أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مطاع القاق - باب الحارة وما تبقى لنا















المزيد.....

باب الحارة وما تبقى لنا


مطاع القاق

الحوار المتمدن-العدد: 2203 - 2008 / 2 / 26 - 10:04
المحور: الادب والفن
    


قضيت ساعات كثيرة أمام الكومبيوتر في قراءة أخبار وردات الفعل على باب الحارة، مسلسل بسام الملا، وما لقيه من إعجاب كبير ومتابعة واسعة. لكن ما روعني ما كتب عن المسلسل في الصحافة السورية وصرت حانقا لسبين، الأول لأنه لم يقرأ إلا قراءات سريعة وسطحية بعيدا كل البعد عن طبيعته وما يريد أن يقول، ويصعب بالتالي وضعها في إطار النقد لأسباب كثيرة منها أنها تناولت العمل من خارجه بالحديث عن أفكار أخرى إيديولوجية لا تمت إليه بأي صلة فأخضعته لقانون الصواب والخطأ من جهة ومن جهة أخرى استخدمت أدوات بعيدة كليا عن طبيعة العمل الفني، بالتالي فقد حاكمته ولم تنقده، أيضا هذه الأصوات فرضت على العمل والقائمين عليه حس الوصاية بطريقة مخابراتية بعيدة عن قيم الحرية بطريقة شديدة التخلف لدرجة أنها صارت تفرض عليهم حلولا تتعلق بما يفعلون ولا يفعلون، بما يمكن ولا يمكن. أما السبب الثاني الذي أثار حنقي الشديد أن هذه القراءات السطحية استهزأت بكل بساطة وبشكل فاضح بعقول الناس وتجاهلت الإعجاب الكبير به والتهافت العريض على مشاهدته سواء في سوريا أو في الوطن العربي وفي أماكن أخرى من العالم.

هذه الفكرة كونتها من قراءة حوالي خمسة وثلاثين مقالا استطعت الحصول عليها من الانترنت. ربما أو أتمنى أن تكون هناك قراءات جيدة لم أستطع أن أجدها، يتوجب علي الاعتذار منها إن كانت موجودة.



على كل حال، أعتقد أن لمسلسل باب الحارة مشروعية كبيرة فيما يقدمه من خطاب أعتقد أنه ملح وضروري جدا في هذه المرحلة، فالإنسان العربي يشعر بالعار لأن أكثر من نصف الوطن العربي تقريبا محتل، يشعر بأنه بلا كرامة لأن الحكومات العربية عملت على قمعه وقتله وإفقاره بطريقة منظمة طيلة المرحلة الماضية، فلا تمضي ساعة من دون أن نسمع أخبارا بغاية البشاعة تدل على تفسخ المجتمع وتوجهه نحو الهاوية، ذلك بالإضافة إلى شعوره المزمن بالدونية أمام الآخر الغربي. إنه يعيش في أسوأ حالاته على الإطلاق. يعيش في أشد عصور العرب انحطاطا.



يقوم خطاب بسام الملا على مساءلة الإنسان والواقع أولا وأخيرا بغض النظر عن أي شيء آخر أو أي مؤثرات أخرى، فمنذ "أيام شامية" اختار وسيلة لاقت إقبالا كبيرا عند الناس ألا وهي القطيعة مع الغرب والثقافة القادمة من الغرب قطيعة تكاد تكون كلية فقدم أعمالا استثنى منها بصرامة كل ما يمت إليه بصلة أو إلى "الحداثة العربية" بكل ألوانها وتجلياتها. اشتغل على تفاصيل الإنسان النقي والحياة النقية التي لم تتسخ بعد.



لا شك أن هذا الخيار الفكري شديد الصعوبة، فلا يخف على أحد ما وصل إليه الغرب من تقدم في كل المجالات، ما وصل إليه في الفنون عموما وفي الدراما خصوصا بكل أشكالها وألوانها، مما يجعل من الصعوبة بمكان تجاهله أو عدم تقليده أو التراخي في استخدام أدواته شديدة الفعالية.



رغم كل ذلك، اعتمد بسام في أعماله على الحكاية الشعبية الشامية نظيفة كما هي، بتقنياتها البدائية الساذجة وبأبسط حالاتها بما فيها من مبالغة وما فيها من شخوص مبالغ في رسمها على طريقة السير الشعبية إلى حد يصعب تصديقها أحيانا وقدمها بأبسط الأدوات. قدم شخوصا شديدة البساطة، مشاكلها شديدة الوضوح بعيدا عن أي فكرة مسبقة أو فلسفة أو ثقافة غريبة. توجه بأعماله إلى جمهور بسيط يشبه إلى حد كبير شخصياته البسيطة أصلا. لم يكن في نيته اكتشاف سبق في الفن ولا طريقة جديدة في الإخراج، لم يكن في نيته أن يخاطب المثقف أو الغرب ليخبر بأنه مخرج عبقري على جبينه ملامح مفكر فيلسوف.



يرى البعض أن الحضور الغربي بكل مكوناته قد هيمن على الواقع العربي المعاصر وعلى الخطاب الثقافي أيضا حتى طمسه وجعله من دون ملامح، بل إنه أعاقه ومنع نموه طبيعيا لأنه ببساطة دخل ليستغل هذا الواقع لمصلحته فقط، لم يقم على احترام الإنسان، لم يعتمد على محاورة الواقع ومساءلته، شأنه في ذلك شأن التحديث التي قادته حكومات فاسدة، شأنه في ذلك شأن الثقافة العربية المعاصرة نفسها. قد يكون ذلك تعميما في ما يخص الثقافة، ربما توجب علينا رفضه جزئيا لوجود أمثلة ليست كذلك وإن كانت قليلة.



لكن، على الأقل، بسام الملا لا يبدو بعيدا عن ذلك، فهو في كل ما فعل تجاهل أي تغير وأي تحديث، أو أي ثقافة طرأت على الناس. ذلك من جهة، ومن جهة أخرى أصر على القيم الأساسية التي يعيبها الغرب من وجهة نظره، وأكد عليها بل بالغ فيها في كثير من الأحيان؛ نحن نضطهد المرأة، أي نعم نحن نضطهد المرأة، نضرب أطفالنا، أي نعم نضرب أطفالنا لنؤدبهم، ومع ذلك، فنحن نعيش على أرضنا، لدينا بيوت حلوة وطعام طيب ونساء مطيعات وأطفال مهذبون لتستمر الحياة بسلام ونعرف الفرح والغناء، لكن نفسنا عزيزة وغالية علينا، نثأر لها إذا ما أهينت.



هذا الإصرار على القيم الأساسية لا يعني بالضرورة بأنه دعوة إلى التخلف ولا يعني تحريضا على اضطهاد المرأة مثلا، بل هو دعوة لنكون ما نحن عليه قبل أي شيء آخر.



أما موضوع التقدم والتطور فموضوع قابل للبحث والأخذ والرد، فالمرأة لا زالت مضطهدة في كل العالم والفكر الذكوري لا زال سائدا أينما كان، على سبيل المثال بين كل عشر نساء كنديات، رغم أنهن نزعن الحجاب منذ ثلاث مائة سنة ورغم التقدم والتطور والقوانين الرادعة، ثلاث منهن يتعرضن للضرب المبرح.

أيضا فأن يكون لدينا شعراء يكتبون قصيدة دادائية أو سريالية في مجلة شعر أو كتاب يكتبون "الرواية الجديدة" أو مخرجون يعرضون "في انتظار غودو" لا يعني بأن الفن لدينا صار متقدما وصارت أذواقنا خارقة للحضارات صرنا أحرارا.

ليس الأمر مجرد نزع حجاب وليس ذلك مؤشرا كافيا للتحرر، فالمرأة حتى اليوم تقتل بل تذبح بأبشع الوسائل في الوطن العربي وكل يوم نسمع عن امرأة تقتل في سوريا بداعي الشرف، فعن أي حداثة تتكلمون؟ وأين هي الحقيقة التاريخية التي يطالبون بها بسام الملا بعد سبعين سنة؟ ألم يكن من أناس بسطاء أم يتوجب علينا فقط تصوير الناس المتميزين؟


لنقف عند باب الحارة! في الحقيقة لم أكن لأتخيل أن يكون الفن فعالا إلى هذه الدرجة، وسألت نفسي لماذا؟ كيف استطاع أن يتفق مع الملايين ويؤثر بهم هذا التأثير؟ فوجدت الإجابة في أن المخرج قد فعل شيئا أساسيا لا بد منه ليستطيع الممثلون التكلم بحرية وعفوية، فطرد من أعماله معلم المدرسة القادم من الغرب ليقول لنا بأننا حثالة متخلفون لا نعرف شيئا من مذاهب الفن الحديث وليعلمنا كيف نحكي ومتى نضحك وكيف نكون مهذبين! أتى منا من يقول لنا بثقة بأننا موجودون وأحياء ونستحق الحياة وحياتنا حلوة بغض النظر عن أي شيء آخر



#مطاع_القاق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مطاع القاق - باب الحارة وما تبقى لنا