نحو قانون يحفظ حقوق ذوى الاعاقة فى مصر

غريب سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2204 - 2008 / 2 / 27 - 02:14
المحور: حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة
    

حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة
(التشريعات المصرية)

مدخل:-

كثر الحديث خلال الشهور القليلة الماضية عن أهمية إصدار قانون خاص بالأشخاص ذوى الإعاقة والحقيقة أن العديد من المهتمين بحقوق ذوى الإعاقة في مصر يطالبون بإصدار مثل هذا القانون منذ سنوات ‘وهناك بالفعل مبادرات هامة في هذا السياق أثمرت عن وجود مقترحين بمشروع قانون (مقترح مشروع جمعية شموع – مقترح مشروع المجلس القومي للطفولة والأمومة)0
ولكن هناك متغير جديد أعطى للموضوع أهمية خاصة هذا المتغير هو صدور الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق ذوى الإعاقة (ديسمبر 2006)ومبادرة الحكومة المصرية بالانضمام إليها مع بداية طرحها للتوقيع 0مارس2007)وأهمية هذه الاتفاقية فيما يخص إصدار قانون خاص بذوي الإعاقة تعود لسببين0

الأول:- أن انضمام مصر للاتفاقية يلقى عليها بالتزامات تشريعيه فمصر ألان ملتزمة قانون بتنفيذ القوانين الداخلية من أي نص يتضمن تميز بسبب العاهة0كماانها ملتزمة بإصدار قوانين تهدف لتمتع الأشخاص ذوى الإعاقة بالحقوق الواردة بها 0

الثاني:- أن الاتفاقية جاءت برؤية متقدمة تتجاوز الرؤية التقليدية التي مازالت سائدة في مصر،حيث فالاتفاقية تنطلق من كون الإعاقة تكمن في التلاقي بين العاهة الجسدية أوالذهنيه، وبين الحواجز البيئية المختلفه0وهذا المنطلق يختلف تماما بل ويتناقص مع الرؤية التقليدية 0والتىنرى الإعاقة في العاهة نفسها وبالتالي نرى الشخص ذو الإعاقة إنسان معاق (عاجز)0
-بالطبع يجب إن يأخذ الحديث عن قانون ذوى الإعاقة منحنى جديد0 فحتى قبل صدور الاتفاقية كانت الأفكار الأساسية عن مثل هذا القانون ترتكز على (النظرة التأهيليه)وهى في الحقيقة نظرة محدودة جدا ،تحصر الأمر في تقديم بعض الخدمات "وتأهيل ذوى الإعاقة بهدف الدمج ،وهوا لهدف الذي لن يتحقق بمجرد صدور قانون ،بل يحتاج فعليآ إلى مواجهة الرؤية التقليدية السائدة كما تستلزم وجود أدارة سياسية لدى الدولة في ظل الغياب الكبير للأشخاص ذوى الإعاقة أنفسهم عن مثل هذا القانون الذي من المفترض أنه يخصهم 0مع الاعتراف بأهمية الأدوار التي يقوم بها أفراد قليلين من ذوى الإعاقة في هذا الإطار والمقصود بالمنحنى الجديد هنا هو الاعتراف مبدئيآ بذوي الإعاقة كأشخاص متساويين مع الجميع في الحقوق والوجبات ، وقبول عاهاتهم كجزء من التنوع البشرى الطبيعي ، وبالتالي الاعتراف بأن الإعاقة ليست هي العاهة بل في عشرات الحواجز البيئية التي يجب العمل على إزالتها بأسرع وقت 0والقانون المطلوب إصداره سيكون أحد الأدوات الهامة في هذا الأتجاه0

