أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مجيد الشوهاني - فساد ام افساد الجامعات؟















المزيد.....

فساد ام افساد الجامعات؟


مجيد الشوهاني

الحوار المتمدن-العدد: 2210 - 2008 / 3 / 4 - 10:54
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


قيل فيما مضى من الزمان أن لا دين للجامعات سوى العلم وإنها البوتقة التي تنصهر في زواياها وقاعاتها كل تناقضات المجتمع لتنتج الفكر والمعرفة الحرة التي تهدف إلى تحويل المجتمع من حال إلى حال أفضل. فمنذ القدم كانت ولا تزال الجامعات نقطة الانطلاق الحقيقية للتحولات العظيمة في حياة الشعوب فالانقلابات السياسية وكذلك العسكرية قبل أن تبدأ على ارض الواقع تنطلق في أساسها من أروقة الجامعة من عقول مفكريها ومبدعيها من صناع الحرية الأبطال الذين قد تدفعهم الظروف في أحيان كثيرة لمجاراة النظم القمعية لكنهم في قرارة أنفسهم دعاة حقيقيون للتغيير ولنبذ الاستبداد.
إزاء هذا الدور المؤثر الذي تبرز فيه الطاقات الإبداعية الكامنة لفئة مهمة من فئات المجتمع التي يعول عليها كثيرا في إحداث تبدلات جذرية في واقع الأمم ومنها العراق , ونقصد بهم فئة الشباب, يحاول البعض إضفاء صورة مشوهة تماما على واقع الجامعات العراقية اليوم, فلا نستغرب عندما نجد بان هنالك من يصرح علانية في وسائل الإعلام بان الجامعات قد تحولت إلى وكر من أوكار الفساد الأخلاقي والرذيلة بكل أنواعها فضلا عن انتشار حالات من الزواج العرفي والعلاقات التي يطلق عليها البعض بالعلاقات الهدامة ما بين هؤلاء الشباب, والأدهى من ذلك وجود العديد من الإذاعات العراقية التي تروج في برامجها لمثل تلك التوجهات السلبية دون أن تأخذ بنظر الاعتبار أثرها عربيا ودوليا على حياة المجتمع العراقي وكيفية النظر إليه من قبل الآخرين.
فلا غرابة إذا إذا ما استهتر البعض بشهادات العراقيين الجامعية و لا غرابة إذا ما عرفنا أن بعض الجامعات في الدول العربية بشكل خاص لم تعد تستقبل أصحاب الشهادات العراقية ممن حصلوا على درجاتهم العلمية بعد عام 2003, وربما أن ذلك يرتبط أساسا بلعبة سياسية تحاك دسائسها في دهاليز السياسة العربية المظلمة حيال العراق ومبدعيه, لكن ذلك لا ينفي دور الداخل العراقي في تمرير هذه المؤامرة.
ولأجل الارتقاء بمستوى الجامعات بدء البعض يفرض شروطا جبارة بحجة إحياء دورها المغيب ظلما وعدوانا وذلك من اجل تصحيح الصورة المشوهة عن الجامعات في نظر العراقي وفي نظر غيره, ومن ضمن هذه الإجراءات مثلا فرض الزى الموحد على اعتبار أن ذلك سوف يقضي على ما يسمونه فسادا أخلاقيا أو بحجة انه سيقضي على الفوارق الطبقية التي كم تمنينا فعلا لو أنها تصبح جزء من الماضي ليس الماضي القريب فحسب وإنما الماضي البعيد, لكن الزي الموحد لم يقضي على ما يسمونه الفساد ,فكيف لحكومة تدعي لنفسها الديمقراطية أن توافق أو على الأقل تصمت أمام أولئك الذين أباحوا لأنفسهم فرض مثل هذا القرار التعسفي طالما أنها أساسا غير قادرة على فرض الزي الموحد بين منتسبي رجالات الداخلية والدفاع إلى الحد الذي فقدنا معه