر نعمة، نزهة سبيتي، كريستينا (من جمعية أطباء بلا حدود)، وآخرون.
كانت المساعدات تقتصر على المواد الطبية، تأمين منح مدرسية من خلال مؤسسات داعمة، تدخل اجتماعي، توعية حول الوضع الصحي.استمرّ برنامج الزيارات الطبية طيلة سبع سنوات منذ عام 1986 ولغاية 1991. أما المستفيدون من البرنامج، فما لبثوا أن انضموا بمعظمهم إلى صفوف الاتحاد وكانوا من الفاعلين، ومنهم أديب حايك، حسن حديب، خديجة شكرون وآخرون.

برنامج دمج الطفل المعوق (1985-1986)
بدأ البرنامج عام 1985، في مركز صيدا، وكانت المسؤولة عنه الاتحادية حنان قدوح، يحضرون الأطفال من بيوتهم في عطلهم المدرسية أيام السبت والأحد. ويأتون بهم إلى مركز صيدا ليرسموا ويلعبوا ويتواصلوا. استلمت سيلفانا اللقيس وفاطمة قواص مسؤولية المشروع، ثم عمل عليه كل من الزميلين سونيا اللقيس ونادر نعمة. ازداد عدد الأطفال تدريجياً وانضم إلى فريق العمل الزميل حسين كحيل. أما في بيروت فقد تابعت حنان قدوح عملها على البرنامج مع عزات عز الدين، كان اللقاء والنشاط الأسبوعي في مركز الصليب الأحمر اللبناني في المريجة، نجح هذا البرنامج نجاحا باهراً، وأنتج أنشطة عدة، منها مسرحيات ورحلات، وحفلات احتفالية بالأعياد.

حملات التبرعات (1987-1995)
ابتدأ هذا النشاط مع العام 1987 واستمر حتى العام 1995، هدفه دعم الاتحاد مادياً لاستمرارية وجوده وعطائه. يسبقها مرحلة التحضير للنشاط وأخذ التصاريح اللازمة. وتدرس أيام التنفيذ، المستجدات أثناء العمل، تأمين الطعام للمتطوعين خلال عملهم، التواصل بين المجموعات. جرت أول حملة تبرعات في البقاع، على شكل "حواجز محبة"، شارك فيها كثير من الاتحاديين، منهم: فايز عكاشة، محمد بيرم ، نادر نعمة ، حسين كحيل ، ناجي البستاني، يحيى اللهيب الملقب بـ "غريب"، وفاء حمية، أسامة غدار، سونيا اللقيس، علي شاهين، وآخرون.
تنقلت الحملات بين المناطق، وكانت تعقد كل عام، وعلى مراحل، في بيروت تستمر الحملة ثلاث أيام ثم ننتقل إلى الجنوب ثم إلى البقاع، وفي كل منطقة تستمر لثلاثة أيام .

اللقاءات الترفيهية الطويلة (1986-1990)
كان يطلق عليها اسم "الأوبن داي"، وتعقد كل آخر أحد من كل شهر، هدفها الترفيه والتواصل أفراد الاتحاد وعائلاتهم، بالإضافة إلى تبادل المعلومات. استمر هذا النشاط عشر سنوات. يتم التحضير لهذا اليوم قبل أسابيع، حيث يبحث الاتحاديون عن الأماكن المجهزة، التمويل للنقليات والطعام، ويوضع البرنامج. كان الـ "أوبن داي" يعقد في أماكن مختلفة من لبنان، فيمضي المشاركون النهار بين اللعب والغناء والرقص وإظهار المواهب المتعددة من خلال ألعاب تثقيفية، ومسابقات توزع فيها جوائز.

الرحلات الترفيهية
بالإضافة إلى التعرف إلى المناطق اللبنانية المختلفة في البقاع والجنوب والشمال، فقد كان الاتحاديون يكرسون مفهوم الدمج من خلال الرحلات الترفيهية، لدى المشاركين القدامى والجدد. كان الترفيه أثناء فترة الحرب أهم وسيلة استقطاب. لم يكن الشعور بالترويح عن والأمان، وحده هو الهدف من خلال هذه الأنشطة، فللرحلة الترفيهية نفسها معان لا يعرفها إلا ذوي الاحتياجات الإضافية. فإذا عرفنا أن كثيرين من المشاركين منعتهم إعاقتهم من الخروج من المنزل لفترات طويلة، وبعضهم الآخر كان أهلهم وأقرباؤهم يستحون من ظهورهم في المجتمع، ويشعرون بالإحراج لمجرد معرفة الآخرين بأن لديهم ابن أو أخ معوق؛ وآخرون كثيرون من المعوقين لم يكن لديهم أي نوع من التواصل خارج حدود بيئتهم الضيقة في المنزل، يمكننا حينها أن ندرك ما الذي يعنيه نشاط ترفيهي في الثمانينات.

