أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جريس سالم بقاعين - الشباب المسلم و التطرف















المزيد.....

الشباب المسلم و التطرف


جريس سالم بقاعين

الحوار المتمدن-العدد: 2198 - 2008 / 2 / 21 - 11:08
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أن يعلن أحد الشباب عن اعتناقه للفكر السياسي الإسلامي فهذا رأي في تقدير البعض، واندفاع في تقديري. لأنني أرى أن الدين يجب أن لا يقحم في السياسة ولا أن يلوث بمغامرات الساسة، وأبعد ما يكون عن تمثيله لنظرية سياسية متكاملة لأن ساحته مختلفة، ولأن أصحاب الدعاوي لم يقدموا لنا دليلا أو برنامجا متكاملا يرضي أذهان البسطاء من أمثالي على الأقل- بيد أن هذا مجال حديث آخر، ويكفينا الآن أن يتراوح حكمنا على الباب بين الرأي والاندفاع، وأن نراقب هذا الشاب وهو يتجاوز الإيمان بما يقول، إلى نعت المخالفين له بالكفر والجاهلية، الأمر الذي قد يدفع من وصفوا موقفه الأول بالرأي إلى وصفه بالتطرف إلى مراقبته وهو يتطور فيمتشق سلاحا ربما كان سيفا إذا كانت أصوليته نقية، أو مدفعا رشاشا إذا أخضع أصوليته لمواءمات العصر، وها هو يحمل دم المختلفين معه، طاعنا إياهم بالسيف أو مطلقا عليهم الرصاص دافعا من وصفوا موقفه السابق بالاندفاع إلى وصف موقفه الجديد بالتطرف، ودافعا لي إلى وصف موقفه الجديد بالإرهاب لا أكثر ولا أقل. لا بأس أن نختلف حول تقييم هذه المواقف، فالتطرف مدخل إلى الإرهاب، والإرهاب تعبير عن التطرف وكلاهما اندفاع وكلاهما شر بلا شك، وإثم بلا ريبة.
من أين يبدأ مثلث الفزع السابق: الاندفاع- التطرف- الإرهاب
لا شك في أن نقطة البدء كامنا في مناهجنا التعليمية التي يتلقاها النشء، وأننا بالتالي أصحاب الفضل ( إن سمي ذلك فضلا) في غرس جذور التطرف في نفوسهم. وأمامي نموذج حي على ذلك ساقته الأقدار إلي – حين تعثر أحد أبناء صديق لي في امتحان اللغة العربية، فتناول الأب الكتاب قاصدا مساعدة ابنه وكان عنوان الدرس "نشيد النصر"، وكان نص ما ورد تحت هذا العنوان إن من واجب العرب أن يشكروا الله وفضله عليهم، لأنه نصرهم على العدو الصهيوني وكان النصر عظيما، وقد جاء النصر ثمرة الإيمان الصحيح والعزم القوي والصبر مع العمل المتصل....
لقد عبر الجنود وانتصروا وتغلبوا على كل صعب، وكان النداء الذي يتردد "الله أكبر، الله أكبر...." وهذا الانتصار يرجعه الدرس إلى أربعة أسباب: 1. الإيمان الصحيح. 2. العزم القوي. 3. الصبر. 4. العمل المتصل، وينتهي الدرس باستخلاص النتيجة وهو ترديد الجنود العرب الله أكبر، الله أكبر.
واضح من الترتيب أن العامل الأساسي والحيوي في النصر قد احتل المرتبة الأخيرة عن عمد، وأنه ذكر وكأنه كتب سهوا، وبديهي أن ترتيب أسباب النصر بهذه الصورة، سوف يدعو المدرس والطالب إلى إغلاق أذهانهم وحجبهم عن التفكير، الذي سوف يقودهم إلى أسئلة تعني إجابتها رفض الدرس بما يحتويه، إن الطالب سوف يعجز عن تفسير سبب هزيمة العرب مثلا في الحروب الأخرى مثل حرب 1967، لأن حدوثها يعني أن العرب قد فقدوا إيمانهم الصحيح لفترة أو انهارت عزائمهم أو تخلوا عن فضيلة الصبر، وسوف يكون عنده تفسير واحد وهو: كفر آبائه الصريح. وربما يتصور على أن الهزيمة هي نصر إلهي لليهود ورضا منه على أفعالهم، وأنا هنا لا أدعو إلى رفض الإيمان أو استنكاره، لأنني أعتقد أن ما ورد في الدرس السابق يمثل منهجا يأباه العقل والمنطق، بل إنه يطرح في الحقيقة منهجا عكسيا والتاريخ مليء بالنماذج... ولنأخذ درس غزوة أحد...