التمييز بين من ينتمي لهذه الوزارة أو تلك من الوزارات الأمنية التي من المفترض أن تخضع هي للزي الموحد وليس الجامعات!. أما الإجراءات الأخرى فهي كثيرة من أمثال تشديد الرقابة الأمنية في قلب الجامعات حتى عادت بنا دورة الزمن إلى الوراء بطريقة غريبة حيث برزت فئة خاصة من بين طلبتنا الأعزاء ما أن تحدثت معهم عن تقصريهم في أداء واجباتهم الدراسية حتى يتحدثوا جهارا علانا عن كونهم أعضاء في الجهاز الأمني أو أعضاء في الحزب الفلاني وبالنتيجة لا وقت لديهم لمثل هذا الترف الذي نسميه بالثقافة, فما أشبه اليوم بالأمس ولكن بطريقة مغلوطة لم يكن يتمناها احد منا أبدا. والإجراء الأخر العظيم الذي بدء يترسخ في كل ركن من أركان الجامعات هو الحرص الديني المتزايد عبر التشديد على نشر الثقافة الدينية إلى الحد الذي وصل معه الأمر إلى فرض مبادئها بصورة قسرية على كل فئات المجتمع الأكاديمي , وأنا هنا أود أن أسجل احترامي لمبادئ الدين الإسلامي فانا مسلم واحترم ديني كما احترم بقية الأديان , لكن الذي يجري هو فرض قسري لمعتقدات مظهرية فقط فالمرأة التي لا ترتدي الحجاب مثلا تكون موضع للمهاجمة على الأقل بالكلمات والنظرات التي تعبر عن وعيد وتهديد مبطن بالنفي إلى المجهول, على اعتبار أن هذه المظاهر التي يسميها البعض بالدينية هي العلاج لما يسمونه وأصر على هذه المقولة لما يسمونه بالفساد الأخلاقي . فهل هذه وغيرها هي السبل الكفيلة بمعالجة هذا الأمر؟.
في زيارة لي إلى إحدى الدول الأوربية وجدت أن الجامعة هي المعبر الحقيقي عن موزائيك المجتمع, وهنا لا اقصد بذلك بالضرورة المجتمع الذي كانت فيه الجامعة وإنما اقصد موزائيك المجتمع الدولي بأسره,فنجد كل أبناء الدول المختلفة والديانات المختلفة يقبلون على العلم والمعرفة في هذه الجامعات دون أن تفرض قيود خاصة من ذلك النوع الذي بدئنا نشهده في جامعاتنا , فتصبح بذلك هذه الجامعات بحق بلا دين وبلا عقيدة وبلا عقد فالعلم هو السارية التي يحملون لواءها ويسعون جميعا إلى إعلاء شانها بالفكر والعمل معا, في حين بدأنا نشهد في بلدنا العزيز ولادة جامعات شيعية وسنية وعربية وكردية والتدهور مستمر.
إن عدم البحث الجدي فيما يسمى بالفساد في جامعاتنا هو الذي يقود العديد إلى التأكيد على بعض المظاهر الخاصة مركزين بذلك على الظاهرة نفسها مبتعدين عن أسبابها وكأنها خلقت من الفراغ وهو أمر مستحيل فلا يأتي شيء من الفراغ لذا علينا أن نفكر معا في السبل الكفيلة بحل مشكلاتنا الاجتماعية سواء أكانت داخل أروقة الجامعة أم خارجها بطرق علمية لا بوصفات سلطانية وعظية لا تمت إلى معاناة المجتمع بشيء واعتقد أن الأمر لا يحتاج إلى ذكر أمثلة حول مدى الظلم الاجتماعي الذي يقع على عاتق شبابنا جراء البطالة وعدم توفر السكن اللائق وعدم وضوح الرؤية لمستقبل مثمر يوازي سنوات الدراسة والتخصص ناهيك عن الضياع النفسي والفكري الذي أصبح متلازمة عنيفة يحيا في ظلها أبناء الجامعات قبل غيرهم.
بالرغم من كل ما تقدم من إبراز للصورة المتشائمة التي يحاول البعض أن يروج لها , لا أجد بدا من القول إن الخير لا زال كامن في نفوس وعقول مبدعينا طلبة وأساتذة فإذا ما افترضنا على سبيل المثال أن هنالك مليون طالب في إحدى الجامعات وان من بينهم بحسب مقاييس الفساد التي يضعها المغرضون قرابة 800,000 طالب, فالاعتماد يكون على البقية لا حياء المجتمع و لتكوين النماذج القيمية التي من شانها انتشال المجتمع من شرور المفسدين الحقيقيين و استدراج اكبر عدد منهم إلى عوالم أصحاب تلك النماذج الخيرة, وهنا أود أن اتسائل هل كان كل مفكرينا من الأنبياء والمعصومين لكي نطالب بعلاجات ذات مظهر ديني لجامعاتنا التي تحولت إلى ساحات للصراع الطائفي. إنها دعوات لا طائل منها في خدمة المجتمع هدفها إبعاد الإنسان من الوصول إلى درجة الإحساس بالظلم الذي يحيط به ويسلبه حلاوة شبابه وربيع أيامه من خلال صرف أنظار الناس عن أسباب الظلم إلى التركيز على الظلم نفسه.
قبل أن اختم مقالتي هذه أود الإشارة إلى تأثير هذا الحديث المشوه عن جامعاتنا على عقول الناس فكم شخص سيصدق ما يقال عن ما يسمونه بفساد الجامعات وكم منهم سيحرم ابنته أو ابنه من فرصة الدراسة خاصة إذا ما علمنا بان هنالك عدد غير قليل من الذين يصدقون ما يقوله هذا أو ذاك لأنه يرتدي عمامة فهو لا ينطق عن الهوى وكلامه مقدس أو يرتدي بزة أنيقة مع ربطة عنق جميلة فيتصور البسطاء أن ما يقوله لا يأتيه الباطل لا عن يمينه ولا عن شماله , فهل سيساهم مثل هذا التوجه في انتشال المجتمع العراقي من أزماته المتنوعة حاضرا ومستقبلا؟. إنها محاولات عقيمة ويائسة لا فساد الجامعات وتعطيل دورها في التصحيح والبناء الثقافي- السياسي للمجتمع لتحقيق أغراض خبيثة لا تخدم إلا أولئك الذين يحلمون بالإبقاء على ركود العقول وعدم تفجر الأفكار من مكامنها كي لا تحرق بنيرانها خرافاتهم العتيقة ونظرياتهم المغلوطة للتعامل مع المشكلات الاجتماعية والتي أوغلت في جر المجتمع إلى أعماق البؤس والفقر اللامنتهي , لذا انهي هذه المقالة بكلمات لشاعر الهند العظيم طاغور علها توصل رسالة ما إلى كل أولئك الذين لا هم لهم سوى تشويه صورة الثقافة العراقية داخليا وخارجيا ..........
حيث العقل لا يخاف والرأس مرفوع
وحيث المعرفة حرة
وحيث العالم لم يمزق التعصب جدرانه
وحيث تخرج الكلمات من أعماق الحقيقة
وحيث الكفاح المستمر يمد ذراعيه نحو الكمال
وحيث لا يفقد جدول العقل مجراه في صحراء
التقاليد الميتة
وحيث يقود العقل نحو ساحات أفسح من
الفكر والعمل
تحت سماء الحرية تلك ... يا الهي ..... أيقظ وطني.



#مجيد_الشوهاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا ...
- أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
- مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
- المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
- زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه ...
- تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA ...
- مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
- الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مجيد الشوهاني - فساد ام افساد الجامعات؟