أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس ولد القابلة - السيدا: من المتعة إلى الموت















المزيد.....



السيدا: من المتعة إلى الموت


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 2202 - 2008 / 2 / 25 - 10:05
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السيدا، داء فتاك انتشر بين ظهرانينا في صمت ومن وراء حجاب، حتى أضحى يراكم خلفه عددا كبيرا من الضحايا بوتيرة جد متسارعة ومسترسلة سنة تلو أخرى.
أناس تملّكهم هاجس الموت منذ أن علموا بإصابتهم بالسيدا الذي مازال لا ينفع معه علاج، ما عدا الوقاية منه والاحتراز الشديد لدرء شروره.
داء السيدا يتفاقم بالمغرب في صمت رهيب، في واضحة النهار وتحت جنح الليل، ولا من يحرك ساكنا، فكيف يتم السكوت عن ذلك؟ ولماذا؟ من طرف من؟ ولأي غرض؟
إن المساعدات المرتبطة بالسيدا أضحت "مشاريع" مربحة إلى درجة بدأ معها البعض يتساءل، هل هناك من يشجع، بشكل أو بآخر، على انتشار السيدا؟
إنها أسئلة مفزعة حقا، لكنها مبرّرة بفعل ما لاحظناه في طريقة التعامل مع حالات مصابين بالسيدا ينشرون الداء بعلم القائمين على جمعيات مكافحة السيدا، ينشرونه بحرية يوميا دون القيام بأي إجراء لتوقيف هذه الممارسة الخطيرة.
إن كانت نساء مخلصات لأزواجهن فوجئن بحملهن للفيروس الفتاك من الأزواج، فهناك نساء يمتهن الدعارة بفعل الفقر والتهميش والإقصاء، ولازلن يعرضن أجسادهن المصابة بالفيروس للبيع بكل حرية يوميا وفي أي مكان بعلم القائمين على أمورنا.. منذ سنوات وهن ينشرن فيروس السيدا مقابل دريهمات معدودات.
ملف هذا العدد يحاول تجميع معطيات للإجابة على كل تلك الأسئلة وغيرها، لكن ليس بالتنظير وتناطح الأفكار والأطروحات، وإنما من خلال معاينة واقع الحال على أرض المعيش اليومي ومساءلة المعنيات بالأمر مباشرة دون لف ولا دوران مع استحضار خطورة الأمر.

نشر فيروس الموت

كون الدعارة أقدم مهنة في التاريخ أمر لا خلاف حوله، وكونها منتشرة في جل بلدان المعمور، هذا أمر أيضا لا جدال فيه، لكن المفزع أن يتحول هذا الفعل الجنسي إلى وباء وفيروس قاتل، العبارة التي يستعملها إخواننا المشارقة ومفادها "خبطتين في الراس بتوجع" أكثر من معبرة بعد أن اقترنت الممارسة الجنسية التي هي أحد السبل الأساسية لنقل فيروس السيدا لدى نساء يعتبرن الفعل الجنسي عصب حياتهن بممارسة الدعارة، فبعملية رياضية بسيطة سنصل إلى أن حجم المصابين والحاملين لفيروس السيدا أكثر بكثير من ذلك الرقم الذي تعلنه وزارة الصحة بين مناسبة وأخرى.
ليس الغرض من تناول هذا الموضوع رفع شعار الأخلاق والدفاع عن القيم وإنما تناول ظاهرة فرضت من تلقاء نفسها بعد التأمل في الرقم المهول الذي احتلته مدن الدار البيضاء، مراكش، أكادير والرباط، من حيث عدد المصابين بالسيدا، فهذا المحور كان دائما قلب المغرب النابض، لهذا كان من الطبيعي أن تكون الإحصائيات المعلنة عن المصابين بالسيدا أقل بكثير من الواقع وهذا أمر يعرفه الجميع إلا أن ما نجهله ويجهله القراء أيضا هو الحد الذي وصلت إليه الأمور، ليس هذا فقط وإنما لو حاولت تدبر الأمور لشعرت أن المغاربة كلهم مهددون أو أنهم مشروع مستقبلي لحمل الفيروس.
هذا ما توصلنا إليه كخلاصة بعد الفترة التي قضيناها في متابعة وملاحظة طريقة عمل مغربيات من مختلف الفئات العمرية كداعرات، لكنهن لسن داعرات عاديات لأنهن يمارسن نوعا من الدعارة القاتلة" أو بأدق تعبير" المتعة القاتلة على اعتبار أن جل زبنائهن يبحثون عن متعة لحظات مسروقة من زوجاتهن أو شباب في خطواتهم الأولى لاكتشاف عالم الفحولة وفي أغلب الأحيان بغرض أرجعته(ف، جوهري)لكون جسدها هو عيادة متنقلة للطب النفسي موضحة أن جسدها هو ملك مشاع لكل الذين يدفعون ليفعلوا به ما يشاءون دون رفعها لشعار الحلال والحرام، الذي ترفعه باقي النساء المتزوجات وهذا ما يمنح لهذا الرجل الباحث عن المتعة كامل الحرية للتحرك بحرية في ثنايا جسدها ومن جهة أخرى وعلى اعتبار أن جل زبنائها من أولئك العابرين لطرق ومدن المملكة فقضاء ليلة أو سويعات معها سيمنح ذلك الزبون شخصا يصغي إليه ليقول ما يشاء وما يرغب في قوله لأنه يحس أنه لن يراني مرة أخر وحسمت قولها بالتأكيد على أن كل عملية جنسية أقامتها توازي قصة حياة أو جلسة نفسية لزبونها، فهي كانت راضية عن عملها إلى أن صدمت بحقيقة حملها للفيروس اللعين السيدا، فاطمة مؤمنة بما تفعله ولا تشعر أنه جرم أو منبوذ دينيا أو أخلاقيا فبسبب الفقر الذي عاشت فيه هي وأسرتها، داخل كريان سنطرال رفقة عائلتها عقدت العزم منذ البداية على أنه في سبيل تحقيق حلم الاغتناء والخروج من عالمها التي تقول عنه أنها وإخوتها لم يكونوا يحصلون كباقي الناس على ثلاث وجبات في اليوم وإنما كانوا يفطرون ويفطرون ويفطرون، فالوجبات الثلاث لم تكن تخرج عن الأكلة المشهودة الخبز والشاي أو أحدهما دون الآخر، ولأجل هذا فهي مستعدة للقيام بكل شيء بما في ذلك ممارسة الدعارة مع "الشيطان" من أجل الحصول على المال معرفتها بحملها للفيروس لم يدفعها لتوقيف نشاطها فهي تقول إنها تركت مقاعد الدراسة في السنة الخامسة ولا تتقن حرفة ولهذا فالنشاط الوحيد المتبقي لها هو الدعارة.
ولفك طلاسم هذا العالم الذي يمتزج فيه ثلاثي الجنس والمال والمرض اللعين (السيدا) جالسنا أكثر من متعايش مع السيدا كما يحول لهم أن يسموا أنفسهم وجلهم مصاب لأكثر من عشر سنوات بداء فقدان المناعة المكتسبة وحسموا في سرعة تزايد انتشار الفيروس بشكل مهول، أمام عجز الدولة وممارستها للحياد الإيجابي فهم يشعرون كأنها تقول إن دوري مقتصر على توفير الدواء الثلاثي وانتهى الأمر متناسية أن المرض نار ملتهبة، اقتربت ألسنة لهيبها من الجميع، فعندما استفهمت ( أمينة) وهي حاملة للفيروس لماذا لا تتوقف هؤلاء النساء الممارسات للدعارة بعد معرفتهن بإصابتهن بالفيروس أجابتني بسلسلة من الأطروحات التي أبكمت لساني موضحة هل الجزار الذي تقتني منه اللحم غير مصاب، تصوري تقول أمينة إن هذا الشخص فتح دكانه وبعد مدة علم أنه مصاب بالسيدا، هذا تتوقعين أنه سيغلق دكانه قطعا لا، قسي الأمر على باقي الناس الذين نصادفهم في الشارع، لهذا وجب على الجميع وعلى الدولة خصوصا أن تفرض إجراء التحاليل على المواطنين، مثلا أثناء حصولهم أو تجديديهم لبطائقهم الوطنية، فعلى الأقل ستتمكن آنذاك من حصر المرض أو معرفة العدد الحقيقي، هذا دون أن نذكر تقول أمينة إن عدم تأهيلها لهؤلاء النساء أو تخصيص مبلغ مالي لهن كمساعدة اجتماعية من الدولة، -على الأقل كما هو الحال في دول الجوار كالجزائر وتونس وليبيا-، فتأكدي أنهم لن يوقفن نشاطهن المدمر.
يبدو المشهد سرياليا، سوق للنخاسة بكل ما للكلمة من معنى، الساعة الرابعة زوالا بشارع محمد الخامس، أفواج من النساء اللواتي يفدن فرادى أو زرافات لاحتلال جزء من الشارع العمومي بعد أن أصبح ملعبهن للتنافس من أجل الفوز بزبون مفترض، فهنا يتجلى الوجه الثاني للعهارة التي يمكن تقسيمها إلى عهارة راقية بالنوادي والعلب الليلة،و بأثمنة وأرقام مرتفعة وعهارة سوداء على منتصف الطرقات وأبواب العمارات وتحت الأشجار وهي محج لفتيات من صنف خاص بما فيهن قاصرات وأخريات على مستوى تعليمي لابأس به، كما هو شأن "وفاء "التي أخبرنا مصدر من المشتغلين في العمل الجمعوي بأنها تمارس الدعارة وهي حاملة لفيروس السيدا، بل لم يستطع أن يخفي دهشته وانبهاره بعدما التقاها بالصدفة وهي برفقة اثنين من معارفه يعملون في سلك الشرطة بحانة بشارع "إدريس الحريزي"، مصرنا يقول "المفاجئة صدمتني كلينا فهي لم تستطع أن تخفي اندهاشها وأنا أيضا تفاجئت بتصرفها فهي حاملة للفيروس وبدون شك ستنقل العدوى لمرافقيها كما أنني لم أكن أعتقد أنها تمارس الدعارة ولكن أخلاقيا لا يمكني فضحها أو تنبيهها فهي واعية بما تقوم به، كما أنهم أيضا يتحملون وزر ما يفعلان، وكان يجب أن يتوقعا الأسوأ، مادام قد اختار أن يضاجعا هذا النوع من النساء،والذي يصادفنا كلما دخلنا مقهى أو حانة.
إذا ما تأملنا بعض الروايات التي يعرضها هذا الملف، وهي روايات لنساء يمارسن الدعارة في الشارع العام وحاملات لفيروس السيدا، استقيناها من مصادرها بعد جولات موزعة بين الجناح 23 الخاص بمرضى السيدا بمستشفى ابن رشد وبين بعض الجمعيات التي تعمل في مجال محاربة السيدا، فصاحبات هذه الشهادات هن وجوه معروفة تداوم على الحضور بشكل بارز بشوارع البيضاء، كشارع 11 يناير، أنفا، المسيرة، الفداء، محمد الخامس..فما الذي يدفع امرأة في منتصف الأربعينيات لتمنح جسدها المترهل والمصاب بالسيدا مقابل عشرون درهما؟ وما الذي يرغم طالبات جامعيات في مقتبل العمر على ربط علاقات مشبوهة حصلن من خلالها على شهادة المرض بدرجة الامتياز عوض الحصول على الشهادة الجامعية؟ تساؤلات عديدة تعتبر إجابات عن واقع مرضي انحرافي باختلالاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ولا تكفي معه المعالجات الأمنية، بل لابد من المعالجة الشمولية للظاهرة الدعاراتية المؤسسة للاقتصاد الجنسي، حيث البطالة والفقر والحرمان والبؤس الاجتماعي.
مهنة اللحم الرخيص إذا أضيفت إليها بهارات مرض داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) تحولت إلى وباء ينهش جسد كل اللواتي التقيتهن معنويا وبدنيا، خاصة أمام التمييز والخوف وغياب الرعاية، لهذا قررن أن يعشن حياتهن بشكل طبيعي رغم الألم الذي يحز في نفوسهن بسبب المرض الذي سينقلن جرثومته إلى كل من مارس عليهن الجنس.
دون أن نغرق في تناول أخلاقي لأن ما يقع يتجاوز أي تفسير ويدعو حقا إلى دق ناقوس الخطر المحدق بالجميع، لأن هذا المرض ما زال من الأمراض التي تخفي علاقتها المباشرة بمحرمات دينية واجتماعية منها العلاقات الجنسية بين الجنسين أو بين أشخاص من جنس واحد، وتعاطي المخدرات من خلال الحقن مما يؤدي إلى التستر على المصابين وإخفاء الحقائق، وهذه التصرفات لا تؤثر فقط على المصابين، بل تقف عائقا في وجه أية مبادرة للوقاية بسبب غياب الثقة، فلا يخفى إذن أن التمييز تجاه المصابين ليس من شأنه أن يسهل انتشار العدوى وانتقالها خاصة من قبل هؤلاء النساء اللواتي التقيتهن داخل الجناح 23 بمستشفى ابن رشد واللواتي يحرصن في كل اللقاءات التي تجمعهن أن يبحن ببعض الآلام التي يختزنها في صدورهن، فعائشة مثلا ابنة مدينة مكناس ولجت عالم الدعارة من بابها الواسع وبعدما علمت بأنها حاملة للفيروس اللعين تخلى عنها الجميع إلا ابنها الوحيد ذو السادسة عشر ربيعا والذي لا يكل من الوقوف أمام مراكز الشرطة إلى أن يتم إطلاق سراحها، تبكي بحرقة وسؤال وحيد لا يفارق شفيتها لمن سأترك ابني لو مت غدا أو السنة المقبلة؟ فصاحب هذا المرض لا يشفى، نفس السيناريو تحكيه أختان من مدينة العرائش، إحداهما من مواليد 1973، والأخرى من مواليد 1974 واللتين اكتشفتا إصابتهما سنة 2004 بعدما حملت إحداهما سفاحاً، من أحد المهاجرين باسبانيا، واقترح عليها إجراء التحاليل للتأكد من أن الابن، ابنه وهو الأمر الذي صدمها بعدما اكتشفت أنها تحمل الفيروس اللعين.
لاشك أن هذا الوباء قد انتشر طولا وعرضا في كل ربوع المملكة، لا فرق بين بادية وحاضرة بعد أن شهدنا واقعة اكتشاف إحدى نزيلات المستشفى أن أختها القاصر حاملة للفيروس، فلم تتمالك نفسها وأغمي عليها، وبعد أن استيقظت من غيبوبتها أخبرت النساء المتجمهرات حولها بأن أختها عاشرت جل شباب دوارها بنواحي "ستي فاضمة بمراكش"، خطورة الوضع والإكراهات التي يفرضها لخصتها مؤطرة بجمعية "النهار"، وهي أول جمعية للأشخاص المتعايشين مع فيروس العوز المناعي البشري، تأسست في أبريل 2006، وتضم ما يزيد عن 200 منخرط متعايش مع الفيروس، تقول إن داء السيدا نعيشه كل يوم بحكم أننا مصابون وتعودنا عليه وتعلمنا كيفية التعرف عليه، لكن المجتمع لم يستطع بعد أن يتعود على الأشخاص المصابين به ولا يقوم بأي مجهود لمعرفة الأشخاص الذين يعانون منه، لهذا فأعضاء جمعيتها يحاولون تقريب هذين العالمين، العالم الذي تعرفون وعالم الأشخاص المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، وروت رفيقتنا في كشف مستور هذا العالم الذي يختلط فيه الألم بالشجب حكاية مفادها أن المغاربة هم من يبحثون عن المرض حتى وإن كانت هي أصيبت في عقر دارها، بعد أن نقل لها زوجها الفيروس تحكي أن أحدهم حاول التحرش بها بقوله أطلبي ما تودين وأنا سأنفذ، فردت عليه أن ضربتها قاضية قبل أن تستدرك لتفسر له نوع الضربة القاتلة " أنصحك أن تزور جمعية على مقربة من المكان" (الذي تحرش بها)، آنذاك سيكتشف أنها مصابة بالسيدا، فتلك هي طريقتها في ممارسة التوعية بمخاطر الفيروس الرهيب.
اندهاشي بالحالة التي تبدو عليها بعض الحاملات لفيروس السيدا، واللواتي لا يظهر من محياهن أنهم مريضات دفع مريم وهي واحدة من اللواتي مارسن الدعارة في كل ربوع المملكة، قبل أن تتوقف بعد علمها بإصابتها بالفيروس، إلى أن تعمق من اندهاشي بالقول عندما كنت أشتغل بمدينة العيون، ولم أكن ساعتها على علم بإصابتي كانت تسكن بجواري امرأة في الأربعينات من عمرها وكان زوجها ملتزما أي متدينا، شعر بوعكة صحية فذهب لإجراء الفحوصات حيث علم أنه حامل لفيروس السيدا، وأنداك أخبر طبيبه أنه لم يزن يوما في حياته، لهذا ارتاب في أمر زوجته وبعد أن عاد إلى بيته حاصرها بأسئلة من كل الجوانب، وهددها بعزمه على إبلاغ الشرطة واتهامها بكونها هي من نقلت له العدوى، شك الرجل سرعان ما أكدته زوجته بعد أن انهارت وأبلغته أنها مارست الجنس ذات مرة مع واحد من جنود "المنرسو" العاملين بالصحراء مضيفة، أن الجندي الأجنبي أبلغها أنه مارس الجنس على عدد لا يحص من تلميذات الثانويات فتصوري حجم الكارثة تقول مريم".
كون الدعارة تصنف في خانة المهن المربحة بالنسبة لأولئك اللواتي يمارسن الدعارة الراقية أمر لا جدال فيه، فمهنة الدعارة فرضت قانونيا على هذه الفئة الاجتماعية بقوة المال ولغة ادفع النقود بسخاء كي تحصل على اللذة، وأي لذة ستمنحها عائشة هي واحدة من اللواتي إلتقتهن" المشعل "وأوضحت أنها لن تنقل مرض السيدا إلا لضيوف المغرب من الخليجيين)لزوار المغرب، من الأشقاء العرب والذين يأتون للتمتع برحلة استجمام بطعم الجنس، قبل أن يوجهوا سهام نقدهم لسمعة المغرب والمغربيات دفعها لتختار زبنائها بدقة عالية فهم يدفعون بسخاء وهي أيضا ستدفع بسخاء، لكن لا تتصورا إنها ستمنحهم مقابلا ماديا بل ستقدم جسدها المفعم بأريج "السيدا" انتقاما لشرف المغربيات على حد قولها.

