أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد الخمسي - خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب















المزيد.....

خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 10:41
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


عندما نجد أنفسنا أمام حدث مفاجئ يعلن الطرف المعني بمتابعة شأنه عن استثنائيته وفرادته، لا نملك إلا معالجة الموضوع من بوابة الشك في الطبيعة الأمنية للحدث! والمنهجية الديكارطية جزء من الحداثة الفكرية. إذا سبق لباسكوى وزير الداخلية الفرنسي أن صرح أن عبر عن نفسه بالقول"أنا أضرب إذن أنا موجود" لعبر عن انتمائه لحداثة المنهج الديكارطي، فمن حق الإعلام أن ينبني عند مفاجآت بالحجم المصوغ في الحدث الأمني السياسي أن ينطلق من منهجية الشك الديكارطي أيضا. ولا يجب التوقف عند الشك. بل المطلوب إعادة ترتيب الأوراق وفق النسق العام الذي تنسجه الدولة في أفق المخيال السياسي في الفضاء العام.

مما يرجعنا إلى النسق العام الذي يؤطر الممارسة السياسية للدولة في المغرب. فتكون التحالفات الخارجية أوجب الواجبات للأخذ بعين الاعتبار عند تلوين ملامح الظرفية السياسية بألوان معينة. ثم تأتي الأجندة السياسية الداخلية على المدى القريب. ثم في المستوى الثالث ياتي الانتباه لدروس الدولة من الماضي الذاتي لتجربتها الذاتية، وفي الترتيب الرابع تكون العضة من تجارب الأنظمة الشبيهة المحلية، وفي المقام الخامس تأتي صورة المجد المتخيل من طرف الحاكم نفسه منارة على شاطئ النجاة لتعيين اتجاه البوصلة التاريخية لسلوك الدولة في اليومي.

هذه هي الأطروحة المتبناة في هذا المقال كما يستدعي المقام. ثم بعد ذلك لنر ما كانت التطبيقات الجاري بها العمل الأمني والسياسي نافعة لمستقبل البلد أم لخبطة وارتجال فقط؟

فيما يتعلق بالتحالفات الخارجية للدولة، لا يوجد مبرر أقوى من اجتماع لندن، المنظم من طرف المعهد الملكي للدراسات حول الدفاع والأمن، لتزامنه مع اعتقالات الأسبوع الفارط. بحضور رئيس القيادة العسكرية الامريكية بافريقيا (أفريكوم) الجينيرال بيل إي كيب، لمناقشة ورقة عمل حول "الشراكة عبر الصحراء لمكافحة الارهاب". إن هيئة عسكرية أمريكية يستقر مكتبها بشتوتغارت بألمانيا، تجتمع بلندن لتواجه تحديات بالصحراء الكبرى، ألا تستحق أن تقدم لها التحية بكيفية عجيبة مثل السوريالية التي جرت في بلادنا هذا الأسبوع. فلا يمكن للجهات المعنية سوى إظهار الاجتهاد في العمل الأمني الداخلي لمواكبة الاجتماع بلندن.

أما ربط الحدث بالأجندة الداخلية على المدى القريب، فالأمر يقتضي الفعل في الساحة الأصولية قصد تخصيب المحيط الاجتماعي حيث تختمر الأوضاع المقلقة لتتحول إلى غضب سياسي يرتبط بالقوى الأكثر جدبا للشباب المهيئ للتسيس. فالأمر يقتضي رفع مصابيح لتضئ بجوار حزب العدالة والتنمية عبر الربط الطاقي ببطاريات أقوى من تلك التي تتجه رأسا صوب الانتخابات. لعل الدولة الآن مشغولة بتقوية حظوظ المشاركة السياسية سنة 2009، ولو أن الأمر حينئذ لن يتعلق بالشرعية السيادية بقدر ما سيتعلق بربط صلات الناخبين بالصناديق بدل الابقاء على القطيعة كسلوك غالب (أكثر من 60/°). وقد يحار المرء في تنويعات الحدث، أي مدى الجهد الذي بذله مهندسو الحدث حد العبث،"ليقحموا رمزين من دعاة الديمقراطية والرافضين لكل أشكال التطرف والإرهاب" حسب بلاغ البديل الحضاري نفسه، باعتقال تم بعد 24 ساعة من انتهاء أشغال المجلس الوطني الذي أكد في توصياته على أن خط البديل الحضاري في علاقته بالسلطة يطبعه الوضوح والاستقلالية واحترام القانون.

