أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فرات محسن الفراتي - الحضارة الانسانية بين التحطيم والضياع














المزيد.....

الحضارة الانسانية بين التحطيم والضياع


فرات محسن الفراتي

الحوار المتمدن-العدد: 2202 - 2008 / 2 / 25 - 07:34
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بعد إحكام سيطرة حكومة طالبان الإرهابية على العاصمة الأفغانية (كابل) في أواسط تسعينات القرن الماضي .. قام الإرهابيون بتدمير كل المرافق الحضارية والتاريخية في العاصمة كابول وعموم مدن أفغانستان الأخرى ، ولعل من راقب تلك الفترة عن كثب يتذكر الإحباط الثقافي العالمي عندما شهد العالم عبر شاشات التلفاز تفجير الطالبان لتماثيل بوذا العملاقة التاريخية الشهيرة في جبال أفغانستان ..
منظمة الثقافة العالمية (اليونسكو) طالبت آنذاك ، الطالبان بأن يحافظوا على هذا المعلم الحضاري بل عرضوا عليهم أن يشتروه بأي ثمن مادي لوضعه بأي متحف حول العالم حفاظاً على التاريخ .. إلا إن الطالبان فجروه كما حطموا غيره من الصروح الحضارية والمعمارية التاريخية في أفغانستان ، حتى أمست الديار الأفغانية كالجزيرة البدائية التي ليس عليها أي معلم حضاري سوى جبالها وأشجارها والبشر ..
ما الداعي وراء تفجير الصروح الحضارية .. وهل تدمير حضارة معينة كان وراءه إنشاء حضارة جديدة على أنقاض ما تحطم ؟
يحدثنا التاريخ إن الكثير من القادة العظام والجيوش الجبارة دمروا واحرقوا مدناً حضارية كبرى .. ولكنهم أقاموا بدلاً عنها مدن على طرازهم المعماري والحضاري و الفكري مما أدخلهم التاريخ ونشر أفكارهم وسياساتهم .
وقد أطلق التاريخ على الذين دمروا دون بناء واحرقوا وحطموا صروح الحضارة دون أن يكون لهم حضارة بالبرابرة و الهمجيين و الوحوش البشرية .
طالبان عندما حطموا تمثال بوذا على سبيل المثال هل أقاموا في مكانه وعلى أنقاضه مسجداً يذكر به الله ( لو افترضنا إن تحطيمهم للتمثال بكونه لا يمثل الإسلام دين الطالبان ) أم هل أنهم شيدوا مكانه جامعة للعلم أو نصباً يخلد مرحلة تاريخية ... باختصار لم و لن يقيموا شيئاً بل إنهم يحطمون صروح الحضارة الإنسانية التي تمثل تاريخ البشرية وتطور عصورها البنيوية ليذهبوا مساءاً للنوم بالكهوف المظلمة كأنما يعودون إلى عصور الإنسان البدائي (النياتردال) قبل ألاف السنين .
ثم لنعود مرة أخرى لتساؤل هام .. وهو هل وجود اثر غير إسلامي في أي بلد إسلامي يعتبر طعناً للهوية الإسلامية للبلاد ؟ أم يعد فخراً لها في أن تكون بلاداً عتيدة التاريخ الحضاري .
إن الآثار التاريخية والصروح الحضارية لا تمثل فقط فخراً تاريخياً ووارداً اقتصادياً واجتماعياً دولياً وخاصة من خلال اقتصاد السياحة ، بل لا ننسى أيضاً إن الحضارة هي المحرك الدائم للمستقبل والسمة النفسية الايجابية على سكان البلدان التاريخية ودافعهم نحو المستقبل .
هل الإرهاب يرغب في قطع صلة الحاضر بالماضي .. أم انه يرغب بإقناع من حوله بأفكاره البدائية التي لن تنال القبول إلا إذا طرحت في أجواء العصور البدائية سحيقة القدم واللاحضارية .
الإرهاب يستخدم عبارة (الجهاد) ومقاتلة الكفار منذ سنين عديدة , ولكني أقف عاجزاً عن تصنيف تفجير الصروح الحضارية في أي خانة من خانات الجهاد !!
هل إن تفجير و إحراق شارع المتنبي (الشارع الذي يعد أقدم سوق وراقيين أي تجار الكتب في العالم) أي إن هذا الشارع رمز من رموز الثقافة البشرية العالمية .. وما الرسالة الجهادية في تفجير معلم من معالم بغداد الجميلة وهو جسر الصرافية الحديدي أقدم جسر عصري في بغداد وواحد من أجمل جسورها معمارياً .
إن ضرب مثل هذه الصروح الحضارية وما سبقها من تفجيرات استهدفت المراقد المقدسة وفي عدة مدن , وتفجير وسرقة تماثيل بغداد الشهيرة كما الحال في تمثال عبد المحسن السعدون وتمثال أبو جعفر المنصور والملك فيصل الأول وغيرهم من صروح بغداد الجميلة وقبل كل هذا لابد أن لا ننسى ونعيد ربط الأحداث فأول كارثة تعرضت لها البلاد في مرحلة اللا قانون بعد انهيار حكم البعث الدكتاتوري كانت حادثة نهب المتحف الوطني العراقي أي تراث وحضارة الإنسانية .
إن ما يحدث في العراق اليوم على مستوى الحضارة والثقافة هو مسار منظم ومخطط وواضح ويهدف إلى سلخ البلاد عن كل معالمها وصروحها الحضارية .. انه مخطط لإفراغ الحاضر العراقي من خزائنه التاريخية التي عضدت نشوء الفكر العراقي بنيوياً للوصول لفهم التاريخ ولولوج المستقبل بثقة كبيرة ، إلا إن ضرب الصروح الحضارية يحاول فصل الماضي ليخلق ضبابية فكرية هجينة بين الماضي والمستقبل .. وهذه الظروف الهجينة المسمومة لكم تتعايش بصحة مع الإرهاب ، فالضبابية والفراغ تسمح لفكر الإرهاب العفن بالنمو والتقدم .. إما في المجتمعات المفكرة والمستقرة (صحيحة الذهن والجسد كما يقال) فلا لفكر الإرهاب من مكان مطلقاً .
الإرهاب يحاول قتل كل ما هو جميل ويستهدف أي متنفس للعائلة العراقية ليزيد في كبتها ويشجعها على ترك البلاد واللجوء للخارج ..
لقد شاهدت الكثير من الأفلام العالمية خيالية القصص تتحدث عن فرضية العودة إلى الوراء تاريخياً وكل محاور هذه الأفلام (الهوليودية) هو معرفة كنه معينة أو الوصول لسر حضاري أو لتمجيد رواد الإنسانية وبناة صروحها ، بل حتى لخيال علمي تاريخي .. ولكن لم نرى وازعاً نحو تحطيم الحضارة بهذا الشكل العبثي .. الإرهاب الأعمى اليوم لا يحبذ كشف التاريخ أو العودة به بل يسعى لتمزيقه ومحوه وتفجيره وحرقه لينشروا فكرهم الكهوفي الدموي السادي ويسيروا حفاة وسط القوافر والحفر التي تصنعها نزعاتهم الهمجية ..
فعجباً كل العجب على من يسوغ للإرهابيين أعمالهم أو يكنيهم بالمقاومين و المجاهدين أو الجماعات المسلحة محاولاً الاعتراف بهم ، وهو يعي بشاعة ممارساتهم ، أو رغبة البعض منح أعمالهم الهمجية قالباً من الشرعية ، وآخر يقترح التصالح معهم وما شاكل .. هل كل هذا الإجرام الذي خرج عن النسق البشري ليتحول هذه المرة لإبادة تاريخية حضارية ثقافية أيضاً .. مبرر عند البعض !!