مليكة (اسم مستعار) / مصابة بالسيدا
أرغم زبنائي على استعمال العازل الطبي

لم يكن من السهل الوصول إلى إحداهن فإدراكهن لنوعية الفيروس الذي يحملنه حوّل حياتهن إلى كابوس كل من حاول الاتصال بهن إلا وتوجسن خيفة لإدراكهن أن انكشاف حقيقة مرضهن للآخر لا يعني إلا حقيقة واحدة وهي نبذهن، فخوفهن من نظرة المجتمع وضيق ذات الحال دفعهن إلى ممارسة نشاطهن، رغم الألم النفسي الذي يعانينه بسبب إحساسهن بحجم الألم الذي يسببنه للآخر، فمرضهن ليس مرضا عاديا بل هو فيروس قاتل، أصبن به بسبب ممارستهن لأقدم مهنة في التاريخ ألا وهي "الدعارة".. هذا ما يقوله لسان حال مليكة التي التقيناها داخل إحدى الجمعيات وقبلت أن تتقاسم وقراء "المشعل"معاناتها، مجرد إقناعها بالحديث كان مستحيلا فلم تثق بنا إلا بعد إجراء أكثر من زيارة إلى بيتها رفقة إحدى المؤطرات بجمعية "النهار".
التقيناها داخل شقتها بدرب السلطان، شقة أنيقة، مرتبة، متناسقة، آثار انتباهها انبهارنا بتناسق ألوان شقتها، فحاولت تفسير الأمر بأن إخوانها هم من ساعدوها على اقتنائها بعدما لاحظوا المدة التي قضتها في خدمة البيوت كما يعتقدون لأنهم لا يعلمون أنها تمارس الدعارة، كما تدعي كانت قد قدمت للتو من "الحمام" رفقة ابنتها التي تبنتها من إحدى "الخيريات"، الصور المؤثث بها بيتها توضح أنها صاحبة ذوق في الديكور، حيث أسرت "للمشعل" أنها حصلت على قرض من جمعية "زاكورة" أثثت به بيتها، إحساسها بظلم ما تقوم به دفعها إلى البوح بأنها لم تجد بديلا لهذه المهنة وأنها صدمت صباح اليوم الذي قمنا بزيارتها بدعوى قضائية لم تحضر جلساتها وإنما توصلت بمنطوق الحكم في رسالة بالبريد المضمون، تخبرها أنها محكومة بأداء غرامة مالية قدرها عشرة آلاف درهم وشهرين موقوفة التنفيذ، وهو الأمر الذي زاد من اختلالها النفسي، فقد خرجت للتو من مستشفى ابن رشد خلال الأيام الماضية بعدما أجرت عملية لإزالة كيس من الرحم، وهي اليوم مطالبة بأداء غرامة عن قضية لا تعرف عنها شيئا، فهي لم تتشاجر على حد قولها مع أحد بالإضافة إلى أنها متأكدة بأنها غير مدينة لأي أحد بسنتيم واحد، غموض قضيتها زاد من غموض حالتها الاجتماعية وهي المكلفة بتوفير ظروف الحياة لولد وبنت في عمر الزهور، فابنها منخرط في أحد الأندية البيضاوية المعروفة.

- كيف اكتشفت أنك مصابة؟ وكيف تعاملت مع الأمر؟
+ البداية كانت عندما اقترحت على إحدى المستخدمات بجمعية "محاربة السيدا" واسمها جميلة، أن أجري فحص الدم، لأنها كانت تحاول أن توعينا بهذا المرض، وبحكم أني كنت أتواجد بشكل دائم وسط المدينة لاصطياد الزبناء، وبعد مرور حوالي شهر على إجراء فحص الدم، ذهبت للحصول على النتيجة، حيث أخبرني الدكتور الطعارجي بضرورة إعادة التحاليل، انتابني الشك، لهذا ذهبت إلى الدكتور ميشو الذي كنت قد وضعت ابني في عيادته، بداية هذه الحكاية كانت سنة 1996، وذهبت للمرة الثالثة عند الدكتور "زمامة" والذي تفاجأ للأمر، إذ أخبرني بأنه "لا يمكن أن تكوني مصابة وأنت بصحة جيدة، وبهذا الشكل الذي تبدين عليه"، لهذا أمرني مرة أخرى بإجراء فحص دم جديد، وبعد حصولي على النتيجة اندهش وأخبرني أني أحمل فيروس السيدا، فكتب لي رسالة توصية إلى البروفيسور المرحوم، والذي استقبلني بشكل جيد، أجريت فحص دم جديد ليتأكد من إصابتي، ولا تتصوري مدى الألم الذي أحسست به آنذاك، فابني كان عمره في ذلك الوقت أربع سنوات، وهو يبلغ اليوم 16 سنة، حاولت الإقدام على الانتحار لكني لم أستطع ذلك ولمدة شهر وأنا مسجاة على سريري بدون أكل أو شرب، فقط أختي كانت بمثابة ممرضتي، بعد ذهابي إلى المستشفى ولقائي بمرضى آخرين، بدأت أتعايش مع المرض، عائلتي نبذوني وأخواتي أخبروني "إذا رغبت في أن تتركي ابنك عندنا يجب أن تجري له التحاليل"، لهذا ذهبت عند البروفيسور المرحوم وأخبرته أن عائلتي تخلت عني بعد أن أخبرتهم، لأني لم أكن أعرف مدى خطورة هذا المرض وكنت أعتبره مرضا عاديا، لهذا فكر الأستاذ المرحوم في حل لأزمتي وأخبرني أني أخطأت بمصارحتي لهم، لهذا منحني نتيجة تحاليل أخرى سلبية لأريها لعائلتي وقد أخبرتهم أن النتيجة الأولى كانت خاطئة وأني مصابة بالفشل الكلوي، وهم حتى اليوم يعتقدون بأني مصابة بفشل كلوي، باستثناء أمي وإحدى أخواتي لأنها ملتزمة فقد تفهمت موقفي، وابني لا زال حتى اليوم يمنحني الدواء دون أن يعرف حقيقة مرضي، وبكل صراحة عدم تفهم الآخرين لوضعي دفعني إلى الإحساس بأزمة باقي المرضى الآخرين خاصة أولئك القادمين مثلا من الصحراء ومدن أخرى بعيدة، أما صديقاتي فعندما أخرج إلى الشارع فيوشوشن لزبنائي "لا تذهبوا مع تلك فهي مصابة بالسيدا".

