أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ال نعيسة - نضال نعيسة في حوار مع زمان الوصل















المزيد.....



نضال نعيسة في حوار مع زمان الوصل


ال نعيسة

الحوار المتمدن-العدد: 2199 - 2008 / 2 / 22 - 09:03
المحور: مقابلات و حوارات
    


حاولنا في هذا الحوار ان نلقي المزيد من الضوء على شخصية سورية هامة .. نضال نعيسة كان ولايزال محور اهتمام الوسط السياسي السوري , أحيانا من خلال وجهات نظره التي يعتبرها البعض شديدة التظرف او خلال ما كتب عنه .
نتاج نعيسة الغزير والذي برره لنا بأنه يساير ويعبر عن جميع الظروف والمراحل التي تعصف بالوطن .... سوريا التي يراها نعيسة مختلفة عما يراه الآخرون .
حول الإعلام السوري والحريات العامة والعداوة مع إعلان دمشق ونقاط كثيرة أخرى تحدث نعيسة ( لزمان الوصل ) :
ــ نضال نعيسة كيف تقيم أداء الإعلام السوري ،الرسمي والخاص ، من خلال تعاطيه مع الاحداث الداخلية والخارجية ؟
تصح تسمية الإعلام السوري بالإعلام المهجور.
هجرته الكفاءات وهجره الجمهور وقلة من تتابعه والمتلقي السوري لا أحد يعبأ به وقد خلقه الله ليستمع وهو ساكت.
إعلامنا يطبق نظرية الإعلام الموجه التي اندثرت مع انهيار المنظومة الاشتراكية غير المأسوف عليها.
إعلامنا يفتقر بشكل عام للمبادرة الفردية والإبداع، ويبدو كتلميذ يستظهر دروسه غيباً ويكتب واجباته ووظائفه بروتينية عالية.
سورية بإمكانياتها وعظمتها ومواهبها وميزاتها الاستثنائية وقضاياها الكبرى التي تنهض بها وتحملها على كاهلها تستأهل، برأيي، إعلاماً أقوى وأكثر شمولاً.
أصبح الإعلام السوري مدرسة قائمة بحد ذاتها من حيث الجمود والنمطية التي تميز بها عبر عقود إضافة إلى طغيان المعايير اللامهنية عليه، فقد كشفت إحدى الصحفيات مؤخراً عن وجود مدراء تحرير من حملة الشهادة الابتدائية شغلوا الوظيفة لمدة عشرين عاماً وهذا لا يجوز بحال، وهذه الأمور، مع غيرها، هي ما أوصلت إعلامنا إلى هذه "المواصيل"كما يقول المثل الشعبي. كانت سورية مصنـّعة ومصدّرة للخبرات والكفاءات الصحفية والإعلامية، والآن أصبحت شحيحة بالخبرات الإعلامية المتميزة ولا تصنع نجوماً في الإعلام بل تطفش النجوم وتحرق الأسماء. وأما والإعلام الخاص ما زال يحبو وفي خطواته الأولى ولا يمكن تقييمه، ونرجو له أن يسد الفجوة الهائلة الموجودة حالياً.
كم شعرت بالإحراج والغيظ والألم حين قرأت عن إرسال صحفيين شباب للتدرب في دبي في دورة على الإعلام التلفزيوني استعداداً للقمة العربية. ماذا حصل؟
وكيف يحصل أن يذهب سوريون سبـّاقون إعلامياً، وأبناء حضارة عظيمة ضاربة الجذور في التاريخ إلى الصحراء لطلب العلم والتزود بالخبرات؟
إنها كارثة إعلامية وطنية، وهزيمة حضارية مجلجلة وكبرى.
فحين بدأ التلفزيون السوري البث لم تكن بعض من تلك المشيخات والدول موجودة لا طبيعياً ولا سياسياً.
ــ عمرو سالم وزير الاتصالات السوري - السابق - أصدر في أواخر شهر تموز الماضي قراراً يطلب من أصحاب المواقع الالكترونية في سوريا توخي الدقة والموضوعية في نشر أي مقال في مواقعهم أو أي تعليق يرد إليهم والتثبت من ورود الاسم الصريح لكاتب المقال أو التعليق المنشور والعنوان الالكتروني الذي ورد منه وضرورة كتابة اسم ناشر المقال والتعليق بشكل واضح ومفصل ، وحدد القرار ثلاث عقوبات تبدأ بإنذار صاحب الموقع، ثم الحجب المؤقت، وتنتهي بالحجب النهائي للموقع في حال تكرار الأمر . هل تعتقد أن هامش حرية التعبير يضيق باستمرار في ظل هكذا قرارات ؟
أنا على ثقة بأن البعض لم يقرأ ولا صفحة واحدة في كتب التاريخ التي فيها الكثير من الدروس والعبر.
التاريخ يسير وفق معايير ارتقائية صارمة ومسارات تصاعدية متسامية وقوانين فيزيائية دقيقة لا تخيب من التطور والاصطفاء، ومن يفكر أن يمشي عكس مسيرة التاريخ فهذا شأنه ولا نتدخل فيه، ولكنه سيكون في حكم الأموات حسب نظرية إينشتاين النسبية، حين يصبح في زمن آفل والناس في زمن آخر متقدم.
قرار الوزير السابق "يزبط" في مجلات الحائط ودوريات المنظمات الشعبية، أما في فضاء الإنترنت اللامتناهي فهو أشبه بمحاربة الجن والأشباح وطواحين الهواء.
مواكبة العولمة والعصر تتطلب التعامل مع صناعة الإنترنت بكل حضارة وذوق ورقي وموضوعية وعملية لا بتلك الأساليب الموروثة من إمبراطورية بني عثمان، في رجم الفكر واغتيال العقل.
الإنترنت اللاسلكي المتوفر مجانياً والمفتوح على مدار الساعة الـ Wireless وفائق السرعة حقيقة واقعة في كثير من دول العالم وهذه المعلومة نهديها للسيد وزير الإتصالات.
لقد جعل البعض من سوريا واحدة من أكثر الدول تخلفاً في هذا المجال وهذا أمر يؤلمنا ويقض مضجعنا كوطنيين نتمنى السمعة الطيبة والريادة لبلدنا في كافة المجالات.