إن الأمر لا يقف عند تخصيب الحقل السياسي من حول "العدالة والتنمية" بل يتعداه إلى خلق نفسية البلقنة بين حزب الاستقلال وبين شركاء في الساحة الأصولية المعتدلة، مما يضع الغام الكراهية ما بين حزب الوزير الأول وبين الوسط المؤهل للتحالف معه مستقبلا. مما يرجع احتمالات التحالفات إلى دائرة القرار الأعلى من الأحزاب. غير أن الزاوية الثالثة للنظر في العجب العجاب وهو استفادة الدولة من ماضيها حول سياسة البلقنة تلك، قد نجد عند روني كاليسو وجاك كيرغوت الجواب في تصريح الراحل المهدي بنبركة عندما خاطب مسؤولي الحزب الشيوعي المغربي سنة 1959، طالبا منهم تفهم القرار القاضي بحل حزبهم بتوقيع من حكومة كان يرأسها عبد الله ابراهيم من تيار المهدي بنبركة من يسار حزب الاستقلال آنئذ. لأن الأولوية كانت في نظرهم نجاح الحكومة في مهامها الرئيسية، وقد طلب منهم التوقيع على حل الحزب الشيوعي. أما ذكاء صانعي قرارالدولة ساعتها فكان يقضي بإقالة حكومة عبد الله ابراهيم مباشرة بعد التوقيع على حل الحزب الشيوعي. فهل يتوقع خروج الاتحاد الاشتراكي من الحكومة بعد المؤتمر ثم أسقاط الحكومة برئاسة العباس الفاسي بعد ذلك؟ سوف تجيب الشهور الثلاثة المقبلة عن هذا السؤال.

وأما العنصر الرابع في الأطروحة المؤطرة لهذا المقال فهو استفادة الدولة من تجارب الأنظمة الشبيهة. إن النظام الملكي في المغرب ظل فريدا في افريقيا. وهو ضمن الأنظمة العربية لم يكن للغرب دور في تشكيل كيان الدولة مثل الأردن ولا يستند على بترول مثل ملكيات مجلس التعاون الخليجي. وله ملامح عديدة مشتركة مع النظام الملكي السابق في إيران، سوى أنه أقدم زمنا في التربة المغربية وضمن بلاد السنة الأقل عقلانية وحداثية من العقل الشيعي، وضمن الصخرة الديمغرافية السامية الشرقية بدل الارتباطات الآرية الفارسية. لكن السياق الراهن للقيادة الأمريكية للكرة الأرضية منذ منتصف القرن الماضي عبر الحرب الباردة وانتهاء بالعولمة الحالية، اقتضى اعتبار الولايات المتحدة حاملة رؤية كونية جيوستراتيجية تتفوق على رؤية القارة العجوز. مما يجعل سابقة الجينيرال شوارزكوف الذي أطاح بمصدق وأعاد رضا بهلوي إلى العرش في 18 غشت 1953، وجد ضمن النظام الأمريكي الذي تحالف معه النظام المغربي منذ اعتلاء الراحل الحسن الثاني العرش، سليل محمد الخامس الذي نفته فرنسا بعد يومين من ذلك، 20 غشت 1953.

وقد اكتسب النظام الملكي في المغرب من الدهاء عبر المحن التي قاساها من جانب فرنسا قبل غيرها، في سنوات 1912 و1927 و1947 و1953.....فعمل على تفتيت الأرضية الخام التي من الممكن أن تفرز تحالفات واسعة تصبح خطرا برلمانيا يفضي إلى تطبيق إصلاحات سياسية قوية ضمن البنيات الدستورية القائمة. وقد كانت سوابق الدول التي تغيرت أنظمتها السياسية سلميا من داخل النظام السياسي نتائج لمراكمة تحالفات سياسية برلمانية (ايران سنة 1951 واسبانيا سنة 1931). لذلك يتخذ قرار حل حزب البديل الحضاري من طرف الأمين العام لحزب الاستقلال هذا البعد في زرع الألغام هدفها الحفاظ على التفتيت النفسي للتحالفات الممكنة مستقبلا.

