أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - كاليجولا يحاصر الهواء














المزيد.....

كاليجولا يحاصر الهواء


رمضان متولي

الحوار المتمدن-العدد: 2195 - 2008 / 2 / 18 - 06:40
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


حكومتنا الغراء دائما سباقة عندما يتعلق الأمر بقمع الحريات في حين تتأخر في أي شيء آخر. أحدث الدلائل على ذلك ما صرح به وزير الإعلام أنس الفقي لجريدة الفايننشال تايمز يوم الخميس الماضي حول وثيقة وزراء الإعلام العرب التي تفرض قيودا على حرية البث التليفزيوني للقنوات الفضائية مشيرا إلى أن مصر سوف تقوم بتحويل مبادئ هذه الوثيقة إلى قانون يتم تطبيقه فورا.

القنوات الفضائية المستهدفة بهذه الوثيقة ليست طبعا تلك القنوات التي تنشر الخرافة أو التي تروج للدعارة كما يزعم وزراء تزييف الوعي وتغييب الحقائق، فبالنسبة للأولى لا أعتقد أن الحكومات المستبدة ترفضها بقدر ما تغذيها وتروج لها وتحميها حتى تلهي شعوبها عن التفكير العلمي والواقعي في مشكلاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، بل إن الخرافة تنتشر بقوة كلما عم الفقر والاستبداد وضعفت المؤسسات والحركات الاجتماعية وشعر الإنسان بالعجز أمام قوى القمع والخوف منها، وهذه الخصائص أكثر ما تنتشر في مجتمعاتنا العربية. أما الثانية فإنها تلجأ للبث من دول أخرى تسمح قوانينها بالدعارة ولا تستطيع الدول العربية إلزامها بعدم البث على الأقمار الأوروبية كما لا تستطيع أن تقيد جمهورها وتمنعه من مشاهدتها.

المبادرة جاءت من السعودية ومصر، ولا يستطيع أي عاقل أن يصدق أن أيا من الدولتين تحارب الخرافة أو الدعارة، فالسعودية تحديدا لا تخفي رفضها للتفكير العلمي من جذوره باعتباره ضربا من ضروب الكفر، وجاءت من السعودية الفتاوى التي تكفر من يقول بكروية الأرض (ابن باز) وتدافع عن التداوي بأبوال الإبل! أما عن مصر، فلم نشهد يوما أن اتخذت الحكومة أي إجراء من أي نوع ضد البرامج أو القنوات التي تبث الخرافة، ولم تتخذ إجراءات ضد القنوات الفضائية إلا قناة الجزيرة عندما أحيلت هويدا طه، المعدة في القناة، للمحاكمة بسبب فيلم وثائقي تعرض لمسألة التعذيب في أقسام الشرطة وحكم عليها بالغرامة بسبب تضمن البرنامج تمثيلا لحالات تعذيب يزعم رواتها أنهم تعرضوا لها، كما تعرض مدير مكتب القناة القطرية لبعض المضايقات الحكومية من قبل. غير أن الوثيقة العربية الجديدة تضمنت عقوبات أخرى أهمها مصادرة المعدات وإغلاق المكاتب وسحب التراخيص من القنوات التي تخالف القيود التي ستفرضها الحكومات عليها.

وليس غريبا أن تهتم الحكومة المصرية أكثر بالقيود التي ينبغي فرضها على حرية التعبير وأن تجعل هذه القيود مطاطة بحيث يمكن تفسيرها وتلوينها كلما استدعت الضرورة ذلك. ثم تتعمد في نفس الوقت وأد أي قانون يتعلق بحرية تداول المعلومات، وعندما أعلنت مؤخرا أنها تقوم بإعداد هذا القانون صاحب ذلك مخاوف شديدة من أن القانون الجديد سوف يكون قانونا لحجب المعلومات وليس تداولها والإفصاح عنها.

هذه المحاولات العبثية لن تفلح مع ذلك في تغييب الشعوب عن حقائق الاستبداد والفساد في المجتمعات العربية، حتى وإن دفع الغرور الحكومات المستبدة إلى الاعتقاد بأنها قادرة على محاصرة الهواء ومنع شعوبها من التنفس، فتكون بذلك أشبه بكاليجولا طاغية روما الذي ارتدى لباس الآلهة وقتله غرور السلطة. فالفضاء المفتوح مجرد بوابة واحدة من بوابات حرية التعبير وإن كانت واحدة من أقواها وأكثرها قدرة على الانتشار السريع. ولكن كلما سعت هذه الحكومات واجتهدت في إغلاق تلك المنافذ، كلما عجل ذلك بانفجار السجن وتحطم الأسوار، وكلما عجل باليوم الذي تستطيع فيه الشعوب التعبير عن نفسها ومواقفها بوسائل أخرى أكثر قوة وأشد تأثيرا.



#رمضان_متولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكومة رجال الأعمال لن تحمي مصر من استيراد التضخم
- مجلس الدكتور سرور
- هلفطة
- النظام والفوضى في مجتمع مقهور
- أوهام الأرقام وحقائق الواقع
- الإصلاح السياسي ورقص الصالونات والفنادق الفاخرة
- نقابة للصحفيين أم جهة إدارية
- نقابة الصحفيين تتحول لجهة إدارية تعاقب الصحفيين على سلوك الإ ...
- الصادرات المصرية حصان خاسر في سباق التنمية
- الانتخابات البرلمانية 2005: فزع السلطة وفزاعة الإخوان المسلم ...
- الاشتراكيون الثوريون تحالفوا مع الإخوان … يا لهوي!
- أزمة النظام الحاكم في مصر واحتمالات الانتفاضة - 1
- العمل المشترك بين اليسار مشروط بوحدة الرؤيا والهدف
- لن يموت فينا الأمل … ولكن!
- خرافة تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها من الحكومات المستبدة
- كفاية ظاهرة إعلامية وخطابها مسخرة، وأسعد التعيس سعيد باغتراب ...
- كفاية – دجل الرؤية الذاتية للتغيير وجدل الواقع
- الوجه الآخر للحرب الأنجلو-أمريكية ضد العراق وأفغانستان
- عام على الاحتلال الأمريكي للعراق نهاية الحرب الباردة والإمبر ...
- رسالة سندباد اليانكي – أيها الراعي، لابد أن تنسى


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - رمضان متولي - كاليجولا يحاصر الهواء