أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد الفضلي - المغامرة النقدية














المزيد.....

المغامرة النقدية


وليد الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 2197 - 2008 / 2 / 20 - 11:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



النقد رحلة في أقانيم النص والفكر، والوجود الإنساني، يمكن أن نصفها بمغامرة العقل المعرفية، فهي غور في أعماق هذه الأقانيم بحثاً عن الكنوز الجالبة للثراء المعرفي، ولاشك أن العقل البشري -جهاز الحكمة الإنسانية الأقدم- هو الوسيلة الرئيسية للعبور والتنقل في ما بين وديان، وهضاب هذي الأقانيم، وهو المنهج أو المعيار الفصل في موضوعيتها. أما سيد المغامرة فهو ذلك الناقد المسافر بين عوالمها الداخلية، والخبير بأطرها الخارجية الحاضنة لها، والذي تخلى عن نزعاته، وانتماءاته الشخصية، ولم يبرح عنه حلم اكتشاف كنز معرفي جديد، يسهم في تقدم الوعي الإنساني، لتكتمل بذلك أهم عناصر الرحلة النقدية، القادرة على الفصل والمفاضلة في ما بين أطياف الحقيقة، والكشف عن المكنون فيها، أو آخر هامشي فيها.

ومازالت هذه الرحلة النقدية مدار اهتمام وإغواء لكثير من الباحثين والكتاب الذين أدركوا أهمية هذه الترحال المعرفي، فخاض بعضهم غمار هذه التجربة حتى باتت تشغل المساحة الأكبر من مشاريعه الفكرية، وأذكر هنا الرحلة النقدية التي خاضها المفكر د. محمد عابد الجابري في رباعيته الشهيرة “نقد العقل العربي”، وكيف دوى صداها في أوساط نقاد ومثقفين آخرين؟ بل إنها شجعت الكثيرين منهم على الولوج في عالم المغامرة النقدية، فتولد إذ ذاك نقد آخر مغاير لنقد الجابري، كان من أبرزها مشروع د.جورج طرابيشي الذي عكف على نقد الجابري سنوات طويلة مفككاً خطابه، وكاشفاً تحيزه، ومضيفاً للكثير من الإضاءات الفكرية التي لا تقل أهمية عن المنقود إن لم تتجاوز مشروعه أيضا.

بيد أن المتتبع للحراك الفكري في العالم العربي بشكل خاص يستشعر الحاجة الملحة للكثير من تلك الرحلات النقدية، فغياب الاشتغال النقدي الحقيقي سواء أكان ثقافياً أم اجتماعيا أم سياسيا... أفضى إلى إحكام قبضة التقاليد او النماذج القديمة المستبدة، وجمود عمليات التحديث، فلم نستطع أن نقدم خيارات وبدائل فاعلة في مواجهة التخلف الحضاري الذي يخيم على وجودنا وأفكارنا، ناهيك عن مسألة الإسهام في صناعة الوعي الإنساني.

ولا تفوتنا هنا الإشارة إلى أن الممارسة النقدية ليست بذاتها نفق الخلاص من الأزمات التي تعصف بأحوالنا، بل إنها تشكل الأداة المعرفية الأهم، والتي يصعب الاستغناء عنها في أي من عمليات الكشف أو التحليل أو التقويم أو الاستشراف، فهي وسيلة ذاك المسافر في رحلة بحثه عن معابر الخلاص، والخروج من نفق التيه الحضاري المظلم، فقد ساهمت هذه الأداة كثيراً في المنظومات التحديثية التي تقدم بها الآخر في العالم الغربي، فكان هناك العديد من المناهج والمدارس النقدية، التي نجحت في ممارستها النقدية -ولم يترك مشرطها النقدي منطقة إلا ودخلها- كاشفاً عن عطب المجتمع والدولة، ورافدا لمعالم عصر التنوير من بعد حقب الظلام الطويلة.

سوف نحاول في هذا المقال أن نتعرف الى بعض ملامح الرحلة النقدية المنشودة والتي من أهمها:

أولا: لا تعتبر الممارسة النقدية تهويماً نظرياً يتعالى على الواقع، أو فاعلية طوباوية تتجاهل الشروط الموضوعية، أو رياضة ذهنية للعقل، بل هي قراءة ترتكز بشكل أساسي على وعي وإدراك لنظام وقوانين حركة الواقع، بالإضافة إلى معرفة القوى المؤثرة، والمتأثرة فيه، ومن خلالهما تتكون أبعاد القراءة النقدية الجادة، والقادرة على الحضور والتمثل الفاعل.

فالممارسة النقدية المنشودة هي في حقيقتها منظار لرؤية الناقد الموضوعية لبلورة وكشف أعطال المشهد وجمالياته، والذي من دون شك ينبع من رؤية استراتيجية ثاقبة ومتكاملة لكل أبعاد اللحظة.

ثانياً: إن جوهر الممارسة النقدية هو تكوين فعل توليدي، وقراءة جديدة، هي ليست مجرد ممارسة تقويضية للأبنية والكيانات من دون أن تقدم رؤية بنائية جديدة، أو تسهم في صنع الخيارات البديلة. إن الممارسة النقدية فاعلية تهدف إلى توليد قراءة مغايرة، ومحفزة للذهن في رحلته الكشفية بحثاً عن أوجه أخرى للحقيقة.

ثالثاً: أحد أبرز ملامح الممارسة النقدية هو تحرير الفهم من السائد والمستبد على الأفكار والنظم؛ فالنقد في حقيقته يستهدف تشكيل قراءة جادة خالية من الأوهام والأعطال التي تستوطن العقول والمعتقدات، وهو فعل تمردي على السائد، وتحرري من أية سلطة تستبد بأنموذجه، وتحتكر الأفكار، وتمارس طقوس الإلغاء والإقصاء، كما أنه ليس نمطاً دفاعياً عن المرجعيات والسلطات لتبرير أعطالها وخيباتها.

رابعاً: إن الممارسة النقدية مساحة للشراكة، وتراكم المعرفة، تتسع لكل محب للمعرفة، ويريد أن يستنير من كشفها أو يراكم منجزها، وليس بالضرورة أن يتماهى معها أو يتطابق . فهي شيفرة وراثية للوعي المتراكم عبر الأجيال.

خلاصة القول إننا في أمس الحاجة إلى الاشتغال النقدي الذي يعبر أقانيم الفكرة والنص والوجود إلى آفاق مشروع تحديثي ترسو فيه سفينة رحالتنا الناقد في مغامرته المعرفية، ويجد كنزه المنشود.

لكن تبقى هنالك مزالق حرفت الممارسة النقدية عن مسارها ودورها التنويري، خصوصاً في عالمنا العربي، تحتاج إلى أن نسلط الضوء عليها، وهذا ما سوف نتطرق له في مقالات مقبلة.

كاتب كويتي

[email protected]



#وليد_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوطان بلا مواطنين ...!
- من سرق المصحف..؟!
- الفجوة بين صُناع القرار وصُناع الأفكار
- عاشوراء.. برسم كل المسلمين
- مَأسسة الفعل الثقافي في الكويت
- الدين.. وممانعة التحديث في المجتمع
- المشهد الثقافي في الكويت... شيخوخة المؤسسة
- خرائط الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
- نحو شراكة مجتمعية


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وليد الفضلي - المغامرة النقدية