لماذا قانون خاص بذوي الإعاقة

-هناك جدل كبير سواء على المستوى الاجتماعي أو القانوني حول التشريعات الخاصة ،ولا تهدف هذه الورقة إلي الدخول في هذا الجدل فقط سنحاول هنا طرح الأسباب القانونية التي تدعونا للتأكيد على أهمية إصدار هذا القانون الخاص0
فالأشخاص ذوى العاقة في مصر يواجهون فعليآ منظومة قانونيه تمثل في العديد من جوانبها حواجز تعيق الأشخاص ذوى الإعاقة عن الاندماج الحقيقي في المجتمع وتحد من قدرتهم على التمتع بالكثير من الحقوق مثل الحق في الأنصاف القضائي وبل وما زالت العديد من نصوص القوانين المصرية تحوى تمييز بسبب الإعاقة وان كان تمييز ضمني 0
-فعلى مستوى التشريعات العامة (المدني-العقوبات) هناك تناقضات تصل إلى حد الطرافة
فالقانون المدني المصري على سبيل المثال 0يعتمد على تصنيف للعاهات الهنيه يتمثل في (العته –السفه-الغفلة-الجنون المطبق-الجنون المتقطع) وبالطبع قد تجاوز العلم هذا التصنيف منذ ما يقارب قرن من الزمن 0 كذلك بالنسبة لقانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائيه0هناك غياب كبير وغير مبرر للحقوق القانونية لذوى الأعاقه0فقد اكتفت هذه القوانين بتفصيل جرائم وإجراءات عقاب أصحاب العاهات الذهنية 0وهذا الغياب يعود إلى ألمشرع المصري على قاعدة المساواة والتي يطبقها في غالب الأحيان بشكليه مفرطة تساوى بين ذوى الإعاقة وغيرهم مساواة حسابيه تؤدى واقعيآ إلى التمييز ضدهم و على سبيل المثال 0تخلو للائحة تنظيم السجون المصرية من أي تيسيرات خاصة بفئات عديدة من ذوى الإعاقة مثل أصحاب العاهات البصرية والحركية والسمعية 0وبالطبع يخلو قانون الإجراءات الجنائية وقانون المرافعات المدنية من أي تيسيرات قانونية تمكن ذوى العاقة من التعامل مع القضاء0
أما على مستوى التشريعات الخاصة والمقصود هنا هو قانون التأهيل 39لسنه75 بالأضافه للكثير من القرارات سواء من مجلس الوزراء أو الوزراء أو المحافظين 0فيجمعها كلها انطلاقها من رؤية (العجز)فقانون التأهيل لا يصدق عليه سوء وصف (قانون التشغيل ذوى الأعاقه ) فجوهر القانون يرتكز على توفير نسبة 5 من فرص العمل المتاحة لذوى الإعاقة ولا يحتمل القانون في الحقيقة حتى (النظرة التأهيليه) ناهيك عن اقتفاء القانون للنظرة الحقوقية 0 وأعتمادة على فكرة (الخدمة)إما القرارات الكثيرة فكلها تهدف لمنح بعض الامتيازات والخدمات كتخفيض تعريفه المواصلات أو منح إعانات ماليه أوأجهزة تعويضية0


ماذا نريد

- من الصعوبة بمكان في مجال الحقوق التفصيلية الخاصة بذوي الإعاقة التحدث بالأنابه عن ذوى الإعاقة فلا يدرك ما يواجهوه من حواجز وعقبان سواهم 0
وما يخفف من تلك الصعوبة هو التواصل الحقيقي معهم وإدراك معاناتهم أليوميه عن قرب0
ولا تهدف هذه الورقة إلى تعداد الحواجز البيئية وسرد قصص المعاناه0فقط تهدف إلى أن إعداد قانون خاص بذوي الإعاقة دون دراسة البيئة المادية الاجتماعية المصرية سوى قبضه ريح 0فالحق في الوصول على سبيل المثال لن يتحقق بالنص عليه فى القانون 0بل يجب أن يتضمن محاور أساسية تجعله قابلا للتحقق على أرض الواقع 0والا صار مجرد تجميع للأمنيات فالقانون يجب أن:-