التأهيل المهني والحرفي
أثناء الحرب كانت فرص العمل ضئيلة جداً للأشخاص المعوقين، استطاع الاتحاد تأمين ماكنات للخياطة، ونظم دورات تدريبية، وخرّج فريق عمل صغير. لم يكن بيع المنتجات سهلاً إذ كانت كلفة الإنتاج مرتفعة، والبضائع المستوردة شديدة المنافسة بأسعار أقل. فكان الاتحاد ينظم بعض المعارض لتصريف المنتجات الحرفية، من خياطة ورسم على المرايا، وأحياناً يشارك في معارض من تنظيم جمعيات أخرى. كما أمن الاتحاد أماكن لأصحاب الحاجات الإضافية، يستطيعون فيها وضع معداتهم والعمل على مشاريعهم الصغيرة كالخياطة، توضيب أكياس الملح، وغيرها من الحرف.

ندوة الزواج والإعاقة 1987
استضافت الجامعة الأمريكية في بيروت ندوة الزواج والإعاقة التي نظمها اتحاد المقعدين اللبنانيين أواخر 1987، والتي امتدت على سبعة أسابيع. تناولت الندوة كل ما يحيط بمسألتي الزواج والأعاقة، من جهات مختلفة منها الطب، الشرائع والأديان، القانون، علم النفس، علم الاجتماع. وقد تناوب على كل حقلة ثلاثة محاضرين، كان الزميل زياد زين منسق الندوة، وعاونه كل من فاديا بواب، يحيى عندور، محمد حمية، إيمان سنو، وجهاد اسماعيل. وقد كان للندوة نجاح كبير، إذ انه للمرة الأولى يتم تناول موضوع الزواج لدى ذوي الاحتياجات الإضافية بشكل شمولي، ومن ثم مفصل، من قبل اختصاصيين.







#عماد_الدين_رائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمهات معوقات يتغلبن على الإعاقة والمجتمع
- حقوق الشخص المعوق ببيئة تحترم حاجاته وكرامته
- توظيف الأشخاص المعوقين.. مستقبل وآفاق
- عن رفاق لم يخرجوا من غرفة التعذيب
- ثماني سنوات على قانون لم يطبق
- من قاموس الحرب الأهلية
- -كي لا تموتوا وأنتم نيام-
- عولمة الأمل.. نحو عالم آخر ممكن
- بين زعيمنا الوطني وسوبر ماريو
- وجهاً لوجه مع -بن لادن-
- قضايا الإعاقة في القصة العربية القصيرة
- الإعاقة قضية حقوقية بامتياز
- أطفال لبنان الجرحى.. والانعكاسات النفسية للحرب


المزيد.....




- مفوض أوروبي يطالب بدعم أونروا بسبب الأوضاع في غزة
- ضابط المخابرات الأوكراني السابق بروزوروف يتوقع اعتقالات جديد ...
- الأرجنتين تطلب من الإنتربول اعتقال وزير داخلية إيران
- -الأونروا- تدعو إلى تحقيق في الهجمات ضد موظفيها ومبانيها في ...
- الولايات المتحدة: اعتقال أكثر من 130 شخصا خلال احتجاجات مؤيد ...
- مسؤول أميركي: خطر المجاعة -شديد جدا- في غزة خصوصا في الشمال ...
- واشنطن تريد -رؤية تقدم ملموس- في -الأونروا- قبل استئناف تموي ...
- مبعوث أمريكي: خطر المجاعة شديد جدا في غزة خصوصا في الشمال
- بوريل يرحب بتقرير خبراء الأمم المتحدة حول الاتهامات الإسرائي ...
- صحيفة: سلطات فنلندا تؤجل إعداد مشروع القانون حول ترحيل المها ...


المزيد.....

- الإعاقة والاتحاد السوفياتي: التقدم والتراجع / كيث روزينثال
- اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة / الأمم المتحدة
- المعوقون في العراق -1- / لطيف الحبيب
- التوافق النفسي الاجتماعي لدى التلاميذ الماعقين جسمياً / مصطفى ساهي
- ثمتلات الجسد عند الفتاة المعاقة جسديا:دراسة استطلاعية للمنتم ... / شكري عبدالديم
- كتاب - تاملاتي الفكرية كانسان معاق / المهدي مالك
- فرص العمل وطاقات التوحدي اليافع / لطيف الحبيب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة - عماد الدين رائف - الحملة المطلبية المستمرة للأشخاص المعوقين في لبنان 1 - 6