- وهل أخبرتهن بمرضك؟
+ لقد عرفن بمرضي من إحدى صديقاتي التي كانت "صحبتي من الروح للروح" لكن الأهم من هذا وذاك هو أنني اليوم في موقف صعب، فالمجتمع لم يرحمني.. ثم تبكي بحرقة.

- وابنك هل هو الآخر مصاب؟
+ لا أنا متأكدة أني مرضت بعدما ولدت ابني.

- هل كنت متزوجة؟
+ لم أكن محظوظة يوما لأتزوج، لهذا ولدته أما عازبة "، كنت طايحة مع واحد السيد مواعدني بالزواج"، ويوم علم بأني حامل طلب مني أن أجهض لكنني رفضت ذلك، والبنت التي ترينها أخذتها من الخيرية وربيتها، والحمد لله أنا آخذ دوائي بانتظام، آكل بشكل جيد وعندما أذهب للمستشفى أتذكر المرض وأناجي نفسي بالقول إني مريضة وأمارس الفساد فلو كان عندي مدخول أو زوج لابتعدت عن هذا الباب.. ثم تجهش ببكاء هيستيري.. أنا أشعر أن الله امتحنني في الدنيا، لهذا " أنا بغَا ندير ملقايا مع الله شوية، عطاني السيدا باش نبعد من هاذ الشي لأن الفساد آخرته كلها أمراض"، وأنا أطلب من الله و"اليوم عواشر يحن علي ويعفو علي ونبرك نتقى الله" ثم تبكي بحرقة.

- مادمت مصابة كيف تتعاملين مع زبنائك؟
+ أشهد الله أني أطلب من كل زبنائي، بمجرد دخولي مع أحدهم أن يستعمل العازل الطبي، ورغم إصرارهم على عدم استعماله فأنا أصر عليه، فهم يقولون بأنهم يعرفونني منذ مدة، إلا أنني لا أريد أن أسبب الأذى لأي كان كما أوذيت أنا "، مول دقتي عرفتو، الوقت لي طلقها فيّ جا كالها لي"، تعرفت عليه بإحدى المقاهي وذهبنا بعد ذلك إلى بيت "القوادة"، بعد مرور أسبوع بحث عني في المكان الذي أتواجد فيه وقال لي " سيري داوي راسك لأني مصاب بالسيدا.

- تعرفت عليه داخل المقهى؟
+ نعم، رأيته مرة واحدة ومارس معي الجنس، آنذاك أخبرت صديقتي أن أحد الزبناء أخبرني بأنه مصاب بالسيدا، فقالت لي لا تخافي إنه يكذب، لكن عندما أجريت التحاليل في الجمعية تأكدت أنني أصبت وأنه لم يكن يكذب.

- ما هي الأماكن التي تتواجد فيها فتيات أخريات يحملن الفيروس؟
+ اللواتي يشتغلن في المحطة التي نلتقي بها كلهن يجرين التحاليل، واحدة منهن مصابة تتواجد بشكل دائم بشارع 11 يناير، ودائما ألتقيها بالمستشفى، لتحصل على الدواء، " أنا تأديت منأديش الناس، لأني حتى أنا عندي ولدي، المهم للي مبغاش يدير كابوط متنعاش معاه"، وأنا أطلب من الله أن يبعدني عن ممارسة الفساد.

- تطلبين منهم ارتداء العازل الطبي؟
+ نعم، دائما أحمله في حقيبة يدي ، أنظري هاهو، وعندما أطلب منهم ذلك يقولون "أنت بصحة جيدة، لماذا سأستعمل العازل الطبي؟! فأقول له الله يرحم والديك لا تعرف ماذا بي أوبك"، وإذا كانت إحداهن مريضة وانتقل الفيروس إلى أحدهم، فأنا أحاول أن أقنعه، وأقول له "يا أخي، المرض منتشر وأنا أشتغل في الجمعية، وأعرف أناس مرضى لإقناعه باستعمال العازل".

- عندما تنزلين إلى الشارع، هل تذهبين إلى مكان معين أم هم الذين يتصلون بك، أم ماذا؟
+ لا، إني أتواجد باستمرار في نقطة معينة وسط المدينة، وأعرف النساء اللواتي يخصصن بيوتهن للدعارة، ألتقي بالزبون وآخذه عند "القوادة"، فهو يدفع لي ولصاحبة البيت.

- ما هو المبلغ الذي تحصلين عليه؟
+ أحصل على ثمانين درهما، صاحبة البيت تأخذ 50 درهما "كطريفة" وأنا اكتفي بـ 30 درهما وفي بعض الأحيان أحصل على 20 درهم فقط، فأنا أقول "اللهم 20 درهم تعشي لي ولدياتي وما نمشيش بلاش"، فالمحطة التي أتواجد بها، كل زبنائنا يقولون لنا آخر ثمن 80 درهم، أنت وصاحبة البيت، المهم هو أن أحصل على 50 درهم أو 60 درهم في الليلة لأطعم بها أبنائي، لأني معنديش ومبقتش عندي الصحة باش نخدم في الديور" وأيضا بفعل الآثار الجانبية للدواء الثلاثي، فأنا أصبح متعبة ولا أستيقظ إلا حوالي 11 صباحا، أشعر "بالدوخة" ولا أستطيع القيام بأشغال البيت، إذن بماذا سأعيش ومجتمعنا لا يرحم ثم إن لا أحد يمنحني ولو سنتيما؟

- بحكم أن مريض السيدا ترافقه أمراض أخرى انتهازية، هل تعانين أنت من أمراض أخرى؟
+ بالفعل أنا مصابة بأمراض أخرى كالزكام، والتهاب اللوزتين، ومؤخرا أجريت عملية على الرحم لإزالة الكيس...

- هل زبناؤك لا يشعرون بهذه الأمراض خاصة أمام تعدد العمليات الجنسية؟
+ " أنا متنكترش، تندخل دخيلة أو جوج، ونجي بحالي" أخرج حوالي الساعة السابعة وأعود إلى بيتي حوالي التاسعة، لأن هدفي هو أن آتي لأبنائي بقوتهم اليومي "وميهزوش عينهم فعباد الله"، ماذا سأفعل أو أشتغل، لا حل لي "ولي الله سبحانه وتعالى هو يغنيني من عنده أما العبد معندو ميعطيك".

- وماذا عن أشقائك هل يعلمون أنك تمارسين الدعارة؟
+ لا، لقد كنت أخبرهم أنني أشتغل في البيوت إنهم ملتزمون.

- ولكن الالتزام هو أن يساعدوك؟
+ لا أحد يتذكرني ولو في مناسبة عيد الأضحى، لم يسأل أحدهم إن كنت اشتريت أضحية العيد، وما أود قوله لك إنني عندما كنت أشتغل في الجمعية توقفت عن ممارسة الدعارة لكنهم طردوني، فقد كنت مكلفة بجمع العاهرات اللواتي يشتغلن بعين الذئاب، وأوزع العوازل الطبية، إلى أن اتصلت بي عتيقة التي تشتغل مع "مدام حميش" وأخبرتني أن المشروع توقف، لأني كنت أشتغل آنذاك مع "sara" الاسبانية، وبما أنهم لم يتصلوا بي من بعد فقد عدت لممارسة الدعارة.

- كم كنت تتقاضين آنذاك؟
+ ألف وثمانمائة درهم، لقد طردوني وعوضوني بأخرى.

- هي أيضا تمارس الدعارة؟
+ لا، هي كانت تشتغل بليبيا؟

- ما نوع زبنائك؟
+ زبنائي من مختلف الطبقات، عزاب، مثقفون، موظفون.. وأنا أختار منهم البسطاء، الذين سيدفعون لي دون أن أسبب لهم الأذى، لأني أتوسل إلى الله أن يعفو عني لأن الشخص الذي نقل لي العدوى لن أسامحه إلى يوم الدين، لأنه "ضيع لي حياتي" فلولا هذا المرض لكنت تزوجت، فكم من الفرص التي أتتني لأتزوج ولم أستطع إخبارهم بأني مريضة، فهو زوجك وأكيد سيكشف أمر الدواء وسيسألك عن نوع الدواء الذي تأخذينه، لا يمكنني أن أكذب عليه. وكنت سألتني عن نوع الزبناء، جلهم متزوجون، وكم منهم نقل العدوى لزوجته وهي " ما عالمة ما ظانة" ومرضت بالفيروس وهي لم تترك يوما بيتها فمن نقل لها الفيروس، إنه زوجها.

- هل أخبرت يوما أحد زبنائك بأنك مصابة بالسيدا؟
+ لا أستطيع، كيف سأخبره، إن قتلني لمن سأترك أولادي، المهم إني أحاول أن أحميه من المرض.

- وهل أخبرت طبيبك بأنك تمارسين الدعارة؟
+ نعم، فأي طبيب أزوره يوم الأربعاء أخبره بأني أمارس الدعارة، لماذا سأكذب، ومن أين سأعيش، "واش فلوس تطيح علي هكذاك"؟!

- كيف يتصرفون؟
+ الأمر عادي، ماذا سيقولون، وأيضا أعضاء الجمعية يعرفون أنني أمارس الدعارة فغير ما مرة يلتقونني، حيث أقف لممارسة الدعارة ولا يكلمونني.

- هم يعرفون أنك مصابة بالسيدا؟
+ نعم يعرفون بحقيقة مرضي، فقد كنت أشتغل معهم ونظرا لغياب التأهيل، غير ما مرة تأتي إحدى المصابات بالسيدا وهي حامل حيث يجرون لها عملية إجهاض، ولكي لا أذهب بعيدا فقد كنت البارحة بمستشفى ابن رشد، حيث التقيت ثمان فتيات تم ترحليهن من ليبيا وكلهن مصابات بالسيدا، وأعمارهن تتراوح ما بين 20 و 22 سنة، وبالتالي فالسيدا غير موجودة فقط بالمغرب، وإنما يدخلونها من الخارج، وبمجرد ما سيحصلن على الدواء سيذهبن إلى حال سبيلهن.

- دون تأهيل؟
+ عن أي تأهيل تتحدثين، فجل الجمعيات عندما تنظم تظاهرات يقلن إننا نساعد المرضى، أي مرضى يساعدون؟ فأنا لم أحصل منهم على سنتيم وكأنهم يقولون لنا "سيري شريه" وذهبت عندهم قبل العيد وأخبرتهم أنني لا أملك ثمن الأضحية قالوا لي "ما عندنا ما نيدرو ليك".

- ما هي بعض الأماكن التي تتواجد بها عاهرات حاملات للفيروس؟
+ مثلا شارع أنفا، شارع المسيرة، شارع محمد الخامس، 11 يناير، درب السلطان، قرب ساحة "الحمار"، كلها أماكن تتواجد بها عاهرات حاملات للفيروس، فالمرض ينتشر والجميع ساكت عن الموضوع، فلا بد من البحث عن حل لهؤلاء المريضات"، آنذاك العيب عليهم إلى خرجوا"، فهم يمنحوننا الدواء الثلاثي، ولكن ماذا ستأكل معه، أعرف فتيات يأتين من الجنوب ومدن أخرى لإجراء التحاليل وإذا تأخروا لربع ساعة يطلب منهن أن يأتين في اليوم الموالي أين ستبتن، لهذا غير ما مرة ما أعطيتهن رقم هاتفي وأخبرتهن أن بيتي مفتوح في وجوهن إلى أن يحين موعد أخذهن لدوائهن، وأكثر من ذلك فداخل المستشفى أصادق طالبات جامعيات مصابات، إحداهن أخبرتني أنها كانت على علاقة بشخص يشتغل بإحدى الصيدليات وهي تأخذ الدواء دون علم أهلها، وهي لازالت تتابع دراستها.