كشفت التطورات اللاحقة أن الغاية من هذه القرارات هو التعتيم على الفساد وتجميل قبح المافيات ولصوص النهب العام والتغطية على الفضائح والتجاوزات التي أطاح بعض منها بالوزير المذكور ليس إلا.
لا يستطيع أحد أن يمنع اليوم تدفق المعلومة، والتحكم بثورة الاتصالات. والتاريخ البشري هو تاريخ صراع بين الحرية والاستعباد، والتي يبدو، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن الكفة فيها تميل لصالح الأولى.
هامش الحرية يتسع مع هذه القرارات لا بل يحفز الناس ويوجههم لاستنباط أساليب للالتفاف على هذه القرارات كما يفعل الكثيرون اليوم في سوريا وينجحون، وهذه نهمس بها، أيضاً، في أذن السيد وزير الاتصالات الجديد "لعل وعسى".
ــ كيف تنظر إلى سياسة حجب الصحف الالكترونية ومنع بعض الصحف المطبوعة كما حصل مع الدومري والمضحك ، هل تعتبرها منهجا ثابتا لاغتيال الإعلام ومصادرة الآراء ، مع الإشارة إلى أن منظمة ( article 19 ) عدت سوريا من الدول العشر الأشد عداء للانترنت وحرية التعبير؟
لا نغالي لو قلنا أن هناك انحيازاً وتجنياً وتحاملاً واضحاً أحياناً من بعض المواقع، ومن دون تحديد أسماء.
وهناك بعض المواقع فيها حالات من الإسفاف والابتذال المخجل الذي لا يراعي أبسط المعايير الأخلاقية.
سورية مستهدفة. نعم مستهدفة وهناك بعض المواقع تلعب دوراً لافتا في هذا الاستهداف، ومع ذلك لا يجب التعامل مع الموضوع بالحجب.
يجب أولاً أن يكون هناك ثقة بذوق ووعي والحس الوطني للمتلقي السوري ورفع مستوى وعيه، وليس فرض الوصاية الفكرية عليه وتوجيه تفكيره.
ويجب ثانياً تحسين الأداء العام لكي لا تترك أية فرصة أو فجوة لأي من المغرضين للنفاذ إلى الداخل الوطني.
نعم إن اغتيال الدومري كان مساهمة كبرى في محاولات وئد الإعلام السوري. إن المنافسة الحرة والليبرالية هي اليوم إحدى أهم ميزات حركة الحياة العامة في الكثير من المجتمعات والبضاعة الجيد، ولا شك، ستطرح البضاعة الفاسدة، وتنحيها جانباً.
وبالنسبة لتقارير هذه المنظمات فهي وبكل أسف ليست محل ثقة وذات أجندة ودوافع سياسية وحولاء أحياناً وهي تستغل كما قلنا واقعاً ما للخروج باستنتاجات تبنى عليها تحركات سياسية. فهناك، مثلاً، دول قريبة جداً في المنطقة تـُعتبر سورية، وبدون أية مغالاة، سويسرا بالنسبة لها، ولكن لا يتم انتقادها والإشارة إليها لا من قريب ولا من بعيد.
وبالنسبة لي لو كنت في موقع المسؤولية والقرار لما حجبت أي موقع، ولن ألفت نظر أحد لأهمية أي موقع عند حجبه، فهذه العملية تساهم في شهرة الموقع وزيادة الطلب عليه، ولا ننسى القاعدة المعروفة كل ممنوع مرغوب، وسأعتمد عندها على قدرة الناس على التمييز بين الغث والسمين وحسهم السليم، وتحسين الأداء العام.
ــ هل وصلت الحريات العامة في سوريا إلى طريق مسدود ... وما رأيك بالهامش الموجود؟
لا أعتقد أن هذا الكلام صحيح تماماً. .....
على العكس تماماً هامش الحرية والكلام والتعبير بدأ يتسع بشكل لافت خلال هذا العقد، وقضية تداخل السياسي بالفكري بالثقافي هو موضوع آخر.
شخصياً أدهش حين انظر إلى ما تنشره في موقعك زمان الوصل وأنت في مدينة حمص في القلب من سوريا.
وبكل موضوعية وتجرد، أنت وأنا الآن في سوريا، ونقول ونكتب بكل حرية. وحين كنت أنا خارج سوريا كنت أفاجأ بكتابات وأصوات أكتشف لاحقاً أنها تكتب من داخل سوريا.
وما تفعله أنت وأنا لم يكن متاحاً، من قبل. لم نصل بعد لما نصبو إليه ونتمناه جميعاً، ولكن الوضع أفضل من السابق بما لا يقارن، وأرجو أن تتابع الكثير من الأصوات والأقلام من داخل سوريا لترى أن هناك تحولاً نوعياً ظاهراً قد حصل وإن لم يكن بعد على المستوى المأمول.
من المستحيل مثلاً، في السابق، أن يتم إنتاج فيلم عن سجن تدمر، ويتكلم أبطاله بكل حرية عن تلك التجربة، ويسمح بتصديره، ويعيش مخرجوه وفنيوه في قلب سوريا.
..... ماذا تسمي هذا؟
هل الأمور بذاك السوء الذي يصوره البعض، وهل يجب أن ننجر وراء اللاموضوعية والكراهية والتجني الأعمى لكي نكون مناضلين ومعارضين وووو..إلخ؟
ولكن، وبنفس الوقت، هناك خطوط قد تبدو غير مرئية بين حرية التعبير والابتذال.
لا أعتقد أن الإساءة للمكونات الاجتماعية السورية ولغة الشتائم والسباب والسوقية والاتهامات الخبط عشواء والتعميم الأرعن والتجريح يدخل ضمن حرية التعبير والكلام والتطور، بل هو محظور في جميع قوانين العالم حتى تلك التي بلغت مرحلة متقدمة من حرية التعبير والكلام. وبنفس الوقت لا يجب أن ننظر إلى هذا الأمر بمعزل عن الظرف الجيوسياسي الذي يحاصر سوريا ويجعل من الخطر أحياناً التمادي في الطرح بما يسهل استغلاله من قبل قوى متربصة لا تريد بسورية خيراً.
