أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزي الاتروشي - ابعد من الرثاء .... اقرب الى الوفاء














المزيد.....

ابعد من الرثاء .... اقرب الى الوفاء


فوزي الاتروشي

الحوار المتمدن-العدد: 2209 - 2008 / 3 / 3 - 07:40
المحور: الادب والفن
    


لا يجوز للمشهد السياسي المظلم والضبابي في العراق ان يبعدنا عن التفكير بأعمدة الثقافة , خالقي الجمال ومبدعي القدرة على رصد الواقع وتغييره نحو الانقى والاجمل, ولا يليق بنا ان ننغمس في تفاصيل ومشاغل الحياة اليومية وهي كثيرة بحق , الى الحد الذي يضعنا على مسافة بعيدة من ضلال اشجار باسقة وارفة الاغصان نسجت على مدى عقود الهوية الثقافية العراقية وبنت ذاكرة الوطن.
قبل ايام رحلت الفنانة التشكيلية العراقية المبدعة نزيهة سليم سليلة عائلة وهبت كل ما تستطيع للفن تعبيراً عن عشقها للعطاء اللامحدود في سبيل الانتقال بالوطن الى الضفاف الخضراء للحرية , والذي يمر بمنطقة الباب الشرقي في بغداد لا يمكنه إلا التوقف عند "نصب الحرية" الشهير الذي رسمه شقيق الرحومة نزيهة سليم الفنان جواد سليم .
وقبل رحيلها كان الروائي العراقي فؤاد التكرلي قد غادرنا وهو الذي اتفق اكثر الروائيين والنقاد على كونه (رائد تحديثي نجح عبر رواياته في أنتاج أدب أجتماعي سياسي يهتم بالانسان في محيطه السياسي الاجتماعي ) كما ورد في صحيفة صوت الاهالي في 26/2/2008.
نزيهة سليم وفؤاد التكرلي ولدا عام 1927 وعلى مدى 81 عاماً كانا مشروعاً للوطن ونافذة على الاخرين ومرصداً لهموم الناس وشؤون ومتغيرات الحياة السياسية والاجتماعية في العراق عبر اللون واللوحة التي جعلتها نزيهة سليم مرآة لواقع العراق وبالذات لواقع نسائه , او عبر القصة والرواية التي ابدع التكرلي من خلالها في رسم البيئة البغدادية والعراقية عموماً .
ان الرواية فن سردي جميل ومعبر ومسجل للتأريخ في حقب زمنية مختلفة , ولكن بصيغة فنية عالية ومعقدة وما زالت الرواية عندنا بعكس المجتمعات الاوروبية , في المرتبة الثانية بعد الشعر الذي يمثل مساحة اكبر من اهتمامنا وذائقتنا الادبية . أما الفن التشكيلي في العراق الذي تعتبر الفنانة نزيهة سليم وجواد سليم ضمن مؤسسيه الاوائل ابداعاً وتدريساً ونشراً فأنه اذ قطع شوطاً في التطور والنمو الا ان الاهتمام به في المجتمع العراقي ما زال دون المستوى ويعود ذلك بالذات الى مستوى تطور وعي هذا الشعب ورقيَه فاللوحة نتاج حضارة فنية راقية ووعي وذائقة متجذرة لأستيعاب مضامينه وايحاءاته .
يقول الكاتب برهان شاوي في كتابه "لغة الفن التشكيلي" ان هذا الفن (حوار دائم ونقاش داخلي ما بين الفنان والمشاهد ففي العمل الفني تتبلور خلاصة الفكر المحسوس والذي يهم الكثيرين , اما بقية الشوط فعلى المشاهد ان يقطعه اذ عليه ان يجد الفهم السليم والاحساس العميق لمعايشة ما عاناه الفنان وما اراد ان يعبر عنه من خلال عمله الابداعي) . وهذا هو سر انبهارنا كل مرة اذا نظرنا الى لوحة "موناليزا" او احدى روائع بيكاسو , فتكرار النظر والتأمل هنا وسيلة لمواصلة التذوق واستكشاف معاني جديدة .