- ألا تفكرين في التوقف عن ممارسة الدعارة؟
+ بالفعل لقد سبق لي أن فكرت في الأمر، وذهبت إلى وجدة وفي طريق عودتي أخذ مني رجال الجمارك بتازة ما يقارب عشرة آلاف درهم من السلع وأخبرتهم بأني مريضة وأثبت لهم ما أقول بالشواهد الطبية، ولم يرحموني، بل أخذوا مني سلعتي، لقد أخبرت الجمركي أنني مريضة بالسيدا ولم يرحمني، لقد عملت المستحيل لأترك عالم الدعارة، فما أطلبه اليوم من الله هو أني يعفو علي، أما المرض فأنا راضية به، لأنه امتحان من الله الذي ابتلاني به في الدنيا، فقد كنت في السابق أشتغل عند جزائرية أربي لها أولادها إلى أن رافقت صديقات السوء " واحدة تجر واحدة إلى أن وجدت نفسي في هذا الميدان".

حصيلة مليكة

سيناريوهات مساهمة مليكة في انتشار السيدا
الفرضيات: في المعدل تمارس مليكة الجنس مع شخصين خلال اليوم الواحد، أي ما يعادل 60 شخصا شهريا، هذا هو المنطلق.
سيناريو 1: فرض استخدام العازل الطبي ومبدأ عدم الممارسة بدونه، والنتيجة هي عدم مساهمة مليكة في انتشار السيدا.
سيناريو 2: 50 بالمائة من الزبناء يرفضون استخدام العازل الطبي، والنتيجة هي احتمال إصابة 30 شخص شهريا بالسيدا عن طريق مليكة.
سيناريو 3: كل الزبناء يرفضون استخدام العازل الطبي، والنتيجة احتمال إصابة 60 شخص شهريا.
سيناريو 4: 25 بالمائة يرفضون العازل الطبي، والنتيجة احتمال إصابة 15 شخص شهريا.
خلاصة: أسوأ السيناريوهات يؤدي إلى إصابة 720 شخص بالسيدا سنويا، وإذا مارسوا الجنس مرة واحدة مع غير مليكة ستكون النتيجة 720x12 =7640 شخص من المحتمل إصابته.
أخف سيناريوهات الممارسة مع مليكة يؤدي إلى إصابة 18 شخصا، وإن مارس هؤلاء مرة واحدة في الشهر مع غير مليكة ستكون الحصيلة 180x12 = 2160 شخص من المحتمل إصابتهم بالداء الفتاك. فكم من مومس حاملة للفيروس لازالت تمارس الجنس؟ وكم من زبون يستفيد من خدماتها يوميا بدون عازل طبي؟ إنها أسئلة مروعة حقا.

مريم / خريبكة
نقلت الفيروس إلى عدد كبير

" أتوسل إليكم لا تذكري اسمي ولا المنطقة التي أنتمي إليها، فأنا لا أريد أن أعود للشارع ولا أن أفقد مهنتي"، بهذه الكلمات القريبة من الرجاء توسلتنا صاحبة هذه الشهادة، ولا تتصوروا أنها تمتهن وظيفة براتب شهري خيالي وإنما هي خادمة بأحد البيوت بعدما تعافت شيئا ما من الأمراض الانتهازية التي صاحبت إصابتها بالسيدا، رفضت الزواج من عريس "لقطة" سيوفر لها حياة كريمة وهو الآخر حامل للسيدا، لأنها لا تود أن تترك إخوانها عرضة للتشرد، بعد أن توفت والدتها وتزوج والدها من امرأة أخرى اختارت أن تكون معيلهم ولو بأجرة لا تتعدى سبعمائة درهم.

- متى عرفت أنك مصابة بالسيدا؟
+ عرفت منذ سنتين بعدما مرضت وارتفعت حرارتي، أجريت تحاليل عديدة، هنا بالمستشفى الإقليمي بخريبكة، ومسؤولو المستشفى هم من أرسلوني إلى الدار البيضاء، وهناك أخبرت أني مصابة بالسيدا.

- كيف أصبت بالمرض؟
+ كنت " تنفسد" ومائة بالمائة أصبت به وأنا بالجنوب بمدينة العيون، كنت أعاني من ظهور حبات صغيرة في جهازي التناسلي ولكني لم أجر أية تحاليل.

- ما نوع الأشخاص الذين كنت تلتقينهم؟
+ بعد عودتي من مدينة العيون، وقبل أن تظهر علي أعراض المرض، كنت أمارس الدعارة رفقة رجال من مختلف الطبقات، مثقفين، عزاب، ومتزوجين.. من مختلف الفئات العمرية.

- هل مازلت تمارسين الدعارة؟
+ أنا أشتغل الآن ببيت مديرة مدرسة كخادمة بحوالي سبع مائة درهم شهريا.

- قلت إنك تشتغلين وكل المريضات اللواتي التقيتهن يقلن إن مناعتهن ضعيفة ولا يقدرن على أشغال البيت؟
+ لقد تحسنت وضعيتي الصحية بعدما استخدمت الأعشاب الطبيعية.

- أعشاب مثل ماذا؟
+ العسل الحر و"الشانوج" (الحبة السوداء)، لقد سمنت ورجعت إلى حالتي الطبيعية.

- هل يعلم أهلك بأنك مصابة؟
+ لا، فوالدتي متوفاة وأبي متزوج وأعيش رفقة إخواني.

- هل تتخذين احتياطات لكي لا تنقلي لهم العدوى؟
+ بكل تأكيد أتخذ الاحتياطات لكي لا "أجرح"، بالإضافة إلى أني لا أترك في متناولهم فرشاة الأسنان الخاصة بي ومقص الأظافر، إنني لا أستعمل شيئا يضرهم.

- إحدى اللواتي التقيتهن أخبرتني أنها تستعمل العازل الطبي، كيف يبدو لك هذا الأمر؟
+ يا أختي منذ مرضت "تعقدت"، وأنا الآن أداوم على الصلاة التي لم أكن أعرف كيف أقيمها وأقرأ القرآن من أجل أن يثوب الله علي، أعتقد أن العازل الطبي غير كاف لأن الرجال يرفضون استعماله.

- كم عدد الأشخاص الذين مارست معهم الجنس وأنت مريضة؟
+ "بلا عداد".

- أين كنت تلتقينهم؟
+ "تندير أطوسطوب بحال إلا غدا شي بلاصة، نتركب اللور، تانتفاهمو، حتى هو تيكون على سبة، تنقضي معاه، تيخلصني ونرجع لنفس البلاصة وندير لوطوسطوب من جديد" ثم أعيد نفس العملية.

- ألم تذهبي إلى أماكن معينة أخرى؟
+ كنت أذهب إلى البارات والمقاهي، حيث يمكن أن ألتقي زبناء معينين.

- أماكن مثل ماذا؟
+ مثلا في الدار البيضاء، كنت أذهب إلى "L’Arezona" وبارمليكة، "Blavia"

- ما حكايتك مع مقدم حيكم وكيف علم أنك مصابة؟
+ لقد كان الخبر مشاعا بين الجميع بعدما لاحظوا الحالة التي أصبحت عليها، فقد كنت أزن 72 كيلوغراما وأصبحت أزن 50 كيلوغرام، لقد أصبحت مثل المعاقة بعد أن تمكن مني المرض وتساقط شعر رأسي وحواجبي وجحظت عيناي.

- ومن أخبره بمرضك؟
+ الفتيات اللواتي كن يخرجن معي، أخبرهن طبيب بالمستشفى، وبسبب الغيرة والحسد نشرن الخبر، لأنهن كن يأتين لزيارتي بالمستشفى.

- كم كنت تتقاضين عن كل ممارسة؟
+ ما بين 150 و 200 درهم وقد أتقاضى أكثر، وكما تعلمين فخريبكة ممتلئة بالمهاجرين والذين كنت ألتقيهم في الغالب داخل حانة السفير بخريبكة، لهذا أستغل الفرصة كي أنبه الجميع أن المرض منتشر وقد تبدو إحداهن سليمة رغم أنها مصابة بالسيدا، كما أن جل الرجال يرفضون استخدام العازل الطبي.

- هل كنت تطلبين منهم ذلك؟
+ نعم وهم يرفضون، ويقولون لك " أنا ماشي من عادتي ممولفوش"، ماذا ستفعلين معه، فهو يسأل هل أنت مريضة ثم تضطرين قبول الأمر، خاصة وأنهم سكارى، وحتى ولو كان كان بكامل وعيه فلن يستعمله لأنهم يقولون "حاشاك تيبغي اللحم على اللحم".

- هل تعلم السيدة التي تشتغلين لديها بأنك مصابة بالسيدا؟
+ إنها لا تعلم وتعتقد أنني كنت مصابة بفقر الدم.

- كيف تتناولين دوائك إذن؟
+ أشربه صباحا في بيتنا، ونفس الأمر في المساء عندما أعود.

- هل لك صديقات مصابات بالسيدا؟
+ عندما أذهب إلى لمستشفى أصادف بنات كثر مصابات بالسيدا ويمارسن الدعارة، ويوم الخميس من كل أسبوع لو دخلت إلى جناح 23 سيعتقدن (الله يحفظ) أنك مريضة وستسمعين العجب العجاب، دون أن تشعريهم بكونك صحفية.

- حكايات مثل ماذا؟
+ جل البنات الممارسات للدعارة في الدار البيضاء، مصابات بالسيدا، ورغم ذلك لا زلن يمارسنها وكذلك فتيات من أسفي ومن بني ملال..ومن كل مدن المغرب، فداخل المستشفى ستكتشفين الحجم الحقيقي للمرض بالمغرب وإلى أية درجة قصوى انتشر حتى بين النساء المتزوجات.

حصيلة مريم "الافتراضية"

أصيبت مريم بفيروس السيدا منذ سنتين، حيث يبدو أنها التقطته من أحد الزبناء بمدينة العيون، حيث كانت تمتهن الدعارة لردح من الوقت.
كانت مريم على أقل تقدير تستقبل 5 زبناء يوميا، وبذلك تكون قد نشرت الفيروس الفتاك، بين 1500 و 2000 شخص،لاسيما بين الجنود.. وإذا افترضنا أن هؤلاء المصابين عن طريق مريم قد مارس كل واحد منهم الجنس مرة واحدة فقط مع غيرها، فسيكون مجموع المصابين بالسيدا عن طريق مريم على أقل تقدير ممكن، ما بين 3600 و 5000 شخص، وهذا أمر مفزع.
وللإشارة، ظلا ممارسة الجنس تعرف رواجا كبيرا في المناطق التي يتواجد بها الجنود، ومنذ نهاية الثمانينات، شكلت الأقاليم الصحراوية وجهة قصدتها الكثير من المومسات، وفي هذا الصدد اشتهر على سبيل المثال لا الحصر، حي المطار بمدينة الداخلة (إقليم واد الذهب) بتمركز عاهرات هذه المدينة القادمات من الأقاليم الشمالية والداخلية، إذ كان ملاكو عقارات حي المطار لا يؤجرون إلا لممتهنات الجنس، وكان الجنود يقصدون هذا الحي ليل لنهار، وقد سألنا إحدى العاهرات عن مسألة الرواج بهذا الحي، فكان جوابها أنها تستقبل في المعدل، على الأقل 10 زبائن يوميا، وإذا افترضنا أن واحدة فقط من قاطنات هذا الحي تحمل فيروس السيدا، فلكم أن تتصوروا فتوحاتها وسط الجنود وشيوع الفيروس بينهم، وهذا أمر فعلا يبعث على القلق.