ــ يتضمن قانون المطبوعات السوري رقم 50 لعام 2001- الذي يسميه الكثيرون قانون العقوبات ـ موادا تقيد حرية الصحفي وتعرضه للسجن لفترات قد تصل إلى 3 سنوات إضافة إلى غرامات مالية قد تصل مليون ليرة ، كيف يمكن للإعلام السوري أن يتطور في ظل هكذا قانون ؟
بداية دعنا نتفق على المصطلحات، هذه ليست قوانين.....
هذه وأمثالها " فرمانات انكشارية " اعتباطية وارتجالية عفا عليها الزمان وهذه الفرمانات ومثيلاتها مصيرها الموت والزوال.
لن يتطور الإعلام إلا في ظل قوانين عصرية، ومناخات من المرونة والانفتاح، تأخذ بالاعتبار المستوى العالي الذي وصلت إليه حرية التعبير والكلام وصناعة الإعلام في العالم.
بالطبع هذه القوانين القاسية والبدائية تقع ضمن إطار الإرهاب الفكري وترعيب وتخويف الناس وكم الأفواه ومنع والشفافية وتكريس الفساد والتجاوزات، وهي بهذه الصيغ اللاعقلانية، وبالرغم من كل ما وصلت إليه البشرية من تقدم وارتقاء، تعيق الإبداع والمبادرة وتطور الإعلام نحو المستوى المنشود وتجعله في وضع مزر وبائس نتلمس عواقبه اليوم جميعا وينعكس سلباً على القدرة على توصيل قضية عادلة وواضحة والموقف الوطني السوري إلى الآخرين.
الإعلام واحد من أقوى الأسلحة التي يجب استخدامها في مختلف المعارك الوطنية وهو معطل جزئياً هنا بكل أسف.
الموقف السوري من قضاياً المنطقة لا غبار عليه ويحظى بتأييد طاغ من الشارع في المنطقة، ولكن هناك ثمة خلل في كيفية وطريقة إحداث تواصل وتفاعل مع المتلقي وهنا تكمن المشكلة وليس في القضية ذاتها.
هناك الكثير من الدول أصدرت قوانين تحرم اعتقال وحبس الصحفيين، وهناك دول أخرى مثل حالتنا، بل وأسوأ، فقد دعا شيخ الأزهر، مثلاً، الرئيس مبارك لجلد الصحفيين وهو أسوأ كثيراً من حبسهم.
على العموم أعتقد أن هناك نية جادة لتعديل هذا القانون الجائر بعد اكتشاف الكثير من العيوب والمعوقات الموجودة فيه.
ـ كيف تقيم أداء اتحاد الصحفيين السوريين ، هل يتدخل الاتحاد لمناصرة الصحفي في حال تعرضه لمضايقات وانتهاكات لأبسط حقوقه في حرية الرأي والتعبير؟
أنا وبكل فخر واعتزاز، وتاريخياً، خارج اتحاد الصحفيين والكتاب وأية مؤسسة رسمية أخرى في سوريا وخارجها، ولم أكن يوماً محظياً ومحبوباً ومرغوباً به في أي من الوسائل الإعلامية الرسمية وهجرتها باكراً.
واتحاد الصحفيين هو مجرد مؤسسة حكومية سورية رسمية غير مستقلة ولا نقابية ومعظم الصحفيين فيها موظفون رسميون، ومبرمجون طبقاً للمعايير السائدة وهو ينفذ سياسات رسمية ويلتزم بها وهذا حقه وشأنه.
وأنا لا أضرب بـ"المندل" لمعرفة فيما إذا كان الاتحاد سيتدخل أم لا، ولكن لا أعتقد أن بمقدوره التغريد خارج السرب الرسمي العام.
ــ من خلال تجربتك الشخصية في الصحافة السورية، هل ترتكز الصحافة إلى معايير العمل الصحفي أو أن هناك معايير أخرى تفرضها بعض الجهات على عمل الصحفي؟
كما قلنا الظروف والمناخات والاعتبارات السائدة لا تتيح بوصول الأداء الإعلامي للمعايير المهنية الراقية، والوضع "ستاتيك"، ولا يتقبل المبادرة الفردية الحرة.
لا شك هناك الكثير من الجهات الوصائية غير المهنية التي تتدخل في مسيرة العمل الإعلامي . ولكن، وللعلم، فالصحافة الرسمية المعبرة والتي تعكس وجهة نظر الحكومة موجودة في كل دول العالم وهناك ناطقون صحفيون رسميون في كل مكان يتلقون التعليمات والتوجيهات من الحكومة، و"من يأكل من خبز السلطان يضرب بسيفه"، كما يقول المثل وهذه ليست "فرية" سورية ولكنها موجودة في غير مكان، فهناك كثير من الإعلاميين والصحافيين، صغاراً وكباراً مثلاً، من يضربون بسيوف أشياخ النفط ويزمرون لهم "عمال على بطال"، ويضعون عصابة سوداء على أعينهم على كل ما يجري حولهم من أحداث وتراهم نفطيين وسود الوجوه أكثر من النفط الخام.
ولكن بالتوازي مع ذلك كله، هناك في كل مكان، صحافة خاصة ومستقلة، تحاول أحياناً أن تغرد خارج السرب الرسمي وتتكلم بغير خطابه، وهذا ما يبدو أنه قد بدأ الآن في سورية.
ــ أزمة الإعلام السوري هل هي أزمة إدارة أم قانون أم حرية .... ام فساد ؟
هي أزمة إدارة ورؤية وتسويق، بالدرجة الأولى وأزمة وعي وعدم إدراك وتقدير لدور الإعلام وأهميته كسلاح أخطر بكثير من كل ترسانات الأسلحة وعدم التواصل وبناء الجسور مع المتلقي. الإعلام الذكي اليوم هو من يحاول استقطاب أكبر قدر من المتلقين، وعبر شتى السبل، لإيصال رسائله في الوقت المناسب وخدمة قضيته.
وترى، مثلاً، وسيلة إعلامية ما تنفق ملايين الدولارات من أجل أن تسوق جملة واحدة للجمهور.
ــ كيف ترى مستقبل الإعلام السوري في المدى المنظور ؟
الإعلام والاقتصاد اليوم يقودان العالم ومن يمتلك الإعلام والاقتصاد يتحكم بالسياسة، وتطور الإعلام منوط إلى حد كبير بوعي هذا الدور الهام للإعلام وعليه يتوقف مستقبل الإعلام السوري.
