أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - نقد ذاتي وغيري














المزيد.....

نقد ذاتي وغيري


منير شحود

الحوار المتمدن-العدد: 682 - 2003 / 12 / 14 - 06:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما كانت أحلامي في تحقيق العدالة والمساواة تستعجل هبوطها نحو أرض الواقع, كان مؤدلجو مصالح السادة, القدامى منهم والجدد, يفبركون مصطلحات الديمقراطية والوطنية والقومية والأممية على هواهم.
لم أكن أفهم من الديمقراطية سوى معناها المجرد, أي حكم الشعب نفسه بنفسه. ولكن, ومع ذلك, عندما تُنعت الديمقراطية بالشعبية تتهلل أسارير وجهي, ويتراءى المستقبل أمامي وضاء مشرقا يمشي الهوينى نحو تحققه المؤكد انسجاما مع المنحى التاريخي الصاعد. وإن أضيفت كلمة السوق إلى الديمقراطية اكفهر وجهي وتجعدت ملامحي وصار المعنى بالنسبة لي معادلا لـ: "كلبة بنت كلب"!.
أما الوطنية...يا سلام! سحابة بيضاء ربيعية جميلة تختال في السماء, متحولة من هيئة حيوان أليف إلى آخر قبل أن تذوب وراء الأفق. وعلى الأرض ثمة سارية فارعة تشرأب نحوها الأعناق الطفولية, بينما يتسلقها العلم الوطني بهدوء وخشوع على إيقاع نشيد "حماة الديار عليكم سلام".
وكانت القومية ترتسم في مخيلتي على هيئة خريطة مترامية الأطراف ومهلهلة, يتسلل صومالها على الساحل الشرقي لإفريقيا ليرسم الطريق التي سلكها العرب نحو جزيرة "زنجبار", بينما تنحدر "ساقية الذهب" على ساحلها الغربي, ويغور جنوب السودان في أحشاء خريطة أفريقيا هذه ليبلغ سرة استوائها. وكنت أتابع منحنياتها وهي تنفلش تارة وتنكمش تارة أخرى. وتلمع أجزاءها المنهوشة من قبل الأعداء بلون آخر فاقع, على أن تسترجع هذه الأجزاء في وقت لاحق...ليس بعيدا بالطبع!. وكنت أتردد في تخمين المدة اللازمة لاسترجاع الأجزاء السليبة, على أن يحدث ذلك أثناء حياتي بالطبع, وذلك من أجل المشاركة في المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي ستقام احتفاء بتحرير هذا الجزء المغتصب أو المستلب أو المنتهك أو المحتل أو...الخ!.
والأممية...مسك الختام!: تآخ ومساواة وتعاون بين شعوب الأرض, وابتسامات سمحة تسم ملامح الوجوه التي تفخر وتتبختر بتلاوينها العرقية, وتتعايش بحب ووئام في مجتمعات خالية من الصلبان المعقوفة وما شاكلها من رموز.
وعندما تجاوزت عتبة الطفولة, وليتني لم أفعل ذلك!, بدأ انقشاع الحلم يتكشف عن وقائع لم تكن بحسبان مخيلتي الحالمة.
فالديمقراطية صارت تعني, واقعيا, حكم الشعب الممثل بالحزب الواحد وملحقاته, وصولا إلى القائد الملهم. والشعب عجينه دودية الشكل تزحف وتتلوى وتهتف في كتلة متراصة.
وتحوَّرت الوطنية تأييدا وتأبيدا وتصفيقا وتدبيكا للسياسات, بينما ترك العلم الوطني رأس السارية لعلم آخر أخذ على عاتقه تسريع المسيرة المظفرة لتحقيق أهداف الثالوث غير المحرم (تفريقا له عن ثالوث المرحوم "بو علي ياسين"). كما ازدادت الأجزاء المنهوشة من الخريطة القومية اتساعا, وفاحت من أحشائها رائحة التعفن والتحلل, وسالت الدماء أكثر فأكثر تحت ضربات الأعداء والأخوة. واغتربنا في الأوطان وخارجها, وأطبق الفساد على أموالنا وأرواحنا بلا شفقة أو رحمة.
وتحولت الأممية إلى عولمة امتدت مخالبها في غير اتجاه لتسابق الأمل في بناء حضارة تليق بالإنسان. وسالت الأحلام جداول من دموع ودماء.

معجم المصطلحات:
قومي: فكر يمثل مصالح قومية ووطنية مشروعة, حقيقية وإنسانية المضمون.
قوموي: فكر قومي شوفيني, مراوغ وديماغوجي, يستغل الشعارات لتحقيق مصالح تحت وطنية, فئوية وشخصية.
قومجي: فكر قومي كاريكاتوري تافه, صراخ مشين وزوبعة في فنجان, يتكرر فيه الصياح بكلمة الأمة كلازمة غير لازمة.



#منير_شحود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحية لصديق جديد
- بين ثقافة الاستشهاد و-عقيدة- الانتحار
- مثقفو وشعب... حبيبتي سوريا
- تقاسيم على وتر الخوف
- قلب تاريخي
- لبنان: ذكريات حاضرة
- بئس الخطاب القومجي: صاخب ومتعالٍ ولا إنساني
- محللون يحللون التحلل والحلول


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منير شحود - نقد ذاتي وغيري