أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد المجموعة القصصية حارس المزرعة















المزيد.....

نقد المجموعة القصصية حارس المزرعة


شاكر رزيج فرج

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


( حارس المزرعة ) للقاص نبيل جميل
قصص قصيرة تتحدث عن المسحوقين والمهمشين في الحياة البصرية

الترابط الجدلي مابين السرد الذي يتجه الى تأسيس (قص!) له مغزى وترميز دلالي
وبين المعاش اليومي ، مرتهن بقدرة الوعي في ( ضوء وعي قوانين تطور مجتمعه
وطبيعة تركيبه الطبقي ـ د. كريم الوائلي ـ) وتحديد المكان وزمان الحدث ودور الشخصية / الشخصيات في التأثير على سير الوقائع والاحداث وعلى ضوء تجربتها الخاصة ، لا تجربة ـ القاص ـ الذاتية ، لكي لايفقد المنجز الابداعي حيويته المستقلة!!
عن عالم ـ المؤلف ـ الا ان تجربتها الخاصة تلك لن تكون بمنأى عن الواقع الاجتماعي التي تتعايش معه واننا لابد ان تشعرنا بانها تعيش واقعا ليس غريبا عنا ، بل على حد تعبير ـ ياسين النصيرـ ( ان تتنفس الهواء الذي نتنفسه ) ، واذا نظرنا الى ابطال قصص ـ نبيل جميل ـ ندرك على الفور انهم ليس غرباء عنا ، بل ربما نلتقي بهم يوميا ونعرفهم تماما ، بل ويتقاسمون وايانا احزان وافراح الحياة التي نعيشها .
ففي اقصوصته الاولى ـ أمان مؤجلة ـ عسكريان في اجازة وهم في حالة يرثى لها ،يتسكعان عند واجهات الدكاكين والمطاعم ( يجرجهما حديث قديم الى اكتشاف الذات عن طريق الفم ـ النص) اضافة الى احاديث عن آمالهم المؤجلة ومن ثم يجلسان ليواصلا ذكرياتهما على احد المصاطب ، يستمعان الى مكبرات الصوت العامرة بالاغاني والاناشيد وابواق السيارات وقد نهشهما الجوع .
ولعل القاص ـ نبيل جميل ـ كان راغبا من استنهاض ذاكرتنا ، لما كنا نشاهده ايام الحرب ، وتسكع بعض الجنود والتعاطف الحميم الذي كان يبديه الناس تجاههم ، وتلك الالفة ونوازع الحب التي كانت تجمع كل العراقيين دون الالتفات الى مذهب او دين ، هذا التعاطف ومحاولة تخليق تواشج فعال بين الشخصيات والمتلقي نراه في ابهى صوره في معظم قصص المجموعة ، فالمرأة في ساحة ـ ام البروم ـ التي هي مثل حشرة اسطورية متحجرة تحاول ستر عريها بثوب ممزق قذرولا يسمع لها سوى الانين ، تبحث عن الطعام بين المزابل ، تتماثل والمرأة التي تحاول جاهدة ان يدر ثديها الحليب / جفاف/ دون طائل واخرى في /حالة خاصة/ تعيش وحيدة منعزلة تأكلها الوحدة بينما في / زيارة/ امرأة تسمع طرقا على الباب ( ترى من يتذكرني الآن ويزورني ـ النص ) فزوجها قد توفي منذ زمن طويل والاولاد قد رحلوا مع زوجاتهم الى عوالمهم الخاصة (..) وعندما تفتح الباب ترى رجلا مسنا نائما في ظل شجرة / ولابد لهذا الرجل من سبب ، فد يكون الجوع او الحاجة قد الجأته لذلك.
فالمقاربات بين ، النسوة الثلاث ، تبدو جلية للمتلقي ، بائسات نصطدم بهن يوميا ، في الساحات ، وقرب النفايات ، واسواق الهرج وفي بيوت الصفيح او تلك الآيلة للسقوط في البصرة القديمة او على الارصفة يبعن خلق الاثواب والعطور المزيفة
والسكائروغيرها .
ولم يكتف القاص ـ نبيل جميل ـ في تقديم صورلواقع محدد ،بل حاول تلوين فضاءاته ليتناول شريحة اخرى تقع على مقترب من شخصياته المسحوقة تماما ،ففي اقصوصته ( احلام شائكة) موظف ، مهمته حفظ الاضابير، يباشر عمله في قبو ، هو اقرب الى القبر، تنقل من مكان الى آخرتبعا لرغبات ـ مدير القسم ـ بحيث كان يشعر وكأنه لعبة تتدحرج بين الاقدام ، حتى وصل هذا المكان ، وعليه ان يتقبل ذلك والا كان مصيره التشرد والجوع والضياع / لابد له ان يهادن ، رغم انه كان كثير التحفز، ولكن هذا التحفز كان سريع الانطفاء بسبب الحاجة .