وما لم يأخذ بالأساليب العلمية والحديثة في الإدارة واعتماد المعايير المهنية واحترام المواهب والإبداع وإفساح المجال لها لتثبت ذاتها ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب فسيبقى مصاباً بداء المراوحة في المكان ومرض النسيان والهجران.
نأمل أن يتجاوز إعلامنا هذه الأزمة ويتقدم بخطى ثابتة نحو العالمية والانتشار بعد أن يكون قد وعى أهمية الإعلام ونرى وهذا هو أملنا وطموحنا وطموح كل من يحب سوريا ويتمنى لها الخير والرخاء والسلام وهي بلدنا التي نعتز بالانتماء لها وتطويرها وتحديثها ورفعها إلى أعلى المراتب وإعادة الألق والدور الحضاري العظيم الذي لعبه السوريون على مر التاريخ.
ــ ما سر هذه الحملة الشرسة التي تشنها على إعلان دمشق للتغير الوطني الديمقراطي ، فهم الآن في السجون والمعتقلات ، يدفعون ضريبة مناداتهم بالإصلاح والديمقراطية في حين ترفع صوتك عاليا لتندد بهم في بعض مقالاتك وخصوصا الأخيرة؟
طبعاً الكل يتفق على ضرورة العمل الوطني الذي لا غبار عليه، ولا يتجرأ أحد على النيل منه وهناك كثير من الوطنيين السوريين معارضة وموالاة يتفقون ويختلفون ولكن من دون الاستقواء بالخارج .
لقد كتبنا كثيراً عن الفساد والتجاوزات مدفوعين برغبة جامحة وأجندة وطنية خالصة ومستقلة ودون الانتماء لأي فصيل سياسي سوى لسوريا التي نحب أو التعويل على أحد في عملية التغيير سوى الداخل الوطني.
إعلان دمشق منذ انطلاقته أتى على خلفية وسياقات ودوافع سياسية إقليمية وعالمية وليست وطنية أو محلية، وحين كانت الحملة على سورية في أشرس مراحلها اعتقاداً من البعض أن النظام قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من السقوط، وصار الجميع يتهيأ لمرحلة ما بعد سقوط النظام كما أوهمهم خدام وقد وقفنا ضد هذا وكنا خارج سورية ولم ننجر وراء تلك الغرائزية السياسية التي تحكمت بعمل كثيرين لجني أرباح ما بعد سقوط النظام، ويعتقد كثيرون خطأ، وبكل أسف، أنه بمجرد تغيير الأفراد يصبح التغيير ناجزاً وينسون أن هناك منظومات فكرية وثقافية وسلوكية تعشش في قلب المجتمعات يجب تغييرها أولاً. ولا يجب أن ننجر عاطفياً كأصحاب مبادئ وطنية لا نساوم عليها وراء كل من لعب على مفردات الاستبداد والفساد لغايات قد لا تبدو بريئة أحياناً.
ومن هنا كان موقفي ضد هذا الإعلان منذ انطلاقته الأولى والذي بدا أولاً إعلان لدولة الخلافة في سوريا وأطلقت عليه إعلان قندهار، علماً بأنني كنت أعمل وأعيش خارج سورية ولم أكن أفكر وقتها بالعودة مطلقاً، أي لا يمكن أن يكون وراء موقفي المبدئي ذاك أي نوع من المحاباة للسلطة، وعلماً بأنني اعتذرت عن حضور أكثر من دعوة لمؤتمر ولقاء وفعاليات أو انضمام لهذا الفصيل أو ذاك من المعارضة السورية تأكيداً على استقلاليتي عن المعارضة وعن النظام بالذات، فلو كان هناك أية امتدادات سلطوية، كما يتوهم كثيرون، لكان الحضور "واجباً ولازماً"، كما يفعل البعض وفهمكم كفاية.
أما في الاجتماع الأخير، فالإعلانيون هم من بدؤوا بتشريح وتخوين بعضهم البعض والانسحاب وتجميد العضوية وانفجرت فيما بينهم الخلافات، وهذا لا دخل لنا فيه على الإطلاق، والتزمنا جانب الصمت حيال كل ذلك إلى أن أتت الطامة الكبرى في الغزل العجيب الذي لا يحتمل بين الأستاذ رياض الترك وجورج بوش الذي أصبح فجأة داعية حرية وقديس سلام ومحب للسوريين الذين يتوعدهم بالويل والثبور.
لا نقبل أن "يستعبطنا" أي كان، ولا حتى نيلسون مانديلا ذاته، لا المانديلات الورقية والخلبية المزيفة التي فضحتها الأحداث. إضافة إلى الكلام المتداول عن زيارة رموز الإعلان للسفارة الأمريكية مما يعد استقواء علنياً غير مقبول وتنسيقاً مع الأمريكان هو وصمة عار أبدية على جبين الإعلانيين وهذا موقف للتاريخ مع العلم بأن هناك الكثير من الأصوات والشخصيات الوطنية التي لا غبار عليها تم استبعادها من المشاركة في موضة الإعلانات لغايات في نفس يعقوب.
مع بوش ما غيره يا رجل .... ؟؟؟
هل يعقل هذا؟ ....
هل يجب أن نصمت على هذه الجريمة السياسية الكبرى واغتيال أماني آلام الشعب السوري واختزال معارضته التاريخية وتضحياتها بغزل وشكر للمعتوه بوش الملطخة أياديه بدماء الأبرياء والذي لا يكن أي حب لسوريا ويهددها "عمال على بطال"، وبمناسبة وبدون مناسبة، ومن هو، ومن فوضه وأعطاه الحق؟
ولماذا يتدخل أصلاً في شأن داخلي سوري خاص وما علاقته بالمعارضة السورية؟
إذا كان الإعلانيون فوضوه وقبلوا بأي دور فلن يقبل بهذا الكثير من السوريين.
وهل يرغب الإعلانيون عبر هذه الحركات بتكرار التجربة العراقية في سورية ويلعبوا دور حصان طروادة ليرمي بهم بوش وغيره لاحقاًَ في سلال النسيان كما فعل مع غيرهم؟
كما كان هناك خلاف واضح على صياغة الإعلان بين الإعلانيين أنفسهم لجهة الموقف من أمريكا وهو الذي فجر الإعلان وشقه.