#فرات_محسن_الفراتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو مصالحة سياسية عراقية
- كي يستفد العراق من تجربة لبنان
- المصالحة الوطنية اللبنانية في مرحلة ما بعد اتفاق الطائف
- إلى لجنة الرياضة و الشباب .. ليست حقوق الرياضي فقط بل أنها ح ...
- دعوة إلى ساسة العراق ... لنضع الشماعات جانباً
- المصالحة اللبنانية .. وتدارس الاخفاقات
- عامان جديدان
- دعوات المصالحة بين الرواج و الطموح
- الأعمار ... عصا العراق السحرية
- المصالحة الوطنية في معيار التعدد الحزبي
- ثلوج بغداد ... نذير خير أم شر
- مستقبل العراق السياسي في ضوء سياسة المكانة


المزيد.....




- خمس مدن رائدة تجعل العالم مكانا أفضل
- هجوم إيران على إسرائيل: من الرابح ومن الخاسر؟
- فيضانات تضرب منطقتي تومسك وكورغان في روسيا
- أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني -عمل إرها ...
- أدرعي: إيران ترسل ملايين الدولارات سنويا إلى كل ميليشيا تعمل ...
- نمو الناتج الصيني 5.3% في الربع الأول من 2024
- حضارة يابانية قديمة شوه فيها الآباء رؤوس أطفالهم
- الصحافة الأمريكية تفضح مضمون -ورقة غش- بايدن خلال اجتماعه مع ...
- الولايات المتحدة.. حريق بمصنع للقذائف المخصصة لأوكرانيا (صور ...
- جينوم يروي قصة أصل القهوة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - فرات محسن الفراتي - الحضارة الانسانية بين التحطيم والضياع