وفي اقصوصته التي تحمل اسم المجموعة ( حارس المزرعة) يضطرشاب للعمل في احدى مزارع ـ الطماطم ـ خارج المدينة ، ويبدو ان عمله ينحصرفي خدمة صاحب المزرعة وضيوفه من الرجال والنساء اللواتي يأتون بهن لممارسة البغاء داخل الغرفة التي يقوم على حراستها ، وقد نجح القاص في لصق صورة مغايرة ـ هي اشبه بمونتاج متجاورـ / تذكرقبل ستة اشهر عندما كان عسكريا على تلال مندلي /
ولعل ما جرى ـ ايام الدكتاتورية ـ من امتهان وحط لكرامة الانسان انما هي ممارسات قد جرت على نطاق واسع ودون تفريق بين شخص وآخرمهما كان موقعه الاجتماعي او ما قدمه من تضحيات ، فالكل في عرف من يقف على رأس السلطة ، انما هم توابع يحركونهم كقطع الشطرنج على رقعة رغباتهم ، والا كان مصيرهم ـ الموت ـ والتشريد لهم ولعوائلهم وربما ينال سخطهم الاصدقاء والاقارب .
في اقصوصة ـ ميتة اولى ـ رجل يعمل على حراسة بئر! ، ربما تنتابه شكوك واوهام حول ماهية هذا البئر، فيقرر النزول الى جوفه مهما كلف الامر، مأخوذا بمقولة
ـ ارنست همنكواي ـ في روايته ( وداعا للسلاح) ـ الجبان يموت الف ميتة ، والشجاع لا يموت الا ميتة واحدة ـ وما ان ينفذ رغبته ، حتى يصطدم بمصائب واهوال وهو ينزل دون ان يجد قرارا للبئر.
ويدخل ـ مضمون الاقصوصة ـ تحت يافطة (..) توق الانسان لاقتحام المجهول للوصول الى الحقيقة ، تلك الحقيقة التي تتبدى كهاجس يتنامى بفعل ـ المخيال ـ ليصل الى نقطة اللاعودة عن اتخاذ القرارالذي يعتقده ملائما له ، واذا كان هم الانسان ، هومحاولة ، كشف ـ العالم السفلي ـ وفك رموزه ابتداءا بظاهرة الموت ، فان الرجل ـ باعتقادي ـ كان صائبا في قراره .
في قصتيه ، ـ مطر ـ و ـ لهاث ـ يستثمرالمفردة ـ مطرـ كرمزللخير والنماء ، وهو معادل موضوعي ـ اعتقده ـ يقف ازاء الآلآم المبرحة والاحباط الذي اصاب ابطاله,
لذا جاء تأسيسه في البنية الحكائية متوافقا وثيمتي الاقصوصتين ، ففي الاولى ، يقف
الرجل الذي يبدو انه تسكع كثيرا تحت مظلة لاشتداد المطر وحينما يأتي الباص ،يرفض الركوب رغم تنبيه الاخيرين له ، وما ان ينصرف الباص (تمرغ على الارض ،ثم في عرض الشارع دون حراك ،راح يسبح تحت المطر ـ النص) .
وفي الثانية رجل يجلس وحيدا بين اربعة جدران ،يدخن مستذكرا تنقله الدائم لسبع
سنوات خلت وامرأة تنتظره دون ان يجد سبيلا اليها ، كما يستعيد ذكرياته عن الحرب ، وصوت الرصاص في الخارج يشحذ الذاكرة .
وفي قصته القصيرة جدا ـ لغز ـ يضعنا حقا امام احجية ، شخصان ينقلان كتبا من مكتبة ، وفجأة تخرج امرأة تصرخ فزعة ، فيهرب اللصان .
ان ـ نبيل جميل ـ كان راغبا ، تجاوز القراءة السطحية للنص ، للوصول الى المخبوء
لان الحديث عن لصين امر يقع في ما سمي ، باليومي والمهمل ، والحديث الفارغ ،
الا ان الاشارة الذكية ،للمسروق ، بانها مجموعة من الكتب ، انما ينمي الينا ـ ترميزاـ
كبيرا ، يتصل اساسا بالمحاولات المحمومة ( للبعض!) لمحو وطمس الثقافة الوطنية
وسرقة منجزاتها او تدميرها تماما .
ان مجموعة ـ نبيل جميل ـ اضافة مضيئة للقص العراقي ، وهو اسهامة في ترسيخ ادب تقدمي متعاطف كليا والشرائح الاجتماعية الاكثر سحقا وفي ظروف
بالغة التعقيد تمر بها حياة الناس في بلادنا .



#شاكر_رزيج_فرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقد / مسرح يحيى صاحب
- اذكر ..... اني
- نقد الغرائبية
- نقد مجموعة نجمة الظهر
- نقد قصصي
- نقد مجموعة قصصية
- نقد لمجموعة قصصية


المزيد.....




- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر رزيج فرج - نقد المجموعة القصصية حارس المزرعة