فيروسي غير موجه للمغاربة

الدار البيضاء كما هي دائما صاخبة، تتكئ على جنب المحيط مغلولة إلى رتابتها بربطات العنق المميزة لرجالها، الناس يعبرون شارعها الأعظم منتشين ببحلقتهم في الواجهات الزجاجية، مستسلمين إلى لذة تلاقيهم وتقاطعهم واحتكاكهم يمشون الهوينى وكأن الزمن لا قيمة له، فقط وحدها تلك المرأة التي بدت لي بوجه جديد تحرض المدينة على الانفلات من عقالها، بعدما انتظرتها لأزيد من ساعة ونصف على الموعد المتفق عليه على اعتبار أن لا أقترب منها أو أحدثها لأن ذلك سيثير شك زميلاتها في المهنة، فمجرد تحرك مشبوه على حد قولها سيعرضها لمساءلة ومتابعة رجال الأمن الذين يعرفونهم ولو بلباسهم المدني.
الساعة حوالي السابعة مساء، شارع محمد الخامس مشتعل برؤوس تغدو وتروح، رؤوس بدت لي تائهة تبحث عن أعمدة تحملها، قبالة البنك العربي مجموعة من النساء يفترشن الأرض على أهبة الاستعداد لإطلاق أرجلهن للريح كلما لمحن سيارة شرطة أو أي طيف بصيغة المذكر باحث عن لحظة متعة، لا يخجلن من تعديل مكياجهن الصارخ وتبادل كلمات نابية فيما بينهن.
نساء بئيسات على الرغم منهن، يحتمين من العطالة المفروضة عليهن، بالبحث عن زبون يمنحهن عشرون درهما لسد رمق بطون جائعة وشراء الدواء لأمهات عجائز إلى جانب أداء فاتورة الكراء والماء الكهرباء، وأشياء أخرى من بينها لوازم المهنة من مكياج وهواتف نقالة.
طال انتظاري لعائشة التي تعرفت عليها بواسطة مؤطرة تعمل في جمعية لمرضى السيدا، وهي حاملة للفيروس منذ عشر سنوات.
المهم وكما اتفقنا سابقا، انتظرت لحظات حتى سبقتني عائشة (اسم مستعار) حسب الخطة المتفق عليها فيما اختارت مرافقتي أن تكلمها هاتفيا لتسألها عن وجهتها، استقلت سيارة أجرة وتبعناها نحن الاثنتان، ولجت باب أحد الفنادق المصنفة بشارع الجيش الملكي، طلبت جعتين وساندويتش (أكلة خفيفة)، مناسبة لشرب كؤوس أخرى، لتهرب من الهم الذي يلاحقها بالداخل والخارج، أشعلت سيجارة، من حين لآخر ترتشف منها فيتصاعد الدخان فوق رأسها متموجا كما تتصاعد أدخنة بخور محترقة حول تمثال معبود هندي، تقدم منها رجل يناهز عمره الخمسين، يتمايل، إنه ناضج بشكل جيد، يبحث من خلال نظراته الطائشة عمن تصاحبه هذه الليلة سرير، ربما ليصحو في الغد عاريا دون أن يدرك أن معاناة ما تبقى من العمر قد يكون سببها متعة لحظة.. خاطبها بكلام أقرب إلى الهمس " الجمال يحترق وأنا آكل وأشرب على نخبه" ثم امتزجا في قهقهات صاخبة، طلبت جعتين أخريتين، ثم غيرت وضع جلستها بوضع رجلها اليمنى فوق رجلها اليسرى، ونفثت الدخان زامة شفتيها كما لو كانت تبعث قبلات محمومة عبر الأثير، يظهر أنها تتعمد ذلك، لتكشف عن ساقيها الجميلتين وعن موهبتها في ممارسة لعبة المد والجز في بحر الشهوات، قميصها الضيق اللصيق بجدعها يبرز بشكل صارخ وفاضح، قد ممشوق ونهدتن مكوران كرمانتين ناضجتين وجسد طويل منحوت كعنق زجاجة، هذا هو كنزها ورأسمالها.
طلبت جعتين أخريتين لا لتسكر وإنما لتتم انتشاءها فقط حسب ما صرحت به لمرافقها الذي لم يفوت الفرصة ليطلب من المطرب أن يقدم له أغنية عن الجماهيرية العظمى، فواضح من لهجته أنه يرغب في نسيان العالم الذي حوله، لم يكن الوحيد الذي يرمي بسهامه في مرماها، لابد أنها تختار، أو أنها تزجي الوقت ريثما ينضج حتى يتبول في سرواله فترافقه إلى السرير لتضاجع حافظة نقوده، فهذا النوع من النساء يستعملن الرجال كما يستعمل ورقة الكلينكس، لهذا فهي لم تفوت الفرصة لترد على دعوة بإشارة مائعة من رجل آخر، بابتسامة عريضة بعد أن تقابلت أعينهما ثم ضحكت وأداوت وجهها إلى الجهة الأخرى.
أشعلت الخمرة جمرا في وجنتيها، فأقداح الجعة التي احتستها كانت كافية لتعطي مفعولها، وجليسها كان منتشيا بالمرأة الرائعة التي إلى جانبه، حيث صار ريحا تركض في دروب جسدها وتجول طليقة بين نهديها وتغوص يداه في تخومها وهي ترد على حركاته بابتسامة ماكرة، تقابلت أعينهما، العين حين تنظر إلى العين تجتاح جزرا ومحيطات من الصمت الرهيب، وترسو على مشارف البوح المرير، ألا تبوح هذه النظرات بنتوءات جسد جريح وروح كئيبة منكسرة؟ وهذه القهقهات الهادرة كأمواج عاتية، ألا تفضح بكاء ينثر حزنه كما ينثر البحر رذاذه؟ رسمت له عالما شاعريا فتن أخونا الليبي من رأسه حتى أخمص قدميه، لهذا لم تجد صعوبة في إقناعه بأن يختما سهرتهما داخل شقتها بالمعاريف بعد أن أقنعته بأنها وحيدة وتسكن رفقة طفلتها الوحيدة التي تبلغ من العمر تسع سنوات، طوال فترة مراقبتنا لها ومرافقتي توضح أنه السيناريو الدائم والمتبع لاصطياد ضيوف المغرب من الإخوة المشارقة الذين يأتون لتفريغ كبتهم في بنات البلد، لهذا فهي لا تحس بأدنى حرج من إصابتهم بالفيروس، الأهم بالنسبة إليها هو أن يدفعوا بسخاء كعادتهم، فالوصمة التي منحوها لسمعة وعرض المغربيات لا تقل ألما عن ذلك الذي يسببه الفيروس اللعين، فهي مصابة بداء فقدان المناعة منذ عقد من الزمن وتعتقد أن مجرد استعمالها للعازل الطبي سيقلل فرص نقل العدوى لزبنائها. ولكشف أغوار قصتها التقيتها يوم الخميس 17 يناير بعد اتصالات متوالية من طرف مؤطرة الجمعية والتي حاولت إقناعها بالكلام، فعلى حد تعبيرها فإن إلقاء الضوء على هذا الموضوع قد يغير من الوضعية المزرية التي يعيشها مرضى السيدا بعدما لاحظوا حجم الأموال التي تصرف وتجمع باسمهم من قبل أناس لا علاقة لهم بالمرض والمرضى، إلا البحث عن المساعدات الدولية باسمهم فيما هم يعانون الأمرين بسبب المرض وآثاره الجانبية، والأمراض الانتهازية التي تلاحقهم؛ أقسمت لها بأغلظ الأيمان أننا لن نذكر اسمها الحقيقي وأننا لن نشير من قريب أو بعيد إلى صورتها، فإيمانهن بحجم الجرم الذي يقترفنه جعلهن يهاجمن ذات مرة دكتورة بمستشفى ابن رشد بعد حديثها في التلفزيون عن العمل الجنسي بشكل لم يعجبهن، تقول مؤطرة الجمعية.
كان الجو ذلك اليوم باردا وكانت هي مضطربة، حائرة ومترددةظن والكلمات تقف شوكا في حلقها، من الواضح أنها لم تستسغ أن ينكشف أمرها أمام غريبة، لهذا حاولت جاهدة أن أجد أي موضوع للنقاش، فقط مجرد كلام، أشدت بهندامها وطريقة صف شعرها، فكما يبدو فإن نوع زبنائها والأماكن التي تلتقيهم فيها تفرض عليها الإفراط في التأنق.
وعند السؤال عن كيفية إصابتها بالمرض، تقول صاحبتنا، منذ سنوات وأنا أحترف الدعارة، قولي منذ كان سني لا يتجاوز السابعة عشرة، تاريخ طلاقي بابنتي الوحيدة، كانت أمي تكرهني كراهية شديدة بسبب طلاقي الذي جلب لها العار وسط العائلة، امرأة أنانية حتى التخمة، لم تكن تهتم إلا بأمورها الخاصة وبابنها، فهي الأخرى مطلقة من والدي الذي لم تعرفني عليه أبدا، ولم يكن لي أحد سواها، ورغم ذلك لم أذق في حياتي طعما لشيء اسمه الحنان، عشت دائما خائفة ومرعوبة، كنت أحس دائما وأنا طفلة أن مكروها سيصيبني وكنت أخاف أن أغادر البيت، لكن من يخاف من شيء يسلط عليه، بعد طلاقي فقدت الأمل في مواصلة الحياة، لقد دمرتني أمي بوحشية سيطرتها، فوجدت نفسي مضطرة للتيه، وبحكم أني لا أتقن مهنة أو حرفة فقد خرجت للدعارة، واكتريت غرفة صغيرة بالمدينة القديمة، كان هذا قبل أن تتحسن أوضاعي المادية، وأنتقل إلى شقة بدرب السلطان بعد أن تعرفت على صديق قواد يحميني ويحرسني ويستغلني في نفس الوقت، ولأن المنافسة شديدة في عالم الدعارة لم يكن بوسعي كي أعيش أن ألزم زبنائي باستعمال العازل الطبي قبل أية ممارسة، كنت أتركهم يمارسون علي الجنس حسب هواهم، صرت بندقية بثلاث فوهات، أن تكون المرأة بغيا ليس بالأمر السهل، كل يمارس عليها شذوذه وكبته ومرضه، كنت من حين لأخر أزور الطبيب لأعالج نفسي مما كان يصيبني من تعفنات وأمراض جنسية، وذات يوم اكتشفت أني حاملة للفيروس الخبيث، فكانت الصدمة مزلزلة.
حين يعلم الواحد منا بأنه مريض بالسيدا يقول إنه سيموت، تملكني إحساس شديد بالإحباط والخوف كما لو كنت محكومة بالإعدام، لم أخبر أحدا وواصلت العمل لأني كنت في حاجة ماسة للنقود كي أواصل الحياة، كان يؤلمني ويحز في نفسي أن أعدي الآخرين، لكن في عالم الدعارة كما في عالم المال والأعمال، لا مجال للعاطفة، لم يرحمني أحد فلم أرحم أحدا ثم إنه إذا علم الآخرون بمرضي سيكون مآلي الموت لا محالة، لذلك واصلت الخروج ليلا بشكل عادي حتى الشخص الذي كان يحميني لم أخبره ولعلني عاديته هو الآخر، لقد دخل السجن بسبب المخدرات، حزنت عليه كثيرا، لقد كان على الرغم من كل شيء طيبا معي للغاية.
بقيت على هذه الحال إلى أن تعرفت على خليجي من السعودية في أحد كبريهات عين الذئاب، كان سخيا معي إلى درجة كبيرة دفع لي مقدم شراء الشقة التي أسكنها الآن، هذا بالإضافة إلى كون تربية طفلة وتوفير مستلزمات حياة كريمة لها ليس بالأمر الهين، أشعر أن الأمر الذي أقدم عليه فضيع ولا يطاق، لكن أجيبيني ماذا أفعل؟ فمهما كانت حياتي بائسة وقاسية فهي أرحم من الموت جوعا وأنا حتى اليوم أعيش لابنتي، لربما تقدم الطب واكتشف دواء ناجعا لهذا الداء الخبيث والقاتل، وإلى أن يتحقق لي هذا الأمر فلا مجال لي غير اصطياد هؤلاء الذين يدفعون بسخاء، بكت وكأنها لم تبك من قبل، تذكرت في هذه اللحظة ثمن الغلطة التي ارتكبتها بحق نفسها قبل أسرتها، التي رفضت أن تزورها أو حتى أن تسأل عنها، منذ جلسنا وهي تلتفت حولها تتأمل الحركة الدائبة على الشارع من زاوية نافدة المقهى ، حيث عشرات الأشخاص يتحركون هنا وهناك، وهم يحملون همومهم ومعاناتهم فوق أكتافهم، وألقت نظرة حزينة على الدفتر الصحي الذي استخرجته من حقيبتها، لترى هل اقترب موعد الذهاب للمستشفى فهي تنسى أنها مريضة ولا تتذكر مرضها إلا عندما تذهب للمستشفى، شردت ببصرها بعيدا وهي تستعيد الظروف التي قادتها إلى هذا المصير، وكذا العدد الكبير من الذين ضاجعتهم ونقلت لهم الفيروس.
ابتسمت قبل أن تعلق لقد تحول هذا الجسد إلى شبيه "بجامعة الدول العربية"، بالنظر للعدد الكبير من الضيوف العرب الذي عاشرتهم، فهم بمثابة طوق النجاة بالنسبة لي وبسخائهم الحاتمي أصبحت دائمة على الفنادق الكبرى، والمطاعم الفاخرة لاصطياد زبائني من مختلف البلدان العربية، فأنا على الأقل لا أشعر أنني انقل العدوى لابن بلدي البسيط الذي يئن تحت وثيرة الفقر والعوز، كما أنني أنتقم للجسد المغربي الذي تحول إلى جسد مباح لدى هؤلاء "الحوالا" من الخليجيين ثم تستدرك ألم تلاحظي كيف لا أعير انتباها للمغاربة الذين التقيتهم في حانة الفندق، رغم وسامة بعضهم وغناهم إلا أنني لا أستطيع أن أؤذيهم فنحن المغاربة " حنان تنربو الكبدة ماشي بحال الحوالا" تصوري لو أحدهم تشبث بي وطلب مني الزواج، ماذا سأفعل؟ وهذا ما حدث لي غير ما مرة فالعديد من أقارب صديقاتي ولأنهم لا يعرفون حقيقة مرضي تقدموا لطلبي الزواج وكنت أرفض تنهدت عائشة قبل أن تتابع سرد قصتها ، خلال هذا الأسبوع مثلا ضاجعت ليبيين وسوريين وسعوديين فهؤلاء القوم أي "السعوديين" أشعر أنهم أخبث شعب فوق أطهر أرض، لا يتورعون في ممارسة ساد يتهم فوق جسدك كأنهم لم يروا امرأة من قبل، أحدهم من فرط إعجابه بجسمي خاطبني:" بدون شك أكاد أحسم أنه كانت من بين نساء هارون الرشيد مغربيات وإذا لم يكن فتأكدي أنه لم يكن ملكا بتلك الصورة التي قدمها لنا عنه التاريخ فهن نساء سرير بامتياز، يتمتعن بدفء لن يجده المرء في نساء الغرب ونساء مصر ولبنان".
مثل هذه الشهادات هي التي زادت من رغبة الانتقام لدى عائشة التي تشعر بمقت اتجاه السوري الذي التقته أول أمس في مطعم راق بالبيضاء، حيث تقول كان راقيا منذ البداية فطريقته هندامه وعطره تدلان أنه من علية القوم لكن سرعان ما ظهر على حقيقته، تقول عائشة أنه نذل وواطي فبعد أن لعبت الخمر بعقله ظهر وجهه الخفي وبدأ يسب المغربيات واستعدادهن لمنح جسدهن لكل الأديان فهو مسيحي أرتوذكسي أصوله من لبنان ومقيم بسوريا لهذا فلكنة نطقه شامية تقول عائشة "هذا النوع من البشر لن تندمي لو نقلت له كل الأمراض والأوبئة الموجودة في العالم فهو متعجرف ومتكبر لهذا فأنا لا أشعر بأي غضاضة في أن أنقل له فيروس السيدا."
حكايا عائشة مع زبنائها لا تعد ولا تحصى، لهذا فهي تبدو وكأنها تجاهد في حلبة الدفاع عن سمعة المغربيات بعد أن تذكرت بنوع من الفخر عندما خاطبت أحد السعوديين الذي استهزأ منها ذات مرة بالقول" إن المغاربة لا يتمتعون بالشهامة لأنهم هم من يشجعون بناتهم على الدعارة بحجة الفقر والعوز" إذ لم تتمالك عائشة نفسها وصاحت في وجهه "على الأقل نحن نمارس الدعارة بسبب العوز أما نسائكم فلا ينكحهن إلا خدامكم من الآسيويين المخنثين وإلا بماذا تفسرون كون جل مواليدكم أشباه خدامكم من الهنود والباكستانيين فقبل أن تسبوا المغاربة انظروا خلفكم لتكتشفوا ماذا يجري في بيوتكم "،فهل ستتورعين من نقل الفيروس لمثل هؤلاء ففي نظري يجب أن يقذفوا بالقنابل الكيماوية وليس السيدا فقط ثم سكتت عن الكلام وأطفأت سيجارتها ورحلت.