ولم يكن لنا يد في الموضوع لا من قريب ولا من بعيد وكل ما فعلناه هو نقل ما حصل للجمهور وبكل أمانة ودقة وصدق وموضوعية وحياد، وهذا هو من صلب مهمتنا وواجبنا ككتاب ونشطاء مستقلين يهمنا الشأن العام، وهذا شيء لا يعيبنا بل نعتز ونفتخر به ولو جرت الأمور على عكس ما حصل لنقلناها كما حصلت ودون تشويه وافتراء. إذا كان ما قلناه هو ما أتى به بعض من عتاة الإعلانيين فأين التجني والافتراء والحملة الشرسة؟
ولأننا نحب ونتمنى الخير للإعلانيين لا نريد لهم الانخراط في أية أجندات غير وطنية.
ــ أين هي الموضوعية ... وهل تعتبر نفسك موضوعيا ؟
الموضوعية تتجلى بنظري بتبني وجهة نظر ومصلحة أوسع القطاعات بما ينعكس إيجاباً فقط على هذه القطاعات.
إنها التحلي بالحس والضمير العام وعدم الانجرار وراء الموضات الفكرية التي تتقلب مع الطقوس السياسية.
أن تكون موضوعياً يعني أن تفكر وتتصرف في سياق المنطق السليم والعقلانية المجردة ووفق المدارس والتيارات الفكرية الخالدة التي أثبتت ديمومتها ونجاعتها ولا تتأثر بالظروف والزمان والمكان وأن تلحظ حكم التاريخ في كل حركة وفعل ونشاط، وأتمنى وفق هذه المعايير أن أقترب من الموضوعية.
ــ يتهمك البعض بأنك من أدعياء المُعارضة و من صُلب النظام ، فلا تقوم على أيّ حراك إلا ويصب في مصلحة النظام .
كيف ترد على هذا الكلام ... من الجدير بالذكر نضال هنا علامات الاستفهام التي يضعها حولك من في الخارج ؟
ما رأيك أستاذ مرهف هل تقبلها علينا أن نتبنى خطاب التهريج لجماعة 14 آذار ومن معهم من مارينز سوريا لترفعوا عنا تهمة الانتماء لبلدنا سوريا؟
نحن وطنيون يا رجل ودوافعنا وطنية ولا يعنينا أبداً أن نتخذ مواقف لا تصب في مصلحة الوطن. الوطن أولاً. كيف يعني مثلاً هل أقوم بأية مهمة رسمية؟
هل أكتب في الصحف الرسمية؟ .....
هل يستقبلني التلفزيون السوري يومياً أم مازال "يقوص" على خيالي حتى اليوم؟
هل أشغل أو شغلت أي منصب عام؟ ....
لقد قضيت ثلاثة أرباع عمري وأنا ألهث وراء اللقمة المخزية في الصحراء بعمل مرهق ومضن وشاق ولا أتمناه حتى لشارون وشاحاك.
بنفس الوقت أنا لا أفهم هذا السر الجامح في شيطنة وأبلسة هذا النظام إلى تلك الحدود التي تخرج عن المنطق؟
لا أقول لك بأن النظام منزل من السماء وهو ككل نظام له ما له وعليه ما عليه ولكن بنفس الوقت هناك انحياز واضح ونظرة عمياء، نتفهم دوافعها، ضد النظام، ولكن لا نجاري كثيرين فيها لأسباب كثيرة أهمها أنه لا يجوز البتة اللعب بالسلم والأمن المجتمعي من أجل شلة من المغامرين والفاسدين والفئويين والطامحين سياسياً والمافيات الشرسة المشهورة دولياً والتي يعتبر النظام، وبرأيي، قديساً مقارنة معها وطالما أنه يحافظ على أمن ووحدة البلاد والعباد.
من يجب أن توضع حوله الكثير من علامات الاستفهام هو من يعيش بغموض في الخارج، ماذا يعمل، ولا يعرف مصدر تمويله ومن يصرف عليه لا نحن المنتوفين والمشحرين ونعيش في قلب الفقر والمعمعة؟
هل أصبح العيش في الوطن تهمة في نظر البعض؟
.... هناك عشرون مليوناً تقريباً من السورين بكافة مشاربهم يعيشون في سوريا فهل هؤلاء جميعاً خونة وفاسدون ومتهمون بوطنيتهم، وأولئك الصعاليك الذين تغريهم مواخير أوروبا والتسكع في مقاهيها وشوارعها هم فقط الشرفاء والوطنيون وكل هؤلاء السوريون هم متهمون؟
.... إذا كان البعض يرى في السباب والشتيمة والتحريض الفئوي وإثارة النعرات وإهانة شعبه، والتحذير من خطر إيران وسورية دوناً عن سائر الأبالسة والشياطين والعفاريت التي يعج بها الشرق الأوسط القديم والجديد، ويصفق للحريري وجنبلاط وفتفت ما غيره، فهذه مشكلته التي لا نحسده عليها.
ــ أيضا أستاذ نضال أنت متهم بأن دفاعك عن الحريات هو نفاق مثقفين؟
أولاً ولعلم الجميع موضوعيين وغير موضوعيين، الاستبداد منتج وموروث تراكمي تاريخي ولا علاقة للفرد به، وإذا كانت المعارضة للنظام تعني السباب والنيل شخصياً من الرموز الوطنية السورية فهذه لا شأن لنا بها ونتركها لأصحابها، كما يفعل بعض من مارينز سوريا الثقافي.
يا أستاذ مرهف نحن، وطبقاً للتحليل العلمي والموضوعي، معنيون بظواهر اجتماعية وسياسية وليس بأشخاص، جلها موروث وتراكمي ولا ذنب للأفراد بها، إنها موروثات أزلية وليست وليدة اللحظة أو محصورة بفئة معينة من الناس وهي التي تقف وراء هذا البلاء المقيم.
ونحن جزء من منظومة شرق أوسطية مستبدة تعج بالأصوليات والفاشيات وتسرح وتمرح بها القبليات والبداوات وما زلنا في أطوار مشاعية ما قبل مدنية وسياسية ودولتية ومن العار والخطل واللاموضوعية تحميل وزر كل هذا لشخص أو لفرد أو لمجموعة من الأفراد، وليس بمقدور أحد أن يقول لركام المعوقات هذا "كون فيكون".
وكما أن هناك قوى داعية للتغيير هناك قوى متأصلة وقوية معارضة للتغيير.
نحن ضد الغوغائية والفوضوية والديماغوجية الفكرية والتحلي بالحكمة والتبصر.
ــ لماذا وقفت ضد ميشيل كيلو ، يقول السيد نضال في رده على ميشيل كيلو التالي :
( وكقارئ حيادي، يمكنني القول، بأن السيد كيلو قد تجاوز كل المحرمات، والخطوط الحمراء، وانغمس في ما لا يحمد عقباه، ونفخ في نار كامنة تحت الرماد، في فصل سياسي حار، بحاجة لكل المبردات، والمهدئات، ولا جدوى من إثارتها على الإطلاق ).
أرجو بداية ألا تتعامل مع الموضوع على طريقة ولا تقربوا الصلاة، أو ويل للمصلينا، ولا تنزع الجمل والمفردات من سياقها.
إقرأ مقال الكيلو المعنون بنعوات سورية كاملاً، وإقرأ ردي عليه.
كيلو تورط مع من تورط بأوهام سقوط النظام وشطحات خدام، وأراد أن يحجز له مكاناً في ترتيبات ما بعد السقوط فأصبح يغازل الإخوان بطريقة غريبة فيها سفور وإباحية وبورنو سياسي مخجل ومفاجئ، وقلنا في وقتها لا بأس و"للناس في ما يعشقون مذاهب"، ولم ننبس ببنت شفة، غير أنه توّج ذلك كله بهجوم غير معقول ولا مفهوم على مكون اجتماعي سوري بعينه متجنياً عليه بسيل من باطل الاتهامات، استرضاء للإخوان الذين أفرد لهم أكبر فقرة وتوصية في إعلانه القندهاري الأول واعتقد أنهم ورثة النظام، نعم وبكل أسف وحزن على كيلو وعلى وضعه وعلى شطحته الفكرية لقد تجاوز الخطوط الحمر في مقاله وتجنى واعتدى معنوياً على مكون سوري هام وأهانه كثيراً وكان لا بد من الرد وإلا سنبدو وكمن يوافقه على كل ما قاله من تجن.
وأعلن، ومن هذا المنبر، بأنني مستعد، لأية مناظرة وحوار بشأن هذا الموضوع، ومع أي كان وفي أي زمان ومكان، لشرح موقفي وموقفه وما جاء في ردي وفي مقال السيد كيلو حرفاً حرفاً وكلمة بكلمة، وفي حال كنت على خطأ في رؤيتي ونظري وتفسيري فسأعلن الاعتذار على الملأ وأمام جميع الناس بكل شجاعة وروح رياضية.
ــ نضال أنت تزعم أنه لا سقف للحرية في عالم اليوم، ولا حدود للإبداع ولا أفق للعقل الجبار ، رغم أن البعض يتهمك بعدم الخوض في قضايا مصيرية تهم الشعب السوري خاصة فيما يتعلق بالحريات العامة ودستور جديد للبلاد وانتخابات حرة نزيهة .. بمعنى آخر أنت تحصر نفسك بسقف معين للحرية؟
نعم لا سقف للحرية ولا حدود للإبداع ولا أفق للعقل الجبار ولكن وكما قلت لك بأن السباب والشخصنة واتهام الناس وتجريحها والتجني والاختلاق لا تدخل في هذه الأبواب بل في نقائضها على التمام، وهي ليست شغلتي ولا من اختصاصي، بالمطلق والمآل.
أنا مستعد للخوض والكتابة ومناقشة أي موضوع بكل موضوعية وحيادية وبعيداً عن الشخصنة والتجني والانحياز. إقرأ وراجع كل ما كتبته هناك عشرات المقالات التي تهتم بالشأن العام وهموم الوطن والمواطن، وسترى حجم الجرأة والإقدام ومدى اهتمامي والتصاقي بالشأن العام وأنا في قلب العاصفة وعين الإعصار.
ما هو المطلوب أكثر من ذلك، هل اصطناع البطولات المزيفة والمواقف الغوغائية وعبر الارتباط مع الخارج والقبض منه والسباب وقرع الطبول الفارغة التي لا تجلب سوى الصداع والضوضاء؟
ــ لماذا تركت العمل في قناة ANN؟
هناك أسباب عامة وأسباب خاصة جداً. والأسباب الخاصة، هي خاصة، وربما عائلية، ومن غير اللائق أن تعلن على الرأي العام.
وأما الأسباب العامة فقد تمس أناساً وزملاء أكن لهم مشاعر المودة والصداقة والألفة والعشرة، ومن غير اللائق إثارتها على الملأ وفي منبر عام.
ــ ماسبب هذه المعركة الشرسة التي تشنها على الإسلاميين ، كما انك متهم بالسفسطائية حسب رأي البعض؟
أولاً حرية الرأي والتعبير تعطي أياً كان الحق في أن يطرح ما يؤمن به من آراء وأفكار.
لي أطروحات ونظرة غير تقليدية للكثير من القضايا على الساحة وهذه لا تدخل البتة في باب السفسطة حسب ما أعرف عن السفسطة، والحمد لله أن الأمر يتوقف عند حدود السفسطة ولا يتجاوزه نحو التكفير والزندقة كما يجري دائماً وشكراً لأولئك المتهمين على هذا الاتهام الجميل والمعتدل والرائع جداً بمقاييس هذه الأيام.
ثانياً هناك فرق بين المسلمين المؤمنين والمتأسلمين .... لا مشكلة لي مع أي مسلم فنحن مسلمون بالولادة، ومن بيئات إسلامية، والأهم من هذا وذاك نحترم جميع العقائد والأديان. المشكلة مع الاسلامويين الذين يتاجرون بالدين لأغراض سياسية ومع تلك الطبقة الكهنوتية الجديدة التي تولدت مع صعود البترودولار وتحاول أن تسوق الخزعبلات والجهل وتريدنا أن نلغي عقولنا.
الجهل والخرافات والخزعبلات لها مشاكل تاريخية ومزمنة مع كبار المُصلحين في العالم الإسلامي قديماً وحديثاً وهي في حالة صدام دائمة مع العقل.
كما أنه من الواجب التذكير بأن الكثير من الظواهر والممارسات السلبية علقت بالإسلام ودخلت عليه خلال هذه الفترة الطويلة ويجب على كل إنسان حريص على صورة نقية زاهية للإسلام أن يتصدى لها وخصوصاً من أجل أن تكون صورة الأديان طيبة في نظر الناس وليست تلك النظرة المؤلمة التي نراها الآن.