لست هنا في وارد التقييم الفني والادبي لوتدين من اوتاد الثقافة العراقية وعنوانين اساسيين لها , وانما لكي ننعش في الاذهان وفي زحمة الاحداث رغبة التفكير الدائم بهذه الاسماء التي بلورت فينا رغبة التذوق الجمالي وارادة التغيير في الحياة ونزعة الانفتاح على ما يدور في الواقع لسبر اغواره وتغييره وعدم الوقوف بحيـــادية ولا مبالاة امام الظواهر الحياتية . فالانسان موجود لأنه يفكر ويمتلك زمام خيارات العطاء الوطني والانساني الذي لا يقبل الانكفاء على الذات والانطواء في هوامش الحياة الشخصية .
في عراقنــــا الحالي نفتقد كثيراً مثل هذه العناوين الثقافيـــــة التي تنقل العراق الى ذاكرة العالم كتراث وحضارة وابداع واضافات وانحناءات انسانية , في ظل واقع سياسي واجتماعي راهن عمل وما زال يعمل على تغييب الوجه الجميل للعراق عبر شظايا المفخخــــات والارهاب الاعمى وصور التدمير المادي والمعنوي والانكسارات على كافة الصعد .
لقد فقدنا كعراقيين قامات مديدة للابداع الحضاري في المنافي ايضاً مثل الجواهري ثامنة المعلقات وثالث الرافدين والذي حين أطلَ علينا في مؤتمر للمعارضة العراقية عام 1991 في بيروت سميناه اكبر فصيل في هذه المعارضة فقد كان عمره اكبر من عمر الدولة العراقية ذاتها . وكان لكاتب هذه السطور شرف عضوية اللجنة التحضيرية للمهرجان الذي اقيم له في كوردستان العراق . وكان ان فقدنا ايضاً في المنفى الشاعر المناضل والمجدد عبد الوهاب البياتي , اما بلند الحيدري فقد كان في لندن شعلة عمل وابداع وعطاء ولا انسى ونحن في الطائرة معاً بين لندن وقبرص لحضور مؤتمر "حقوق الاقليات" الذي اقامته مؤسسة ابن خلدون للدراسات الانسانية عام 1993حين قال لي انه تعب من المنفى الاجباري فقلت مرحباً بك في كوردستان العراق المحررة من ارهاب النظام ووعدني بتحقيق هذه الامنية لكن الوعد لم يستحل حقيقة ولم تكتحل عيناه بلقاء الوطن فألى صاحب "خفقة الطين" اقول ان الخفقان في قلب العراق ما زال رغم التحرير بعيداً عن الانتعاش والعافية .
وفي برلين فقدنا قبل اشهر الشاعر سركون بولص الذي انتقل من منفى الى اخر ومن بلد الى اخر ولم يحتضنه عراقه الذي تغنى به طويلاً وتمناه ابداً عامر الجسم اخضر الضفاف .
أنا لا استسيغ طبعاً الرثاء التقليدي لكل هؤلاء ولا بكائيات تصف عنفوان مجدهم ولا خطابات فجَة تمدحهم , فهم اكبر من كل ذلك .
والمطلوب ان نستحضرهم الى الذاكرة دوماً وان نبقى على صلة بعطائهم وان نتذكر ان الهوية الثقافية العراقية لا تكتمل الا بهم وبغيرهم من عناوين الفكر والفن والادب والابداع الانساني .
ان بعض هؤلاء الذين سبق ذكرهم جردوا من الجنسية العراقية في ظل الدكتاتورية الغاشمة ومن ثم لم يهنأوا حتى بقبر في وطن منحوه كل قطرة من دمهم وكل لحظة من حياتهم الصاخبة . فهذه الكلمات ليست رثاء لمبدعين هم اصلاً احياء في الذاكرة الجمعية العراقية , بل هي محاولة مني للتعبير عن انقى آيات الوفاء لهم .
وكيل وزارة الثقافة في العراق



#فوزي_الاتروشي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوزي الاتروشي - ابعد من الرثاء .... اقرب الى الوفاء