اولآ:- حقوقيآ / بالمعنى الوارد في الاتفاقية الدولية بوصفها المرجعية الآساسية0 كما أنها تمثل أكثر الرؤى تقدمآ في هذا المجال 0كذلك تتضمن الاتفاقية التفصيلات الدقيقة للحقوق الواردة بها 0وليس من المنطقي صدور قانون داخلي دون الاستفادة منها 0وتجربة قانون محاكم الأسرة وقانون الطفل المصري 0 تؤكد أن المواثيق الدولية الحقوقية أصبحت أحد أهم مصادر التشريع المصري في مجال الحقوق الخاصة0
ثانيآ:- واقعيآ / فيجب أن يكون القانون قابلآ للتحقق على أرض الواقع فلا يكفى أن يسرد بعض الحقوق لذوى الإعاقة دون إن تكون هناك إمكانيات حقيقة ملموسة تمكن ذوى الإعاقة من التمتع بالحقوق 0وأعتقد أن ذلك يحتاج إلى مشاركه واسعة من ذوى الإعاقة أنفسهم في المراحل الأولى لأعداد القانون 0
ثالثآ:-هادفا / فالقانون في بعض الحالات يستخدم لمواجهه وتغيير أفكار راجعيه وللدفع نحو قبول فئات عانت أكثر من غيرها من التميز 0والأعتراف بحقوقها لذلك يجب أن ينحصر الهدف العام لهذا القانون في (الدمج الأجتماعى) ويعنى ذلك العمل على تحقيق أكبر قدر من المساواة الايجابية بين ذوى الإعاقة وغيرهم 0 مع الاعتراف بخصوصية الحقوق اللصيقة بهم 0وربما يكون التميز الآيجابى أحد الأدوات الهامة في هذا السياق 0

مشروع القانون المقدم من شموع

- أدركت (شموع )منذ نشأتها ،كجمعية حقوقية معنية بحقوق ذوى الإعاقة 0 ومتبنية للمنهج الحقوقي وأدواته في عملها 0الأشكاليات الكثيرة في المنظومة التشريعية المصرية والاحتياج الشديد لقانون خاص بذوي الإعاقة 0وهو ما أدى إلى تبنيها منذ سنوات لمشروع يهدف لصياغة مقترح قانون خاص بذوي الإعاقة كما أدركت شموع أهمية توسيع قاعدة المشاركة في هذا المشروع خاصة ذوى الإعاقة أنفسهم 0فقامت في المرحلة الأولى بعقد سلسة من ورش العمل التي ضمت ذوى الإعاقة والمهتمين وخبراء القانون ،كما استفادت من مشاركة الاتحاد النوعي لذوى الإعاقة بإمكانياته الكبيرة وخبراته الطويلة 0
وفى مرحلة ثانية ،وبعد صياغة المقترح المبدئي ،عقدت عدد من ورش العمل ضمت بجانب ذوى الإعاقة على مستوى المحافظات المختلفه0 عدد من أعضاء مجلس الشعب والشورى وخبراء في القانون وأساتذة الجامعات ،وأثمرت هذه المرحلة أعادة صياغة المقترح في ظل الاستفادة من نتائج ورش العمل 0
وأخيرآ وبعد صدور الاتفاقية الموحدة عملت شموع على تطوير المقترح بالاستفادة من الاتفاقية كمرجعية حقوقية أساسيه 0ومن خلال المادة دراسة نتائج ورش العمل المختلفة وأراء الخبراء القانونية والتاهيلية ومع ذلك لا تدعى شموع أن مشروع القانون المقترح منها قد اقترب من الكمال بل تضع هذا العمل والمجهود المبذول أمام جميع المهتمين من منظمات وهيئات وأفراد للأستفادة منه لإعداد مشروع قانون متكامل يحقق فعليآ أكبر قدر ممكن من الاندماج المجتمعي للأشخاص ذوى الإعاقة ،كما أن شموع تضع كل إمكانياتها وخبراتها في خدمه هذا الهدف 0


الوحدة القانونية لجمعيه شموع

غريب سليمان
المحامى

موقع جمعية شموع http://www.shumuu.com
[email protected]

#غريب_سليمان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات