|
لم ندحرهم ولم ننتصر عليهم ولم نفشلهم
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 02:54
المحور:
القضية الفلسطينية
لم ندحرهم ولم ننتصر عليهم ولم نفشلهم *** سامي الأخرس كثيرا ما نقف أحيانا لنبارك لأنفسنا بالانتصار ، والنصر ، وفي كل مرة نقيم الاحتفالات ويخرج للنصر ألف أب عكس الهزيمة التي لا تجد لها أب شرعي واحد ، في السابق قلنا يجب أن لا نبالغ في فرحتنا ولا نهول من هزائمنا ، وعلينا أن نحتكم للواقعية ونستند للحقائق في تعاطينا مع الأمور حتى لا ننخدع ونبقي منغمسين بجهالتنا التي لا نجني منها سوي الخديعة للنفس وتضليل الذات . بداية إن مقاومتنا بإمكانياتها المتواضعة أمام هذا العدو فهي تسطر ملحمة بطولية على الأرض ، فهي تحاول بإرادتها وإيمانها المطلق بحتمية المواجهة على خلق قاعدة ثابتة لها للانطلاق بمشاكسة هذه الآلة الصهيونية وعرقلتها قدر المستطاع عن استباحة الأرض وتحقيق أهدافها بأريحية ، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن نسترخص دمائنا ولا نضعها في ميزان الخسائر وكأنها طيور تتساقط وتواري الثري ونترحم عليها ، فالإنسان هو أغلي المخلوقات وهو الذي كرمه الله ووضعه بأبهى صورة وأسمي مكانه ، فالإنسان أغلي من الأرض وأغلي من كل شيء ، وهو الأغلى لأنه هو الحياة . فكيف تقاس عملية النصر والهزيمة؟ المشاهد لحجم الدمار والقتل الذي خلفه العدة في محرقته الأخيرة التي لا زالت مستمرة يقف مصدوما أمام هول الصدمة والفاجعة التي يراها ، آثار تدميريه لا يتقبلها أو يتصورها إنسان أو ذو صاحب عقل ، مجزرة فعلية استمرت على مدار خمس أيام حصدت من الأرواح ما معدله 24 شهيد يوميا ، وعشرات الجرحى والمصابين ، وعشرات المنازل التي دمرت علي رؤوس أهلها وهم نيام ، وخسائر مادية لا يمكن حصرها لمجرد زيارة للمناطق المنكوبة التي عاشت قصف جوي وبري وبحري على مدار خمس أيام متواصلة ، فبقعة جغرافية صغيرة كمسجد بلال في مدينة رفح الذي تم قصفه دمر منطقة ومساحة كاملة من المنازل والمؤسسات والمحال ، وسبع شهداء وعشرات الجرحى ، هذه الصورة من غارة لم تستمر سوي خمس دقائق فقط ، فلكم تصور وتخيل شمال ووسط غزة الذي عاش خمس أيام بنهارها وليلها تحت مدافع الدبابات وصواريخ الطائرات ورصاص القناصة ، حربا ضروس آتت علي الأخضر واليابس ، الإنسان والطير ، والحجر ، جل ضحاياه من الأطفال والنساء ، مأساة إنسانية تدمي القلب ، وتدفعك للحسرة إن لم يكن للجنون ، ومن ثم نحتفل بالنصر والانتصار ، ونروج أمام العالم أجمع إننا نمتلك من السلاح والأدوات ما يستطيع هزيمة هذا العدو ، ويصمد في وجه آلة الموت الصهيونية ، مما يشكل مبررا لشن مزيد من عمليات القتل المستمرة ، ويؤكد دعايته بأننا نمتلك ما يهدد أمن إسرائيل ، نفس الأخطاء التي ارتكبناها عندما انسحب العدو من غزة انسحاب آحادي الطرف حيث جعلنا العالم يعتقد ويتصور إننا فعلا دحرنا العدو وحررنا الأرض ، فمنحت إسرائيل الوسائل والأدوات ليقول للعالم إننا نواجه كيان وجيش وقوة تمتلك مقومات الحرب ، فتحولت إسرائيل لضحية ونحن الجلاد . إذا أردتم الاحتكام لمنطق الإعلام فاحتفلوا كيفما شئتم واجعلوا صورة الاحتفالات ومشاهدها تطغوا على حجم الجريمة والمحرقة الفعلية التي ارتكبها العدو في غزة ، وهنيئا لكم نصركم المزيف ، وهنيئا لإسرائيل هزيمتها التي ستكررها عشرات المرات وتكون هي الدولة المهزومة التي تدافع عن وجودها ، ونحن المنتصرون الذين نهدد إسرائيل ، ما دمنا نخلق لهم المبررات ، ونقدم لهم الذرائع عل طبق من ذهب . لا يا سادة نحن لم ننتصر ، ولم ندحر العدو فهو قد مارس محرقة فعلية ضد غزة وأهلها ، محرقة وقودها ليس أفراد جيش مدجج بالسلاح بل أطفال ونساء وشجر ، محرقة دمرت المنازل والأرض ، محرقة أحرقت الحجر والبشر ، هذه المحرقة يجب أن توثق وأن يراها كل العالم وكل الأمم المتحضرة ، ومقاضاة حكام إسرائيل وجندها بتهم الإرهاب قولا وفعلا ، يجب أن توثق أقوال فلنائي بالصوت وتقدم للعالم مع صور المحرقة على الأرض ، وأن يدرك العالم أن الشعب الفلسطيني يحرق ويقتل ، من آله نازية عدوانية . فأي نصر هذا الذي تحتفلوا به وتتحدثوا عنه ؟ وأي نصر الذي توهمونا به ، فهو نصر بأحلامكم يعطي عدونا الفرصة والمبرر لتبرير مذابحه؟ فأخجلوا وعودوا لرشدكم إننا نذبح ، ونقتل ، ونهزم ، فلم ننتصر ، ولم ندحر العدو ، وليس لدينا من الوسائل سوي الإرادة بالتثبت بالأرض ، فليضطلع العالم بمسؤولياته ويقف في وجه هذه النازية الصهيونية ، فنحن لا نقوي على مواجهة هذه الآلة ونازيتها لوحدنا ، فهي تمتلك ما لم نمتلكه ، نحن شعب أعزل ، محاصر ، جائع ، فقير ، لا يمتلك سوي إرادته وحقه في أرضه وكرامته فقط ، هذه هي أسلحتنا التي نواجه بها ، لا نتملك غيرها من ثروات ، أو ترسانة أسلحة متطورة تقليدية أو غير تقليدية ، فعلي الجميع تحمل مسؤولياته أمام المذبحة التي ترتكب بحق شعب أعزل مقهور محتل . قسما لم ندحرهم ، ولم نهزمهم ، ولم نفشلهم ، بل هم من يذبحونا ، ويذبحوا أطفالنا ، ويدمروا بيوتنا ، وينتهكوا أرضنا ، ويحرقوا نساءنا ، ويستبيحوا كرامتنا .
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
محرقة غزة للتسويق والترويج
-
الوحدة اليمنية انجاز ام حالة طارئة؟ الجزء الثاني
-
الوحدة اليمنية إنجاز أم حالة طارئة ؟ الحلقة الأولي
-
من كوماسي الشرف إلي دوحة القرف
-
عماد مغنية ومنظومة الأمن العربية
-
زفرات القهر يا محمد اسعد بيوض التميمي
-
الفصل الاقتصادي شعار للفصل السياسي مع مصر
-
ما الجديد في غزة؟!
-
الرد علي مذبحة غزة
-
العرب ومعركة التاريخ والموروث
-
ايها الفلسطيني الغبي
-
نظام العباطة العربي الجديد
-
غزة الفقراء
-
علي شرف الذكري الاربعين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
أنابوليس الواقعية والمعارضة الورقية
-
هل يصلب المسيح في غزة؟
-
ذكري الختيار ايحاء واستذكار
-
مؤتمر دمشق ترسيخ لحالة الانقسام الفلسطينية
-
خبر عاجل
-
المقاومة العراقية والمجهول
المزيد.....
-
من الحرب العالمية الثانية.. العثور على بقايا 7 من المحاربين
...
-
ظهور الرهينة الإسرائيلي-الأمريكي غولدبرغ بولين في فيديو جديد
...
-
بايدن بوقع قانون المساعدة العسكرية لأوكرانيا وإسرائيل ويتعهد
...
-
-قبل عملية رفح-.. موقع عبري يتحدث عن سماح إسرائيل لوفدين دول
...
-
إسرائيل تعلن تصفية -نصف- قادة حزب الله وتشن عملية هجومية في
...
-
ماذا يدخن سوناك؟.. مجلة بريطانية تهاجم رئيس الوزراء وسط فوضى
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يقارن بين إنجازات روسيا والغرب في مج
...
-
الحوثيون يؤكدون فشل تحالف البحر الأحمر
-
النيجر تعرب عن رغبتها في شراء أسلحة من روسيا
-
كيف يؤثر فقدان الوزن على الشعر والبشرة؟
المزيد.....
-
المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق
...
/ الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
-
حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية
/ جوزيف ظاهر
-
الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية-
/ ماهر الشريف
-
اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا
/ طلال الربيعي
-
المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين
/ عادل العمري
-
«طوفان الأقصى»، وما بعده..
/ فهد سليمان
-
رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث
...
/ مرزوق الحلالي
-
غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة
/ أحمد جردات
-
حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق
...
/ غازي الصوراني
-
التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|