جمال خالد / رئيس جمعية النهار
مبررات عاملات الجنس التجاري مرفوضة

يعتبر خالد أن ممارسة الجنس التجاري ليست ظاهرة جديدة إنما تعود إلى أيام الجاهلية، وأوضح أن 97 في المائة من الحالات الحاملة لفيروس السيدا، كانت بسبب التعاطي الجنسي تليها المخدرات، مضيفا أن هذه النسبة مخيفة إذا ما لاحظنا العدد الكبير لبائعات الهوى اللواتي يملأن شوارع مدننا، ودق خالد ناقوس الخطر حول صمت بعض الأطراف التي تصرف الملايير دون أن تتمكن حتى من إيصال المعلومات البديهية لحاملي هذا الفيروس والمرشحين لاقتراف سلوكات تدخل في إطار السلوكيات الخطيرة.

- بحكم أنكم تستقبلون داخل الجمعية بعض المريضات الحاملات لفيروس داء فقدان المناعة اللواتي يمارسن الدعارة، كيف تتعاملون مع هذه الحالات؟
+ ممارسة الجنس التجاري ليست ظاهرة جديدة فهي تعود إلى أيام الجاهلية، والجميع يعلم أن هناك نساء لا يقدرن على العمل لعدم اقتناعهن ممارسة العمل بعرق الجبين، فيحاولن تحقيق مطامع الحياة وذلك بالرغبة في عيش حياة أكثر رفاهية فيتعاطين لهذه المهنة، أو لديهن أولاد وبيوت يتحملن مسؤوليتها أما اليوم فنرى نوعا آخر من هؤلاء الممارسات للدعارة، وهو أن هناك أناسا لا يحتاجون للمال وأصحاب مستوى ثقافي وباستطاعتهم إيجاد عمل يمكنهم من العيش الكريم، ومع ذلك يمارسون الدعارة حبا في التزين بالألماس وركوب السيارات الفاخرة وما إلى ذلك.

- ما أود الحديث عنه ليس الفعل الجنسي وإنما الدعارة المرافقة لالسيدا على اعتبار أن الممارسة الجنسية هي أكثر الطرق لنقل الفيروس؟
+ يجب أن نعرف أن 97 في المائة من الحالات انتقل إليها الفيروس بالمغرب كان بسبب التعاطي الجنسي وباقي الحالات بتعاطي المخدرات، وهذا شيء مخيف ذلك لأن من أسهل الحاجات في المغرب هو البحث عن الجنس، نظرا للعدد الكبير لبائعات الهوى اللواتي يصادفنك بالشارع، ولدينا العديد من الجمعيات التي ترفع علم التوعية والتحسيس منذ زمان، واليوم يصلنا أناس داخل الجمعية وفي بعض الأحيان لا يعرفون شيئا عن السيدا رغم أنهم أقرب الناس لهذا المرض فهم يمارسون بعض السلوكيات الخطيرة.

- مجموعة من المريضات المتعايشات مع الفيروس يحملن مسؤولية ممارستهن للدعارة لكونهن لا يتلقين أي دعم أو تأهيل اجتماعي لا من قبل الدولة ولا من قبل الجمعيات التي تشتغل في الميدان؟
+ صراحة وكما قلت خلال مرات عديدة في أول الأمر كانت وضعية حاملي فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة صعبة، لماذا؟ لأن التحاليل لم تكن مجانية، والأدوية تباع، بما في ذلك أدوية بعض الأمراض الانتهازية، اليوم والحمد لله بعد تدخل وزارة الصحة وصندوق الدعم الدولي لمكافحة السيدا والملاريا وداء السل يتكلفان بكل المصاريف بما في ذلك أدوية الأمراض الانتهازية، الآن لا مبرر أن يأتي أحدهم أو إحداهن لتقول لك أنا أمارس الدعارة لأشتري الدواء، فلا مبرر اليوم لشخص مريض ليصيب أناسا آخرين بمبرر الفقر لأني أعرف نساء أخريات يشتغلن خادمات في البيوت والمكاتب وهن حاملات للفيروس ويعشن بكرامة والحمد لله.

- أنتم كجمعية كيف تتعاملون مع هؤلاء المريضات؟
+ مهمتنا الأولى ليست هي كيف أصيب الإنسان، والمثل الشهير يقول ليس الإنسان مسؤولا عن مرضه وإنما مسؤول عن معافاته عندما يأتي لزيارتنا أي مريض نعتبره كأي متعايش إن كانت تنقصه بعض الأشياء وفي استطاعتنا مساعدته من أجل تخفيفها نساعده، وإن لم يكن بإمكاننا ذلك نوجهه إلى الجمعيات أو المنظمات التي بإمكانها مساعدته بغض النظر عن كيف أصيب أو يمارس التجارة الجنسية أو يتعاطى المخدرات، هذه أسئلة ربانية، ونحن كجمعية وكمصابين بالسيدا لا نطبق المقولة الشهيرة "الجمل متيشوفش حدبته وتيشوف حدبت صاحبو"، ومهمتنا الأولى هي أن لا يموت الناس في الأزقة وفي المستشفيات بلا دواء وأن لا نسمح لهؤلاء الناس الذين يهضمون حقوق المرضى بنشر الإشاعات والقول بأنهم يساعدون المرضى لدرجة أنهم "يتجبوا لهم القفة للدار" لأن هذا كذب وبهتان، نحن نرغب في أن نوضح للمرضى بأنهم كائنات كباقي البشر خلقهم الله وكرمهم، وبأن هذا ابتلاء، والإنسان إذا عرف حقوقه وواجباته سيعرف كيف يتعايش مع هذا المرض.