ويجب أن نتذكر أولئك المسلمين المهاجرين المساكين والبسطاء الذين يعيشون في مجتمعات غير إسلامية ويعانون الأمرين حيث باتوا يتعرضون لمضايقات شتى نتيجة للصورة السلبية التي رسمها الجهلة والأدعياء وتجار الدم عن الإسلام.
وهذا من صلب واجبنا وعملنا ككتاب متنورين لا نمالئ أحداً ودعاة ونشطاء في مجال الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان ومجتمعات أفضل.
ــ أنت متهم بالهجوم على الإسلام ومُقدساته ؟
ما ردك على هذه الاتهامات ؟
و لماذا نعت المسلمين الأوائل بأنهم البدو الأعراب الغزاة الأوائل ؟
هل لدينا مشكلة تاريخية في المصطلحات؟
هم بكل بساطة، غزوا الدول المجاورة. ما حصل في التاريخ القديم، عبر التحليل العسكري والنقد الموضوعي، هو عملية غزو بكل ما في الكلمة من معنى.
إذ كان هناك احتلال ودخول غير شرعي لأراضي الغير وقتل وإراقة دماء وسبي نساء وحرائر وفرض عقائد ولغات جديدة على السكان الأصليين، ماذا تسمي هذا؟
نزهة وسيران وسياحة؟ ....وهل سفك دماء الأبرياء يرضي الله؟
النبي محمد "ص" كان يطلق اسم الغزوات على عملياته العسكرية.
فلم تلومني أنا إن قلت ذلك؟ وهذا موجود بكثرة في الأدبيات والخطاب الإسلامي، ماذا تريدنا أن نسميه هل المشكلة في المصطلح أم في الفعل بحد ذاته وما أفضى إليه من مآلات كارثية على عموم المنطقة حيث كان السيف هو الحكم في كل القضايا؟
أرجو أن توجه سؤالك لمن سماه أولاً بالغزو إن لم يعجبك المصطلح ، وهناك الكثير من الأحاديث النبوية التي تشير إلى الغزو.
والقرآن نفسه وصف سكان الصحراء بالأعراب ولم آت بجديد من عندي....
وفي اللغة العربية من يقوم بأعمال الغزو فهو غاز وسكان الصحراء العربية هم بدو وليس في ذلك أية إهانة أو انتقاص ولو كانوا من العرق الآري أو الاسكندنافي أو السلافي ألما ترددتا في وصفهم بذلك. لقد عشت بنفسي في قلب الصحراء العربية ومع البدو، وكانوا يتفاخرون بالقول بأنهم بدو فلم تزعلون وتحزنون من تسمية الأشياء بأسمائها وتصرون على استعمال الاستعارات والتعابير المجازية والأسامي الخلبية والتشبيه واللعب بالألفاظ ؟
ثم أعطني جملة واحدة فيها إساءة للمقدسات الإسلامية أو كفر بواح أو سباب لأي كان، أما اللامقدسات والخزعبلات والعبط والاستهبال والحركات القرعاء فلن نوفرها وقد تناولها كبار المصلحين كمحمد عبده والكواكبي وعلي عبد الرزاق.
ــ يقول بعض الكتاب أنك تدعي الوقوف ضد عقوبة الإعدام ، في نفس الوقت الذي تبرر فيه جرائم النظام وفق القانون 49لعام 1981 وأنها هي التي أوقفت أعمال العنف بدلاً من تحميل النظام عدم رحيله وبقائه في السلطة المُغتصبة ؟
بالطبع أنا ضد عقوبة الإعدام، وهذا موقف مبدئي لا أتنازل عنه....
وأنا ضد زهق الروح وقتل الأنفس والقصاص الهمجي، وأن إصلاح الإنسان وإعادة تأهيله، وإصلاحه وإعادة إنسانيته إليه هو ما يجب، لا التصرف معه بوحشية وبعيداً عن معايير الرحمة والإنسانية. ولو سادت الوحشية ومنطق الاقتصاص الهمجي ذاك لتحول العالم إلى غابة.
الأصل هو التحلي بالإنسانية وقيم التسامح والعفو عند المقدرة، هؤلاء الذين مثلوا بصدام، بماذا يتميزون عنه؟
وهل هناك فرق بينه وبينهم؟ ....
وهل هم في مأمن من قصاص مشابه لو تغيرت موازين القوى؟
كم كانوا سكبرون ويقتلون صدام حياً لو أعطوه درساً في التسامح والعفو؟
ثم إن كل منحرف وقاتل وشاذ هو مريض تجب معالجته وإعادة تأهيله وليس قتله، فحتى القتل الرحيم محظور طبياً وإنسانياً.
ويجب إعطاء الإنسان فرصته بالحياة كاملة، حتى آخر لحظة من عمره الافتراضي المقدر الذي منحته إياه الطبيعة.
وتجسيداً لتلك المبادئ، فقد كنت من أوائل الموقعين على عريضة تقدمت بها جماعة الإخوان المسلمين لإلغاء عقوبة الإعدام، وبغض النظر عن الدخول في ذاك الجدل السقيم حول تلك الأحداث المؤسفة التي أدت لسن القانون.
هذا الموقف موجود ومعلن ولا أخفيه وموجود في إرشيف الجماعة وعلى الشبكة العنكبوتية. وحتى النظام في سورية لم يعد يطبق هذه العقوبة والقانون أبداً وأصبح القانون شكلي وغير مفعل على الأرض وإن كان هناك حاجة ماسة برأيي لإلغائه وحذفه من منظومة القوانين السورية.
كما كتبت ضد هذه العقوبة حتى حين أعدم صدام حسين ووقفت ضد إعدامه فما هو المطلوب مني أن أفعل أكثر من ذلك ....؟
ليس بيدي سوى قلمي وصوتي وهما ما أستخدمهما ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت.
ــ تدعي حسب رأي أحدهم ( أنّ جماعة الإخوان لم تفتح باب الانتساب لكل أطياف المكونات السورية، إذ تقتصر العضوية اليوم في الجماعة على المواطنين السوريين السنة، فهل جرّبت الانتساب لها ، والقبول بشروطها وأدبياتها ، أم أنّه رجماً بالغيب ، فأنا مثلاً إسلامي التوجه والفكر ، فهل تقبلني الأحزاب العلمانية وتسمع لأطروحاتي ؟ )..... كيف تقرأ هذا الكلام ؟
طبعاً هذا معلوم للقاصي والداني وليس مجرد ادعاء وزعم كما تزعم أنت.
