أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جواد البشيتي - تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!














المزيد.....

تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 09:33
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


إحساس الإنسان، فرداً كان أم جماعة، بأنَّ حقوقه، على ما يراها هو، مهضومة، أو منقوصة، كلِّياً أو جزئياً، يكاد أن يكون عامَّاً شاملاً، لا يُسْتثنى منه إلاَّ قلَّة قليلة من البشر؛ ذلك لأنَّ "الأنانية"، التي لها مصادِر تغذية واقعية كثيرة، ما زالت هي الحاكمة لنا، والمتحكِّمة فينا.

وإذا كان هذا هو الأمر السيئ فإنَّ الأسوأ منه هو ذلك الميْل، الذي يستبدُّ بنا، أفراداً وجماعات، إلى فهم وتفسير ما نشعر به من ظُلْمٍ، قريب من "الحقيقة الموضوعية" أو بعيد عنها، على أنَّه "ديني"، أو "قومي"، أو "عرقي"، الدافع والسبب، فنعي وجودنا، ووجود من ننظر إليه على أنَّه خصم، أو عدو، بما يؤسِّس لتعصُّب ديني، أو قومي، أو عرقي، عندنا، وعند الآخر، الذي صوَّرناه على أنَّه الخصم لنا، والعدو.

وقلَّما رأيْنا صراعاً من هذا النمط والقبيل لا تخالطه، إنْ لم تَقُده، مصالح فئوية ضيِّقة، يرى أصحابها في إثارته وتأجيجه ما يشبه ريحاً تجري بما تشتهي سفينتهم.

عالمنا اليوم، المثخن بجراح التعصُّب الديني، بصوره وأشكاله ودرجاته (أو دركاته) المختلفة، يشتد الميْل لديه، على ما يبدو، إلى إذكاء تعصُّب جديد، هو التعصب القومي والعرقي، وكأنَّ "حرب الكل ضدَّ الكل" تحتاج إلى هذا النوع من الوقود.

ويُنْظَر الآن إلى ما حَدَث في كوسوفو على أنَّه البداية (الممكنة وربمَّا الحتمية) لانفجار، وتفجير، الألغام القومية في "الحقل الأوروبي"، وفي حقول أخرى في قارات أخرى؛ ولعلَّ هذا هو ما حَمَل الرئيس الروسي بوتين على فهم وتفسير ما حَدَثَ في هذا "الإقليم الصربي" الذي غالبية سكَّانه من الألبان المسلمين على أنَّه بداية تقويض لنظام عالمي (سياسي وقانوني وتاريخي) عُمْره عشرات؛ لا بل مئات السنين.

لقد ارتكب الصرب، الذين ارتفع في وعيهم وشعورهم منسوب التعصُّب القومي ضد الألبان مجازر عدَّة (التطهير العرقي) في حقِّ هؤلاء سنة 1998، فما كان من الولايات المتحدة إلاَّ أن قادت حرباً (شنَّها حلف الأطلسي) ضدَّ صربيا، التي تَنْظُر إلى إقليم كوسوفو على أنَّه الجزء الروحي منها. وإنَّ أحداً في العالم مِمَّن لا ينظرون إلى الأمور بعيون تغشاها الأوهام لا يُصدِّق، ولا يمكنه أن يصدِّق، أنَّ الدافع الإنساني الخالص هو ما دفع الولايات المتحدة، مع دول غربية أخرى، إلى شنِّ تلك الحرب على صربيا، وإلى تحويل ما انتهت إليه من نتائج إلى انفصال تام لهذا الإقليم عن صربيا، وجعله، أخيراً، دولة "مستقلة ذات سيادة".

وقياساً على ذلك، لا بدَّ للولايات المتحدة (مع حلفائها) من أن تفعل الشيء نفسه في أمكنة وأزمنة أخرى، فكل جماعة قومية اُرْتُكِبَت مجازر في حقِّ أبنائها يمكنها، ويحق لها، أن تتوقَّع أن ينتصر لها حلف الأطلسي ليس بالسياسة فحسب، وإنَّما بالحديد والنار، وأن يقف، من ثمَّ، إلى جانبها إذا ما قرَّرت الانفصال، والعيش في دولة مستقلة ذات سيادة.

لا بدَّ من قول ذلك ما دامت الولايات المتحدة مصرَّة على إلباس حربها من "أجل كوسوفو" ذلك اللبوس الإنساني، وعلى تنزيهها، بالتالي، عمَّا هو "غير إنساني" من الدوافع والأهداف.