وأما النقطة الخامسة من الأطروحة، فهو نوع المجد الذي يتخيله الملك لنفسه، ضمن الحق في المصير الشخصي المتخيل، وهو صاحب الموقع التاريخي في بنية الدولة. فبالنظر إلى الاستقرار الذي ترسب في نفسية المجتمعين السياسي والمدني تجاه النظام الملكي، ليس من الغريب أن يتخيل الملك لنفسه نماذج من مصائر الملوك في العالم. وقد بصم الحسن الثاني البلاد بملامح طول عمر الملك (38 سنة) وبقوة السلطة وبالامتداد الدولي لسياسته الخارجية عبر المؤتمرات الإفريقية والعربية والاسلامية والعالمية التي استضافها المغرب في عهده. مما رسخ في ذهن العقل السياسي للدولة ذات التكوين اللغوي الفرنكوفوني صورة مقارنة للحسن الثاني مع لويس الرابع عشر. هاهنا تأتي لحظة التساؤل عن مصير خلفه لويس الخامس عشر؟ إنه الملك الذي نعم برصيد الاستقرار الذي تركه له أبوه. فطال عمر ملك لويس الخامس عشر أزيد من نصف قرن (1715-1772). فمن يمنع الخيال الفردي لأحد له كل الإمكانيات التقنية والمادية والثقافية من أن يجد نفسه أمام سنة 2056، مسؤولا عن بناء مشروع مجتمع حداثي ديمقراطي من الآن، على مهل، أمام العناصر الثلاثة: الدولي (شعار الحرب على الإرهاب) والإقليمي (صعود الأصولية الدينية كقوة رئيسية مناهضة للاستعمار في عهد العولمة) والمحلي (الحضور المكثف للطرفين تحت سقف الدولة المغربية).

مما يجعل الحدث الحالي مجرد ترتيب من الترتيبات الجزئية لبناء صرح أكبر وأوسع من مجرد اعتقال تشكيلة بشرية وعرض أسلحة صرحت الجهات الأمنية أنها وجدت ضمن البعض من المعتقلين؟؟؟؟

إن المسار الذي تستجمع الدولة اليوم عناصره، قد يصب في بناء مقومات حضارية بمثل الموسوعة الفرنسية وما أنتجته من حريات وابتكارات علمية وتقنية وتراكم ثروات مادية واغتناء روحي حديث وأصيل في نفس الوقت. لكن نفس الأفعال قد تصبح مجرد تكرار لانتهاكات جسيمة في مجالات سياسية حيوية تنفر الناس من المشاركة السياسية وتفرز في أذهان الناس صورة الغول والوحش المفترس عن الدولة. وليس من حق الدولة أن تنتج صورا مشوهة عن كائن خرج من صلب المجتمع نفسه.

وعلى الدولة أن تترفع عن مجرد إعادة إنتاج مسارات سابقة لتربح الوقت وتدبر الأزمات لا غير. لأنها مهما كانت مسافة الناس منها بعيدة فهي منتجة للقيم الأساسية في المجتمع. فإن لاحظ الناس أن الدولة لا تمارس أكثر من الميكيافيللية الخبيثة، فالتسمم الاجتماعي والثقافي والاقتصادي يصبح مشروعا للتعميم في المستقبل. مما ينذر بمراكمة ما يفرز ما هو أخطر من مجرد الميكيافيللية. فينقلب السحر على الدولة الساحرة وإن طال الزمن.

وحتى يتقلص المحتوى الميكيافيللي في الدولة والمجتمع لابد من التعبير عن التضامن مع مصطفى المعتصم ومحمد مرواني والأمين ركالة. وقد لا نحتاج إلى طريقة "كزانة ياميمونة يا المبخرة بالكامونة" لتحليل المعطيات السابقة. بل يكفي الرجوع عند بعض الشباب الثلاثيني الذين خبروا المسار الفكري والسياسي والتنظيمي للمعتقلين الثلاثة المذكورين ليجدوا للحدث آفاق أخرى غير السبب الأمني المباشر. فالمسار الشخصي للمحلل مصطفى الخلفي مثلا يكفي لتنوير الحدث وإخراجه من دائرة المجهول.





#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأمل في تمثال عبد الكريم الخطابي
- (II)أحلام من الخيال العلمي تأمل في تمثال الزعيم
- قراءتين في -كتاب الأمير-
- سطحية السياسة المغربية في الصحراء وفي السياحة سواء
- حديث الروح
- هل يدشن التقرير الإصلاح الشامل في الاتحاد الاشتراكي؟
- شروط الانتقال من الزوبعة في الفنجان إلى التغيير
- حتى لا نصب الغاز على نار زيارة خوان كارلوس للمدن المغربية ال ...
- موقع النقد الذاتي في بنية العقل السياسي المغربي
- الدرس من مكناس أو العقد الاجتماعي المرتقب
- مسؤولية المفكرين في ثقب طبقة الأوزون الإيديولوجي
- عندما سحقت الدولة المعنى النبيل للسياسة
- تشكيل الحكومة وزيت العزوف المسمومة
- وداعا أيتها السنونو
- من المسؤول عن ملوحة الماء في النهر الانتخابي
- حسب توقيت الرماد
- -غير بالتاويل- مع نتائج الانتخابات
- لموت الصري وموعد الانتخابات هل دقت ساعة القطيعة مع سياسوية ا ...
- بمناسبة عيد ميلادك أيتها الجميلة
- سيف الصيف


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد الخمسي - خمس نقط لتفسير حل البديل الحضاري في المغرب