ثانياً لا يوجد هناك أحزاب علمانية والعلمانية ليست حزب هناك أحزاب ذات توجه وفكر ومنطلقات علمانية.
العلمانية ليست دين كما هو حال جماعة الإخوان المسلمين التي هي حزب ديني وفئوي بحت ولا تضم سوى مكون إسلامي بعينه له هوية ما فوق وطنية أو أممية، وهذا خطر محدق بالوحدة الوطنية ويؤدي إلى اصطفافات مشابهة في الجسد الوطني تؤدي إلى زوال الوطنية واختفائها. الحمد لله أن المواطنين في سوريا وغيرها لا يقلدون الجماعة في سلوكها السياسي ومجاراتها في النظرة إلى المكونات الأخرى ويترفعون عن السلوك العنصري الذي تسلكه جماعة الإخوان المسلمين.
هذا واقع قائم على الأرض ونحن لا نتجنى على أحد أستاذ مرهف. في الأحزاب ذات التوجه العلماني يمكنك أن تكون مسلماً، ومهما كانت طائفتك ومذهبك هنا، أومسيحياً، ويهودياً ولا دينياً، وتكون علمانياً في نفس الوقت.
والأحزاب ذات البنية العلمانية لا تشترط دين معين للانتساب إليها كما هو معلوم ومعمول به بالنسبة لجماعة الإخوان التي نتمنى أن تلغي هذه الصورة الفاشية عنها وتكون حزباً أو جماعة كما غيرها من الأحزاب لكافة السوريين بمختلف أطيافهم، فالطروحات المذهبية مخيفة ومرعبة ومعيبة، وعليها ألا ترفع شعاراً دينياً وسط فسيفساءات دينية وعرقية لأن ذلك سيحفز الآخرين لتقليدها وهذا ما سيدخلنا في متاهات لا سبيل للخروج منها. على الجماعة أن تحل نفسها وتغير من بنيتها الإيديولوجية والفكرية وشروطها التنظيمية لتصبح حزبا سياسياً لجميع السوريين أما بشكلها الحالي فهي مصدر حرج وقلق وخطر للجميع بما فيهم الكثير من أعضائها الأصليين والمواطنين السوريين الصالحين الذين يحرجهم التحريض والغلو والشحن الفئوي.
ــ لماذا تقف مع القرآنيين؟
من منطلق أنهم مضطهدون فكرياً، ومن منطلق الدفاع عن الرأي الآخر وتفهمه والإصغاء إليه وليس التعامل معه بإقصائية كما هو الحال في التاريخ العربي الذي أوصلنا لحالة الشلل هذه. لنقابل الرأي بالرأي والفكرة بالفكرة لا بالسيف والجلد والصلب وقطع الرأس.
فندوا أفكارهم بعقلانية ومنطقية.....
هناك إشكاليات كبرى في التاريخ والموروث الإسلامي، والقرآنيون يحاولون مقاربة ذلك من زاوية ووجهة نظر معينة لماذا لا نصغي إليها، ونتفهمها، حتى ولو كنا نتفق أو لا نتفق معهم.
حين نصل إلى تلك الحالة من الإصغاء وتفهم وقبول الآخر، أعتقد، وبكل جزم وحزم، لن يكون لدينا أية مشكلة على الإطلاق.
هل من المعقول أن الدين الخالد والذكر المحفوظ ربانياً يتعرض للانهيار والهلاك والزوال بمجرد إيراد رأي مخالف؟
إذا كانت القضية بهذا الشكل، وعلى هذا الحال فهناك حالة ضعف وهزال وهشاشة شديدة تجب معالجتها فوراً..
ــ لماذا لم تكمل تعليمك العالي رغم تفوقك في الدراسة؟
لقد "فتـّقت لي جروحاتي"، يا مرهف. بكل بساطة أنا طوال عمري مقطوع من شجرة سياسياً وحزبياً، ومن بيئات كادحة ومعوزة، ولست محسوباً على أية جهة، ومن المغضوب عليهم والضالين سياسياً تاريخياً، ولم يكن لدي معارف ولا واسطة في دوائر الدولة، ولا أي "ظهر" أستند إليه.
ــ كلمة أخيرة نضال عن مساحة الحرية الموجودة في زمان الوصل كجريدة الكترونية سورية مستقلة ؟
في الحقيقة إنها مساحة مدهشة وأفاجأ بكل صدق حين أقرأ الكثير من المقالات الجريئة والطروحات التي لا تقل جرأة وحجم النقد اللاذع أحيانا وخاصة في التعليقات، والله يستركم من غضب الحاجبين والمشفرين والماسكين بخطوط الإنترنت من العصمليين حين التطرق لقضايا وذكر أسماء تبدو حساسة أحياناً، وهذا ما يدلل على أننا في عصر وحقبة جديدة نتمنى أن تكلل بالخير والفائدة على عموم السوريين.
أتمنى لكم النجاح والتطور والاستمرار وإعطاء صورة ناصعة ومشرقة عن سورية التفوق والمواهب والإبداع.
رابط المقابلة:
http://www.zamanalwsl.net/index.php?item=view_article&id=3578



#ال_نعيسة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال ...
- مصادر تكشف لـCNN كيف وجد بايدن حليفا -جمهوريا- غير متوقع خلا ...
- إيطاليا تحذر من تفشي فيروس قاتل في أوروبا وتطالب بخطة لمكافح ...
- في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشارالمرض ...
- لماذا تحتفظ قطر بمكتب حماس على أراضيها؟
- 3 قتلى على الأقل في غارة إسرائيلية استهدفت منزلًا في رفح
- الولايات المتحدة تبحث مسألة انسحاب قواتها من النيجر
- مدينة إيطالية شهيرة تعتزم حظر المثلجات والبيتزا بعد منتصف ال ...
- كيف نحمي أنفسنا من الإصابة بسرطانات الجلد؟
- واشنطن ترسل وفدا إلى النيجر لإجراء مباحثات مباشرة بشأن انسحا ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - ال نعيسة - نضال نعيسة في حوار مع زمان الوصل