- وبخصوص الممارسات للدعارة وحاملات الفيروس، هل هناك توعية خاصة بهن، بحكم أنهن ينشرن الفيروس بوعي منهن أو بدون وعي أحيانا أخرى؟
+ هناك حالتان لا ثالث لهما، حالة إنسان ينشر الفيروس وهو لا يدري، وهذا الوضع هو الغالب في العالم أجمع، فأغلب من نقلوا الفيروس لأناس آخرين، كان ذلك بغير وعي وبغير علم، فمثلا غياب ثقافة التحاليل في دولنا العربية والإفريقية، لا يجري الشخص التحاليل إلا عندما يكون بصدد الاستعداد لإجراء عملية جراحية مثلا، أو عند اجتياز امتحان رخصة السياقة، إذن إذا قدر الله وأصيب الإنسان بهذا الداء لعقد من الزمن مثلا ولم يكتشفه إلا سنة 2008، فسيكون قد خلف دمارا في صفوف المحيطين به، أما فيما يخص الأشخاص الذين يعرفون أنهم مصابون وأنا أستعمل هنا مصطلح الأشخاص لأن هناك رجالا يمارسون الدعارة الذكورية، فالوضع خطير ويستدعي أكثر من وقفة، وهناك مشكل ثان وهو أن هناك أناس قيمون أو يسيرون الأشخاص الذين يمارسون الدعارة، أي أن هؤلاء النساء يمارسن الدعارة رغما عن أنوفهن، وهناك أمثلة كثيرة نراها في مقاهي وفي دور تعاطي الدعارة، حيث نجد "حشاك" ما يسمى "القوادة" والذين يرغمون فتيات قادمات من آسفي أو الكارة مثلا، على ممارسة الدعارة بعد أن يسحبوا منهن أوراقهن الثبوتية، يحبسها في بيت الدعارة، دون أن يمنحنها لا العازل الطبي أو غيره، وهنا أعتقد أننا نقوم بنصف العمل، نقوم بتوعية هؤلاء الأشخاص ونقوم بتلقينهم كيف سيأخذون الدواء، ولكن كيف سيتم إدماجه في المجتمع؟ إذا علمنا أن كل أعضاء الجمعية أشخاص متطوعون، وهذا ما يلزم الدولة بحكم أنه لدينا وزارة مكلفة بالأسرة والتضامن، أن يتحركوا من أجل إدماج هؤلاء الناس مادام أن كل واحدة تحاول أن تنصحها، تقول إنها لم تختر هذه الطريق إلا مجبرة ومكرهة وبأنها تتوفر على دبلوم حلاقة أو خياطة ولكنها لا تجد عملا، إذن على الدولة أن تقوم بدورها لأنه لا يمكن للمجتمع المدني خاصة جمعيتنا، بحكم أننا حاملون للفيروس ولدينا مطالب أكثر من باقي الجمعيات لأننا نتأثر بالظروف المحيطة بنا أكثر من الآخرين لأننا نعاني من نقص المناعة.

- بما أنكم جمعية مكونة من أشخاص مصابين بالفيروس، العديد من الأصوات تحمل الدولة أو بعض العاملين في مجال محاربة السيدا مسؤولية الانتشار المهول للفيروس بعد أن حولوا هذا الداء إلى مجال للإثراء أو الغنى؟
+ صراحة، هذا الموضوع سيف ذو حدين بمعنى أن الهيئات الدولية والمنظمات العالمية يمنحن منحا للدول التي تتوفر على عدد كبير من المصابين وأصبحنا اليوم نرى بعض الدول التي أغمضت عيونها عن الموضوع، كأن لسان حالها يقول لا نتحدث حتى نصل إلى المليون والمليونين من المصابين، وهذا ما جرى في السودان مثلا، صمتوا عن المرض وبين ليلة وضحاها بلغوا أكثر من تسع مائة ألف، وبعض المتعايشين السودانيين مع المرض الذين التقيتهم في أحد المؤتمرات أبلغوني أن الدولة صمتت عن المرض كل الصمت، لماذا؟ الجواب هو لكي ينتشر أكثر وتحصل الدولة على مساعدات أكثر؟

- ماذا عن المغرب؟
+ منذ سنتين وبدون فخر، صدقيني إذا قلت إن ظهور جمعية النهار في وضح النهار هو السبب الذي غير أشياء بعد أن كنا قد قطعنا أشواطا من اللامبالاة، وسمعنا مقولات من قبيل "جابها في راسو" وأشياء أخرى، اليوم تغيرت الأمور، لأننا أصبحنا نشاهد أناسا من عائلات كبيرة ومرموقة مصابين، إذن بدون شك ستتغير الأشياء في المستقبل القريب نحو الأفضل.

- يعد العمل الجنسي من الأشياء التي يجرمها القانون، ولحد الآن لم نلحظ أن هناك رغبة لتأطير هذا المرض، كيف تتعاملون مع هذه الازدواجية في السلوكات؟
+ صراحة وصلنا إلى حد لا يسمح لنا بالأكاذيب كقولنا مثلا، الخمور لا تباع للمسلمين ولما نزور الحانات لا نجد إلا أبناء المسلمين، الجنس والدعارة ممنوعان بقانون، والإنسان عندما يتجول في شوارع المغرب يكتشف ماذا يجري في المغرب، لهذا يجب أن ندفع في اتجاه تغيير القوانين الموجودة، وهنا أطلب من المسؤولين الذين لديهم غيرة على هذه الأمة ولا يرغبون في أن تذهب مصالح الشعب أدراج الرياح أن يتحركوا لوضع قانون لهذا المرض، فلو وضعنا ميزانا لقياس درجة إيجابيات وسلبيات القوانين الموجودة لغلبت كفة السلبيات كفة الإيجابيات.

- جل النساء الممارسات للدعارة وهن مصابات بالسيدا، يقلن إن أطر الجمعيات اللواتي يشتغلن في مجال محاربة السيدا يلتقينهن في الشارع أثناء عملهن الجنسي، ألم تفكر هذه الجمعيات في وضع ميثاق عمل يكون بمثابة ورقة ضغط على الدولة من أجل إعادة تأهيل هؤلاء المصابات؟
+ أنا أرى الموضوع من زاوية أخرى، وهي أن الجمعيات بشكل عام في المغرب كما نقول بلغتنا الدارجة "مطلوق ليهم اللعب"، ليس ثمة هيئة للتتبع والتقييم، وكل يشتغل كما يشاء فأصبحت الحالة يرثى لها، "لأن كل واحد تيجبد لجيهتو"، فالعديد من الجمعيات اللواتي يدعين أنهن يحاربن المرض وأنهن يستقبلن آلاف المرضى كل يوم، وبحكم الخبرة حضرت اجتماعات لم يستطعن أن يحضرن أو يجلبن معهن متعايشا واحدا، واتصلوا بي بحكم أني رئيس جمعية "النهار" حيث بإمكان مرضى منا أن يحضروا معهم لقاءات واجتماعات كمتعايشين، يعني القضية مسرحية والكل يؤدي فيها دوره باثقان ونحن ننتظر من المخرج الأول أن يأخذ بزمام الأمور ويشكل لجنة مراقبة لعمل هذه الجمعيات، وهذا هو الحل في نظري، وإذا كانت الجدية والعمل هما المرجوان، لنأخذ كمثل " أوغندا" التي بها جمعية وحيدة أسسها رجل توفي ولا يحضرني اسمه الآن، وكان معالجا نفسيا واستطاع خلال سنة ونصف أن يحصر امتداد المرض، وهذا شيء عظيم برهن للعالم أن القضاء على المرض ليس بالملايير وإنما بالتوعية وبالرجوع إلى الله.

- رغم أن العازل الطبي لا يحصر المرض مائة بالمائة إلا أن العاملات الجنسيات يصرحن أن زبنائهن يرفضونه بشكل قاطع، بماذا تنصح هؤلاء المصابات إذن؟
+ يجب أن نعلم أنه حتى في صناعة العازل الطبي أصبح هناك غش، لذا على الدولة أن تنتبه إلى هذا الأمر، وأنا كمسلم لا أشجع على العازل الطبي، وإنما كمسلم أشجع على العفة والزواج، وهذا من بين الأعمال التي نقوم بها داخل الجمعية كلما استطعنا الجمع بين متعايشين إلا وفعلنا ولله الحمد، والعازل الطبي يبقى قضية صناعة والهيئات التي تقتني هذه المادة يجب أن تراقبهاـ وهناك أيضا رجال سكارى يرفضون استعماله، وهناك من يعتقدن أنهن أذا عرضن على زبنائهن العازل الطبي سيرتاب في أمرهن وسيقول إنهن مصابات بالسيدا، إذن هناك مشاكل ونحن هنا لسنا في إطار تقنين الزنا، وإنما نرغب في حياة أفضل، وكبح الفيروس سيكون بشيئين أولهما الرجوع إلى الله وثانيهما تقنين هذه الأموال التي تصرف صباح مساء وقد بلغت ملايين الملايير، ورغم ذلك لا نتوفر حتى اليوم على مختبر، فهناك بعض التحاليل التي تذهب إلى فرنسا وتستغرق شهرين لتظهر، أي بعد أن يكون المرء قد مات ورحل إلى دار البقاء، ولم تظهر النتيجة بعد، وأقولها مرة أخرى إن الأموال الطائلة أنفقت على الفراغ، فالمرضى المستفيدون هم أناس محسوبون على رؤوس الأصابع، وهم مأجورون بأجرة شهرية ويوظفون وفق مقولة "مهرج الملك" أي أنهم يطبقون وينفذون ما يؤمرون به.


عبد الصمد الديالمي / ذ. علم الاجتماع
السيدا تقتل صاحبها اجتماعيا

يرى الديالمي أن المجتمع المغربي يعاني من النفاق الاجتماعي، وبرهن على قوله بالإشارة إلى أن العاملات الجنسيات يلعبن دورا مهما كحل غير مهيكل لمشكل البطالة التي يعانيها المغاربة، لكن هذا العمل، في اعتقاده وبما أنه اختيار له سلبيات، ومن بينها تفشي الأمراض بما فيها مرض السيدا الذي يحول حاملاته إلى منبوذات اجتماعيا من قبل الزبون الذي يبعنه تجارتهن أو من قبل الأسر التي تعتبر أن ضمها لمريض السيدا يعد سبة في حقها.

- مجموعة من النساء اللواتي التقيتهن يمارسن الدعارة، وهن مصابات بالسيدا، يبررن أن ممارستهن للجنس التجاري راجع لضيق ذات اليد، كيف تبدو لك هذه الظاهرة؟
+ أولا وقبل كل شيء دائما أقترح عدم استعمال كلمة الدعارة، لماذا؟ لأنها كلمة فيها تحقير واحتقار لمجموعة من النساء. وفي الواقع هنا أتحدث عن نفاق المفاهيم، فكلمة دعارة فيها نفاق مجتمعي، فالمجتمع المغربي وكل المجتمعات العامة تنتج هؤلاء النساء بالجملة نظرا لأوجه متعددة، وهؤلاء النساء يقمن بأدوار جد ضرورية لسير المجتمع ودونهن سيعرف المجتمع أزمات.

- ما نوع الأزمات التي سيعرفها؟
+ مثلا الشباب غير المتزوج لن يجد مع من يمارس الجنس، هذه أزمة يمكن أن تحدث، وهؤلاء النساء يجنبن المجتمع هذه الأزمة، إذن المجتمع ينتج هؤلاء النساء وهو في حاجة إليهن، ومع ذلك يصفهن بأقدح النعوت، وبالتالي فالمفهوم فيه نفاق وأقترح أن لا نستعمله ونعوضه بمصطلح العاملات الجنسيات، حينما نتبنى هذه الزاوية لابد لنا من أن نقر بأن هناك عملا بالجسم والجسد، وبالتالي توظيف الجسد في هذه العلاقة الجنسية المتاجرة، يعني أن المرأة التي تلجأ إلى هذه الوسيلة هي في حاجة إلى ذلك، ليس لها بديل وهي تبيع جسدها لحظات ما أو لليلة ما لأنها في حاجة إلى مال لكي تعيش، ولكي تعيل أسرة، وبالتالي فأنا أتفق تماما مع قول هؤلاء النساء، بأنهن يمارسن العمل الجنسي أساسا بدافع اقتصادي محض.

- قلتم إن تواجد هؤلاء النسوة هو أساسي للمجتمع؟
+ حتى كلمة نسوة فيها احتقار، يجب أن نكون حذرين على مستوى تحديد المصطلحات.