كان يسيرا على الله أن ينتصر المسلمون في أحد، فالظروف ممهدة لانتصار لا شك فيه، فالمسلمون المحاربون هم السابقون الأولون، وأولئك هم المقربون وقائد الجيش هو النبي محمد، ولم بكن المسلمون في حاجة إلى صيحة الله أكبر، لأنها كانت محور حياتهم ونضيف إلى ذلك ما هو ثابت بالنص القرآني من مساندة الملائكة للمسلمين (سورة آل عمران) ورغم ذلك كله (جيش الصحابة، قيادة النبي، صدق الإسلام، مساندة الملائكة) انهزم المسلمون وانتصر المشركون.... وفسر القرآن وكتب السيرة سبب الهزيمة هو ترك المسلمون لمواقعهم سعيا وراء الغنائم أي أنه خطأ فني أجاد المشركون استغلاله...
أي دلالة أوضح من هذه الدلالة على أن الاستعداد الجيد للحرب هو الأساس والتدريب الجيد على مواجهة المواقف هو الفيصل، واتخاذ القرارات المناسبة لسير العمليات هو المنهج، وإذا اختل هذا، فلا يشفع للجيش أن يكون قائده النبي، أو أن يكون جنده خير الصحابة أو أن يكون سنده الملائكة، أو أن تكون صيحته الله أكبر ولا إله إلا الله.
ألا يدرك كاتبو الدرس الآن أنهم يعكسون القصد ويقلبون الحقائق، وأنهم يمهدون الأرض للتطرف بلويهم الحقيقة.
نعم فسوف يستقر في ذهن النشء أن مدخلهم للحاق بالحضارة ومواجهة تحديات العصر يبدأ بالنصيحة وينتهي بالبركة، أما العلم والعمل والتدريب فتأتي جميعا في النهاية أو لا تأتي فلا ضرر ولا ضرار.
نعم... سوف يتدرب النشء على إلغاء العقل وعلى استبعاد التساؤلات وتجاهل المنطق وعلى فبول أي رأي بالتسليم وليس بالتمحيص، وسوف يتبع البعض في المستقبل رأيا شاذا لمجرد أنه مكتوب في تراث ابن تيمية أو أنه منطوق على لسان الشعراوي أو القرضاوي أو...أو أحد أمراء الجماعات الإسلامية.
ويبقى ما هو أخطر وهو ما تيقنت منه وأنا أسأل ابن صديقي عن تصوره في معلوماته عن الإسلام من خلال ما تلقنه من دروس الدين في المدرسة، فإذا بمعظم حديثه منحصرا في غزوات الرسول وإذا بالدين الإسلامي قد يتبرمج في عقل الطفل بقدرة المناهج الدراسية إلى دين حرب وإذا بهم يلقنون النشء أن الجهاد ركن من أركان العقيدة في الإسلام...فبالتالي سوف يستحل دم المخالفين له ويتبنى الجهاد المسلح ضد مواطنيه.
والغريب والمبكي والمضحك معا أن قد شاع مؤخرا أن وجدنا من يتنادون بتدريس فنون الكر والفر في الكليات العسكرية وحيث تقدم البحوث في كلية أركان الحرب عن عبقري الفن العسكري في غزوة كذا أو غزوة كذا... وقد يتدخل الكثيرون حين يعلمون أن مجموع قتلى المسلمين والمشركين في جميع الغزوات من واقع سيرة ابن هشام يبلغ 251 قتيلا: 139 من المسلمين، و112 من المشركين. وحسب السيرة لم تكن هناك حرب ولا ضحايا في تبوك، والمسلمين قد انتصروا في غزوتين: بدر، بنو المصطلق، وانهزموا في غزوتين: أحد، ومؤتة، وأفشلوا حصارا: الخندق. ونجحوا في حصار: خيبر، وفشلوا في حصارين: حنين والطائف، ودلالة على ما سردناه فيما سبق، يجب أن نتنبه إلى غياب النظرة الشاملة للدين، فالدين عقيدة وعبادة وقيم ومثل وتعامل بالمعروف، وليس كما في بعض العقول المتخلفة منهج اقتصاد أو كتاب طب. ويا أسفاه على من مهدوا للتطرف بإخفاء الحقائق، وزرعوا في النفوس سبيل الحرب، وقتلوا العقل في الجيل الصاعد، فما رأيك يا صديقي ببعض شباب الجامعات الإسلامية في جامعة أسيوط في مصر يرفضون الذهاب إلى الجامعة في سيارة أو على دراجة ويفضلون تأكيدا للأصولية أن يذهبوا ممتطين "دابة"، أو بعض من الجماعة الملتحين بثيابهم البيضاء يسيرون صوب الصحراء في تثاقل وبخطوات شديدة البطء وأيديهم متشابكة يذهبون لقضاء حاجتهم في الخلاء مصداقا لبيانهم الشهير "سلوك الجهلاء وآداب قضاء الحاجة في الخلاء"، ثم تعود نفس المجموعة مسرعة الخطو وأرادها يتقافزون خفة وسعادة ويربت كل منهم على كتف زميله في سرور مرددا شفيتم...شفيتم.
ونتساءل معا: تحت أي بند من البنود يمكن أن نصنف الأحداث السابقة:
- هل السبب كامن في أننا لم ندفع ثمنا للحضارة، وإنما انتقلت إلينا على يد الرواد، فسهل علينا خلعها، لأنها لم تكن إلا قشرة واهية وآن الأوان لدفع الثمن؟
- هل انسحقنا جميعا لهزيمة حزيران 1967، فتعاملنا مع العالم بمنطق المهزوم الذي ينسحق إلى داخله عند التحدي ويفضل الارتداد خلفا بدلا من التقدم؟
- هل كنا ضحية تزييف التاريخ، حيث نقله إلينا الرواد مصفى من شوائب القهر والانحلال؟
- هل ترهلت عقولنا حتى عز عليها التفكير، وتفرقت أفكارنا حتى عز عليها التجديد وترفعت طاقاتنا عن الإبداع وأذهانا عن استيعاب مفهوم الفكرة والنقيض، فاسترحنا إلى أول طارق يعد بإلغاء كل ذلك؟؟؟
- هل هي الأزمات الاقتصادية التي نعانيها والتي كانت تنبئ باليسار فإذا هو عاجز، بل إذا ببعض رموزه تتساقط كالثمار الناضجة في ساحة التطرف، وتراهن على الحل في الفردوس، وتعد من لا يملك بيتا يؤويه بقصر في الجنة
- هل هي القوى الكبرى التي لا تريد سلاما للمنطقة ولا تنمية لشعوبها ويعنيها أن ننسحب من صراع القوى العالمية، إلى الخلاف حول حديث الذبابة، وبول البعير، ومن قيادة العالم الثالث إلى بحث أحوال العالم الآخر، ومن سباق الفضاء إلى سباق قضاء الحاجة في الخلاء؟
- هل هو الإعلام المغيب للوعي، المعادي للتقدم، المعتدي على التقدم المساند لكل دعاوي الردة الحضارية؟
فمتى ننتهي من قضية أن النصر أتى على جناح الملائكة واستجابة لصيحة الله أكبر وانتصارا لخطة "بدر" وتأكيدا لفضل رمضان وهكذا.......
أعرفتم الآن لماذا ارتبط التطرف بالشباب؟ لأننا اغتلنا أحلامهم في مستقبل أفضل، واغتلنا أفكارهم بمناهج متخلفة حقيرة. واغتلنا ذاكرتهم بتزييف التاريخ، واغتلنا وعيهم حين علمناهم أن يروا الحقيقة من زاوية واحدة، واغتلنا أبصارهم حين حصرنا الألوان في الأبيض والأسود تماما كما اختزلها الإسلاميون في الجنة والنار..... وليس لنا أن نندهش لأنكم أنتم بتعاليمكم الفعلة مع سبق الإصرار والترصد، وهي حقيقة مريرة بقدر ما هي صحيحة.



#جريس_سالم_بقاعين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقدة النقص المأساوية عند العرب
- دراسة في الاسلام


المزيد.....




- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جريس سالم بقاعين - الشباب المسلم و التطرف