المأساة في الصراع القومي في عالمنا اليوم، وفي أوروبا على وجه الخصوص، أنَّ الجماعة القومية التي يشتد لديها الميْل إلى الانفصال لا يمكنها أن تنفصل بإقليم متَّصِل، أو بإقليم لا يشوب "الحق في ملكيته القومية (أو العرقية)" صراعٌ مع غيرها، فيؤدِّي هذا، لا محالة، إلى جَعْل ممارَسة الأمم والقوميات لحق تقرير المصير، الذي قوامه وجوهره حقها في الانفصال، توسيعاً لحرب الكل ضدَّ الكل، التي كانت في شكلٍ ديني، ويراد لها الآن أن تغدو في شكلٍ قومي (وعرقي) جنباً إلى جنب مع شكلها الديني.

ولا شكَّ في أن استمرار عدم المساواة (في الحقوق) بين الجماعات القومية والعرقية التي تتألَّف منها الدولة الواحدة هو ما يغذِّي ويقوِّي الميْل إلى "الانفصال القومي (أو العرقي) الذي لا يفشل في حل المشكلة القومية فحسب، وإنَّما يبذر بذور حروب من النمط الذي يرتفع فيه منسوب الوحشية البشرية بكل أشكالها وصورها، وكأنَّ مصالح وأهداف الولايات المتحدة الآن، أو من الآن وصاعداً، لا تسمح لها إلاَّ بانتهاج نهج يدفع العالم إلى مزيد من الوحشية في نمط الصراع، وفي وسائل وأساليب خوضه، توصُّلاً إلى الانتصار فيه.

من قبل، كان إحساس الإنسان بأنَّ حقوقه مهضومة منقوصة يؤسِّس لصراع من نمط حضاري وإنساني حقَّاً، فوعي الإنسان لوجوده، ولوجود الآخر، كان بمنأى عن العصبية الدينية والقومية والعرقية؛ أمَّا اليوم فقد تهيَّأ للولايات المتحدة من الأسباب والظروف ما يوافِق مصلحتها الإمبريالية في إحياء وتفجير كل صراعٍ من النمط الذي لا يمكن خوضه إلاَّ بمزيدٍ من الوحشية في الوسيلة والأسلوب، وكأنَّها، أي الولايات المتحدة، لا يمكنها العيش إلاَّ في هذا الصراع، وبه!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقع الإلكتروني للجريدة اليومية
- التلويح ب -كوسوفو-!
- مفاوضات أم جعجعة بلا طحين؟!
- مرض يدعى -المظهرية-!
- وَقْفَة تستحق الإشادة والتقدير!
- اغتيال مغنية.. ما ظَهَر منه وما استتر!
- -نار الغلاء- فاكهة الشتاء!
- -المواطَنة- في -الوطن العربي-!
- -حرية العقيدة- بين تركيا وبريطانيا ومصر!
- بوتين يرى العالم بعين لا يغشاها وهم!
- مع الحكيم
- إعادة فتح وتشغيل معبر رفح هي التحدِّي الأول!
- الحركة والسكون في الكون
- حتى لا يأتي هدم -الجدار- بما تشتهي إسرائيل!
- طريقان متوازيتان يجب أن تلتقيا
- بوش: للاجئ الفلسطيني الحق في التعويض عن حقِّه في العودة!
- رئيس بونابرتي أم لحود ثانٍ؟!
- -بقرة بوش- لن يَحْلبها غير إسرائيل!
- -الحُجَّاج- مشكلة تُحل بتعاون الفلسطينيين ومصر
- -الإعلاميُّ- و-الحاكِم- عندنا!


المزيد.....




- -صدق-.. تداول فيديو تنبؤات ميشال حايك عن إيران وإسرائيل
- تحذيرات في الأردن من موجة غبار قادمة من مصر
- الدنمارك تكرم كاتبتها الشهيرة بنصب برونزي في يوم ميلادها
- عام على الحرب في السودان.. -20 ألف سوداني ينزحون من بيوتهم ك ...
- خشية حدوث تسونامي.. السلطات الإندونيسية تجلي آلاف السكان وتغ ...
- متحدث باسم الخارجية الأمريكية يتهرب من الرد على سؤال حول -أك ...
- تركيا توجه تحذيرا إلى رعاياها في لبنان
- الشرق الأوسط وبرميل البارود (3).. القواعد الأمريكية
- إيلون ماسك يعلق على الهجوم على مؤسس -تليغرام- في سان فرانسيس ...
- بوتين يوبخ مسؤولا وصف الرافضين للإجلاء من مناطق الفيضانات بـ ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - جواد البشيتي - تعصُّب جديد قد ينفجر حروباً مدمِّرة!