- قلتم إن لهؤلاء العاملات الجنسيات دور مهم في المجتمع، ألا ترى أنهن يحملن فيروسا قاتلا؟
+ بالتأكيد كلمة العمل الجنسي لها أيضا مخاطر، وكلمة "العمل" كما لو اختيار، فعندما تقارن المرأة بين ما تربحه وهي تمارس الجنس وبين ما تربحه عندما تشتغل في البيوت كخادمة أكيد هناك إغراءات كبيرة، ولهذا فإن المرأة تختار العمل الجنسي دون أن يكون ذلك الاختيار في واقع الأمر صحيحا، نظرا لحجم المشاكل التي تبرز لدى هذه المجموعة من النساء كتفشي الأمراض، فهذا شيء ناتج عن عمل الجنس في حد ذاته لأنه عمل غير مقنن أو منظم، فالمجتمع المغربي ينتج العمل الجنسي، والدولة المغربية أو الإدارة المغربية على علم بوجود هذا العمل، وهي تنتفع منه ماديا لكنها لا تعترف به قانونيا، وهناك فصول تجرم العمل الجنسي وبالتالي فهو عمل غير منظم وغير مراقب وغير معترف به، وهذا الجانب هو الذي يجعل منه مصدر مشاكل.

- هؤلاء النساء يقلن إنهن لم يتلقين أي تأهيل لا من قبل الدولة الممثلة في وزارة الصحة، ولا من قبل الجمعيات التي تعمل في مجال محاربة السيدا ولا من قبل المجتمع، وبالتالي فهن يشعرن وكأن هذه الأطراف كلها تشجعهن على نشر المرض، ما رأيك في هذا القول؟
+ طبعا، الدولة تقوم بحملات لاعتقال هؤلاء النساء رغم أنهن يقلن إذا منحتنا الدولة عمل ما سنتوقف عن هذا النشاط، فالدولة لا تقترح شيئا آخر، وقلت في مناسبات عديدة،، إن العمل الجنسي هو حل ما للبطالة من طرف الشباب ومن طرف النساء، أي أن العمل الجنسي هو حل غير مهيكل وغير منظم وغير معترف به كبديل عن البطالة، وبالتالي فمن الواضح أنه لو أعطيت فرص عمل ومناصب شغل للنساء وللشباب لتخلى هؤلاء العاملين عن هذا النوع من العمل، هذا واضح، لكن هذا لا يعني أن الدولة أو المجتمع يدعون صراحة أو بشكل فني لنشر الفيروس دون إرادة، فالوضع البنيوي لهؤلاء النساء داخل المجتمع يجعل منهن ناقلات للفيروس بشكل موضوعي رغم حسن النية أو المقصد، إذ إن وضعهن الاجتماعي وطبيعة العمل وعدم المراقبة الصحية كل هذا يجعل منهن ناقلات للفيروس داخل المجتمع.

- يتوزع زبناء هؤلاء العاملات الجنسيات بين المثقفين والأميين ومن فئات اجتماعية مختلفة، فقراء وأغنياء وأيضا عزاب ومتزوجين، كيف تنظر إلى هذه المسألة؟
+ هذه ملاحظة تعطي وزنا لما قلته في البداية، إن العاملة الجنسية تساعد المجتمع "الإبيسي" على الاشتغال وعلى السير، وهذا شيء قاله "انجلز" منذ القرن التاسع عشر، لأن المجتمع الإبيسي والازدواج الأحادي في الأسرة لا يمكن أن يسير إلا بوجود عاملات جنسيات يلبين رغبات جنسية لا تلبى داخل الأسرة، وبالتالي نجد أن العزاب يلجؤون إلى العاملات الجنسيات، ولكن الرجال المتزوجين بدورهم، أساسا يستعملون هذه الطريقة لتلبية حاجيات جنسية لا تلبى داخل إطار الزوجية، وبالتالي لو لم تكن هؤلاء السيدات في المجتمع لحدثت أزمات داخل الأسرة وانفكت العديد من الأسر، فهذا شيء طبيعي أن يلجأ الرجل الزوج إلى العاملة الجنسية لأنه لا يفكر بشيء إنساني أو فلسفي، أي أنه يشتري شيئا لا يشترى، بل يعتقد أنه يتصرف بشكل عفوي وبشكل عادي مادام غنيا أو لديه مال ولديه احتياجات خاصة، وبالتالي فهو ينقض على هذه الفرص ويستغلها إلى أبعد الحدود.

- تحدثت من قبل عن ضرورة تقنين العمل الجنسي كما هو عليه في بعض الدول الأوروبية، ما رأيك في قول هؤلاء النساء المصابات بالسيدا إنهن يطلبن من زبنائهن أن يستعملوا العازل الطبي ويرفضون؟
+ الأمر لا يتعلق بالرفض وإنما الغشاء الواقي له صورة خلفية داخل المجتمع ولدى الرجال لأنه يحد من متعتهم ويحد أيضا من القدرة على الانتصاب، الكثير من الرجال حينما يطلب منهم وضع الغشاء الواقي، لا يستطيعون الانتصاب وبالتالي فالرجل يفضل أن لا يضع هذا الغشاء لكي لا يفقد انتصابه، فالغشاء هو إن صح التعبير يحد من قدرة الرجل وبالتالي فالرجل عندما يفكر في الفعل الجنسي يصبح كائنا غير عقلاني، يفضل أن لا يعرف ضعفا جنسيا، رغم أنه على علم ووعي بأنه من الممكن أن يصاب بفيروس السيدا، فأمام الاختيارين وهذا ليس مفارقة، رغم أنه مفارقة جلية من حيث المنطق، لأن السلوك الجنسي سلوك غير منطقي، فالرجل في سلوكه الجنسي نجده يفكر بشكل غير عقلاني، يفضل الإصابة عن عدم الانتصاب، ثم إنه يفكر بشكل آخر غير علمي كذلك، بقوله إن السيدا قد تصيب الآخرين أما أنا فلن أصاب، ثم يقول مع نفسه بأن هذه المرأة بالنظر لهيئتها الخارجية يتضح أنها غير مصابة، فلماذا سأحرم نفسي من متعة؟ هذا إلى جانب كون شراء الغشاء مكلف كذلك ماديا، ثم اقتناء العازل الطبي من الصيدلية يدخل في نطاق "حشومة" للرجل، هذه كلها اعتبارات متعددة تتراكم في نفس اللحظة وتجعل من الغشاء الواقي شيئا يسعى الرجل إلى اجتنابه رغم وعيه وعلمه أن خطر الإصابة وارد.

- ارتبطت صورة المرأة المغربية في مخيلة الإخوان العرب بأنها امرأة "داعرة"، الآن وقد أضيفت إليها صفة الداعرة المصابة بالسيدا بعد أن رحلت مغربيات من سوريا، الإمارات وليبيا.. حاملات لفيروس السيدا، كيف تبدو لك هذه الصورة؟
+ كل المجتمعات العربية تعرف العمل الجنسي، إما بشكل علني صريح كما هو الحال في المغرب، أو بشكل منظم كما هو في تونس مثلا، لكن في اعتقادي ما يميز المغرب هو أن العمل الجنسي أخذ أبعادا كثيرة، وأن الأسرة أصبحت تساهم فيه بشكل كبير، الآباء، الأمهات، الإخوان، الأخوات، كل هؤلاء يدفعون الفتاة نحو العمل الجنسي، فانتهاء الشعور بالكرامة أو الشهامة من أجل لقمة الخبز أو من أجل الإثراء السريع، ثم أن هذا الاستعداد المجتمعي الناتج عن ظروف اقتصادية قاهرة لا يجد مانعا له من طرف أخلاق دينية أو أخلاق مدنية، فالأخلاق الدينية في أزمة كبيرة والأخلاق المدنية لم تنشأ بعد، فالكثير من الناس يقولون إنهم مسلمون، فالقول بالإسلام اليوم بدأ يأخذ طابعا سياسيا أكثر مما هو طابع أخلاقي، فعندما أقول اليوم أنا مسلم أعني أني أريد أن أصل إلى السلطة السياسية باسم الإسلام، هذا يعني أنني أتبنى أخلاقا معينة من بينها رفض العمل الجنسي، كما أني لا أتبنى موقف المواطن الصالح الذي يقوم بواجبات وله حقوق اجتماعية واقتصادية تجعله يتجنب بيع جسده لأنه متشبث بأخلاق المواطنة، وهذه اعتبارات أقولها الآن بعجالة تجعل من المرأة المغربية كائنا هشا أمام الإغراءات المادية الكبيرة، حيث إن هذه الإغراءات أتت من دول عربية شقيقة، نفطية قضت على كل الحواجز الأخلاقية واستغلت التسامح الدولتي خلال الثمانينات والتسعينات وحتى تشكلت أمثلة كثيرة استفادت من المال الخليجي، هنا أو هناك، وكل هذا أصبح نموذجا لفتيات أخريات، هذه أشياء كما قلت أصبحت حديث الكل وأصبحت نموذجا للوصول السهل، الكل يستفيد منها الفتاة والأسرة، الدولة، القبيلة إن صح التعبير وبالتالي هناك شبكات منظمة استفادت من هذا الوضع واستغلت فتيات مغربيات من أجل تصديرهن نحو دول الخليج ونحو أوروبا فنشأت شبكات المتاجرة بالأجساد التي يمكن أن تكون تتويجا لمسلسل اجتماعي عفوي وأن تكون استجابة لحاجيات الناس، ويمكن لهذه الشبكات نفسها أن تنتج الحاجة إلى العمل الجنسي وأن تنتج العاملات الجنسيات، وكل هذا يتأتى في دولة مثل المغرب.

- جل هؤلاء العاملات الجنسيات الحاملات لفيروس السيدا لا يستطعن البوح لزبنائهن ولا عوائلهن، ألا ترى أن انتشار ثقافة الكتمان ستزيد من انتشار الفيروس؟
+ هذا شيء واضح، إن فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة، هو فيروس يقتل صاحبه اجتماعيا أولا، لأن حامليه غير مرئيين اجتماعيا ولأن البوح به يعني الإقصاء والتهميش، يعني الموت الاجتماعي، فالبوح به للزبون يعني أن الزبون سيخاف ويبتعد ولن يشتري تلك اللذة من تلك المرأة وبالتالي لابد من إخفاء أمر الإصابة، والبوح للأسرة بهذا المرض يعني فقدانها لأنها لا تعرف طبيعة الفيروس وطرق انتقاله وبالتالي فمجرد العيش في نفس المكان مع الشخص المصاب يعني للأسرة أن الإصابة سوف تعمم، فهي تعتقد أن الفيروس ينتقل من نفس الكأس أو من نفس اللباس أو التواجد داخل نفس الغرفة، هذه أشياء تجعل الأسرة تخاف وترفض الشخص المصاب بالفيروس، ثم هناك الصورة السلبية التي يحملها حامل الفيروس، فهو يعني أن له نزوعات جنسية غير أخلاقية وبالتالي لا أخلاقيته تنعكس على الأسرة التي ترفض بأن تنعت بأنها أسرة لا أخلاقية لأنها تضم إنسانا لا أخلاقيا، وبالتالي يتم رفض ذلك الشخص حتى ولو كان قريبا جدا من الأسرة.
أسبوعية المشعل



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جولة فالسوم لإنقاذ مفاوضات الصحراء
- محاولة اغتيال الملك الحسن الثاني ومحمد أفقير ورضا كديرة بمرا ...
- فلاش باك2
- لا زلنا نشعر أننا بلا أمل
- تقرير المجلس الأعلى للحسابات عرّى جوانب من المستور وأقر بضرو ...
- تعددت المؤشرات والإحباط واحد
- هل مشروع القانون التنظيمي للمحكمة العليا للتفعيل أو لمجرد تأ ...
- باحثون وفاعلون سياسيون يناقشون السيناريوهات المحتملة للتعديل ...
- السيناريوهات المحتملة للتعديل الحكومي المرتقب
- عقلية -التقوليب-
- المكتب الشريف للفوسفاط هل عملية التحويل لشركة مُساهِمة تُضْم ...
- الخوصصة هي المقصودة والصيغ الحالية هي تمهيدية ليس إلا
- استقرار أم استضرار؟
- ندوة -المشهد السياسي بعد انتخابات 2007 وآليات حماية المال ال ...
- نكافح انتشار السيدا أم نشجعه بالمغرب؟
- طرائف-البروتوكول الملكي-
- هكذا تكرس المواطنة عندنا
- مازالت أزمتنا أزمة مركبة
- برافو المخزن
- لصوص القصور بالمغرب


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إدريس ولد القابلة - السيدا: من المتعة إلى الموت